مكافحة العنف ضد النساء عبر الخطوط الثقافية والاقتصادية والسياسية

منظمات عالمية تعمل بامتداداتها لإنهاء العنف ضد المرأة

 

 شبكة النبأ: يمتد العنف ضد النساء، الذي يعتبر قضية عالمية بحق، عبر الخطوط الثقافية والاقتصادية والسياسية. وحسبما يقول صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة  فإن امرأة واحدة على الأقل من بين كل ثلاث سيدات في العالم تتعرض للمعاناة بسبب شكل من أشكال العنف، من أعمال الضرب إلى الجرائم الجنسية.

والولايات المتحدة ليست مستثناة من هذه الظاهرة. إذ إن المقدر أن الولايات المتحدة تتكبد أكثر من  5.8 بليون دولار سنويا (حسب قيمة الدولار في العام 2009) من أجل تقديم الرعاية الصحية للضحايا وعلى شكل خسائر في الإنتاجية التي يسببها العنف بين الأزواج وحده، كما بيّن تقرير العام 2003 للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وتعبيرا عن تصميمها على محو تلك الإحصائيات الكئيبة في الداخل والخارج، فإن حكومة أوباما تعهدت بمكافحة  العنف ضد النساء. فقد عين الرئيس أوباما مستشارين خاصين للدفاع عن حقوق المرأة، مثل ميلاني فيرفير، أول سفير متجول للولايات المتحدة لشؤون قضايا المرأة. ويوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو يوم القضاء على العنف ضد النساء، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودام كلينتون إن الأوان قد آن لاتخاذ خطوات من أجل إنهاء العنف القائم على الجنس،  وللاعتراف بأن مثل ذلك العنف "إجرامي."

ومن خلال الشراكات وجهود  التمويل، تساعد الولايات المتحدة في دعم الجهود الجارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (التي يُطلق عليها اختصارا اسم MENA) لإنهاء العنف ضد المرأة. والمشروعات الجارية في المنطقة التي تقودها  المنظمات غير الحكومية المحلية والعالمية والمنظمات والمؤسسات الحكومية، تتضمن  مكافحة العنف الأسري، وجرائم الشرف، والتحرش الجنسي، علاوة على توعية النساء بحقوقهن القانونية لمساعدتهن على الخروج من أوضاع مؤذية يعانين فيها من سوء المعاملة. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

مكافحة العنف الأسري:

منظمة (كفى) KAFA، وهي منظمة غير حكومية مقرها في مدينة بيروت اللبنانية، توفر خدمات عديدة لضحايا العنف الأسري. ومن خلال الشبكة القوية التي كونتها المنظمة فإنها توصل النساء بالجهات التي تستطيع تقديم خدمات لهن مثل الاستشارات القانونية، وأماكن الإيواء، والتدريب المهني، والعلاج البدني والنفسي. وتعمل منظمة (كفى) بالاشتراك مع منظمة أوكسفام البريطانية، وبتمويل من صندوق الأمم المتحدة لإنهاء العنف ضد المرأة، الذي تُعتبر الولايات المتحدة من أكبر الحكومات المتبرعة له.

ومن المبادرات الرئيسية لمنظمة كفى حشد دعم الرجال والشباب من أجل القضاء على العنف الأسري. ولكي تنجح في نشر رسالة مكافحة العنف ضد المرأة، فإن منظمة كفى تدرب قادة المنظمات النسائية في لبنان والأردن ومصر واليمن وسوريا لتزويدهن بالمهارات اللازمة للعمل مع قيادات المجتمع المدني من الرجال، ومع الشباب، ومع من يرتكبون العنف ضد المرأة.

وفي شرحها لرسالة المنظمة، قالت غيدا عناني منسقة البرامج في منظمة كفى، في مقابلة مع منظمة أوكسفام "إننا نعمل انطلاقا من حماية حقوق الإنسان. إننا ضد العنف، ولسنا ضد الرجال."

وبالإضافة إلى عملها مع الرجال والشباب، فإن منظمة كفى تدعو كبار رجال الدين إلى كل فعالياتها وتتعاون تعاونا وثيقا مع النظام القضائي لسن القوانين المناهضة للعنف. وساهمت المنظمة في تدريب 22 قاضيا عراقيا على كيفية التعامل مع الطبيعة المعقدة والحساسة لقضايا العنف الأسري.

ومثلما أولت حكومة أوباما أولوية لحقوق المرأة، كذلك فعلت الحكومة الأردنية. فقد بدأت جهود الأردن على هذا الصعيد في العام 2001 مع إنشاء المجلس الوطني لشؤون الأسرة، الذي ترأسه الملكة رانيا العبدالله. ويجري المجلس دراسة للتحقق من فاعلية النظم الموجودة حاليا  في مكافحة العنف الأسري. ويعتزم المجلس استخدام نتائج الدراسة في تحديد الفجوات الموجودة في الخدمات المتاحة للمرأة الأردنية واقتراح تحسينها. ويجري العمل بتلك المبادرة جنبا إلى جنب مع الجهود التي يبذلها المجلس من أجل التوصل إلى تعريف قومي للعنف ضد المرأة، وزيادة الوعي بالموضوع، وتحسين وتنسيق الجهود الرامية لمكافحة  العنف.

وهناك دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبذل جهودا مستمرة لدعم ضحايا العنف الأسري وإبراز المشكلة بدرجة أكبر. فقد أصبح الناس يتحدثون عن الموضوع بدرجة أكبر في قطر والمملكة العربية السعودية، طبقا لما ذكره عدد شهر شباط/فبراير 2009 من مطبوعة حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، طبعة الخليج، الصادرة عن منظمة فريدوم هاوس (أي بيت الحرية). وفريدوم هاوس هي منظمة غير حكومية مقرها في العاصمة الأميركية واشنطن، وهي تدعم الجهود الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإنهاء العنف ضد المرأة. وأشار التقرير أيضا إلى أن حكومة الإمارات العربية المتحدة تشرف على ملجأ لضحايا العنف العائلي في دبي.

وأشار تقرير فريدوم هاوس أيضا إلى التزايد المطرد للدعوة إلى مناهضة العنف ضد المرأة ومساندة الضحايا في البحرين خلال السنوات الأخيرة. وتوفر المنظمات غير الحكومية المحلية الملاجىء، والاستشارات القانونية المجانية، وخدمات إعادة التأهيل للضحايا. ومن بين علاقات الشراكة الناجحة في هذا المجال، العلاقة بين منظمة فايتال فويسز الأميركية غير الحكومية وشركة مركز سمارت كوتشينغ آند ريسيرتش بالبحرين ومبادرة الشراكة الأميركية الأميركية الشرق أوسطية التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، وهي العلاقة التي تروج لمشاركة المجتمع المدني في مكافحة العنف الأسري والتدريب على أعمال نشر الدعوة والتطوع.

وقف جرائم الشرف:

من بين الأهداف الرئيسية لبرنامج مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية  تمكين المرأة وتعزيز قدراتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن أمثلة تلك الجهود، المنحة المحلية التي قدمتها المبادرة  لمؤسسة صوت المجتمع في الأراضي الفلسطينية التي شجعت النساء على المطالبة بسن تشريع من شأنه حظر جرائم الشرف وكل أشكال العنف ضد المرأة. فجرائم الشرف تحدث داخل العائلة وتكون ضحيتها عادة أحد أفراد الأسرة من النساء التي يُعتقد أنها ارتكبت ما يخل بشرف العائلة، مثل إقامة علاقة جنسية غير مشروعة أو الزواج من شخص تختاره هي، أو ارتداء ملابس غير لائقة.

ودعمت مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية مؤسسة صوت المجتمع في تدريب 150 شابة فلسطينية على تطوير مهاراتهن في الدعوة، العديد منهن من المتخصصات في مجال الإعلام والاتصالات. ورغم أن مشروع التدريب انتهى منذ شهر كانون الأول/ديسمبر 2008 إلا أن نتائج التدريب ما زالت تُلمس في الأراضي الفلسطينية عبر  برامج إذاعية وتليفزيونية، وعقد تجمعات جماهيرية، والقيام بحملات للدعوة.

حماية المرأة من التحرش الجنسي:

في الولايات المتحدة، تخضع القوانين التي تحدد وتحظر كل أشكال التحرش الجنسي في أماكن العمل لعمليات مراجعة وتنقيح مستمرة منذ السبعينات من القرن العشرين. ورغم استمرار الإبلاغ عن آلاف الحالات من التحرش الجنسي سنويا، فإن تلك القوانين قد اتخذت خطوة مهمة نحو تمكين المرأة من الكفاح للحصول على معاملة لائقة في أماكن العمل.

ويعمل مركز حقوق المرأة في مصر بطريقة مشابهة لتمكين المرأة المصرية من مكافحة التحرش الجنسي، ولكن مهمة المركز تتجاوز مجرد التفرقة في فرص العمل. فالمركز يسعى للقضاء على التحرش الذي تتعرض له المرأة حينما تسير في الشارع. والأمل معقود على أن تصبح الشوارع أكثر أمانا وطمأنينة بالنسبة للمرأة من خلال حملة موجهة للرأي العام عبر وسائل الإعلام ووسائل الاتصال بالجماهير، والدعوة إلى تطبيق القوانين الموجودة حاليا ووضع قانون جديد، ووضع منهج دراسي يعلم الطلبة حساسية الموضوع. وتأمل المنظمة في أنه باتباع تلك الخطوات سيصبح من الممكن جذب المرأة وإعادتها مرة أخرى للمشاركة في الحياة العامة والحياة السياسية.

توعية النساء بحقوقهن:

لكي يكون بمقدور المرأة الدعوة بفاعلية إلى حقوقها بنفسها، لا بد من أن تعرف حجم ومدى حقوقها. ففي بعض الدول، بما فيها المغرب، فإن مدونة  الأسرة المغربية أتاحت بدائل أمام المرأة التي تتعرض للعنف، بما يشمله ذلك من حقها في الطلاق من زوج يسيء معاملتها.

وقد تشاركت مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية  مع منظمة غلوبال رايتس، وهي منظمة غير حكومية في العاصمة واشنطن، لها مكتب في مدينة الرباط المغربية، لتوعية النساء بمدونة الأسرة في البلاد. وقد خضعت المدونة  لمراجعة في العام 2004 قاد الدعوة إليها  المدافعون عن حقوق المرأة. فقد شن المدافعون حملة لإجراء تغييرات في القانون، كان من بينها حق المرأة في الطلاق بما يتمشى مع تعاليم الإسلام (الخُلع). وأوضحوا أن منح المرأة بعض الحقوق المدنية ليس مفهوما غربيا، وإنما هو تطبيق للمفاهيم الإسلامية التي تقضي بتحقيق العدالة الاجتماعية.

ومن أجل الدفع قدما بالجهود الرامية إلى التعليم فإن مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية ومنظمة غلوبال رايتس تدرب المنظمات غير الحكومية على توعية المرأة بحقوقها القانونية. وتعقد الجهتان حلقات لتوعية النساء الأميّات بحقوقهن القانونية في جميع أرجاء المغرب. ويدعم المشروع أيضا مركز موارد يضم المصادر والمراجع الخاصة بحقوق الإنسان خاصة بالنسبة للمرأة، ويحتوي المركز على أكثر من ألفي مرجع بلغات متعددة وباستخدام وسائط إعلامية متعددة. وتشارك منظمة غلوبال رايتس أيضا في الدعوة إلى إصدار تشريعات خاصة لمنع العنف ضد المرأة في المغرب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/كانون الاول/2009 - 20/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م