القاعدة في العراق: قناع بعثي خارجي بعناصر محليّة

القاعدة تزداد قوة بتغذية النزاعات والصراعات

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: قال قائد القوات الامريكية في العراق ان تنظيم القاعدة في العراق أصبح يضمّ عراقيين أكثر بينما تقلّ هيمنة الأجانب عليه، حيث تنضمُّ الجماعة المسلحة على نحو متزايد الى حزب البعث المحظور الذي كان يقوده الدكتاتور صدام حسين.

من جهة ثانية يرى محللون أن قتل 13 عراقياً بإسلوب الإعدام غربي بغداد مؤخراً يثير المخاوف من أن تنظيم القاعدة في العراق يستغل الفجوات على الأرض بين انسحاب القوات الأمريكية وعدم قدرة القوات العراقية على ضبط الأمن بمفردها.

وفي غضون ذلك، أدّت سلسلة من التفجيرات الضخمة في شمال العراق الى اطلاق اتهامات حادة وتبادلاً لّلوم بين العرب والاكراد، مما صعد النزاعات بشأن الاراضي والنفط، الامر الذي صبَّ في مصلحة تنظيم القاعدة الذي عاد الى الظهور في هذه المناطق.

وقال الجنرال راي اوديرنو، ان التحقيقات في التفجيرات الانتحارية الهائلة التي وقعت في بغداد في 25 اكتوبر تشرين الاول والتي قتل فيها أكثر من 150 شخصا أشارت الى ان المتفجرات أو المقاتلين قدموا من سوريا.

وتعزِّز تعليقات القائد الامريكي الاتهامات التي أطلقتها حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بان القاعدة والبعثيين السابقين يعملون سويا لتقويض الأمن الذي تحسن والانتخابات المتوقع ان تجري في يناير كانون الثاني.واتهمت حكومة المالكي سوريا المجاورة أيضا بمنح ملاذ آمن للبعثيين الذين يخططون لهجمات في العراق.

وقال اوديرنو للصحفيين في القاعدة العسكرية الامريكية الرئيسية في بغداد " القاعدة في العراق حدث بها تحول ملموس خلال العامين الأخيرين. والقاعدة التي كان يهيمن عليها أفراد أجانب أصبحت الآن يهيمن عليها أكثر وأكثر مواطنون عراقيون."بحسب رويترز.

واضاف "مازال هناك عنصر أجنبي صغير بالقاعدة. هناك البعض ممن كانوا من الرافضين السنة أو البعثين السابقين يشاركون في هذا لانهم بالطبع لايريدون ان تنجح الحكومة."

حادثة أبو غريب واستغلال القاعدة الفجوات بين القوات الأمنية

ورأت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن قتل 13 عراقياً بإسلوب الإعدام غربي بغداد يثير المخاوف من أن تنظيم القاعدة في العراق يستغل الفجوات على الأرض بين انسحاب القوات الأمريكية وعدم قدرة القوات العراقية على ضبط الأمن بمفردها.

وكانت القوات العراقية قالت إن 13 شخصا من عشيرة واحدة قتلوا في (15/11/2009) بيدِ مجموعة مسلحة تنكرت بزي جنود عراقيين في منطقة أبو غريب بضواحي بغداد.

ونقلت الصحفية عن متحدث باسم الحزب الإسلامي العراقي قوله لوكالة اسوشيتدبرس، إن مسؤولا في الحزب من بين الضحايا.

وحدث الهجوم في منطقة تسعى القاعدة لإعادة تجميع قواها فيها بالتزامن مع إعادت القوات الأمريكية توزيع مواقع قواتها القليلة في على أراض واسعة بموجب الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية وما تفرضه من انسحاب أمريكي، بحسب ما ذكر مسؤولون أمريكيون مطلعون على الأمر تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.

وقال خبراء أمنيون إن تنظيم القاعدة في الوقت الذي ضعف فيه، يبدو أنه “ينتفع من الفراغات بين القوات الأمنية الفعالة”.

وقال رئيس مركز الأمن الأمريكي الجديد في واشنطن جون ناغل، إن المسلحين “يستغلون فرصا تكتيكية فيما نحن نرتب شؤوننا”، مضيفا أن العراقيين “كانوا قد طلبوا الانسحاب الأمريكي وتولي مسؤولية الأمن ولا يزالون يطورون قدراتهم ليقوموا بذلك أمام عدو ذكي جدا ووحشي”، بحسب ما نقلته الصحيفة.

وقالت الصحيفة إن منطقة أبو غريب غربي العاصمة “تشكل جزءا من حزام بغداد الحاسم في حماية العاصمة من هجمات المسلحين”، مبينة أن تنظيم القاعدة “كان مزدهرا في محافظة الأنبار التي تقع إلى الغرب من أبو غريب حتى انقلب حلفاؤها السابقون عليها في حركة أطلق عليها الصحوة التي تحالفت مع الولايات المتحدة.

وذكرت الصحيفة أن المنطقة التي حدث فيها هجوم (الأحد) “تقع بين مجال مسؤولية وحدتين أمريكيتين وصلتا حديثا ويعتقد أن هذه المنطقة نقطة عبور للقاعدة وكذلك موقع خلية صنع قنابل.

وتابعت “منذ تولي العراقيين المسؤولية التامة عن أمنهم في وقت مبكر من العام الحالي والقوات الأمريكية تقدم المشورة والمساعدة للقوات العراقية التي تتولى مسؤولية الأمن على الأرض.

وأعرب ناغل، الذي ساعد في صياغة إستراتيجية مكافحة التمرد بوصفه ضابطا في الجيش الأمريكي، عن اعتقاده أن القاعدة “لم تعد تهديدا إستراتيجيا كما كانت قبل سنوات إلا أنها لا تزال قادرة على إيقاع أضرار كبيرة.

ورأى ناغل أن هذا الهجوم “يعني بالنسبة لي أن هناك عملا يجب انجازه وأن قوات الأمن العراقية ما تزال تحتاج إلى مساعدتنا لاسيما في المجال الاستخباري، مضيفا “وكانت هناك رغبة عراقية في أن يمضوا لوحدهم وهذا مفهوم إلا أنهم لا يملكون القدرات التقنية التي يحتاجونها للظفر بهذه الحرب لوحدهم”، بحسب ما نقلت الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرمادي، حيث فرضت السلطات العراقية قيودا مشددة على طلبات الحصول على مساعدة من القوات الأمريكية “جددت خلية تابعة للقاعدة نشاطها كما يقول مسؤولون أمريكيون وفجرت الشهر الماضي جسرا على الطريق الرئيسي بين الأردن وسورية.

وقالت الصحيفة إن الجنرال ري اوديرنو، المسؤول عن القوات الأمريكية في العراق، قال إن “أحدى أولويات الولايات المتحدة فيما تخفض من قواتها ستكون منع المتمردين من العودة من الفتحات بين قوات الأمن المختلفة في المناطق المتنازع عليها.

القاعدة تزداد قوة بتغذية النزاع بين العرب والاكراد

وأدت سلسلة من التفجيرات الضخمة في شمال العراق الى اطلاق اتهامات حادة وتبادلا للوم بين العرب والاكراد مما صعد النزاعات بشأن الاراضي والنفط مما صب في مصلحة تنظيم القاعدة الذي عاد الى الظهور.

وقتلت تفجيرات الشاحنات الملغومة والهجمات الانتحارية العشرات من الاشخاص واحدثت دمارا هائلا في شمال العراق في الشهر الحالي بالقرب من مدينة الموصل المضطربة التي تقع قرب الاراضي المتنازع عليها بين الاغلبية العربية والاقلية الكردية في العراق.

وقال خسرو جوران السياسي الكردي البارز في الموصل ان جماعة الحدباء السنية العربية التي فازت بالسيطرة على المجلس المحلي في العام الحالي تتحمل اللائمة في "تحريض" القوميين العرب والجماعات المسلحة مثل القاعدة على مهاجمة الاكراد. وقال انهم يسهلون طرق الوصول للانتحاريين.

وفازت الحدباء بعد حملة انتخابية معادية للاكراد في وقت سابق من العام الحالي. ويرفض قادتها اتهامات الاكراد.

واتهمت الحكومة الاقليمية الكردية التي تحكم الاقليم شبه المستقل في شمال العراق المسؤولين العرب في الموصل بمحاولة تطهير المنطقة عرقيا من الاكراد.

ويتهم محافظ نينوى وعاصمتها الموصل بدوره جنود البشمركة الاكراد بارتكاب مخالفات امنية. وتنتشر البشمركة قرب حدود الاقليم الكردي بما في ذلك المنطقة المحيطة بالموصل.

وقال المحافظ اثيل النجيفي وهو سني عربي ان هناك قوات من البشمركة في هذه المنطقة منذ وقت طويل. وأضاف ان التفجيرات توفر لمقاتلي البشمركة الشرعية اللازمة للبقاء لحماية اراضي الاكراد وحدها مشيرا الى انهم غير مهتمين بما يحدث في نينوى.

وتبدو حدود الاقليم الكردي مع باقي العراق غير واضحة نتيجة للنزاعات المتداخلة بشأن الاراضي والنفط بين العراقيين العرب الذين تقودهم حكومة شيعية وبين الاكراد. ويعتبر الاكراد بعض المناطق في شمال العراق وطنا لهم منذ القدم ويريدون ضمها الى الاقليم.

ويخشى العرب والتركمان في هذه المناطق من الهيمنة الكردية. وادت التوترات الى احتدام المواقف بين البشمركة وقوات الامن العراقية وصلت الى حافة المواجهة.

وسمح غياب الثقة والنقص في التنسيق الامني بين الجانبين بجانب التضاريس الجبلية النائية في شمال العراق للقاعدة والمتشددين الاخرين بتصعيد نشاطهم حيث تستطيع مثل هذه الجماعات ان تختبئ بين الهجمات.

وربما أتاح انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية في نهاية يونيو حزيران للقاعدة مجالا لالتقاط الانفاس.

القاعدة تستخدم تقنيات تفخيخ مُتقنة يصعب اكتشافها

وقام عدد من عناصر تنظيم القاعدة في احدى المناطق الزراعية النائية خارج بغداد بتفخيخ السيارات باسلوب من الصعب اكتشافه نظرا لحرفيته العالية.

وقال اللواء عبد الكريم ماهر الشويلي قائد الفرقة السادسة في الجيش ان "هذه الحافلة لو تم تفخيخها وتفجيرها في احدى المناطق المزدحمة في بغداد لكانت اوقعت اضرارا بشرية ومادية بالغة".

واضاف الضابط مزهوّاً بينما كان محاطاً بجنوده أمام باحة المنزل ان "التفخيخ اعد بشكل ذكي ومدروس وفق اساليب تنظيم القاعدة وتم اعدادها بشكل لا يمكن اكتشافه". وقد عثرت قوة من الجيش على المكان من خلال معلومات استخباراتية مؤكدة اثناء عمليات بحث في هذه المناطق التي كانت من معاقل القاعدة في العراق.

ففي احد مزارع قضاء ابو غريب (20 كلم غرب بغداد)، اتخذ التنظيم من منزل احدى العائلات المهجرة بسبب اعمال العنف الطائفي مصنعا للتفخيخ يطلقون منه قنابل الموت الموقوتة لايقاع اكبر عدد ممكن من الضحايا. بحسب فرانس برس.

ويقع المنزل في منطقة زراعية وسط اعداد محدودة من المنازل المتناثرة، فيما عثر على الحافلة التي كانت قيد التفخيخ في الباحة وعدة الحدادة والمتفجرات متناثرة حولها.

وقام العاملون في التفخيخ بتفريغ مقاعد الركاب في الحافلة وعمدوا الى ترك امكنة مجوفة تحتها باسلوب حداد سيارات محترف يجلب صفائح جديدة لتغطية الامكنة المجوفة بعد حشوها بالمتفجرات التي قال خبير بانها تزن طنين ونصف. بالاضافة الى ذلك، صنع المفخخون خزان وقود سعته 300 لتر، لكنه يتسع لخمسين لترا فقط لان الجزء الاخر صمم لحشوه بالمتفجرات.

واكد الشويلي ان الورشة التي تحتوي على مولدات كهرباء ومعدات للتلحيم ومقصات بحالة جيدة جدا صنع سيارة واحدة لكن قوات الامن اكتشفتها قبل تفجيرها في احدى مناطق ابو غريب.

واضاف ان "الارهابيين بعد ان فقدوا مناطقهم في بغداد عمدوا الى استخدام المناطق الزراعية البعيدة لتفخيخ سياراتهم". والى جانب السيارات المفخخة، عثرت القوة كذلك على براميل مدفونة في الباحة الخلفية للمنزل تحوي عبوات لاصقة مصنعة محليا تنفجر عندما تتحرك السيارة او لدى تعرضها لتيار هوائي.

واعتقلت القوة التي لم تعثر على احد داخل المنزل اثناء عملية الدهم اربعة اشخاص ثلاثة منهم مشتبه بهم واخر مطلوب للقضاء منذ ثلاثة اعوام. وعثر داخل المنزل على مواد معدة للطبخ مما يوحي بان المفخخين غادروا المنزل قبل فترة وجيزة من وصول القوات.

وكشف الشويلي عن العثور على 12 حزاما ناسفا في منطقة ابو غريب في عمليات متفرقة منذ حوالى الشهر، كما اكد مقتل اثنين من الانتحاريين اثناء اقترابهم من حاجز امني قبل عدة ايام.

نظرة على ملاجئ التعذيب لتنظيم القاعدة في العراق

تلفح الريح الساخنة في الصحراء الواقعة غربي العراق كل شيء حي، بل وحتى بقايا هياكل عظمية وجماجم بشرية لم يعرف سبب موت أصحابها، وما إذا كان عطشاً أم قتلاً.

وفي وسط ما كان يعرف بأنه موقع لتنظيم القاعدة لتنفيذ أحكام الإعدام، خارج ملجأ استخدمه التنظيم لتعذيب وقتل الضحايا، تركت الجثث لتتعفن أو لتأكلها الحيوانات الجائعة والمفترسة. ومن خلف شاحنة تابعة للشرطة، يظهر مدخل أحد هذه الملاجئ المعقدة والتي يصعب تمييزها.

يقول أحد رجال الشرطة المرافقين للزميلة "أروى دمون" في تقريرها حول هذه الملاجئ في الصحراء العراقية، أمام مدخل الملجأ: "جاءت القاعدة بوصفها قوة هائلة.. لقد استولت على سياراتنا.. سياراتنا الخاصة، واختطفوا اثنين من أشقائي.. وفجروا منزلنا هناك."

ومن بعيد يمكننا رؤية ملامح قريته التي أشار إليها.. مجموعة من المنازل التي تكتسي بلون رمال الصحراء.. وبمحاذاتها مزارع لأبناء القرية.

وفيما نقترب من القرية.. تطارد مجموعة من الأطفال شاحنتنا ثم يتوقفون بجانبها.. يقول الشرطي وهو يشير إلى منازلهم "لقد قتل آباؤهم على أيدي عناصر القاعدة."

في العام 2007، شنت القوات الأمريكية سلسلة هجمات صاروخية على المنطقة.. وأسفرت عن خروج التنظيم من المنطقة. وتبدو الفجوات والحفر التي خلفها القصف الأمريكي واضحة في المنطقة.

وكان تنظيم القاعدة قد استخدم الخنادق كممرات، فيما استخدم الملاجئ في إجراء محاكمات سريعة وقصيرة وتنفيذ أحكام الإعدام بحق المعارضين والمناوئين له. بحسب سي ان ان.

وكشف لنا رجال الشرطة عن ملابس وأحذية، قائلين إنهم تركوها في مكانها في حال أرادت عائلات وأسر الضحايا العودة. وفي الأثناء، كانت رائحة التعفن وتحلل الجثث تفوح في الأجواء.

لقد تحولت القاعدة إلى الحالة الدفاعية في السنوات الأخيرة، غير أن هذا لم يحل دون تنفيذها لهجمات أو أن ينسب الهجمات إليها، مثل الهجوم الدامي الأخير، الذي أودى بحياة نحو 100 شخص، وجرح 500 آخرين، والتي استهدفت وزارتي الخارجية والمالية في العاصمة بغداد.

على أن الحملات العسكرية المتواصلة التي استهدفت تنظيم القاعدة في العراق أدت إلى تشتت عناصره وتغيير هيكليته واستراتيجيته.

ووفقاً لرجل كان على علاقة وثيقة بالتنظيم، وطلب عدم الكشف عن هويته، فقد التنظيم الدعم لأنه فقد حماية السكان له.

وأوضح قائلاً: "ثمة قول مأثور بشأن أسس الحروب 'إن من يكسب الناس يكسب الحرب'، ولذلك فعندما لم تكسب القاعدة دعم الناس، فإنها خسرت معاركها.. إن استراتيجية القاعدة بالاستيلاء على المناطق لم تعد قائمة الآن.. وأصبحت أساليبهم دعائية.. ونشر الذعر بين الناس وإرهابهم."وأضاف أن القاعدة توقفت عن استقطاب عناصر جديدة خلال الشهور الستة الأخيرة بسبب النقص في التمويل.

وقال: "تتحرك القاعدة باتجاه اختيار قوات نخبة ومختزلة بدلاً من العدد الكبير.. لقد تمكن الأمريكيون من الانتصار على القاعدة تقريباً، وذلك عن طريق محاصرتها في جيوب، ومن ثم استئصالها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 22/تشرين الثاني/2009 - 24/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م