المسؤول الطماطة في العراق

محمد الوادي

يتداول في العراق مثل شعبي جنوبي يقال فيه للشخص " انك مثل الطماطة " بمعنى انه يحشر نفسه في كل شي او يصلح لكل شيء مثل الطماطة التي لاتخلو اي مائدة طعام منها " شخصيا " او من مكوناتها " العشائرية " التي ترجع الى نفس النسب مثل معجون الطماطة.!!

 ويبدو ان الواجهات السياسية في عراق اليوم استفادت كثيرا من الصفات " الطماطية " هذه، لذلك لو دققنا في اخر قائمة كارثية من 60 سفير تم الاتفاق المشين عليهم وتعينهم سترى انهم جميعا دون استثناء من اقرباء وعشائر وعوائل المسؤولين في العراق، بل المفارقة الاكبر ان اكثر من 90% من هولاء هو من خارج العراق وجنسياتهم أجنبية وكأن البلد بكل طاقاته وامكانياته العلمية والمهنية المميزة أصابه العقم وانحسر دوره بمجموعات واسماء معينة.

ولم تنتهي مسالة اقتباس سمات الطماطة عند هذا الحد بل أمتدت الى اسماء وشخصيات ومناصب معروفة في العراق فما ان يتم أقالة احدهم من منصب رفيع من قبل مجلس الوزراء حتى يدخل بعد ايام الى قاعة البرلمان وهو يضع يديه في جيوبه ليردد القسم كونه عضو برلمان جديد وبدعم من قائمة سياسية اخرى نافذه وبسكوت الشياطين من كل القوائم الاخرى.!!

ونفس الشيء ينطبق على اسماء معروفة وفي مناصب خطيرة في عراق اليوم واستباقا لنتائج الانتخابات القادمة والتغيرات المتوقعة تم تعين هولاء " الطماطة " ضمن قوائم سفراء الاحزاب والعشائر الاخيرة، ومن باب الملاطفات الطماطية فان عمل هولاء كسفراء في السفارات المعنية سيبدأ عند نهاية المدة الدستورية لفترة البرلمان ومجلس الوزراء ومجلس الرئاسة الحالية !! والقائمة والامثلة كبيرة وكثيرة ومتشعبة الى حد التناقض التام ضمن هذه الخلطة " المعجونية " المضحكة حد الاستهزاء التام.

 فأخجلوا.. ولو قليلا من هذا السلوك " الصنمي " الذي يضعكم في خانة الصنم الساقط الذي اختزل كل العراق بمحافظات معينة وعشائر معينة وعوائل معينة وبحزب بائس. أخجلوا واستفادوا من النتائج الكارثية التي وصل لها الصنم وستضيق الارض بكم في يوم ليس ببعيد وستتحسرون حتى على تلك الحفرة الصنمية الحقيرة.

 فالعراق ليس أرث عائلي ولا عشائري ولاحتى حزبي لاي شخص او اي جهة مهما كانت نافذة، ولااعرف كيف ممكن ان يتصور شخص او اي جهة معينة انها تسيطر على العراق بهذه الطرق " البدائية والغرائزية التي لاتنتمي الى الجنس البشري والانساني" فالعراقيين الاكارم هم أهل ثورة وانقلاب وفي اي لحظة وحتى دون مقدمات لانهم شعب حي وليس من الشعوب الخاملة المترهلة لذلك سعة مزبالهم التاريخية كبيرة جدا ولم يسلم منها اي حاكم جائراو متخلف او غرائزي او طائفي حكم العراق.

وعطفا على مثل الطماطة فان في العراق وفي عقد الثمانينات كان الشباب في الجامعات يتداولون بينهم مثل " شبابي " يقول " لاتلح ملح " بمعنى لاتستمر بتكرار الحاحك على تصرف وسلوك معين لانه اصبح ممل ومستفز وايضا تم ربطه بطريقة ذكية بملح الطعام لخطورة استنفاذ او استخدام كميات كبيرة من ملح الطعام في الاكل، لانه يسبب ارتفاع ضغط الدم وبالتالي الانفجار الكبير الذي لايحمد عقباه. لذلك فان امهاتنا العراقيات الكريمات لم يصبهن العقم حتى يتم اختزال كل العراق بوجوه مكررة و مملة حد الجزع التام ويتم تداولهم من منصب رفيع الى اخر والعراق بلد الخيرات والامكانيات والكفاءات العلمية والمهنية الكبيرة اما ان يكون كل ذنب هذه الكفاءات انها لاتنتمي الى عوائل وعشائر المسؤولين او الى بؤر حزبية معينة فتلك الكارثة بعينها لان البلاد والدول لاتبنى بهذه الطرق البدائية الغرائزية بل بان يكون الشخص المناسب في المكان المناسب اما مكان الطماطة والمعجون فهو المطبخ وليس غيره وليس ادارات ومجالس الحكم ووزارات وسفارات الدولة.

 اما مسالة اللعب بالطماطة والملح فهي لاتقل خطورة عن اللعب بالنار والبنزين. انها فقط مسالة وقت ليوم يسجل فيه السبق العالمي في العراق يوم الركل الجماعي وبطرق دستورية وقانونية وان غدا لناظره قريب.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 14/تشرين الثاني/2009 - 16/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م