قمّة المناخ: هل يصلِح العالم ما أفسده الجشع والإهمال

اتفاق كوبنهاجن قد يؤذن بعالم جديد

 

شبكة النبأ: أثناء مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ والذي يعقد في كوبنهاغن لن يتتبع مجتمع المساعدات الإنسانية المناقشات حول مَن سيقلل كمية انبعاث الغازات الدفيئة فقط بل سيقوم كذلك بضبط هوائياته لتتبع المحادثات حول القضايا التي تؤثر بالفعل على نطاق عمله.

ويهدف هذا الاجتماع الذي يستمر أسبوعين من 7 إلى 18 ديسمبر 2009 إلى التوصل إلى اتفاق بشأن خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة.

وقد أفادت منظمات الأمم المتحدة، مثل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن تأثير الأحداث المتصلة بتغير المناخ بدأ يتكشف بالفعل وأن على مجتمع المساعدات الإنسانية أن يركز على ما بعد كوبنهاغن.

ومع أن المنظمات الإنسانية ليست طرفاً في المفاوضات، ولكنها تأمل أن تبلغ - وربما تؤثر على- المفاوضين من خلال تسليط الضوء على معاناة بعض المجتمعات التي تعمل معها، عبر سلسلة من المحاضرات على هامش المؤتمر. كما أنها تأمل في العثور على إجابات لبعض الأسئلة الصعبة حتى يتمكنوا من مساعدة المجتمعات الفقيرة على التكيف مع تغير المناخ.

اتفاق كوبنهاجن قد يؤذن بعالم جديد

ويتوقع الخبراء انه بحلول عام 2050 ستكون هناك مرآة في كل صحراء وطاحونة هواء في كل ساحل وشريحة لحم من فول الصويا في طبق كل واحد إذا ما وافقت القوى العالمية على مكافحة تغير المناخ خلال محادثات الأمم المتحدة في كوبنهاجن في كانون أول ( ديسمبر).

ويقول باحثون إن السبيل الوحيد للحيلولة دون حدوث كارثة مناخية سيكون تقليص الانبعاثات الغازية الضارة بشكل كبير بحلول عام 2050، ولن يكون هذا ممكنا إلا من خلال تغيرات غير مسبوقة في قطاعات الاقتصاد كافة من توليد الطاقة إلى الغذاء. يقول انديرس توريسون كبير المفاوضين السويديين في المحادثات التي تسبق محادثات كوبنهاجن :»إننا في سبيلنا إلى تغيير أساسيات حضارتنا الصناعية».وتقول لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة إن الانبعاثات العالمية من غاز ثاني أكسد الكربون « أحد غازات الدفيئة الرئيسية» سيتعين أن تتراجع بأكثر من النصف بحلول عام 2050 للحيلولة دون إحداث كارثة مناخية والدول المتقدمة مطالبة بتخفيض انبعاثاتها بنسبة تصل إلى 95 في المائة.وهذا يعني أن المواطن العادي في الدول المتقدمة عليه أن يخفض مجموع انبعاثاته سنويا من التدفئة والإضاءة والسفر واستخدام الكمبيوتر وكل شئ آخر إلى المستوي الذي تبعثه حاليا سيارة بي إم دبليو عن سيرها لمسافة 35 كيلو مترا في اليوم. بحسب د ب أ .

ويقول الخبراء إن السبيل الرئيس لخفض الانبعاثات من توليد الطاقة مصدر ربع جميع انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون هو خفض اعتمادها حاليا على الوقود الأحفوري الذي يحتوي على نسبة عالية من غاز ثاني أكسيد الكربون.والسبيل الواقعي الوحيد لعمل ذلك هو الاستثمار الشديد في مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الشمس والرياح حسبما يقول البعض.

يقول ستيفان سنجر مدير سياسات الطاقة بجماعة صندوق صيانة الحياة البرية وهي جماعة معنية بشؤون البيئة « بالنسبة للطاقة والكهرباء فإننا بحاجة لأن تحل الطاقة المتجددة محل الوقود الأحفوري بالكامل».

وهذا يشكل تحديا هائلا. تقول الوكالة الدولية للطاقة ومقرها باريس وهي جماعة تحليلية أن 68 من الكهرباء المنتجة في العالم تأتي من الوقود الأحفوري . على العكس من ذلك فإن 18 في المائة فقط تأتي من مصادر متجددة وأساسا من الطاقة الكهرومائية.وتقول دراسة للوكالة الدولية للطاقة إن العالم قد يخفض الانبعاثات الغازية إلى المستويات المطلوبة بحلول عام 2050 لكنه سيحتاج إلى جعل الطاقة المتجددة المصدر الرئيس لعمل ذلك. وعلى نحو خاص فإنه سيكون عليه دعم استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح 20 ضعفا وبناء مرايا قطعية ضخمة في الصحاري وإقامة غابات من مولدات الطاقة من الرياح واصلة إلى البحر وغيرها من الوسائل. بيد ان توليد طاقة نظيفة لن يكون كافيا في حد ذاته للوصول إلى هدف المناخ. النقل أيضا يتعين التخلص من انبعاثاته لأنه يستأثر بـ 13 في المائة من جميع الانبعاثات في العالم وهو رقم تقول لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة إنه مرشح للزيادة.ويقول الخبراء إنه لتحقيق ذلك فإن المركبات البرية والبحرية يتعين أن يتم تشغيلها بالكهرباء بدلا من الوقود الأحفوري وأن تحل وسائل النقل العام محل المركبات الخاصة والقطارات محل رحلات الطائرات على قدر الإمكان. وستلقي هذه الجهود دعما آخر إذا ما أمكن صناعة الجيل المقبل من المباني والمصانع والآلات من تكنولوجيا جديدة ذات انبعاثات منخفضة من غاز ثاني أكسيد الكربون لخفض الانبعاثات طوال فترة الحياة.

انهيار محادثات المناخ سيفيد كوكب الارض!

من جهة اخرى قال عالم أمريكي بارز ساعد في تنبيه العالم لمخاطر الاحتباس الحراري ان كوكب الارض سيكون أفضل حالا اذا انهارت محادثات التغير المناخي القادمة في كوبنهاجن.

وقال جيمس هانسن الذي يرأس معهد جودارد لدراسات الفضاء بنيويورك التابع لادارة الطيران والفضاء الامريكية (ناسا) ان اي اتفاق يحتمل أن يخرج من المفاوضات سيكون مشوبا بالعيوب بحيث سيكون من الافضل للاجيال القادمة البدء من الصفر مجددا. وأردف قائلا لصحيفة الجارديان "أفضل الا يحدث هذا اذا قبله الناس بوصفه المسار الصحيح لانه مسار كارثة."

وتابع أن "النهج بكامله خاطيء للغاية من الاساس بحيث أن الافضل اعادة تقييم الوضع. اذا كانت ستشبه (معاهدة) كيوتو فان (الناس) سيمضون أعواما محاولين تحديد ما يعنيه هذا تحديدا."

ورفضت الصين ودول نامية كبيرة أخرى أهدافا رئيسية لاتفاق للمناخ اقترحه المضيفون الدنمركيون في مسودة نص مثل خفض انبعاثات غازات الصوبة الزجاجية على مستوى العالم الى النصف بحلول عام 2050.

وتريد الدول النامية من الدول الغنية بذل جهد اكبر لخفض انبعاثاتها الان قبل أن توافق على أهداف الانبعاثات العالمية التي تخشى من أن تحول عبء العمل اليها وتعوق نموها الاقتصادي.

أمل أن نكون مخطئين بشأن التغير المناخي

وفي نفس السياق قال هانز يواكيم شلنهوبر رئيس معهد بوتسدام لابحاث الاثار المناخية بألمانيا لرويترز انه يأمل أن يكون هو وزملاؤه العلماء على مستوى العالم مخطئين بشأن الاحتباس الحراري.

وتابع قائلا لرويترز انه لا يسعده أن يكون منذرا بالويلات ويأمل أن يكون هو وزملاؤه قد أغفلوا مؤثرات يمكن أن تكبح التغير المناخي.

وقال في مقابلة بمكتبه في المعهد "سيسعدني اذا تبين أننا لم نفهم النظام بشكل جيد كما كنا نعتقد وأننا قد نحصل على (فترة التقاط أنفاس) تتراوح بين 20 و30 عاما حين يتباطأ الاحتباس الحراري او حتى يتوقف."

لكن شلنهوبر الذي يقدم المشورة للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل والاتحاد الاوروبي بشأن التغير المناخي قال ان من الممكن أن يكون العلماء مخطئين في الاتجاه العكسي ويسيئون تقدير ديناميات التغير المناخي.

ويقول معظم العلماء ان الغازات التي تحتجز الحرارة وتنبعث من حرق الوقود الاحفوري تتسبب في رفع درجات الحرارة العالمية. وتقول أقلية ان الارتفاع نتيجة لتأرجح طبيعي في درجات الحرارة.

وينضم شلنهوبر الى قادة العالم الاسبوع القادم في كوبنهاجن حين يحاولون التوصل الى اتفاقية جديدة للامم المتحدة تعالج قضية الاحتباس الحراري.

وقال شلنهوبر (59 عاما) "كأننا على السفينة تيتانيك... لكن هذه المرة لدينا رؤية واضحة للافق. نحن لا ننظر بنظارة معظمة في الظلام بل بنظام للرادار. نظام رادار علمي."المشكلة هي أن هناك 192 ربانا على متن السفينة" في اشارة الى عدد الدول المشاركة في محادثات مكافحة التغير المناخي وقال "هذا وضع سيء. لكنني امل في لحظة سحرية بكوبنهاجن."

قطار سريع المناخ ينطلق من بروكسل إلى كوبنهاجن

واستقل أعضاء الوفد الأوروبي إلى قمة المنعقده في كوبنهاجن القطار الذي أطلق عليه اسم سريع المناخ متوجهين من بروكسل إلى كوبنهاجن.

ويضم الوفد مفاوضين من حكومات فرنسا وبلجيكا ولوكسبورج الذين سيلتحق بهم في كولن نظراؤهم الألمانيين.

وقال جان باسكال فان إيبرسيلي نائب رئيس الفريق الدولي للتغيرات المناخية لوكالة الأنباء الفرنسية إنه جد متفائل لإيمانه بأن المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة ابتداء من بعد يوم غد الاثنين، سيتوصلون إلى اتفاق بخصوص الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. بحسب رويترز.

وسيشرف إيبرسيلي -وهو أستاذ جامعي لعلم المناخ- على ورشة عمل عن القضايا المناخية أقيمت في إحدى مقطوارت سريع المناخ للرد على أسئلة الصحافيين، خلال الساعات الـ12 التي ستستغرقها الرحلة.

ويسعى منظمو الرحلة إلى توجيه رسالة بشأن وسائل النقل. فاستخدام القطار يتيح انبعاثا لغاز ثاني أكسد الكربون أقل خمس مرات عما هو عليه حين استخدام السيارة.

وسيتسبب كل راكب لقطار سريع المناخ في انبعاث 14,2 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون مقارنة مع 43,6 كيلوجرام لو ركب سيارة و82,4 كيلوجرام لو استقل الطائرة، حسب المنظمين من الصندوق العالمي للطبيعة والاتحاد الدولي للسكك الحديدة.

واشنطن تعرض تقليص انبعاثات الكربون بحلول 2030

وسيعرض الرئيس الاميركي باراك اوباما في مؤتمر كوبنهاغن للمناخ خفض انبعاثات بلاده من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة 17% بحلول 2020، ثم 30% بحلول 2025، ثم 42% حتى 2030، مقارنة بمستويات 2005، على ما اعلن البيت الابيض الاربعاء.

ولم تحدد الرئاسة الاميركية ما تعنيه نسب التقليص المذكورة بالنسبة الى العام 1990 المرجعي لدى اغلبية الدول المعنية بمفاوضات الامم المتحدة حول المناخ.

وقرر اوباما المشاركة في المؤتمر الدولي "لاعطاء زخم للمفاوضات" المناخية، على ما اعلن مستشاره لشؤون البيئة مايك فرومان.

وسيكون الرئيس الاميركي في العاصمة الدنماركية يوم 9 كانون الاول/ديسمبر، ليشارك في المؤتمر الذي ينعقد بين 7 و18 كانون الاول/ديسمبر.

ورحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بمشاركة اوباما، كما اعلن المتحدث باسمه فرحان حق. واضاف المتحدث للصحافيين في نيويورك انه "يمكن وينبغي التوصل في كوبنهاغن الى اتفاق لوضع العالم على مسار جديد لضمان الحفاظ على كوكب يتمتع بصحة جيدة واقتصاد قوي ومستديم ومستقبل زاهر للجميع".

ومن جهة اخرى، قال بان كي مون في رسالة نقلت عبر الفيديو خلال مؤتمر حول المناخ في لندن ان قمة كوبنهاغن "يمكنها ويجب ان تشكل منعطفا في جهود العالم لخفض الانبعاثات وحماية السكان والكوكب".

واضاف "الرسالة واضحة: التغير المناخي يتعلق بصحتنا وصحة الكوكب. ادعو كافة المواطنين وكل حكومة الى انجاح كوبنهاغن. ادعو الجميع الى اضافة صوتهم الى الاصوات التي يتردد صداها عبر العالم".

وفي بروكسل، رحب رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو بمشاركة اوباما. ونقلت المتحدثة عنه قوله "قلت اننا بحاجة لمشاركة اكبر عدد ممكن من قادة العالم. آمل ان يقتدي به آخرون".

واكد قادة نصف الدول الاعضاء في الامم المتحدة وعددها 191 دولة مشاركتهم في القمة حتى الآن، كما اعلنت الدنمارك.

وامتنع باروزو عن التعليق على النسب التي اعلنها البيت الابيض لكن وزير البيئة السويدي اندرياس كارلغرن الذي تتراس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي انتقد الاهداف القريبة في عرض واشنطن بقوله "من المؤسف الا يكون الخفض المتوقع حتى 2020 اعلى لا سيما وان تقديرات سابقة اكدت ان الولايات المتحدة قادرة على ذلك".

دليل كوبنهاغن: التمويل من أجل التكيف

وهذا دليل لما سيراه العاملون في المجال الإنساني في كوبنهاغن: التمويل من أجل التكيف

*كم من المال سيكون متاحاً لمساعدة المجتمعات المحلية على التكيف مع مناخ تتزايد تقلباته؟

يأتي على رأس القائمة بالنسبة للجميع المال المخصص من أجل التكيف للمساعدة في بناء صمود المجتمعات المحلية، وقد تم طرح تقديرات مختلفة للتكيف مع تغير المناخ في السنوات القليلة الماضية. فقد أعلن البنك الدولي، الذي يعد واحدة من أكثر التقديرات أهمية، مؤخراً عن الحاجة إلى ما بين 75 و100 مليار دولار في الفترة من 2010 إلى 2050، وهو رقم متوقع أن يكون محل مناقشات مستفيضة في كوبنهاغن.

وتعتقد إيلانا سولومون، مستشارة السياسات في وكالة المعونة "أكشن إيد الولايات المتحدة"، أن أرقام البنك الدولي المتوقعة تمثل "تقديراً منخفضاً"، لأنها لم تأخذ في الاعتبار استراتيجيات التكيف المبنية على أحوال المجتمع.

وذكر ديفيد كامبل لندرم، وهو باحث في منظمة الصحة العالمية، أنه لا يجب أن ينسى الناس أن عليهم تمويل خدمات مثل الزراعة وإمدادات المياه والصرف الصحي ونظم الإنذار المبكر للأمراض، فهذا لا يحمي الأرواح وينقذها فقط، ولكنه يحد من التأثر بتغير المناخ في المستقبل أيضاً.

وتأمل المنظمات الإنسانية في إتباع نهج متعدد القطاعات، فالنص الخاص بالتكيف والمطروح على الطاولة واسع النطاق ويدعو إلى التقليل من الأخطار التي تهدد "حياة وصحة الإنسان وسبل العيش والأمن الغذائي والأصول وأسباب الراحة والنظم الايكولوجية والتنمية المستدامة".

ويدير مرفق البيئة العالمية Global Environment Facility، وهو الآلية المالية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، صندوقين خاصين: صندوق أقل البلدان نمواً، والصندوق الخاص بتغير المناخ، اللذان يمنحان الأموال لمشاريع التكيف.

وسيدير مرفق البيئة العالمية صندوق التكيف الجديد أيضاً، والذي سيقوم بجمع الأموال من فرض ضريبة تصل إلى اثنين بالمائة على القروض التي تولدها آلية التنمية النظيفة، التي أنشئت بموجب بروتوكول كيوتو.

وتتيح هذه الآلية للبلدان الصناعية الكسب والمتاجرة في أرصدة الانبعاثات من خلال تنفيذ مشاريع في البلدان المتقدمة أو النامية، ثم استخدم هذه الاعتمادات للوفاء بالتزاماتها تجاه أهداف الحد من انبعاث الغازات الدفيئة.

ولكن المال المتوقع جمعه من خلال هذه الآلية لن يكون كافياً، وهذا ما جعل البلدان تبحث عن خيارات أخرى. "فهناك مقترحات مختلفة لكيفية جمع المال، ولكن حتى الآن مازالت التعهدات بدفع النقود قليلة،" كما قال مايك شاناهان من المعهد الدولي للبيئة والتنمية الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له.

واستشهد شاناهان باقتراح المكسيك بإنشاء صندوق أخضر تلتزم جميع البلدان بالمشاركة فيه، باستثناء أقل البلدان نمواً وفقاً للناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، والانبعاثات وعدد السكان. وكانت أقل البلدان نمواً قد اقترحت فرض ضريبة تكيف على تذاكر الطيران الدولي، يمكن أن تجمع 10 إلى 15 مليار دولار سنوياً تخصص لبرامج التكيف.

*كيف سيتم توجيه الأموال إلى البلدان أو المجتمعات المتضررة؟

وقالت بلقيس العشا، أحد مؤلفي تقرير عن التكيف أعده الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ IPCC، وهو هيئة علمية عالمية، إنها تأمل في التوصل إلى التزام بزيادة التمويل المخصص للتكيف، ولكنها تريد التوصل إلى آلية تمويل تساعد البلدان المتضررة في الوصول إلى الأموال بسهولة.

وتريد البلدان الفقيرة أن تحكم الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ أي آلية تمويل تتم الموافقة عليها؛ وتزعم أن المدفوعات كانت بطيئة حتى الآن وعملية الحصول على الموافقة معقدة للغاية. وقالت سولومون أن البلدان المعرضة للخطر "فقدت ثقتها" في قدرة مرفق البيئة العالمية على إدارة الشؤون المالية المتعلقة بالمناخ، والنقاش حول مقدار التمويل المتوفر "يتعلق مباشرة بالحديث" عن "تعريف التعرض للخطر".

*كيف تعرف من هو الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ؟

يعتبر النقاش حول إيجاد مقياس لتحديد مدى تعرض البلدان النامية للخطر بسبب تغير المناخ، والذي سوف يساعد في تحديد التوزيع العادل لأموال التكيف، نقاشاً ساخناً. وقالت سولومون أن "الموارد الشحيحة" المتاحة من أجل التكيف دفعت إلى الحاجة لتعريف البلدان الأكثر تعرضاً للخطر.

 وكان ممثل مرفق البيئة العالمية أول من أثار المسألة في جولة سابقة من محادثات تغير المناخ في بون بألمانيا، في يونيو 2009، حيث قال أن المرفق يدرس وضع مؤشر لمواطن الضعف المحتملة حتى يتسنى توزيع الموارد بصورة عادلة.

وصرح خبراء لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن تحديد مستوى التأثر سيكون غاية في التعقيد، لأن هناك مؤشرات مختلفة يمكن استخدامها. وفي تقريره الرابع عن التقييم، قال الفريق الحكومي الدولي أن تعرض المجتمع للخطر بسبب تغير المناخ يتأثر بمسار التنمية الذي يتبعه مدى التعرض للخطر وتوزيع الموارد والضغوط السابقة والمؤسسات الحكومية والاجتماعية.

وأشار تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أن "جميع المجتمعات تتمتع بقدرات كامنة على التعامل مع بعض التغيرات في المناخ، ولكن القدرات التكيفية ليست موزعة توزيعاً عادلاً، سواء بين البلدان أو داخل المجتمعات" ولذلك من الضروري إيجاد صيغة يمكن أن تثبت قدرة البلد على التكيف مع تغير المناخ.

وقالت سولومون أنه في الوقت الذي تقتصر فيه المناقشات بشأن التعرض للخطر على البلدان، يتم التغاضي عن الفئات الضعيفة من السكان مثل النساء، اللواتي ينبغي أن تستهدفهن موارد التكيف على وجه التحديد.

وقالت ستيفاني لونغ من منظمة أصدقاء الأرض الدولية، وهي منظمة بيئية غير حكومية، إنهم سوف يرون أن الحقوق المدنية وتعويض المجتمعات كانت مدرجة في آليات تمويل مواجهة تغير المناخ، والتي"يمكن إثارتها" في حال أتضح أن للمشاريع المقترحة أو المنفذة لجمع الأموال "آثاراً اجتماعية وبيئية واقتصادية محلية سلبية".

*هل سيحصل سكان الغابات على منافع من استراتيجية تخفيض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وترديها؟

من المتوقع إدراج إستراتيجية تخفيض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات وترديها في البلدان النامية في الاتفاق النهائي.

وقال شاناهان من المعهد الدولي للبيئة أنه بموجب هذه الاستراتيجية، ستحصل البلدان التي تحد من إزالة الغابات على نقاط مقابل خفض الانبعاثات ... ويمكن أن تباع هذه النقاط في أسواق الكربون الدولية من خلال صندوق تعويضات تدفعها الدول المتقدمة، أو كما يبدو على الأرجح، تدفع باستخدام كلا النهجين معاً".

ويعتبر إزالة الغابات أحد المحركات الرئيسية لتغير المناخ، فهو المسؤول عن 17.4 بالمائة من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة - أي أكثر من الانبعاثات الناتجة عن قطاع النقل، التي تمثل ما يزيد قليلاً عن الـ 13 بالمائة، وفقاً للفريق الحكومي المعني بتغير المناخ.

وأشار شاناهان إلى أن إيقاف هذا المصدر من مصادر الانبعاثات يمكن أن يساعد في الحد من تغير المناخ، " ويجلب أيضاً منافع ضخمة للمجتمعات المحلية والتنوع البيولوجي، ولكن ذلك يحدث فقط إذا كان مصمماً بشكل جيد".

وسيكون التحدي هو ضمان أن تنفق هذه الأموال فعلاً على حماية الغابات "بكل العمليات الإيكولوجية الطبيعية التي يعتمد عليها الإنسان، بدلاً من تشجيع قطع الأشجار واستبدال الغابات بالمزارع التي تستفيد منها الشركات فقط، ومن شأنها أن تؤدي إلى حدوث خسائر فادحة في التنوع البيولوجي".

وأضاف "أنها أيضاً المفتاح لضمان أن يكون هذا المال مفيداً للمجتمعات المعتمدة على الغابات، الذين ظلوا أمناء على الغابات لعدة أجيال مضت، وإلا فإنها ببساطة ستملأ جيوب النخب ذات النفوذ، بما في ذلك الشركات الأجنبية".

وستكون إحدى القضايا المركزية هي معالجة المسائل المتعلقة بحيازة الغابات وضمان أن تكون للمجتمعات المعتمدة على الغابات حق الاستفادة منها من الناحية القانونية. وقالت لونغ أنهم يتابعون هذه المسألة.

 *وماذا عن حقوق المشردين بسبب الكوارث الطبيعية المتزايدة والأكثر شدة؟

لاحظت ألينا ناروسوفا، المتخصصة في سياسة الهجرة بالمنظمة الدولية للهجرة، أنه بالرغم من أن النص التفاوضي أشار إلى الهجرة والتشرد، "إلا أن الأمر يتوقف على ما إذا كان سيستمر حتى بدء [اجتماع كوبنهاغن]." وتنظم المنظمات غير الحكومية مثل المنظمة الدولية للهجرة لقاءات جانبية لضمان بقاء هذه القضية على قمة الأولويات.

وقالت لونغ أن منظمتها غير الحكومية تبحث عن حماية والاعتراف بحقوق الأشخاص الذين أجبروا على الهجرة نظراً لتغير المناخ، ودمج آلية للتصدي لتشريد أعداد كبيرة من "لاجئي المناخ في التمويل المخصص للتكيف".

وفي عام 2008، أجبرت الكوارث الطبيعية ذات الصلة بالمناخ مثل الجفاف والأعاصير والفيضانات 20 مليون شخص على الخروج من ديارهم - أي أكثر بكثير من 4.6 مليون مشرد من جراء الصراعات - وفقاً لدراسة مشتركة أجراها مؤخراً مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومركز مراقبة النزوح الداخلي الذي يتخذ من جنيف مقراً له.

* هل سيحصل الأمن الغذائي والزراعة على الاهتمام الذي يستحقانه؟

الزراعة هي المصدر الرئيسي للغذاء والدخل لنصف سكان العالم، وهي النشاط الأكثر عرضة لآثار تغير المناخ، ولكنها أيضاً مصدر رئيسي لانبعاث الغازات الدفيئة الخطيرة. شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

ويأتي حوالي 14 في المائة من الانبعاثات السنوية للغازات الدفيئة، غالباً ثاني أكسيد الكربون، من الزراعة، وحوالي 74 بالمائة من إجمالي الانبعاثات الزراعية تنشأ في البلدان النامية.

وقال جيرالد نلسون، وهو باحث بارز في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية ومقره الولايات المتحدة، وهي مؤسسة بحثية تحاول تبني قضية الزراعة أن "السؤال هو إلى أي مدى سيذكر الأمن الغذائي والزراعة والتخفيف من حدة لفقر في النص النهائي".

وهناك قسم عن الزراعة في النص التفاوضي يدعو لتطوير نظم ذات كفاءة وإنتاجية زراعية عالية لا تؤدي فقط إلى خفض الانبعاثات ولكن تساعد هذا النشاط أيضاً على التكيف مع تغير المناخ، كما أنه يدعو فرع الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ الخاص بالمشورة العلمية والتكنولوجية لإعداد برنامج عمل يساعد في تحقيق هذا الهدف.

وقال نيلسون أنه سوف يترقب ويرى "ما إذا كانت هيئة المشورة العلمية والتكنولوجية ستقدم برنامج عمل في مجال الزراعة، وإذا كان الأمر كذلك، ما الذي سيشمله". كما أنه يريد أن يرى ما إذا كان يجب السماح بدفع أموال للمزارعين في البلدان النامية لتنحية الكربون في التربة، وما هي الآليات التي يمكن استخدامها.

*هل يهتم أحد بحماية صحة الناس؟

وقال كامبل لندرم من منظمة الصحة العالمية أنه قد "تم تحديد الصحة كأولوية" في النص التفاوضي الأصلي "ولكن ذلك ينسى أحياناً". وأشار إلى أن البلدان - ومعظمها في العالم النامي - قد تنفق ما بين ستة مليارات دولار و18 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 لتغطية التكاليف الإضافية للخدمات الصحية نتيجة لتغير المناخ.

 كان هذا الرقم مستنداً إلى تقييم أعدته منظمة الصحة العالمية، بني على أساس دراسات حول تأثير الأمراض الحساسة لتغير المناخ، مثل أمراض الإسهال - التي تعد ثاني أهم الأمراض المعدية المسببة لوفيات الأطفال - وتمثل نحو 1.8 مليون حالة وفاة سنوياً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/كانون الاول/2009 - 20/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م