القدس.. بين سباق التهويد واستغلال العالم الإنتهازي

 

شبكة النبأ: اندلعَ الجدل بين اسرائيل والاتحاد الاوربي بخصوص اصرار الاوربيين المتزايد على ذكر القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطينية مقبلة في اطار حل سلمي تفاوضي مع الدولة العبرية. ويعود سبب الخلاف الى اقتراح الرئاسة السويدية للاتحاد الاوروبي ذكر القدس الشرقية "كعاصمة لدولة فلسطينية مقبلة" في نص يطرح الاسبوع المقبل على وزراء الخارجية الاوربيين للموافقة عليه واوضح دبلوماسي اوربي ان الاوروبيين انفسهم منقسمون حول هذا الاقتراح.

وفي اسرائيل اعتبرت وزارة الخارجية في بيان ان الخطوة "تسيء الى قدرة الاتحاد الاوروبي على المشاركة كوسيط هام في العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين".

وكانت النسخة الاصلية للنص موضع تسريبات في صحيفة هآرتس الاسرائيلية. وبحسب مشروع الوثيقة التي حصلت فرانس برس على نسخة منها، يؤكد الاتحاد الاوروبي تاييده لقيام "دولة فلسطينية قابلة للحياة، تضم الضفة الغربية وقطاع غزة مع القدس الشرقية كعاصمة".لكن نصف الدول الاوروبية ليست موافقة على هذه الصيغة على ما اوضح مصدر دبلوماسي.

واضاف هذا المصدر "ان ثلاثة خيارات مطروحة على الطاولة: اما ان يبقى النص بصيغته الراهنة، اما ان يلغى تماما او يجري تعديله" مشيرا الى ان الخيار الاول هو الاقل ترجيحا. ويؤكد الاتحاد الاوروبي بانتظام في مواقفه تمسكه بقيام دولة فلسطينية تتعايش سلميا مع دولة اسرائيل.

وفي 2003 اعدت اللجنة الدولية الرباعية (المؤلفة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة) خارطة طريق اعلنت فيها تأييدها ل"حل حول وضع القدس" يستجيب ل"رؤية الدولتين" تعيشان جنبا الى جنب في سلام. لكن بدون ان تذكر بشكل واضح القدس ك"عاصمة" يتقاسمها الطرفان.

وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي نشرت الرئاسة السويدية للاتحاد الاوروبي بيانا حول المستوطنات الاسرائيلية في القدس الشرقية اكدت فيه على "وجوب ايجاد تسوية لحل وضع القدس بصفتها عاصمة لدولتين" فلسطينية واسرائيلية.

وقال دبلوماسي ان الاسرائيليين فوجئوا انذاك وعبروا عن غضبتهم لهذا البيان.واوضح هذا الدبلوماسي "انها كانت المرة الاولى التي تستخدم فيها هذه اللهجة وخشي الاسرائيليون من ان يخلق ذلك سابقة". ما يفسر احتجاجهم العلني.

حملة إسرائيلية على مقترح للاعتراف بالقدس عاصمة فلسطين

ونقلت تقارير إسرائيلية أن الحكومة تقوم بحملة دبلوماسية لمنع الاتحاد الأوروبي من اعتراف محتمل بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المقبلة، جاء ذلك عقب تسريبات لنص مسودة مبادرة سويدية بهذا الصدد ستعرض على وزراء خارجية الاتحاد خلال اجتماعهم في بروكسل الاثنين المقبل.

وتتضمن المبادرة السويدية المزعومة، التي كشفته عنها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الدعوة إلى تقسيم القدس لتكون عاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين، واعتراف التكتل الأوروبي بأي إعلان أحادي الجانب لإقامة الدولة الفلسطينية. بحسب رويترز.

وأضافت الصحيفة على موقعها الالكتروني أن إسرائيل تشن حملة دبلوماسية لمنع الاتحاد الأوروبي من التصديق على التقرير، إلا أن مصادر دبلوماسية مطلعة على مشاورات الاتحاد تعتقد أن هذا الأمر أضحى من الناحية العملية لا مفر منه.

وتخصص جلسة الاتحاد الأوروبي التي تعقد في بروكسل في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، لبحث عملية السلام في الشرق الأوسط، وسيصدر في ختامها قرار يحدد سياسة الاتحاد.

وحسب الصحفية الإسرائيلية فإن مشروع القرار السويدي يعبر عن "قلقه من الجمود السياسي"، ويدعو إلى "تجديد عملية السلام بشكل فوري"، ويرى أن المفاوضات تهدف إلى "إقامة دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية، قابلة للحياة، وذات تواصل جغرافي، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية."

ويعبر مشروع القرار عن قلق الاتحاد الأوروبي الشديد إزاء الأوضاع في القدس الشرقية: "المجلس يدعو جميع الأطراف للامتناع عن القيام بخطوات استفزازية."

وذكر مجلس الاتحاد الأوروبي "لم نعترف مطلقاً بضم القدس الشرقية، وإذا أريد أن يكون هناك سلام حقيقي، يجب إيجاد وسيلة للعثور على حل لوضع القدس عاصمة للدولتين."

ويدعو المجلس إلى إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس وفقا لخارطة الطريق؛ كما يدعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقف كافة أشكال التمييز ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية"، حسب "هآرتس."

ويتطرق مشروع القرار إلى الإعلان الإسرائيلي الجزئي والمؤقت عن تجميد الاستيطان باقتضاب ويعتبره خطوة نحو تجديد المفاوضات: "مجلس وزراء الخارجية يسجل أمامه قرار الحكومة الإسرائيلية تجميد البناء في المستوطنات بشكل جزئي ومؤقت، ويأمل أن يكون خطوة باتجاه تجديد المفاوضات."

ويشير مشروع القرار إلى الحواجز الكثيرة التي تعيق تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية: "بقيت حواجز كثيرة في مكانها من أجل توفير الحماية للمستوطنات."

الاستيطان قلّص القدس الى أقل من 12 في المئة

وفي سياق محاولات تهويد القدس قال مسؤول في "وكالة بيت مال القدس" في المغرب إن الاستيطان الاسرائيلي قلص مدينة القدس الشرقية العربية الى أقل من 12 في المئة كما أشار الى العوز الذي تعانيه المدينة في جميع القطاعات.

وقال عبد الكبير العلوي المدغري المدير العام لوكالة بيت مال القدس التي يرأسها العاهل المغربي محمد السادس "زحف الاستيطان لم يترك لنا في المدينة المقدسة سوى نسبة (تتراوح) بين 10 و12 في المئة."

وأضاف في ندوة صحفية لتقديم حصيلة عمل الوكالة التي تقوم بجمع التبرعات والاعمال الخيرية في القدس "السكان العرب والمسلمون منحصرون في المدينة القديمة المتآكلة..كما أن مآثر المدينة وأراضيها تقلصت لصالح الاستيطان."

وقال ان المدينة تعاني "خصاصا في كل القطاعات لان سكان القدس كم مهمل من طرف سلطات الاحتلال." وأضاف "هناك قصور واضح في دعم العرب والمسلمين لاخوانهم المقدسيين."

وبلغت تبرعات المغاربة للوكالة بالنسبة للعام الماضي نحو اربعة ملايين درهم (518 ألف دولار) وبلغت تكلفة المشاريع المنجزة خلال نفس العام 2.6 مليون دولار وشملت قطاعات كالاسكان والتعليم والصحة وأنشطة ثقافية ورياضية والترميم.بحسب رويترز. 

وقال المدغري ان العاهل المغربي كان قد أمر بخمسين مليون درهم لاعادة بناء كلية الزراعة في القدس كما ساهمت السعودية بمليون دولار منحت نصفها للوكالة فيما ينتظر أن تسلم النصف الثاني لاحقا.

اسرائيل تجرّد مزيدا من الفلسطينيين من حق الاقامة بالقدس

وقالت جماعة حقوقية اسرائيلية نقلا عن احصاءات اسرائيلية رسمية ان اسرائيل جردت فلسطينيين من حق الاقامة بالقدس في العام الماضي بمعدل أسرع من أي وقت مضى في تاريخ الدولة اليهودية.

وقالت داليا كيرشتاين المديرة التنفيذية لمركز هاموكيد للدفاع عن الفرد وهو مركز اسرائيلي "الغاء حق الاقامة بلغ نسبا مخيفة."

وتظهر احصاءات حصلت هاموكيد عليها من وزارة الداخلية عن طريق طلب بموجب قانون حرية المعلومات أنه تم حرمان 4577 مقيما بالقدس الشرقية عام 2008 من حق الاقامة وهو عدد اكبر من نصف اجمالي ما ألغي في الاعوام الاربعين الماضية. بحسب رويترز.

وكانت الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي قد انتقدوا سياسات اسرائيل بالقدس والتي تنطوي على اجلاء فلسطينيين من منازلهم التي لا يستطيعون اثبات ملكيتها وهدم المنازل التي بنيت دون تراخيص اسرائيلية وتوسيع المستوطنات على أراض محتلة منذ حرب عام 1967.

ويقول الفلسطينيون ان اسرائيل تهدف الى التخلص من اكبر عدد من السكان الفلسطينيين من القدس الشرقية لخفض وجودهم في مناطقها الشرقية وتقويض مطالبتهم بنصف المدينة المقدسة لتكون عاصمة دولتهم المستقبلية.

وقالت كيرشتاين "حملة وزارة الداخلية عام 2008 ليست الا جزءا من سياسة عامة هدفها الحد من السكان الفلسطينيين والحفاظ على أغلبية يهودية في القدس التي يفترض أن يتحدد مستقبلها من خلال المفاوضات."

وأضافت في بيان أصدره مركز هاموكيد "الفلسطينيون هم السكان الاصليون لهذه المدينة وليسوا سكانا وفدوا حديثا."

وكانت اسرائيل قد ضمت القدس الشرقية بعد أن احتلت المنطقة في حرب عام 1967 وتعتبر المدينة بكاملها عاصمة لها وهو ادعاء غير معترف به دوليا.

ويعيش نحو 250 الف فلسطيني الان في القدس الشرقية والضواحي المتاخمة الى جانب 200 الف اسرائيلي. وترفض حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو النداءات بتقسيم المدينة او اقتسامها في اطار اتفاق للسلام.

الفلسطينيون في القدس الشرقية

قالت جماعة حقوقية اسرائيلية نقلا عن إحصاءات اسرائيلية ان اسرائيل جردت فلسطينيين من حق الاقامة بالقدس بمعدل أسرع من أي وقت مضى في تاريخ الدولة اليهودية.

وتظهر إحصاءات حصلت هاموكيد عليها من وزارة الداخلية عن طريق طلب بموجب قانون حرية المعلومات أنه تم حرمان 4577 مقيما بالقدس الشرقية عام 2008 من حق الإقامة وهو عدد أكبر من نصف إجمالي ما ألغي في الأعوام الاربعين الماضية. وفيما يلي حقائق بشأن من يصنفون كمقدسيين ومن لا يعتبرون كذلك، بحسب تقرير لرويترز:

- مواطنو اسرائيل يملكون جوازات سفر اسرائيلية في حين يملك مواطنو الضفة الغربية جواز سفر فلسطيني. ويملك المقدسيون جواز مرور أصدرته وزارة الداخلية الاسرائيلية أو وثيقة أردنية خاصة.

- بعد أن احتلت اسرائيل القدس الشرقية العربية عام 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم تلق اعترافا دوليا منحت السكان الذين يبلغ عددهم حاليا 250 ألفا بطاقة الهوية الزرقاء ذاتها التي تصدر للمواطنين العرب واليهود. هذه البطاقة تمكنهم من التنقل بحرية داخل اسرائيل والتمتع بالتأمين الصحي وفوائد أخرى اذا دفعوا الضرائب. ولكن المقدسيين ليسوا مواطنين اسرائيليين ولا يمكنهم التصويت في الانتخابات العامة.

- الجنسية الاسرائيلية متاحة للمقدسيين ولكن غالبا لا يطلبها الفلسطينيون.

- بموجب القانون الاسرائيلي يفقد المقدسي حق الاقامة اذا أمضى -أو أمضت- أكثر من سبع سنوات في الخارج أو حصل على جنسية أجنبية. هذا لا ينطبق على اليهود الاسرائيليين.

- تعتبر اسرائيل المقدسيين العرب "مقيمين دائمين" وهو نفس الوضع الممنوح للمواطنين الاجانب الذين اختاروا السفر الى اسرائيل ويريدون الاقامة بها.

- الاقامة الدائمة ليست جنسية. التشابه الوحيد هو كتيب بطاقة الهوية الزرقاء والضرائب المحلية. الحق الرئيسي الممنوح لمن يملكون إقامة دائمة هو العيش والعمل في اسرائيل دون الحاجة للحصول على تصاريح خاصة.

الحسيني يدعو لمقاطعة الشركتين المنفذتين لترام القدس

وصبَّ رئيس ديوان رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، رفيق الحسيني، جام غضبه على "العرب" ووصف موقفهم من القدس بأنه "يدعو للغثيان"، فيما دعا سياسيون ورجال دين ونشطاء فلسطينيون الاثنين، الدول العربية إلى مقاطعة شركتي "الستوم" و"فيوليا ترانسبورت" الفرنسيتين، وإلى إنهاء عقود بمليارات الدولارات بين عدد من الدول العربية وهاتين الشركتين.

فقد قال رئيس ديوان رئيس السلطة الفلسطينية، إن موضوع استمرار شركتي "الستوم" و"فيوليا" في بناء خط القطار الخفيف الذي يخترق القدس الشرقية لربط المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي القدس مع القدس الغربية سيكون على جدول أعمال اجتماع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في رام الله مؤخرا. بحسب تقرير سي ان ان.

وقال الحسيني: "سيتم إبلاغ الوزير الفرنسي باستمرار الشركتين بالمشروع، ولكن لنكن واضحين إن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، كان أبلغ عباس أن الحكومة الفرنسية لا يمكنها التدخل في هذه القضية باعتبار أن الشركتين مملوكتين للقطاع الخاص الفرنسي وليس للحكومة الفرنسية، وبالتالي فلا تستطيع الأخيرة أن تفرض عليهما عدم المشاركة في المشروع."

وأضاف الحسيني، في تصريح لوكالة "آكي" الإيطالية للأنباء: "ولكن الموضوع سيكون مطروحاً في اجتماع كوشنير مع عباس، واجتماع الوزير الفرنسي لاحقا مع شخصيات مقدسية فلسطينية."

على أن الحسيني صب جام غضبه على العرب، مشيراً إلى أن حكومات عربية ما زالت تقيم عقود مع هاتين الشركتين، رغم المطالب الفلسطينية المتكررة لهذه الدول وجامعة الدول العربية بوقف هذا التعاقد.

وقال: "حقيقة نحن نشعر بالغثيان أن الدول العربية لا تقوم بواجبها، وأن جامعة الدول العربية لا تقوم بواجبها، ونحن لا نقول لهم حاربوا أو قاتلوا، وإنما نقول لهم قاطعوا هاتين الشركتين، وأن القانون الدولي إلى جانبنا، ولكننا لا نسمع سوى الأقوال ولا نرى أي أفعال."

ويذكر أن شركة الكهرباء السعودية وقعت عقداً مع شركة "الستوم" يقضي بإنشاء محطة لتوليد الطاقة في منطقة شعيبة بالمملكة، بمبلغ إجمالي يصل إلى 1.9 مليار يورو.

كما منحت السعودية ملايين الدولارات في صفقة لشركة "الستوم" الفرنسية لبناء مشروع قطار الحرمين السريع، للربط بين مكة والمدينة.

وكان سياسيون ورجال دين ونشطاء فلسطينيون دعوا في مؤتمر صحافي عقدوه في القدس الشرقية الاثنين الدول العربية إلى مقاطعة الشركتين، وإلى إنهاء عقود بمليارات الدولارات بين عدد من الدول العربية وهاتين الشركتين.

فقد أطلق مفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، والمطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في القدس، ورانيا الياس، عضو الهيئة التوجيهية للحملة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها، دعوات مشابهة.

وأشاروا إلى أن "الشركتين متورطتين في تشييد وإدارة مشروع قطار القدس الخفيف الإسرائيلي، الذي يخدم ويرسخ وجود المستعمرات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس وحولها، والتي تعتبر بدورها بمثابة جرائم حرب، حسب اتفاقية جنيف الرابعة"، على حد وصفهم.

وأضافوا: "يهدف مشروع القطار الخفيف الذي ترعاه الحكومة الإسرائيلية إلى ربط مدينة القدس بالمستعمرات المحيطة بها من خلال خطوط سكة حديدية للقطار الخفيف "الترام"، بالإضافة إلى دعمه الاستيطان الإسرائيلي، فإن هذا المشروع يفاقم سياسة التمييز العنصري الإسرائيلية التي يتعرض لها المواطنون الفلسطينيون في القدس المحتلة، كما ويتجاهل حقوقهم ومصالحهم واحتياجاتهم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/كانون الاول/2009 - 19/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م