الانتخابات في العراق: النَقض يولِّد صفقات سياسية وأصحابهُ الأكثر خسارة

 

شبكة النبأ: قال مصدر في مكتب طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي ان اتفاقاً أبرم بين الهاشمي وكتل برلمانية كبيرة تضمن ايجاد آليات لقانون الانتخابات الجديد بما يمهد الطريق امام عدم قيام الهاشمي بنقض القانون مرة ثانية.

وكان الهاشمي وهو النائب السنّي لرئيس الجمهورية قد نقض بشكل جزئي بداية الشهر الجاري مشروع قانون الانتخابات الذي مرره مجلس النواب احتجاجا على عدم تضمن القانون مقاعد كافية للعراقيين المقيمين في الخارج.

ووسط امتعاض الكتلة الشيعية والكردية على اعتراض الهاشمي مرر مجلس النواب قانونا ثانيا وصفه بيان للهاشمي قبل يومين بانه جاء "اكثر اجحافا" من القانون الاول وهو ما أثار تكهنات وتوقعات باحتمال قيام الهاشمي بنقض القانون مرة ثانية.

وتضمن القانون الثاني آلية اعتبرها عدد كبير من النواب انها جاءت نكاية بالهاشمي على موقفه من القانون الاول وانها تتضمن حرمان محافظات سنية من عدد من المقاعد كان القانون الاول قد تضمنها واعطاها للمحافظات الكردية.

واثار القانون الجديد موجة عارمة من الاعتراضات من قبل النواب السنة وكتلهم. ووصف اسامة النجيفي وهو نائب من محافظة الموصل الشمالية القانون بانه "جريمة كبرى". وطلبت هذه الكتل من الهاشمي نقض القانون الجديد.

ويجيز الدستور العراقي لاي من اعضاء مجلس الرئاسة الذي يتكون من الرئيس ونائبيه نقض تشريعات القوانين المطروحة في مجلس النواب خلال عشرة ايام.

كما يجيز الدستور لاعضاء مجلس الرئاسة نقض نفس القانون لمرتين على ان يتم تمرير القانون للمرة الثالثة داخل مجلس النواب باغلبية ثلاثة اخماس المجلس وفي هذه الحالة يصبح القانون نافذا بدون موافقة مجلس الرئاسة عليه. بحسب رويترز.

وقال عبد الاله كاظم الناطق الرسمي باسم المكتب الاعلامي للهاشمي ان اتفاقا "حدث اليوم بين الهاشمي والكتل البرلمانية الفاعلة من بينها الائتلاف الشيعي (اكبر الكتل البرلمانية) ومفوضية الانتخابات وباشراف الامم المتحدة تضمن ايجاد اليات لقانون الانتخابات الثاني تضمن عدم انقاص المقاعد لاي من المحافظات... والمساواة في التصويت بين عراقيي الداخل والخارج."واضاف "الامور تسير بهذا الاتجاه... وهذا يدفعنا للقول ان لا حاجة لنقض ثان للقانون ان شاء الله."

ومن شان الاتفاق على القانون الجديد وعدم استخدام النقض مرة ثانية اجراء الانتخابات في موعد يقترب كثيرا من موعدها المقرر وهو اجراء سيجنب البلاد اي فراغ دستوري او سياسي وهو احتمال سيؤثر بالنتيجة على الجداول الزمنية لانسحاب القوات الامريكية من العراق والمفترض ان يكتمل انسحابها بنهاية عام 2011.

وبحسب الدستور العراقي فان الولاية القانونية لمجلس النواب الحالي تنتهي منتصف مارس اذار القادم. وبانتهاء الولاية الدستورية والقانونية للبرلمان فإن الولاية القانونية للحكومة الحالية ستنتهي هي الاخرى.

وكان الرئيس جلال الطالباني وهو كردي ونائبه عادل عبد المهدي وهو شيعي قد وافقا على القانون الجديد يوم الاربعاء.

وقال بيان صادر من مكتب الرئيس ان هناك جهودا مبذولة "لاستكمال موافقة مجلس رئاسة الجمهورية على هذا القانون انطلاقا من الفهم المشترك لاجراء الانتخابات في الموعد المقرر."

وتسعى اطراف سياسية عراقية واجنبية من بينها مفوضية الامم المتحدة في العراق والسفارة الامريكية لضمان اجراء الانتخابات في موعدها او عدم تاجليها الى تواريخ بعيدة من التاريخ المحدد لها وهو نهاية يناير كانون الثاني القادم.

وقال علي الدباغ الناطق باسم الحكومة "نحن نحث الهاشمي على قبول القانون الجديد وعدم افتعال مزيد من الصعوبات."واضاف "لقد اوضحت مفوضية الانتخابات اننا الان بحاجة الى تمديد موعد الانتخابات.. لكننا لحد الان لا نعلم متى سيتم اجراء الانتخابات."

امريكا تأمل بحدوث انفراج في المأزق

من جانب آخر صرح مسؤولون امريكيون بأن جو بايدن نائب الرئيس الامريكي حث الزعماء العراقيين خلال سلسلة من الاتصالات الهاتفية يوم السبت على انهاء مأزق ادى الى وقف الاستعدادات لانتخابات تعتبر حاسمة للقوات الامريكية للانسحاب من العراق.

وقال مسؤول كبير بالادارة الامريكية ان واشنطن متفائلة بالتوصل لاتفاق مبدئي بشأن قانون الانتخابات العراقي يسمح باجراء انتخابات عامة وبانتخاب برلمان جديد بحلول 15 مارس اذار عندما تنتهي فترة المجلس الحالي.

واضاف المسؤول ان المسؤولين العراقيين يعملون لتأمين الحصول على موافقة نهائية على الاتفاق من الجماعات السياسية الشيعية والسنية والكردية.

وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه ان "الدور الامريكي على الارض ومن خلال نائب الرئيس هو التشجيع والبناء والعمل كشاهد ودي للمفاوضات."

وسافر بايدن للعراق في سبتمبر ايلول في ثاني رحلة له خلال ثلاثة اشهر. ويسعى بايدن الى اقناع الزعماء العراقيين المتناحرين للتوصل لحل وسط بشأن نقاط عالقة ومن بينها قانون الانتخابات. ومن المقرر ان يزور العراق مرة اخرى في نهاية العام.

وقال البيت الابيض في بيان ان بايدن اثنى على الزعماء العراقيين في اتصالات هاتفية جرت يوم السبت "لايجادهم حلا لمأزق قانون الانتخابات."شجعهم على الانتهاء من ترتيب يكون عادلا لكل الاطراف ويسمح بالانتخابات العامة مثلما يرغب الشعب العراقي وكما تم تحديد خطوطه العريضة في الدستور العراقي."ولم يحدد البيت الابيض الزعماء العراقيين الذين تحدث معهم بايدن.

واثار الازمة الحالية طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي وهو احد ثلاثة اعضاء في مجلس رئاسي يملك حق النقض (الفيتو) للقانون والذي رفض قانونا مبدئيا للانتخابات قضى البرلمان اسابيع في التفاوض بشأنه.

والانتخابات حدث مهم للعراق مع خروجه من سنوات من العنف الطائفي الذي اعقب غزو عام 2003 . وتأتي الانتخابات ايضا في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة للوفاء بموعد نهائي في نهاية اغسطس اب 2010 لسحب قواتها المقاتلة.

ووعد الرئيس باراك اوباما الامريكيين بانه سينهى التورط الامريكي في العراق في نهاية 2011. وقال ايضا انه يأمل بان تساعد الاموال المدخرة من اخماد الحرب في خفض حجم العجز في الميزانية الامريكية والذي يبلغ 1.4 تريليون دولار.

وكانت هناك مخاوف من ان يؤدي تأخير الانتخابات الى اجبار واشنطن على تغيير الجدول الزمني لانسحاب قواتها ولكن مسؤولين امريكيين اوضحوا ان هذا امر غير محتمل بشكل كبير.

اقتراحات من أمريكا والأمم المتحدة

وقال مسؤول ان مسؤولين من الولايات المتحدة والأمم المتحدة اقترحوا حلولا على طارق الهاشمي النائب السُني للرئيس العراقي حتى لا يصوت بالرفض للمرة الثانية ضد قانون لازم لإجراء انتخابات العام القادم.

ومن المُرجح إرجاء الانتخابات الى بعد الموعد المُحدد لها في يناير كانون الثاني مما قد يؤثر على خطط الولايات المتحدة لانسحاب جزئي العام القادم.

وتعتبر الانتخابات علامة فارقة في ديمقراطية العراق حديثة العهد مع خروجه من صراع طائفي نشب نتيجة للغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

وقال عبد الاله كاظم الناطق الرسمي للمكتب الاعلامي للهاشمي ان الاقتراحات لحل الأزمة تنطوي على آلية لتلبية مطالب نائب الرئيس بمزيد من التمثيل للعراقيين في الخارج وبينهم الكثير من السُنة في البرلمان القادم. ومن شأن استخدام هذه الآلية تجنب إجراء تغيير للقانون الانتخابي.

وأضاف "مازلنا نقول ان هذا القانون أكثر إجحافا من القانون الأول .. لكننا نقول أيضا اذا كانت هناك آليات عادلة وحقيقية وقابلة للتطبيق وليست شكلية تضمن تصويتا عادلا لعراقيي الخارج وتضمن عدم اقتطاع أي مقعد من أي محافظة فسيتم القبول بهذا القانون وبهذه الآلية... وبعكسه فان الاعتراض قادم مرة أخرى."

وبدلا من معالجة شكواه من أن اللاجئين الذين فروا الى الخارج بعد الغزو الأمريكي لن يحصلوا على مقاعد كافية وحد النواب الشيعة والاكراد في البرلمان صفوفهم لاقرار قانون جديد هذا الاسبوع يخفض من تمثيل السُنة.

وأخذ القانون مقاعد من مناطق سُنية ومنحها لمحافظات كردية في تحرك قال نواب انه ينم عن تجاهل للهاشمي.

وكشفت هذه الخطوة مُجددا عن الصدوع في المجتمع العراقي التي قادت الى نشوب صراع بين السُنة الذين كانوا مُهيمنين ذات يوم والشيعة وهم الأغلبية مما يحتمل أن يلهب التوترات الطائفية في الوقت الذي يبدو فيه العراق على الطريق نحو مزيد من الأمن والاستقرار.

السامرائي يستبعد حصول الانتخابات في موعدها

من جهته استبعد رئيس البرلمان العراقي، أياد السامرائي، أن تنجح بلاده في إجراء الانتخابات بموعدها في يناير/كانون الثاني المقبل، متوقعاً حصولها في مارس/آذار المقبل، وذلك بسبب الخلافات المستمرة حول القانون الناظم لها، مضيفاً أنه وجه "نصيحة" إلى نائب الرئيس، طارق الهاشمي، بعدم نقض القانون مجدداً.

وقال السامرائي،  في بيان صدر عن مكتبه إنه أبلغ الهاشمي بأن القانون، وإن "تجاوز مصالح متعلقة بالمهاجرين العراقيين إلا انه حقق مكاسب كبيرة لعدد من المحافظات،" مضيفاً أن رئيس البرلمان "سيعمل ومن خلال التواصل مع فريق الأمم المتحدة لمعالجة الخلل الذي أصاب المحافظات المتضررة بسبب نقض رئاسة الجمهورية للقانون."

وكان مجلس النواب العراقي قد أقر قانون الانتخابات في منتصف الشهر الجاري، غير أن نائب الرئيس، طارق الهاشمي، نقضه بحجة عدم إنصافه للعراقيين المهجرين إلى خارج البلاد، وهم بغالبيتهم من السنة.

وعاد البرلمان وأقر القانون بعد تعديل بعض فقراته في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، غير أن الهاشمي انتقده في اليوم التالي، مهددا بنقضه، على غرار عدم موافقته على إقرار القانون القديم.

وقال بيان صادر عن مكتب الهاشمي إنه نقض القانون السابق، والذي كان رغم عيوبه "أكثر إنصافاً للعراقيين من القانون الجديد،" مضيفا أن نائب الرئيس "سيتعامل مع القانون الجديد "كما تعامل مع سابقه بمنتهى المسؤولية الوطنية."

وقال الهاشمي في البيان "صدر التعديل في تناقض واضح في طريقة احتساب المقاعد بين مادته الأولى والثانية، بل تضمن تغييراً في عدد المقاعد المخصصة لبعض المحافظات، وهو ما لم يرد في التعديلات المقترحة، ناهيك عن تجاهل مظلمة عراقيي الخارج."بحسب سي ان ان.

واعتبر الهاشمي التعديل الذي أصدره مجلس النواب "غير دستوري ومجحفا،" ويتناقض مع "الأعراف والتقاليد السياسية التي اعتمدها مجلس النواب في تعامله مع تشريعات وطنية حساسة من هذا العيار ."

ويرفض العرب السنة التعديلات الموجودة في قانون الانتخاب الجديد كونه سيخصم العديد من المقاعد التي كان ضمنها لهم القانون القديم في محافظة الموصل السنية ليضيفها إلى المحافظات الكردية.

ويضمن القانون كوتا من المقاعد المخصصة للمكونات المسيحية في مدن بغداد ونينوى ودهوك وكركوك وأربيل، وإلى الأقليات الأخرى مثل طوائف الأيزيدية والشبك في نينوى والصابئة في بغداد.

الحزب الإسلامي يحمّل الهاشمي مسؤولية الإجحاف بحق أهالي نينوى

وحمّل عضو مجلس محافظة نينوى عن «الحزب الإسلامي» يحيى محجوب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي مسؤولية الإجحاف الكبير الذي لحق بأهالي نينوى جراء تقليص عدد مقاعدهم في البرلمان العراقي، لافتاً الى ارتفاع الدعوات الى مقاطعة الانتخابات في الموصل.

وقال محجوب في تصريح الى «الحياة»: نرفض رفضاً قاطعاً التعديل الأخير الذي أجري على قانون الانتخابات كونه مجحفاً بحق اهالي نينوى، بالإضافة الى كونه غير دستوري لأنه يخالف بنود الدستور والنسبة التي حددتها للتمثيل في البرلمان.

وأضاف محجوب، التعديل الأخير سلب نحو ثمن مقاعد محافظة نينوى في البرلمان. موضحاً «كنا نستحق أن يكون لنا 33 مقعداً، اذ ان احصائات مديرية تموين نينوى التابعة لوزارة التجارة لشهر تشرين الأول (اكتوبر) تشير الى أن عدد سكان المحافظة يبلغ ثلاثة ملايين ومئتين واثنين وستين الفاً وثلاثمئة وستة وخمسين نسمة». وتابع ان «التحالف الكردستاني استثمر قرار النقض لتعديل القانون كله بينما كان النقض محصوراً اساساً بالمادة الأولى من القانون».

وزاد «أحمل نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ورئاسة الجمهورية مسؤولية ما حصل، وأدعوهم الى اتخاذ موقف مشرف بإعادة الحق الى محافظة نينوى». وتابع «هناك اتصالات مكثفة مع رئاسة البرلمان العراقي وجهات عليا بخصوص هذا الأمر».

وأضاف محجوب «تلقينا طلبات من مواطنين وشيوخ عشائر ووجهاء بمقاطعة الانتخابات في محافظة نينوى ما لم تعدل نسبة مقاعد المحافظة في البرلمان» محذراً من ان «تأجيج الوضع في نينوى قد يؤدي الى نتائج خطيرة».

ومن الجدير بالذكر ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق كانت قد اعلنت في الحادي عشر من الشهر الجاري عن توزيع المقاعد الانتخابية حسب العدد الذي اقره البرلمان على محافظات البلاد وبالاعتماد على عدد سكان كل منها . ومنح التوزيع الاولي للمقاعد محافظة بغداد (68) مقعدا ونينوى (31) والبصرة (24 ) وذي قار(18 ) وبابل (16)والسليمانية (15 ) والانبار (14 ) واربيل (14 ) وديالى (13) وكركوك (12) وصلاح الدين (12) والنجف (12 ) وواسط (11 ) والقادسية (11 ) وميسان (10) ودهوك (9) وكربلاء (10)والمثنى (7) مقاعد فقط.

بدوره اعلن رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي بهاء الأعرجي، إن مجلس النواب الذي صوت أولاً لقبول النقض الذي تقدم به نائب الرئيس العراقي الهاشمي قد صوت لصالح أحد الخيارين المقدمين أمام البرلمان، وقد جاءت الغالبية لصالح الخيار المقدم من قبل التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي وائتلاف دولة القانون.

واضاف الاعرجي في مؤتمر صحفي أن الخيار الفائز ينص على ضرورة أن يتألف مجلس النواب من عدد من المقاعد بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة، وفق إحصاء عام 2005، على أن تضاف لها نسبة النمو السكاني بمعدل 2.8 في المائة سنويا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/كانون الاول/2009 - 13/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م