ملف الثقافة العراقية: نهضة على استحياء وتحدٍّ لأجواء العنف

 

شبكة النبأ: ساعدَ انخفاض وتيرة أعمال العنف على بدء نهضة للفن العراقي على استحياء بعد أن قيدت سنوات من الدكتاتورية واراقة الدماء الحريات الفنية. فمعَ دقّات الساعة الثامنة مساء بتوقيت بغداد يفتح ستار المسرح الوطني العراقي لبدء عرض يتمنى ممثلوه أن يصبح استئنافا لعروض المساء العادية بعد ست سنوات ونصف السنة على الغزو الامريكي للبلاد.

وتحدَّت مجموعات صغيرة من رواد السينما العراقيين تهديدات الهجمات بالقنابل الاسبوع الماضي لمشاهدة افلام في سينما اقيمت في الهواء الطلق ببغداد وهو حدث لم يكن متصورا منذ سنوات مع انتشار العنف في البلاد، وضحكَ مشاهدون تجمعوا في مواجهة رياح تهب قبالة نهر دجلة تحت واجهة وزارة الخارجية التي تعرضت سابقا لقصف لدى عرض فيلم "تقويم شخصي" الذي أثار بهجة لدى عراقيين غير قادرين على تذكّر ايام الاسبوع حيث يناضلون مع التشوش الذي جلبته الحرب.

نهضة على استحياء اثر انخفاض وتيرة العنف

ساعدَ انخفاض وتيرة أعمال العنف على بدء نهضة للفن العراقي على استحياء بعد أن قيدت سنوات من الدكتاتورية واراقة الدماء الحريات الفنية.

في متنزه يطل على نهر دجلة ينحت عشرات النحاتين الرخام ليصوغوا رؤيتهم الخاصة عن المرونة العراقية. وتجسد احدى المنحوتات امرأة حامل تحاول الحفاظ على توازن دلو للمياه على رأسها بينما تجسد أخرى أنثى طائر تحمي البيض تحت جناحيها.

ولا يأتي اي من هذه الاعمال بجديد في البلاد التي يعتبرها المؤرخون مهد الحضارة. لكن بعد عقود من لعب دور آلة الدعاية للدكتاتور السابق صدام حسين أعقبتها سنوات من العيش في رعب من الارهاب والعنف الطائفي بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 يشعر الفنانون بالرضا لمجرد السماح لهم بممارسة حرفتهم.

وقال ناصر السامرائي وهو منكب على العمل في اطار مشروع أقامته سلطات مدينة بغداد لتشجيع الفن انه في الماضي كان فن النحت يوظف لخدمة النظام السياسي لكن اليوم انطلق خيال الفنان.

وورشة العمل المقامة في الهواء الطلق والمطلة على النهر حيث يعمل السامرائي من بين المؤشرات على عودة الفن على استحياء في الساحة الفنية التي كانت مزدهرة ذات يوم ببغداد والتي عاشت عصرا ذهبيا بعد القرن الثامن في عهد الخلافة العباسية. وكان الفن العراقي نابضا بالحياة في القرن العشرين الى أن بدأت اثار قيادة صدام وحروبه تظهر على الفن. بحسب رويترز.

ويقول سعد البصري استاذ النحت بأكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ان صدام أراد محاكاة الملوك الاشوريين ليخلد نفسه وأعماله وبالتالي لجأ للفن لاغراض دعائية.

وتابع أنه بعد سقوط النظام شهد الفن انتكاسة جديدة في ظل صعود الاصولية واعتبار البعض أن النحت من المحرمات.

ولا يزال الفنانون يكافحون لان المحسوبية من قبل النخبة انتهت كما يخشى البعض من أن صعود الهيمنة الشيعية على الحياة في العراق يمكن أن تؤدي الى فترة تتسم بالمحافظة الدينية.

عودة عروض المساء للمسرح الوطني ببغداد

ومع دقات الساعة الثامنة مساء بتوقيت بغداد يفتح ستار المسرح الوطني العراقي لبدء عرض يتمنى ممثلوه أن يصبح استئنافا لعروض المساء العادية بعد ست سنوات ونصف السنة على الغزو الامريكي للبلاد.

واسم العرض "اللي يريد الحلو يصبر على مره" مما يذكر مئات المشاهدين العراقيين بالمآسي التي تعرض لها بلدهم وبأن عرض مسرحية في هذا التوقيت من المساء يمثل انجازا كبيرا.

ويرتدي الممثلون أزياء بيضاء في اشارة للسلام وتدور المسرحية حول قبيلتين تتنازعان بسبب زواج ترفضانه لكنهما تتحدان في نهاية العرض وتعيشان في سلام وانسجام. ويصدح الممثلون بأغنية في المسرحية يقولون فيها "لنفرح. لم نحزن من دون كل البشر.."بحسب رويترز.

وحاول المسرح الوطني العراقي استئناف عروض المساء عام 2008 بمسرحية كوميدية لكن الامر لم يستمر سوى شهرين فقط.

وكرر المحاولة في سبتمبر أيلول بعدما تم تقليل مدة حظر التجول في بغداد وأصبح العراقيين أكثر استعدادا للخروج في المساء.

وقال حارث سليم (32 عاما) الذي يستكمل دراساته العليا "نحن متشوقين لهذه العروض. هذه العروض تذكرنا بالايام الحلوة القديمة."

وتحرس الشرطة العراقية المسرح المحاط بأسوار تقيه من الانفجارات والذي له مدخل واحد. وتفتش الشرطة رواد المسرح.لكن الامن لا يشكل التحدي الوحيد.. فمحاولة اقناع الممثلين العراقيين بالعودة لبلدهم ليست سهلة.

وكان كثير من الممثلين العراقيين فروا الى سوريا هربا من العنف الذي أثاره الغزو الامريكي عام 2003 وتنامي خطر الميليشيات الدينية.

وذكر عصام العباسي منتج المسرحية أن العرض يتناول حب العراق والعودة اليه وقال "بالتأكيد كان الاقبال الجماهيري في الماضي اكبر والسبب استقرار الوضع الامني في البلد. قيام هذا العمل في هذه الظروف يعتبر انجازا بذاته."

ويسع المسرح لنحو 1300 متفرج وبني أثناء الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات. وكان المسرح يعرض في تلك الايام كلاسيكيات لكتاب كبار مثل شيكسبير وتشيخوف لكنه يعرض الآن بعض المسرحيات العراقية.

وتغلب الكوميديا مع تزايد اعتياد العراقيين على السخرية من قادتهم ومآسيهم مما يمثل تغييرا عما كان عليه الحال أيام الرئيس الراحل صدام حسين.

وقال الممثل ناهي مهدي "قبل التغيير المسرح لم يكن جريء. لكن الان بعد التغيير صارت النكتة يعبر عنها بحرية."

وكانت الممثلة العراقية انعام الربيعي من القلائل الذين لم يتركوا العراق ايام الاقتتال الطائفي الدموي. وقالت "لا زال الرقيب يعيش بداخلنا لكن ليس كالسابق. اليوم نستطيع الحديث بحرية."

وأضافت أنه في الايام التي تقع فيها انفجارات ضخمة تودي بحياة العشرات يكون المسرح أكثر ازدحاما بالمتفرجين. وقالت انه يبدو أن الجمهور يريد ايصال رسالة معينة للمهاجمين بأنه ليس خائفا وبأن الحياة مستمرة.

شيخ النحاتين العراقيين ما زال يحلم بالمزيد

رغم أن الاحتلال الأميركي للعراق في ابريل 2003 تسبب بتدمير وسرقة 150 تمثالاً من منحوتاته من البرونز والخشب والحجر و300 وساما وميدالية وشارة من الذهب والفضة والنحاس والبرونز كانت معروضة في متحف ببغداد وتمثل كل مسيرته، ألا أن النحات العراقي الشهير محمد غني حكمت ما زال يعمل بشغف آملا بالعودة إلى بغداد ليكمل مشوارا بدأه قبل أكثر من نصف قرن.

ويقول حكمت (80 عاما) الذي أقترن اسمه بنصب "على بابا والأربعين حرامي" و"شهريار وشهرزاد" في مقابلة مع وكالة فرانس برس في عمان حيث يقيم منذ خمس سنوات، "رغم كل ما حصل ما زلت احلم بالعودة الى بغداد لأكمل ما بدأته قبل ستين سنة".

وأضاف من ورشته المليئة بعشرات النماذج الحجرية والبرونزية التي تروي بلغة الفن حكاية كل إنسان عراقي روعه الاحتلال وافسد أحلامه وشرده للمنافي البعيدة حيث يعاني من الغربة والحنين الى الوطن، "انا متفائل بأن ما حصل سينتهي، فالعراق مركز ثقافي وحضاري عمره يمتد لآلاف السنين ويصعب تغيير جذوره خلال سنوات قليلة".

ولد حكمت في الكرخ ببغداد 1929 وسط أسرة محافظة شجعته على ممارسة هوايته. وعندما كان طفلا كان يذهب إلى ضفاف نهر دجلة ليصنع من الطين اشكالا لحيوانات وزخارف وقبب شبيهة بتلك التي تزين ضريح الأمام موسى الكاظم في بغداد.

وانصب اهتمام حكمت على إدخال الأساطير البابلية والسومرية والاشورية في أعماله حتى انه عبر عن ذلك في مقدمة احد كتبه عام 1994 قائلا "من المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحات سومري او بابلي او آشوري او عباسي، كان يحب بلده".

وأنجز حكمت منذ تخرجه من كلية الفنون الجميلة بروما 1959 عشرات النصب في بغداد أبرزها حمورابي وشهريار وشهرزاد وكهرمانة والأربعين حرامي والمتنبي وبساط الريح والخليفة ابو جعفر المنصور والجنية والصياد، إضافة إلى أعمال أخرى لا تحصى منها 14 لوحة جدارية في أحدى كنائس بغداد تمثل درب الآلام للسيد المسيح.

كما أنجز حكمت في ثمانينات القرن الماضي أحدى بوابات منظمة اليونيسف في باريس وثلاث بوابات خشبية لكنيسة "تيستا دي ليبرا" في روما ليكون بذلك أول نحات عربي مسلم ينحت أبواب كنائس في العالم. فضلا عن انجازه جدارية الثورة العربية الكبرى في عمان وأعمال مختلفة في البحرين تتضمن خمسة أبواب لمسجد قديم وتماثيل كبيرة ونوافير.

كما ساعد حكمت في عمل "نصب الحرية" الذي كان من تصميم أستاذه النحات العراقي المعروف جواد سليم الذي وافاه الاجل في سن الثانية والأربعين قبل اكتمال هذا العمل الذي يرمز إلى مسيرة الشعب العراقي من زمن الاحتلال البريطاني إلى العهد الملكي ثم الجمهوري.

وتم انجاز النصب البرونزي بطول 50 مترا ويضم 25 شخصية بالإضافة إلى الثور والحصان، ويعد احد اكبر النصب في العالم، خلال عامين في فلورنسا بايطاليا ونقل إلى بغداد عام 1961 بطائرة.

وتتحدث مواضيع النصب عن المآسي التي مرت بالعراق، منها أم تبكي على ولدها وجندي يكسر قضبان السجن وأحلام ما سوف قد يأتي من حرية وثورة صناعية وزراعية.

ورغم أن هذا النصب الذي ازيح عنه الستار في 14 تموز/يوليو 1961، قد تم إنشاؤه بعد سقوط الملكية في العراق (1958) ومجيء الزعيم عبد الكريم قاسم إلى السلطة ألا أن حكمت يؤكد بأن "العراق لم يشهد استقرارا امنيا فعليا منذ ذلك الحين".

ويأمل حكمت الذي عمل 37 عاما أستاذا في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد بأن يعود إلى بغداد يوما لانجاز ثلاثة أعمال برونزية: الأول تمثال لسندباد البحري عائم وسط نهر دجلة والثاني نافورة مصباح علاء الدين السحري في ساحة الخلاني والثالث لحرامي بغداد تلك الشخصية التي اشتهرت في العصر العباسي عندما كان يتلثم بالليل ليسرق أغنياء بغداد ويوزع بعد ذلك المال على الفقراء.

ندوة فنية تؤكد أهمية الفن العراقي المعاصر

وبمناسبة اقامة معرض الفن العراقي، والذي افتتح يوم 17 – 10 – 2009 في صالة مركز رؤى 3 مؤخرا عقدت ندوة نقدية شارك فيها النحات الرائد محمد غني حكمت والناقد عادل كامل، اضافة للفنان ابراهيم العبدلي و الفنان سالم الدباغ.  وقد افتتحت الندوة السيدة سعاد عيساوي مديرة مركز رؤى32 للفنون، مرحبة بالضيوف القادمين من بغداد وبالجمهور الذي حضر الندوة. مؤكدة ان للفن العراقي مكانة بارزة في التشكيل العربي المعاصر. وان صالة رؤى32 ساهمت وتساهم في خلق علاقات حوارية بين الفنانين العرب لعرض تجاربهم الجديدة ووضعها في موقعها المناسب في حياتنا الفنية المعاصرة.

 أضافت السيدة سعاد عيساوي ان صالة رؤى32 ( وقبلها قاعة بلدنا للفنون ) تفخر انها مثلت منذ مطلع التسعينات رئة للفن العراقي المعاصر وللفنانيين العراقيين، حيث كانت الصالتين خلال فترة الحصار الطويل الذي عاشه العراق في التسعينات ومطلع العقد الحالي الجسر الحيوي بين الفنانين العراقيين وبين العالم.

 بدأ عادل كامل الندوة باستعراض مكثف لمراحل نشوء الفن في حضارة وادي الرافدين، منذ فجر السلالات، مبيناً وقوع فترات قطيعة بين مرحلة واخرى. حيث كان الفن علامة للتواصل الحضاري برغم من فجوات القطيعة. واضاف ان المعرض الأخير في مركز رؤى32  يأتي ليمثل نخبة من التشكيليين العراقين المتناثرين بين بلدان اروبية واخرى عربية، فضلا عن الذين مكثوا داخل العراق. ذلك لان المعرض الاخير مثّل تحديا لعوامل التدهور والعشوائية والفوضى التي اعقبت عام 2003.  وقال عادل كامل ان المعرض يمثل مجموعة من الاتجاهات والاساليب من الاجيال المختلفة، بدءا بالرواد وانتهاءا من الفنانين الشباب المقيمين في بغداد وعمان.  حيث التنوع الاسلوبي والمعالجات التقنية تمثل مرحلة في التجريب تضاف الى المراحل السابقة. ولفت عادل كامل الى ان هذه الاساليب مثلت نزعة في البحث عكست الاجتهادات الحديثة في الفن.

كما تناول النحات الرائد محمد غني حكمت مرحلة التأسيس المعاصر في العراق، متطرقا الى البعثات المبكرة للفناننين الى خارج العراق، ومراحل تأسيس معهد الفنون الجميلة وظهور الجماعات الفنية، كجماعة "الرواد" وجماعة "بغداد للفن الحديث" وجماعة  "الانطباعين العراقين".  وقد رأى النحات ان "جماعة بغداد" كانت اكثر الجماعات دعوة لجدلية العلاقة بين الموروث والمعاصرة.  فقد عبر جواد سليم بأفكاره و أعماله عن ضرورة دراسة التاريخ الابداعي للحضارة العراقية في حقبها المتتالية، دون اهمال روح العصر والمشكلات الحديثة. 

 وفي هذا السياق تطرق الفنان ابراهيم العبدلي عن دور اكاديمية الفنون الجميلة التي تأسست عام 1962 وأثرها في ارساء التقاليد المعرفية والتربوية و الجمالية.  فقد كان الفنان خالد الجادر المبادر لتأسيسها وجعلها مركزا فنيا مميزا.  الا ان اكاديمية الفنون الجملية سرعان ما الحقت بجامعة بغداد، كي تسهم بأعداد الكادر التدريسي للثانويات والمعاهد الفنية.

واضاف الفنان سالم الدباغ، ان دور اكاديمية الفنون الجميلة كان مهما بوجود عدد من الاساتذة الاجانب، اضافة الى رواد التشكيل العراقي، كجواد سليم وفائق حسن وحافظ الدروبي وفرج عبو.  كما تحدث سالم الدباغ عن الجماعات الفنية في العراق، التي اعقبت جماعات الرواد التي ظهرت في الخمسينيات، كجماعة "المجددين" و"الرؤية الجديدة".  ولفت الانتباه الى دور الجماعة الاولى بصفته احد مؤسسيها، وقال انها تبنت الافكار غير التقليدية في فهم ومعالجة المشكلات الفنية المعاصرة.  وفي ختام الندوة التي حضرها نخبة من الفنانين و المثقفين والمتابعين جرى حوار مستفيض حول اهمية هذا المعرض واهمية المشاركين فيه كرسالة تذكير تعيد الى الاذهان اصالة الفن العراقي اليوم.

صدور النسخة الكردية من جريدة لوموند دبلوماتك الفرنسية

واعلنت رئيسة تحرير القسم الكردي بجريدة لوموند دبلوماتك الفرنسية، عن صدور اول عدد من الجريدة باللغة الكردية في الاقليم، خلال ندوة أقيمت في المركز الثقافي الفرنسي باربيل.

وقالت نزند البكي خاني لوكالة أصوات العراق ان “الجريدة التي اصدرت عددها الأول لها الحق بنشر مواد بنسبة 20% وترجمة 80 % من مواد الصحيفة المنشورة بالفرنسية الى الكردية”، مشيرة الى ان “التركيز سيتم على نشر المواضيع المتعلقة بالاكراد”.

وأضافت خاني، خلال الندوة التي حضرها وزيرا الثقافة والتعليم العالي باقليم كردستان وعدد من رؤساء تحرير الصحف وصحفيين، ان “الجريدة تضم 24 صفحة وستصدر شهريا”.

حكايات سومرية” مجموعة قصصية أولى للأديب علاء هادي

صدرت عن دار الينابيع بالعاصمة السورية دمشق المجموعة القصصية الأولى للأديب العراقي المغترب علاء هادي  بعنوان (حكايات سومرية).

وقال القاص علاء هادي لوكالة أصوات العراق إن المجموعة “تضم 12 قصة قصيرة وهي الأولى التي تطبع لي جامعة بعضا من قصصي المنشورة وغير المنشورة وتحمل عنوان حكايات سومرية”، مشيرا إلى أن المجموعة “صدرت السبت الماضي (28/11/2009) عن دار الينابيع بدمشق وستوزع في العراق حين وصولها”.

أضاف أن معظم قصص المجموعة “نشرت مؤخرا في مجلات أدبية داخل العراق وخارجه”، وتابع “دونت من خلالها مشاهداتي وشهادتي على أزمنة الحروب التي بدأت ولم تنته وكيف أنها تداخلت في أعماق الإنسان العراقي وتوغلت في كل جانب من جوانب حياتنا لتجعل حالة الحرب والموت الدمار حالة روتينية يعيشها الإنسان العراقي كل يوم وليلة”.

وأوضح “لقد حاولت أن أرسم لوحة خاصة بكلمات عراقية بحته وحزن محلي خاص عن ذلك السومري الذي أدمن مشاهد القتل والدمار وأصبح هاجسه الموت والخراب في كل لحظة يعيشها في صحوته ومنامه وفي كتاباته وأشعاره وأغانيه ونواعيه”، بحسب تعبيره.

وأردف هادي أنه “رسم صورة غير نمطية لإنسان ما برح  يبحث في أزمنة الحروب والحصارات عن لحظة مسالمة تخلو من خطابات الزعيم وأناشيد النفير”.

وجاء إهداء مجموعة هادي القصصية، التي تلقت وكالة أصوات العراق النسخة الأولى منها، معنونا إلى الأحبة أو ما تبقى منهم، وتضمنت قصصا بعناوين مـدخل إلى إحـداثـيات عبد الله، دعوة للموت.. سوية، سفر الخندق، عـلاقات أيوب، بين عطّوفة ويهود بابل، مخلفات حرب، الآخرون … وأشياء سوادي، عن الجنَة والنار، سميرة في متحف اللوفر، سوالف ليل، شـؤون بلدية، إستراتيجية فطيمة أم اللبن.

في حين جاء في كلمة الغلاف الخلفي للمجموعة، التي كتبها الناقد حسن الفرطوسي أن ما احتوته المجموعة من نصوص قصصية هو “الأوفر حظاً من أي تصنيف آخر كأن تصنّف بصفة قصص قصيرة مثلاً”.

وبين الفرطوسي في كلمته أن النصوص الواردة “كتبت بطريقة خرج فيها الكاتب عن الأطر الجامدة والسياقات المتكلسة في بناء القصة القصيرة وذلك من حيث هيكليتها اللغوية وبنيويتها الدرامية والفكرية”، مضيفا أن هادي “دون من خلال هذه المجموعة مشاهداته لزمن الحرب بهاجس شديد الخصوصية ومن زاوية رؤيوية حاذقة اختلط فيها الفهم العميق لما جرى وما زال يجري”.

وأفاد أن الإيقاع السريع لنصوص هذه المجموعة “يشعرك أن كاتبها يريد أن يقول كلمته ويموت يريد أن يدون شهادته على حقبة تاريخية لبقعة أرضية حيّرت سكان الكوكب بأحداثها المهولة.. إنها أرض بلاد ما بين النهرين”.

مهرجان للسينما المتنقلة العراق

أن يصحو العراقيون ذات يوم فلا يعلمون في اي يوم هم، أفي السبت، أم الاحد، أم الاثنين؟، فتلك بالتأكيد مزحة..هذه المزحة هي جزء من فيلم يمزج السياسة بالكوميديا ضمن من مهرجان السينما المتنقلة الذي أقيم ف العاصمة العراقية بغداد.

ويعرض الفيلم مشاهد لركاب في باص يجول في بغداد، وهم يتحاورون فيسأل احدهم في اي يوم نحن؟ فيجيبه الأول إنه السبت هكذا تقول الصحيفة.

ويجيب الآخر دعك من الصحيفة فكلها كذب، انه الاحد، فيتدخل ثالث فيقول انه الثلاثاء، لينشب بعدها جدل حاد بين الركاب بشأن في اي يوم هم.

ربما يريد مخرج هذا الفيلم ان يقول ان الخلاف طغى على الاتفاق في بلاد الرافدين، فالخلاف السياسي له انعكاساته على الشارع من وجهة نظر الفيلم الذي عرض في الهواء الطلق في موقع وزارة الخارجية العراقية حيث شهدت بغداد تفجيرات في أحد أكثر أيامها دموية.

وقد حاول المنظمون جعل ساحة العرض وكأنها تنطق بما جرى يوم الأربعاء الدامي في 19 أغسطس/آب 2009 ، فجعلوا الارض وكانها تنفث النار ليأتي دور السينما في ذات الموقع وكأنه بعث للحياة.

وقال حسام الشرع وهو عضو في اللجنة التحضيرية للمهرجان في تصريح لبي بي سي إذا كان الارهاب قد نشر الموت، فنحن بعروضنا ننشر الحياة، هدية لكل ام انتظرت ابنها ان يعود لكنه لم يعد، ولكل زوجة انتظرت عودة زوجها من دون جدوى.

وتعرض جميع الأفلام بالتعاون مع المؤسسات الاجنبية، لعدم وجود امكانية في العراق لانتاج مماثل، خاصة بعدما تهدمت البنى التحتية لصناعة السينما في العراق.

ويشكو المشاركون في العروض من صعوبات عدة حالت في كثير من الاحيان دون تطبيق كل ما يرد في سيناريو الفيلم حيث اضطر بشير الماجد وهو مخرج احد الافلام المشاركة ان يصور مشهد الباص الذي يجول في بغداد في مساحة لم تزد على الثلاثمئة متر بسبب سوء الاوضاع الامنية عام الفين وسبعة حين انتج الفيلم.

وقال الماجد حين اردنا التصوير تفاجئت باعتذار الممثلين عن الدخول في احياء معينة من بغداد فاكتشفت حينها ان فريق العمل مؤلف من الاكراد والشيعة والسنة، يضيف الماجد لم اكن اعرف بذلك فنحن فنانون لا علاقة لنا بالمسألة الطائفية والعرقية.

عراقيون يتحدّون تهديدات القنابل بحضور عروض سينمائية

تحدت مجموعات صغيرة من رواد السينما العراقيين تهديدات الهجمات بالقنابل الاسبوع الماضي لمشاهدة افلام في سينما اقيمت في الهواء الطلق ببغداد وهو حدث لم يكن متصورا منذ سنوات مع انتشار العنف في البلاد.

وضحك مشاهدون تجمعوا في مواجهة رياح تهب قبالة نهر دجلة تحت واجهة وزارة الخارجية التي تعرضت سابقا لقصف لدى عرض فيلم "تقويم شخصي" الذي اثار بهجة لدى عراقيين غير قادرين على تذكر ايام الاسبوع حيث يناضلون مع التشوش الذي جلبته تلك الحرب.

وقبل اقل من اربعة شهور انفجرت شاحنتان ملغومتان في هذا المكان وفي وزارة المالية مما اسفر عن مقتل 95 شخصا.

لكن مع عودة الهدوء النسبي الى بغداد انغمس سكانها تدريجيا في انشطة كانوا يستمتعون بها قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003. ففي نوفمبر تشرين الثاني قتل 88 مدنيا بسبب العنف وهو اقل محصلة قتل شهرية منذ ستة أعوام ونصف العام. وقتل نحو 100 الف شخص على الاقل منذ هذا الغزو وفي الحرب الطائفية التي تبعته.

وقالت علياء المالكي وهي شاعرة عراقية ترتدي سترة من الصوف وقبعة وحضرت عرضا سينمائيا ليل الخميس مع والدتها الى جانب نحو 50 عراقيا اخر ان مجرد فكرة عرض افلام تمثل خطرا في حد ذاتها مضيفة ان مجرد الحضور الى المكان يبعث برسالة الى "الارهابيين" بأننا عازمون على تحدي الموت.

ومن المقرر ان تستمر هذه العروض التي أطلق عليها منظموها الشباب مهرجان السينما المتنقلة لمدة اربع ليال في اماكن في كل انحاء العاصمة حيث نفذ متمردون هجمات مميتة. كما سافر المهرجان الى خمس مدن خارج بغداد.

ونصبت الشاشة التي تعرض فيلم "تقويم شخصي" قبالة جدران الانفجار مزينة بشموع تتدلى من حقائب وضعت فيها.

وقال محمد هاشم وهو ممثل في فيلم "أحلام" الحائز على جوائز والذي صنعته نفس المجموعة التي صنعت فيلم "تقويم شخصي" ان اختيار هذه الاماكن هي رد على الهجمات الارهابية ولاظهار ان العراق مجتمع متحضر.

وقال عطية الدراجي الذي انتجت شركته هذين الفيلمين ان العراقيين لم يكنوا على علم بجهود صنع الافلام في بلادهم موضحا انهم ليسوا على فكرة بما انجز منذ الحرب. وشارك فيلم "أحلام" عن العراق في مهرجان جوائز اوسكار السينمائية لعام 2006.

وقبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة كان الذهاب الى السينما امرا معتادا بين العائلات والازواج الذين زاروا دور السينما العراقية البالغ عددها 60 او نحو ذلك لمشاهدة افلام حركة انتجت في هوليوود قام ببطولتها ممثلون مثل ارنولد شوارزنيجر او جين كلود فان دام.

وقالت ادارة السينما والمساح ان خمسة دور سينما فقط تعمل الان حيث هجر الهواة الاماكن العامة خشية استهدافهم من جانب المسلحين بهجمات مثل ذلك الذي ضرب وزارة الخارجية في 19 اغسطس اب.

ويفضل العراقيون بدلا منذ ذلك الامان في منازلهم حيث يمكنهم الان مشاهدة مئات القنوات التلفزيونية الفضائية.

ولم يشاهد قاسم حسن وهو ضابط شرطة يحرس السينما المتنقلة فيلماً منذ اكثر من عقد من الزمان. وقال حسن وعيناه تنجذبان نحو الشاشة ويمسك ببندقيته انه يشعر بحزن وأسف عندما يرى حياة العراقيين تعكس على الشاشة لكن هذا هو الواقع الذي يعيشه العراقيون بسبب الضغوط التي يواجهونها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/كانون الاول/2009 - 20/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م