العراق... من ارض محروقة الى ارض الفرص والاستثمار

انتعاش اقتصادي واجتماعي مستمر رغم بعض المحاذير الأمنية

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: دون أدنى شك إن الاستقرار الأمني الذي يشهده العراق اثر بشكل مباشر على استعادة السكان في مختلف المدن الشعور بالطمأنينة والاستقرار بعد سنوات من افتقادهما.

حيث ترصد حاليا في جميع أنحاء العراق العديد من الممارسات الشعبية والاجتماعية للمدنيين الدالة على استعادتهم لنمط الحياة الطبيعية خلال هذه الفترة، فيما عمد البعض الى ابتكار طرق جديدة لإضفاء المرح والمتعة وشغل أوقات الفراغ.

وفي دلالة واضحة على تنامي الوضع الاقتصادي شهد العراق مؤخرا وفود آلاف الأيادي العاملة من الدول الأسيوية والأفريقية بشكل غير مسبوق.

التزلج في نهر دجلة

لم تمنع أعمال العنف واختلاط الصرف الصحي بمياه نهر دجلة مجموعة من الشبان العراقيين الأثرياء من قضاء وقت فراغهم في التزلج على صفحة النهر.

ولم يعبأ هؤلاء الشبان بتقارير عن القاء كل شيء في مياه النهر من المخلفات الكيماوية الى الجثث فتراهم في سترات النجاة يمخرون عباب المياه الموحلة والمارة على الضفاف ينظرون اليهم في فضول. وتنطلق في الماء بين الحين والاخر ايضا زوارق سريعة أو زلاجات مائية.

ويقول سعد حقي "ننتظر بفارغ الصبر عطلة نهاية الاسبوع لنمارس هوايتنا. انها هواية لطيفة.. ليست جديدة على العالم لكن ربما تكون جديدة على العراق. انها تجتذب كثيرا من الشباب."

وشجع تراجع الهجمات التي أطلقها من عقالها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 العراقيين على العودة الى ولعهم بالرياضة. ولمن يستطيعون تحمل تكاليف التزلج أصبحت هذه الهواية مهربا من العنف والجراح التي خلفتها اراقة الدماء الطائفية. بحسب رويترز.

وفي المساء يتزلج الشبان وتبدو وراءهم شمس الغروب يحفها النخيل الباسق الممتد على ضفتي النهر في مشهد يذكر بالافلام الرومانسية أكثر مما ينتمي الى الغسق في مدينة لا تزال من بين أكثر بلدان العالم خطرا.

ويبدو كثير من العراقيين تواقين الى المشاركة في ممارسة رياضة التزلج. وقالت امرأة ترتدي نظارة شمسية باطار مذهب ذكرت ان اسمها فادية "اظن انني سأبيع سيارتي لشراء دراجة التزلج لممارسة هذه الهواية.

"الواقع الذي نعيشه مختلف بنسبة 100 في المئة عن روح هذا المكان لكن ماذا يمكننا أن نفعل.. يأتي الناس الى هذا المكان ليبتعدوا عن جو التفجيرات."

ويقول ممارسو التزلج انهم بدأوا ممارسة هذه الرياضة عام 2004 لكنهم توقفوا سريعا عندما اندلع العنف الطائفي في اعقاب الغزو ومنعت القوات الامريكية والعراقية أي نشاط ترفيهي في دجلة.

وتواصلت عمليات الخطف واطلاق الرصاص على نحو متفرق في بغداد لكن ممارسي التزلج عادوا بعد تراجع وتيرة التفجيرات.

ويقول خالد النعيمي الذي يقود مجموعة المتزلجين انهم يمتنعون الان عن ممارسة هوايتهم لمدة ثلاثة أيام حدادا بعد كل تفجير كبير في المدينة. ويتساءل "كيف نستمتع ونمارس هوايتنا واشقاؤنا يموتون في تفجيرات.."

حفلات زفاف فخمة

كما شهد العراق عددا متزايدا من حفلات الزفاف الفخمة خلال أكثر أعياد الفطر بهجة وسلاما منذ سنوات إذ تغلب رواد الحفلات على المخاوف الامنية وواصلوا الرقص حتى وقت متأخر من الليل.

وقالت وزارة السياحة والاثار العراقية ان نحو 630 عرسا أقيمت في ستة من أفخم الفنادق في بغداد خلال عيد الفطر وهو ما يساوي اجمالي عدد الذين تزوجوا خلال شهري يوليو تموز واغسطس اب تقريبا.

وكان شهر رمضان هذا العام هو الاهدأ في العراق منذ أن أغرق الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 البلاد في أكثر من ست سنوات من الاعمال المسلحة والدموية. بحسب رويترز.

وكانت حفلات الزفاف في أيام أعمال العنف الطائفية تتم في جو قاتم حيث عاش الناس في خوف من المفجرين الانتحاريين والمتطرفين الاسلاميين الذين يعتقدون بحرمة الموسيقى التي عادة ما تصاحب مواكب الزفاف.

ولم يكن بمقدور الوزارة ان تعطي ارقاما دقيقة لعدد حفلات الزفاف في السنوات السابقة ولكن متحدثا باسمها قال ان حفلات الزفاف شهدت طفرة كبيرة بدءا من هذا الربيع. وقال عبد الزهرة الطالقاني ان العراقيين يستغلون فرصة الاجازات والوضع الامني الجيد.

وليس ازدهار حفلات الزفاف سوى أحد عناصر احتفالات العيد التي اتسمت ببهجة غير معتادة هذا العام مع ازدحام المرور بسبب زيارة المواطنين لاصدقائهم وأقربائهم وازدحام المتنزهات المحلية والمطاعم بمئات الالاف من الناس يأكلون ويرقصون.

مثل تلك الاحتفالات كانت مستحيلة في فترة ذروة العنف الطائفي في عامي 2006 و2007 عندما كانت الميليشيات والجماعات المسلحة تسيطر على معظم انحاء بغداد ولم يكن المواطنون المذعورون يخرجون من منازلهم الا نادرا.

انحسرت اسوأ موجة من الاعمال الدموية ولكن لا يزال العنف مستمرا في مناطق تختلط فيها الانتماءات العرقية والدينية. ولقي نحو 100 شخص حتفهم في انفجار شاحنتين ملغومتين الشهر الماضي في بغداد.

ويشعر العراقيون حتى وهم يعيشون احساسا وليدا بالامن بالقلق بشأن المستقبل. فالعراق متوجه الى انتخابات وطنية تشهد تنافسا شديدا في يناير كانون الثاني في حين من المقرر أن توقف القوات الامريكية العمليات القتالية بحلول صيف العام القادم.

وفي احدى حفلات الزفاف الاسبوع الماضي انتظر علي محمد (31 عاما) عروسه بالقرب من سيارة حديثة أنيقة مزدانة بالزهور على أنغام فرقة تعزف الموسيقى العراقية التقليدية. وقال محمد "الحمد لله أنني استطعت اقامة حفل الزفاف في العيد. كل شيء يبدو طبيعيا."

ورفع محمد ذيل ثوب عروسه الابيض وساعدها على ركوب السيارة في موكب من السيارات والحافلات طاف شوارع بغداد لمدة ساعة انطلقت خلالها الابواق.

وقال الطالقاني ان الكثير من حفلات الزفاف الاخرى اقيمت في الفنادق الاقل تكلفة في المدينة. وأضاف ان الناس يخرجون ويقومون بمثل تلك الاشياء عندما يشعرون بالامان.

تزايد الاقبال على سباق الخيل

في السياق ذاته يعتبر العديد من العراقيين سباقات الخيل وسيلة طيبة للتسلية وسط مصاعب الحياة في بغداد.

ورغم حرارة طقس الصيف تتدفق حشود من العراقيين ثلاث مرات أسبوعيا على نادي الفروسية في غرب بغداد المعقل السابق للمتمردين السنة في المدينة لقضاء بضع ساعات في متابعة سباقات الخيل والمراهنة على الجياد رغم أن المقامرة محرمة في الاسلام.

ورغم الفروق الطبقية يساوى الفرح بالفوز والاحباط من الخسارة في نهاية كل سباق بين الاغنياء والفقراء الذين يجمع بينهم الحب للخيل.

وفي مكتب المراهنات بالنادي تتبادل الايدي رزما من أوراق النقد لا تنم بأي حال على اليأس الذي ألم بالغالبية العظمى من العراقيين في أعقاب الحرب. وتبدأ مبالغ المراهنات من 500 دينار أي نصف دولار وقد تصل في كثير من الاحيان الى 500 ألف دينار.

وقال عراقي من هواة سباقات الخيل يدعى خليل الربيعي "تربية الخيل تربية صعبة ومكلفة في الوقت الحاضر.. ومسلية. والخيل ما في أجمل منها. والخيل جميلة.. ركوبها وسباقاتها وتسليتها." بحسب رويترز.

ويشكو بعض العراقيين الذين يترددون على مضامير السباق بصفة منتظمة من أن وكلاء المراهنات يدفعون رشا للفرسان مقابل التلاعب بنتائج السباقات. لكن العديد من المراهنين لا يبالون كثيرا بتزوير النتائج ويقولون ان المراهنة على الخيل تجري في دمائهم.

وأنشيء نادي الفروسية في بغداد عام 1920 وكان مضماره في الاصل يقع في حي المنصور الراقي. لكنه نقل عام 1995 الى موقعه الحالي بغرب المدينة عندما قرر الرئيس العراقي السابق صدام حسين بناء أكبر مسجد في العالم في الموقع السابق للنادي.

وكان نادي الفروسية مملوكا لعدي ابن صدام. وتعرض النادي للنهب في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 للاطاحة بصدام واختفت بعض خيول السباق التي كان يملكها عدي.

ثم تدخل أحد رجال الاعمال الاثرياء لانقاذ النادي فأنفق على اصلاحه وترميمه. وأعيد فتح النادي في يونيو حزيران عام 2006.

وفي الطابق الثاني بمكتب الادارة يتجمع مديرو النادي لمتابعة السباقات مستعينين بنظارات مقربة.

وقال محمد محمود خليل الذي يملك عددا من خيول السباق الاصيلة "اقبال الناس أكبر من كل أماكن بغداد. والمتواجدون الآن داخل السباق بالالاف . الناس تدخل السباق للترفيه." وأكد أن سباقات الخيل تجمع بين العراقيين من كل أنحاء البلاد وتساهم في التسرية والترفيه عنهم.

وقال إن نادي الفروسية يحتاج الى مساعدة مالية من الحكومة حتى لا يضطر الى اغلاق أبوابه مشيرا الى أن كل حصان يحتاج الى ما بين 250 ألف و300 ألف دينار (200 الى 250 دولار) شهريا.

عودة الحياة من جديد لحديقة حيوان

من جهة أخرى وبعد أكثر من ست سنوات من الغزو الامريكي للعراق الذي خلف حديقة الحيوان الرئيسية في العراق أرضا خرابا تضم حيوانات جوعى وأقفاصا مهجورة تشهد الحديقة الواقعة في وسط بغداد حاليا تجديدا نشطا وهي بحاجة للنمو.

وكانت قلة من العراقيين تغامر بزيارة حديقة الحيوان في بغداد أثناء أعمال العنف التي ظهرت بعد الغزو عام 2003. لكن التفجيرات تراجعت وكذلك انحسر اطلاق النار وعادت الاسر لزيارة الحديقة بأعداد كبيرة جعلت المسؤولين يرغبون الان في توسيع الحديقة حتى تسع كل الناس.

وجلبت الحديقة حيوانات جديدة بدلا من المئات التي هربت أو سرقت أو نفقت اما عطشا أو جوعا أو قتلت برصاص القوات الامريكية. وقال صلاح أبو الليل مدير قسم المشاتل والبستنة في أمانة بغداد ان الحديقة تضم الان 1070 حيوانا.

وأضاف أن الحديقة ستستقبل في الايام المقبلة فيلا وزرافة وأنهما سيستكملان مجموعة الحيوانات الموجودة في الحديقة.

ويزدحم متنزه الزوراء حيث توجد حديقة الحيوان بالاسر في أيام الجمعة. وكانت الحديقة هي أكبر حديقة حيوان في الشرق الاوسط في يوم من الايام.

وكان التراجع الكبير في أعمال العنف بشكل عام في العراق على مدى الشهور الثمانية عشرة المنصرمة وانسحاب القوات الامريكية من المدن في يونيو حزيران قد أعاد الحياة اليومية للعديد من العراقيين الى طبيعتها بشكل مؤقت لكن هجمات المتمردين بما في ذلك التفجيرات الانتحارية الكبيرة التي يقتل فيها العشرات لا تزال شائعة.

وقالت باسمة عباس وهي معلمة زارت الحديقة مع أبنائها "عندما تحسن الامن بدأنا نعيش حياتنا الطبيعية مجددا بعد مرحلة مظلمة من العنف. نريد أن نعيش حياتنا الطبيعية مثل باقي الناس في العالم." بحسب رويترز.

وتحرس متنزه الزوراء وحدات من الشرطة الخاصة مكلفة بحراسة المنشآت الحكومية. ويخضع زوار الحديقة الى تفتيش للتأكد من عدم حيازتهم لاسلحة بينما تفتش سلات التنزه والاكياس بحثا عن متفجرات. وتغلق كل الطرق المؤدية الى الحديقة أثناء العطلات. وأقنعت الاجراءات الامنية الناس بأن الحديقة آمنة.

وزار نحو 200 ألف شخص الحديقة عام 2005 أثناء عطلة العيد. وقال أبو الليل ان ثلاثة ملايين عراقي من كل أنحاء البلاد زاروا الحديقة التي تصل مساحتها الى 400 فدان خلال العيد في بداية أكتوبر تشرين الاول.

وأضاف أنه يتوقع زيادة عدد زوار الحديقة بحلول نهاية العام الحالي الى ثمانية ملايين شخص من كل المدن العراقية. ولا يمكن التحقق من هذه الارقام.

ويدفع زوار الحديقة رسوما رمزية تعادل نحو 40 سنتا أمريكيا. وتأوي الحديقة الاسود والنمور والقرود والنعام وتعيش في أقفاص جديدة ويبدو أن الحيوانات تحصل على غذاء جيد. وينقل قطار صغير الزوار في أنحاء الحديقة.

ودفع تنامي شعبية حديقة الحيوان والمتنزه المسؤولين الى تقديم طلب للحكومة العراقية باعادة 350 فدانا من الارض ابتلعتها المنطقة الخضراء التي تضم مكاتب الحكومة والسفارات وكانت تسيطر عليها القوات الامريكية.

وكان هذا القسم من المتنزه يشمل مسرحا ودار عرض سينمائي ومتحفا للطائرات ويقع وراء قوس النصر في بغداد حيث كانت تقام العروض العسكرية لقوات الجيش أثناء حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وقال أبو الليل ان القسم يجب أن يعاد ليستفيد منه الناس.

ارض الفرص

على صعيد متصل وفي ميدان التدريب الخاص بشركة "ووترتايت" الامنية في العاصمة الاوغندية كمبالا، تؤدي مجموعة من الرجال والنساء تمرين للرماية بالذخيرة الحية بينما تستمع مجموعة اخرى الى محاضرة في ظل شجرة قريبة.

دأبت هذه الشركة منذ تأسيسها عام 2007 على ايفاد الحرس الامنيين الى العراق، الوجهة التي قصدها اكثر من عشرة آلاف اوغنديا منذ الاحتلال الامريكي عام 2003.

فموسيس ماتسيكو على سبيل المثال عمل في العراق لاكثر من ثلاث سنوات قبل عودته الى بلاده اوغندا وتأسيسه شركة "ووترتايت".

وقال ماتسيكو في حديث لبي بي سي: "بما ان اختصاصنا هو الامن، فنحن نبدأ عملية التوظيف في شركتنا باجراء تحر امني دقيق عن كل المتقدمين بالتعاون مع الشرطة الدولية الانتربول."

ومضى مدير الشركة الاوغندي للقول: "بعد ذلك، يخضع المتقدمون الى فحص طبي لكي نتأكد من ان الذين نرسلهم الى العراق يتمتعون بوضع صحي جيد، ثم نخضعهم لبرنامج تدريب يشمل استخدام الاسلحة والاسعاف الاولي." واكد ماتسيكو بأن عدد المتقدمين لاشغال كل وظيفة شاغرة يتجاوز الالف.

فسيث كاتيريما مويسيجييه، الذي يعمل مدربا لدى شركة "ووترتايت"، يقول إن الاموال التي تقاضاها جراء عمله في بلاد الرافدين جعلته رجلا ثريا بالمعايير الاوغندية.

يقول مويسيجييه: "كنت طالبا في جامعة ماكيريري، ولكن لم اكن املك لدى سفري الى العراق قطعة ارض. ولكن بعد عودتي تمكنت من شراء قطعة ارض وعدد من الماشية. كل تلك الاموال جاءت من العراق."

ويؤكد ماسيكو بأن العراق يمثل فرصة للاسترباح بالنسبة للشركات الامنية ومجنديها الاوغنديين.

الا انه يضيف بأن على شركته الآن البحث عن السبل الكفيلة بالتغلب على المنافسة التي تزداد حدة من الشركات الاخرى، والبحث ايضا عن فرص جديدة في بلدان جديدة، إذ يقول: "دخلت عدة شركات جديدة هذا المعترك مؤخرا، وهي مستعدة لتعيين الحرس لقاء اجور تقل كثيرا عن الـ 700 او الالف دولار التي يتقاضاها منتسبونا. فالكينيون على سبيل المثال يتقاضون 400 دولارا شهريا فقط لقاء عملهم في العراق."

ويقول: "كل الاعين تتجه الآن الى افغانستان. نحن نأمل بالفوز بفرص عمل كثيرة هناك حال فتح السوق الافغانية لنشاطنا." ولكن الصورة ليست وردية بالكامل.

فبالاضافة الى مخاطر العمل في العراق، نشر الاعلام الاوغندي مؤخرا تقارير تحدثت عن شكاوى العمال الاوغنديين العاملين في العراق حول رواتبهم وظروف عملهم، وعن رغبة بعضهم بالعودة الى اوغندا.

من جانبه، اعترف وزير العمل والشؤون الاجتماعية الاوغندي جبرائيل اوبيو بأن بعض الشركات الامنية لا تعامل منتسبيها بشكل نزيه، إذ يقول: "عليها (اي الشركات) التقيد بالتعليمات التي وعدت بالالتزام بها عندما حصلت على اجازاتها، والا سنسحب هذه الاجازات. نحن نعكف الآن على تطوير سياسات توظيفية جديدة تتضمن حدا ادنى للاجور."

من الواضح ان الذين يقررون العمل لحساب شركات امنية كـ"ووترتايت" انما يحاولون الهرب من الفقر والبطالة التي يعانون منها في اوغندا نحو مستقبل افضل رغم المخاطر المحيقة بذلك.

عمليات الخطف

من جانب آخر التقط منتظر (10 أعوام) المحب لكرة القدم كرته ومشى متوجها الى بيت جده. وفي الطريق استدرجه خاطفون وقتلوه وصبوا حامضا كاويا على جثته في محاولة لاخفاء معالم جريمتهم. واحتال اللصوص على اسرته التي لم تكن تعلم بعد بمقتله وحصلوا على 25 ألف دولار.

وقال يوسف الموسوي والد منتظر "استطعت ان اجمع المبلغ ودفعته لهم. قالوا لي انهم سيطلقون سراحه غدا لكنهم لم يفعلوا."

ومع خروج العراق من المذبحة الطائفية التى اندلعت بعد الاجتياح الامريكي للعراق عام 2003 زادت فيما يبدو جرائم العنف من السطو على البنوك والهجوم على المنازل وعمليات الخطف.

وسلطت الاضواء على الجريمة المنظمة مع تراجع هجمات المسلحين والمتمردين وعادة ما ترتبط الفصائل المسلحة بعلاقات غامضة مع المجرمين لكنها تكون في بعض الاحيان قوية.

لكن يصعب الحصول على ارقام معتمدة لحالات الخطف في وطن مازال مخربا بسبب التفجيرات اليومية. وتبعا لما يردده المواطنون فان حالات الخطف خصوصا للاطفال يبدو انها زادت.

وقال كمال أمين هاشم وهو مدير عام بوزارة حقوق الانسان "بما ان اكثر حالات الخطف تحدث لاطفال ونساء.. كثير من المواطنين لا يبلغون الاجهزة الامنية لسببين.. الاول هو خوف على حياة المخطوف...والسبب الثاني هو عدم وجود ثقة بقوات الامن."

كانت والدة منتظر تجلس في غرفة المعيشة بمنزلها متشحة بالسواد من رأسها الى أخمص قدميها وتبكي بصوت منخفض وهي تحمل صور أبنها. واحدة من الصور لجسده المحروق بالحامض. وقالت وفاء جاسم "ما الذي فعله ليستحق ذلك.. لكي يعذب بهذا الشكل.. لقد كان طفلا بريئا". بحسب رويترز.

نتيجة لذلك الحادث المأسوي اصبح اهل الحي يحرصون على اصطحاب اولادهم الى اي مكان يذهبون إليه.

وذكرت قوات الشرطة في الحي ان الجرائم قبل سنوات قليلة كانت معظمها طائفية لكنها الان مختلفة.

وقال احد ضباط الشرطة الذي طلب عدم نشر اسمه لانه غير مخول بالحديث مع وسائل الاعلام "عندما استقر الوضع الامني أزدادت الجرائم العادية...هذه الجرائم أزدادت بانتعاش العمل التجاري". لكن خاطفي أحمد احسان (19 عاما) عاملوه معاملة حسنة.

كانوا يطعمونه الطعام العراقي العادي وبعد ان دفع والده 20 الف دولار أطلقوا سراحه. وقال أحمد "أنا اشكر الله انني خرجت من هذا الموضوع وقد تعلمت دروسا كثيرة من أخطائي." .

وأفسحت الفوضى التي تبعت سقوط الرئيس الراحل صدام حسين قبل أكثر من ست سنوات المجال امام عناصر من النظام السابق ودفعت المجرمين لاقتحام مجال العمل في الخطف.

وقال المتحدث باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم الموسوي انه لا توجد زيادة في حالات الخطف لكنها اضحت ملحوظة اكثر بسبب انخفاض الانفجارات واطلاق النار والهجمات الاخرى. وصرح بأن قوات الامن تحبط سبع من اصل عشر حالات خطف.

تناقضت معلوماته مع المفهوم العام بأن الخاطفين يعملون مع فرص لابأس بها للافلات من العقوبة. فقد فاقمت البطالة وسهولة الحصول على السلاح من ارتفاع جرائم العنف للعصابات الاجرامية.

فيما باتت مهنة خطف الأطفال مزدهرة في مدينة كركوك الغنية مع تكرار حالات الخطف التي وقع آخرها في الأول من أكتوبر، مع اختطاف ابن زعيم عشائري كردي بينما كان في طريقه الى المدرسة وسط المدينة.

وقال الشيخ عثمان عبد الكريم آغا (55 عاما) زعيم عشيرة زنكنة الكردية أن "الحادث وقع عند السابعة و40 دقيقة (03,40 تغ) صباح يوم 26 أكتوبر الماضي، عندما كان ولدي محمد (14 عاما) في طريقه الى مدرسته الثانوية وقام مسلحون باختطافه أمام زملائه".

وأضاف "بعد 36 ساعة، تسلمت شريط فديوا يظهر ابني مقيدا ومعصوب العينين وهو يبكي جراء تعرضه للضرب، الأمر الذي أخافني كثيرا".

وبعد احد عشر يوما ودفع فدية قدرها أربعون ألف دولار، أفرج الخاطفون عن محمد في شارع مزدحم وسط المدينة التي يسكنها نحو 575 ألف نسمة.

ويقول معاون قائد شرطة محافظة كركوك (شمال شرق بغداد)، العميد تورهان يوسف انه "منذ سبتمبر، تصاعدت عمليات اختطاف الأطفال، وحسب علمنا وقعت على الأقل عشر حالات اختطاف".

وأضاف "تم تحرير اثنين من المختطفين من قبلنا، وتم تحرير طفل بعد دفع فدية، وأربعة آخرين بعد مفاوضات مع عائلاتهم، إضافة الى أربعة بينهم فتاتان، ما زالوا محتجزين".

وأشار يوسف الى إن حوادث الخطف يتعرض لها أبناء العائلات الغنية أثناء ذهابهم الى المدرسة.

وأكد أن "العديد من العائلات تخشى الإبلاغ عن اختطاف أبنائها خوفا من الخاطفين أو ربما لأنهم لا يثقون بقدراتنا أو لاعتبارات اجتماعية عندما يتعلق الأمر بفتيات".

وأعلنت الشرطة تحرير اثنين من الطلاب التركمان (14 عاما)، اختطفتهم عصابة في 20 أكتوبر، بعدما نقلهم سائق الى مدرسة تركية وسط المدينة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/تشرين الثاني/2009 - 28/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م