العراق وأمريكا وآفاق تحوّل العلاقة من الأمن الى الاقتصاد

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: أزاحت موافقة البرلمان العراقي على قانون الانتخابات المعدَّل عقبة كؤوداً محتملة لالتزام الجيش الامريكي بالجدول الزمني لسحب كافة قواته القتالية بحلول سبتمبر أيلول 2010. لكن ما من أحد في بغداد أو واشنطن يحتفل بهذه الموافقة بعد، فقد حدّتْ من احساسهم بالراحة حقيقة أنه في العراق لا يوجد أبداً شيء محدد كما يبدو، في ظل حالات التدهور الامني المتصاعدة مع قرب موعد الانتخابات التشريعية.

وفي غضون ذلك رأى سفيران امريكيان سابقان لدى العراق، ان على الامريكيين الاستعداد للبقاء مدة طويلة في العراق ان اقتضى نجاح الجهود الدبلوماسية والعسكرية ذلك لتحقيق الاستقرار في العراق..

من جانب آخر قالت صحيفة بوستن غلوب الامريكية ان الحكومة العراقية مسؤولة عن تصحيح الأخطاء الأمنية وليس الولايات المتحدة، داعية الرئيس الأميركي إلى الالتزام بسحب قوات بلاده من العراق. مبيّنة ان التفجيرات التي اودت بحياة المئات من المدنيين ببغداد مثلت خللاً امنياً مقلقا من جانب حكومة المالكي ـ لكنه خلل على المالكي، وليس على الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة.

ومع ذلك فقد أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق بدأت تأخذ نهجاً جديداً، يركز على التعاون الاقتصادي بين البلدين، معتبراً أنها تجاوزت القضايا الأمنية والسياسية، وانتقلت إلى القضايا الاقتصادية والتجارية.

الانسحاب الامريكي يسير وفق الجدول الزمني

وقد يتأثر الجدول الزمني للانسحاب الامريكي بأي تأجيل في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة في أعقاب الانتخابات المقررة في 21 يناير كانون الثاني.

فبعد آخر انتخابات عامة شهدها العراق في ديسمبر كانون الاول 2005 استغرق الامر من القادة العراقيين شهورا لاختيار الحكومة الجديدة. وبينما كانت الاحزاب السياسية تناور للحصول على مناصب تمكن متشددو القاعدة من الاستفادة من فراغ السلطة لشن هجمات فجرت موجة من العنف الطائفي.

ومع مثول هذا التاريخ في الاذهان فان امام قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال راي أوديرنو 60 يوما بعد اجراء الانتخابات للتوصية بشأن كيفية انسحاب القوات.

وتتنافس في الانتخابات عدة تحالفات سياسية ومن غير المتوقع أن يفوز أي منها بالاغلبية المطلوبة لاختيار رئيس الوزراء. ويقول محللون سياسيون ان هذا يعني أن تشكيل حكومة جديدة قد يتطلب شهورا.

وقال حسين الفلوجي النائب السني المستقل ان العراق يضطلع بمهمة سياسية معقدة وصعبة للغاية وان تأجيل اعلان الحكومة الجديدة في ظل هذه الظروف المعقدة أمر وارد تماما.

وفي شهادة أمام لجنة للكونجرس الامريكي في سبتمبر ايلول قال أوديرنو ان الجيش الامريكي راعى المرونة في خطط الانسحاب وعلى استعداد للانتظار لفترة قد تطول شهورا. وأضاف "نتوقع ان يستغرق تشكيل الحكومة الجديدة من يناير الى يونيو أو نحو ذلك ..ربما يوليو."بحسب رويترز.

كروكر ونيغروبونتي يلمحان الى وجود امريكي طويل الأمد

من جانب آخر رأى سفيران امريكيان سابقان لدى العراق، ان على الامريكيين الاستعداد للبقاء مدة طويلة في العراق ان اقتضى نجاح الجهود الديبلوماسية والعسكرية ذلك لتحقيق الاستقرار في البلد، حسب ما نقلت صحيفة هيوستن كرونيكل Houston Chronicle.

وقال السفيران رايان كروكر وجون نيغروبونتي، في جلسة نقاشية عقدت بمعهد جيمس بيكر، ان امام الولايات المتحدة في العراق “طريق وعر ومتعرج”.

وقال كروكر ان “حكاية العراق بعد العام 2003، لا زالت في فصلها الاول،” مضيفا “ومن المحتمل ان امامنا 37 فصلا، فهذا كتاب طويل جدا”.

من جهته، نيغروبونتي الى انه عندما غادر العراق في اذار مارس 2005، ارسل تقرير نهاية مهمته الى الرئيس الامريكي ووزارة الخارجية، رأى فيه ان “من المحتمل ان يتطلب الوضع في العراق خمس سنوات اخرى ليستقر، ولم يكن احد في واشنطن يريد ان يسمع خمس سنوات متوقعة اخرى”، حسب ما قال نيغروبونتي.

وقال “اذا كان لنا كأمة ان نقرر المشاركة في هكذا صراعات، لعل علينا ان نفهم انها تأخذ وقتا اطول وموارد اكثر مما توقعنا في البداية.”

وكان نيغروبونتي نائبا لوزير الخارجية الامريكية في ادارة جورج دبليو بوش. وخدم كأول سفير لدى العراق في مرحلة ما بعد صدام، واول مدير للمخابرات في ادارة بوش.

فيما خدم كروكر كسفير لدى العراق من العام 2007 الى شباط من العام 2009، وكان قبلها سفيرا في باكستان، وسوريا، والكويت، ولبنان. وتقاعد بعد 37 عاما في السلك الديبلوماسي.

واسهم كروكر في التفاوض على الاتفاقية الامنية الامريكية العراقية، التي تدعو الى سحب القوات القتالية الامريكية من العراق نهاية العام 2011، الا انه حذر من سحب سريع لفرق اعادة الاعمار المدنية.

وقال كروكر “انا قلق قليلا من توارد افكار تقول، حسنا، حجم القوات ينخفض الان، وعلينا العودة الى استجابة مدنية اعتيادية، لممارسة علاقة ثنائية طبيعية،” مضيفا “قد نصل يوما ما الى هذه المرحلة… لكن هذا ليس هو الحال الان.”

وقال كروكر انه يعدّ تقديرات نيغروبونتي عن خمس سنوات من العام 2005 لبلوغ الاستقرار في العراق “مدة قصيرة”، ورأى ان “هذه العمليات تاخذ وقتا طويلا ولا يمكن لاية جملة من الافكار الجيدة المتولدة في واشنطن ان ترسل ببريد شركة فدكس السريع الى العراق لتوضع هناك في قالب وتُشغّل”.

وتقول الصحيفة ان كروكر “قال في تعليق على الهجمات الارهابية الاخيرة في العراق، انه يبدو ان الاهداف تحولت من استهداف الجمهور طائفيا الى استهداف رموز الحكومة.

صحيفة أمريكية: على الحكومة العراقية تصويب الأخطاء الأمنية

ورأت صحيفة بوستن غلوب الامريكية ان الحكومة العراقية مسؤولة عن تصحيح الأخطاء الأمنية وليس الولايات المتحدة، داعية الرئيس الأميركي إلى الالتزام بسحب قوات بلاده من العراق.

وقالت ان التفجيرات التي اودت بحياة المئات من المدنيين في الاسبوع الماضي ببغداد مثلت خللا امنيا مقلقا من جانب حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ـ لكنه خلل على المالكي، وليس على الولايات المتحدة، تصحيحه.

ورأت الصحيفة ان التعامل مع الأعمال الإرهابية خطوة حيوية بالنسبة للحكومة العراقية. ومهما كان الطابع الماساوي للتفجيرات، الا انها لا ينبغي ان تصرف الرئيس اوباما عن الاستمرار بجدول سحب القوات القتالية الأمريكية بنهاية اب أغسطس المقبل. فخلال الايام التي تلت المجزرة الأخيرة، كما تواصل الصحيفة، بذلت بعض الفصائل العراقية السياسية جهدا مشجعا لحل ما تبقى من المسائل الخلافية الخاصة بانتخابات كانون الثاني يناير البرلمانية.

وأشارت الصحيفة الى ان تنظيم القاعدة اعلن عن مسؤوليته عن “ضرب اوكار الكفر” على احد المواقع الإسلامية على الانترنت، شاتمة شيعة العراق بوصفهم “عبيد ايران.” وترى الصحيفة ان القاعدة تنفذ هذه الافعال الإرهابية لأنها أصبحت معزولة وعجزت عن فعل شيء آخر غير هذا. فلا شك انها تسعى بضربها وزارات عراقية لاهانة حكومة المالكي، وإثارة الانتقامات الطائفية، وتعطيل الانتخابات القادمة.

الا ان التفجيرات الأخيرة، كما تجد الصحيفة، حثت الزعماء السياسيين والدينيين العراقيين على تحقيق تسويات من شانها تمكين إجراء الانتخابات في موعدها. فالعراقيون ينأون بقوة، كما تقول، عن العداوات الطائفية التي تسعى القاعدة لإشعالها. وهم الآن يشكلون تحالفات تحت خيمة واسعة على اساس مفاهيم متنوعة عن الحكومة والوطنية.

الجنود الامريكيون مستعدون لحزم الحقائب بعد الانتخابات العراقية

وقد بدأ الجنود الامريكيون في العراق جمع متعلقات بينها أدوات للرقص ولحوم معلبة فاسدة عمرها ست سنوات وشاحنة جديدة تماما لم تستخدم بينما يستعد الجيش للانسحاب من البلاد.

وبينما ميزت مأساة الغارات الجوية والاشتباكات التي بثتها القنوات التلفزيونية على الهواء الغزو الامريكي للعراق عام 2003 فان حزم الامتعة للعودة الى الوطن هو عملية أكثر رتابة واثارة للضجر بالنسبة لاخر مجموعة من الجنود تغادر البلاد. بحسب رويترز.

ويجب حصر أكثر من ثلاثة ملايين قطعة من المعدات العسكرية المنتشرة في شتى انحاء العراق وتبلغ قيمتها 36.4 مليار دولار قبل انسحاب القوات الامريكية المقرر عام 2011.

وقالت جوين ساندرز السارجنت بسلاح المدفعية في مركز نقل عسكري أمريكي بالكويت وهي بسبيل العودة للعراق لاعداد فهرس بالمعدات "لا أصدق كمية القطع عديمة الفائدة التي جمعت.

"لم ينتبه احد حقا لتلك المسؤولية حتى وقت الانسحاب. الكثير من الجنود يتساءلون (لماذا علي أن أنظف المكان خلف الجميع لمجرد أنني اخر المغادرين؟)"

وتراجعت وتيرة العنف في العراق بشكل كبير منذ أحداث العنف الطائفي الاسوأ التي سببها الغزو الامريكي وكبر حجم الجيش العراقي وازدادت ثقته كما يحرص قادة البلاد على تأكيد سيادة العراق واستقلاله.

ولكن الكثير يتوقف على نتيجة انتخابات عامة ستجرى في يناير كانون الثاني في تطور مهم لديمقراطية العراق الهشة وكذلك على قدرة العراق على حماية نفسه مع انسحاب القوات الامريكية.

خلاف امريكي امريكي حول مدى التدخل في قرارات العراقيين

وأُثير لغط في الشهر الماضي في اوساط امريكية عن وجود خلاف بين السفير الامريكي لدى العراق كريستوفر هل وقائد القوات الامريكية الجنرال ري اوديرنو، الا ان السفير نفى ذلك، حسب ما ذكرت صحيفة السياسة الخارجية الامريكية.

لكن الصحيفة كشفت عن وجود نزاع حقيقي بشان طبيعة السياسة التي ينبغي اتباعها مع البرلمان العراقي والحكومة العراقية، حسب ما قالت مصادر دبلوماسية وعسكرية في بغداد. اذ كشفت بان هناك خلاف متزايد بين الرجلين على الدور الامريكي المناسب في بغداد، لا سيما في ما يخص حجم ثقل اليد الامريكية الذي ينبغي ممارسته للتأثير في قرارات الحكومة العراقية التي يقودها رئيس الوزراء نوري المالكي.

وترى المصادر ان الصدام يكمن في الثقافة المؤسساتية في كلا المنظمتين، واختلاف نظرتهما الى مصالح الولايات المتحدة وأولوياتها خلال هذا الوقت الحرج في انسحاب الوجود الامريكي في العراق.

يقول احد المسؤولين للصحيفة ان “وزارة الخارجية لديها احترام للسيادة والعلاقات المؤسساتية، فيما وزارة الدفاع اكثر نشاطا وتضع ايديها ببراعة في مجالات كثيرة. وموقفهم هو ان اذا كان هناك مشكلا فعليك ان تفعل ما بامكانك لحلها”.

والنزاع الحالي بين المعسكرين يتمركز حول كيف ينبغي ان تتدخل الولايات المتحدة في سياسة تحالف المالكي الحكومي قبيل انتخابات كانون الثاني/ يناير، وهو حدث يحمل ملامح ارتباك تعاملات الشرق الاوسط، بعد فشل البرلمان العراقي مرة اخرى لتمرير قانون حاسم من شانه ان يحكم التصويت. والحكومة الامريكية اوقفت كامل استراتيجية اعادة انتشارها على قانون الانتخابات، حسب ما قال مسؤول يعمل على الشان العراقي في واشنطن، محذرا من انه اذا تباطأت هذه العملية سيترتب عليها تباطؤ في انسحاب القوات الامريكية.

وكان المالكي قد جمع تحالفا عريضا لدخول الانتخابات المقبلة. لكن تقارير تقول ان مجلس النواب قد ينحي اعضاء من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات او يسحب تصويته على سحب الثقة على طلب من رئيس الوزراء ـ وهذه الخطوة هي التي يريد مسؤولون عسكريون احباطها.

وبسبب من ان وزارة الخارجية تمنح الاولوية العليا لعقد انتخابات كانون الثاني/ يناير في الوقت المحدد بوصفها تمهيدا لتنفيذ جدول انسحاب الرئيس اوباما، فأنها تفضل مقاربة اقل تغلغلا في الحكومة العراقية، ويقال ان البيت الابيض يوافق على ذلك.

يقول مصدر عسكري رفيع المستوى في المنطقة للصحيفة ان “الخارجية تعتقد ان التدخل في قرارات مجلس النواب امر محفوف بالمخاطر، لكن في الوقت نفسه لا يقل خطورة لو قرر مجلس النواب تنحية مسؤولي المفوضية في وقت قريب من الانتخابات،” واعتقد المسؤول ان قلق الخارجية من تاجيل تاريخ الانتخابات امر مبالغ فيه.

علاقة أمريكا والعراق تتجاوز قضايا الأمن لحساب الاقتصاد

من جانبه أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق بدأت تأخذ نهجاً جديداً، يركز على التعاون الاقتصادي بين البلدين، معتبراً أنها تجاوزت القضايا الأمنية والسياسية، وانتقلت إلى القضايا الاقتصادية والتجارية.

وقال أوباما، في تصريحات للصحفيين بعد قليل من لقائه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في البيت الأبيض الثلاثاء، إن "الأمر الجيد في هذه الزيارة أنها تمثل تحولاً في علاقاتنا الثنائية، فقد بدأنا نتجاوز الأمور الأمنية، ونتحدث عن قضايا أخرى مثل الاقتصاد والتجارة."

ويقوم رئيس الحكومة العراقية بزيارة لواشنطن حالياً، لحضور مؤتمر الاستثمار والأعمال، الذي تستضيفه واشنطن هذا الأسبوع، ويستمر لمدة يومين، بمشاركة رجال أعمال من العراق والولايات المتحدة، كما يلتقي المالكي خلال الزيارة عدداً من المسؤولين بالإدارة الأمريكية. بحسب سي ان ان.

كما أشاد أوباما بما أسماه "التقدم المستمر" في العراق، وقدم التهنئة للمالكي على "التقدم الذي شهده العراق على صعيد ترسيخ الالتزام بالعملية الديمقراطية"، مشيراً إلى أنهما بحثا أيضاً أهمية تمرير قانون الانتخابات الجديد، حتى يمكن إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد.

المالكي يدعو الى شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد دعا، الى شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية، حاثا الشركات الامريكية على الاستثمار في بلاده، واصفا المؤتمر العراقي ـ الامريكي للاستثمار في واشنطن بانه “محطة غاية في الاهمية لتطوير الشراكة مع الولايات المتحدة”.

وقال المالكي خلال افتتاح المؤتمر العراقي ـ الامريكي للاستثمار “في زيارتي الاولى للولايات المتحدة قبل ثلاثة اعوام كان الحديث السائد هو عن العنف في العراق والصراع الطائفي وكانت الصورة قاتمة ومؤلمة الى حد يأس البعض من استمرار العراق موحدا، واليوم طوينا تلك الصفحة السوداء واصبح العراقيون يستطيعون التنقل بين كافة محافظات العراق وبامكان رجال الاعمال العمل بحرية باية منطقة يريدونها”.

وأشار الى ان “القضاء على الحرب الطائفية وتنظيم القاعدة والعصابات الاجرامية تحقق بفضل وحدة العراقيين وتطور الامن ومساعدة القوات المتعددة الجنسيات”.

ويعقد المؤتمر العراقي الامريكي للاستثمار في واشنطن، الذي يستمر ليومين، بحضور مئات رجال الاعمال والمستثمرين الذين غصت بهم قاعة المؤتمر، حيث حجزت كل المقاعد المخصصة لرجال الاعمال وممثلي الشركات مسبقا والتي قاربت الألف مقعد، ولم يتمكن العشرات من رجال الاعمال والمستثمرين من حضور المؤتمر بسبب عدم وجود مقاعد شاغرة، وهو ما يعكس بحسب مراقبين اهمية المؤتمر واهتمام رجال الاعمال الامريكيين بالاستثمار في العراق بما يمكن ان يلعبه من دور مستقبلا.

وأضاف المالكي “ندرك ضرورة ان يسير الأمن والاقتصاد معا، فلايمكن الحديث عن استقرار امني دون ازدهار اقتصادي،  كما لايمكن تصور تقدم اقتصادي دون استقرار امني”، لافتا الى ان الاجهزة الامنية أثبتت نجاحها بعد انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية في حزيران يونيو الماضي، واصفا ذلك  بأنه “نقطة تحول جديدة في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة”.

وتابع “ملف الأمن كان على رأس اولويات الحكومة في الفترة الماضية، لكن في ذات الوقت كان لدينا اصرار على تطوير الاقتصاد ودعم القطاع الخاص لاعادة بناء البلد”، مبديا حرص الحكومة على “اتخاذ كل الخطوات الضرورية للاصلاح الاقتصادي والانتقال المدروس والتدريجي من الاقتصاد المركزي الى الاقتصاد الحر”.

واوضح المالكي ان السياسات الاقتصادية للحكومة نجحت في “تحقيق ارتفاع بدخل الفرد العراقي من الناتج المحلي من 1800 دولار عام 2006 الى 4000 دولار في 2009، فضلا عن استمرار النمو الذي سجل وفق تقديرات صندوق النقد الدولي سبعة بالمائة في 2009 رغم تباطؤ معدلات النمو العالمي، الى جانب تراجع معدلات التضخم من 53% في 2006 الى 7.6% في 2008 والذي انعكس على تراجع في نسب البطالة، فضلا عن ضبط الانفاق الحكومي”.

وأشار المالكي ، في كلمته امام المؤتمر، ان “قانون الاستثمار العراقي بتعديلاته التي اقرت قبل اسبوع في البرلمان، يساعد في فتح الباب واسعا امام المستثمرين بما يساهم في تطوير الاقتصاد وتوفير فرص عمل كبيرة للمواطنين”.

واستطرد “يقدم القانون حوافز جيدة واعفاءات ضريبية مغرية لمدة 10 سنوات مع وضع مساحات كبيرة من ارض العراق للاستثمار، ويضمن حرية انتقال الاموال والارباح من العراق ويعطي للمستثمرين الحق في توظيف العمالة الاجنبية وعدم مصادرة او تاميم المشروع الاستثماري، ويسمح للمستثمر الاجنبي بتملك الاراضي لاغراض مشاريع الاسكان”.

وشدد على ان “الاستثمارات في العراق مضمونة ومحمية بثلاثة مظلات هي قانون الاستثمار رقم 13 لعام  2006 واتفاقية الوكالة الدولية لضمان الاستثمار (ميكا) التي وقع عليها العراق في 2007 والاتفاقيات الثنائية لضمان وحماية وتشجيع الاستثمارات.

الدباغ: علاقة العراق مع الولايات المتحدة انتقلت الى عصر جديد

من جهته قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، إن علاقات العراق مع الولايات المتحدة انتقلت الى “عصر جديد”،  مشيرا الى ان لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي مع الرئيس الامريكي باراك اوباما في واشنطن كان على “اهمية عالية”.

وأوضح الدباغ لتلفزيون العراقية شبه الحكومي إن رئيس الوزراء نوري المالكي اجتمع  بالرئيس الامريكي باراك اوباما في واشنطن، اليوم الثلاثاء، “لأكثر من ساعة وكان اللقاء على اهمية عالية، وقد تم الحديث عن الوضع الامني باشارة عابرة وسريعة مع الالتزام بمواعيد الانسحاب”، مشيرا إلى أن ” علاقات العراق مع الولايات المتحدة انتقلت الى عصر جديد ومرحلة جديدة، إذ أن الاهتمام كان منصبا على شراكة استراتيجية وعلى البعد الثاني للعلاقة الغير العسكرية مع الولايات المتحدة، علاقة شراكة اقتصادية”.

وأضاف الدباغ  أن اوباما والمالكي تطرقا في اجتماعهما إلى “موضوع الانتخابات من حيث شفافيتها وحياديتها والالتزام بموعدها ، واهتمام الولايات المتحدة بأن يقرر العراقيين هم بانفسهم من دون اي تدخل من دول المنطقة بمسار الانتخابات”، لافتا إلى أن الاجتماع اكد على أن “تكون الانتخابات وطنية تخلو من البعد الطائفي الذي حاول البعض تسويقه من دول المنطقة وجعل مسار الانتخابات حسب الاجندة الموجودة في تلك الدول.

رايس بالعراق لأول مرة لبحث إنهاء عقوبات الفصل السابع

وتزامنا مع هذه الاحداث وصلت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، إلى بغداد، في أول زيارة لها للعراق، بهدف بحث كيفية إنهاء العقوبات الدولية المفروضة على الدولة العربية منذ عام 1990، كما قامت بزيارة عدد من مواقع التفجيرات التي شهدتها العاصمة العراقية مؤخراً.

وفور وصولها إلى بغداد التقت السفيرة الأمريكية مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كما التقت مع وزير الخارجية هوشيار زيباري، بمقر وزارة الخارجية الذي كان تعرض للدمار جزئياً، نتيجة التفجير الذي استهدف الوزارة في 19 أغسطس/ آب الماضي.

وفي أعقاب لقائها مع المالكي، أصدر مكتب رئيس الحكومة بياناً أشار فيه إلى أن المباحثات تركزت على مناقشة الوسائل الكفيلة بإنهاء العقوبات، التي فرضها مجلس الأمن الدولي على العراق، في عهد نظام صدام حسين، إثر غزو الكويت عام 1990.

بلاكووتر اشترت ذمم مسؤولين عراقيين مقابل السكوت

وفي تقرير مثير، أباحَ مدراء كبار في شركة بلاكووتر الامنية الخاصة اعطاء رشى تبلغ حوالي مليون دولار الى مسؤولين عراقيين بهدف السكوت عن انتقادها وشراء دعمهم بعد حادثة ايلول/ سبتمبر 2007، التي قتل فيها حراس من الشركة 17 مدنيا عراقيا في بغداد، حسب ما كشف مسؤولون سابقون في الشركة لصحيفة نيو يورك تايمز The New York Times.

ووافقت بلاكووتر على دفع الاموال في كانون الاول/ ديسمبر 2007، كما قال المسؤولون، فيما كانت الاحتجاجات على اطلاق النار في ساحة النسور تلهب الغضب في العراق على الممارسات الطائشة لموظفي الشركة الامنية. وقد توصل محققون اميركيون وعراقيون الى ان اطلاق النار لا مبرر له، ودعا مسؤولون عراقيون كبار الى طرد بلاكووتر من البلد، وخشي مسؤولوها من رفض منحها اجازة العمل في العراق التي تعد مطلوبة لتجديد عقودها مع وزارة الخارجية وزبائن خاصين، التي تحقق لها مئات الملايين من الدولارات سنويا.

وقال اربعة مدراء تنفيذيون سابقون في لقاءات اجرتها الصحيفة معهم ان غراي جاكسن، الذين كان في وقتها رئيس بلاكووتر، قد ايد اعطاء رشى، وكانت الاموال ترسل من عمان، في الاردن، التي تستخدمها الشركة كمحور عمليات، الى مدير رفيع المستوى في العراق. ومع ذلك قال المسؤولون السابقون انهم لا يعرفون ما اذا اعطيت الاموال فعلا الى مسؤولين عراقيين ام لا، كما انهم لا يعرفون هويات الذين يفترض انهم يتقلون تلك الاموال.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين السابقين ان استراتيجية الشركة  في شراء ذمم مسؤولين حكوميين، وهو امر غير شرعي بموجب القانون الاميركي، قد احدثت شرخا عميقا في داخل اوساط الشركة. وقالوا ان كوفر بلاك، الذين كان حينها نائب مدير الشركة وكان مسؤولا كبير في (سي اي أي) ووزارة الخارجية، قد علم عن الخطة من مدير اخر في بلاكووتر حينما كان في بغداد بمهمة مناقشة تعويضات عائلات ضحايا اطلاق النار مع مسؤولين في السفارة الاميركية.

وبعد علمه بدفع اموال سرية، قطع بلاك محادثاته وغادر العراق. وحالما وصل الى الولايات المتحدة، واجه ارك برنس، رئيس الشركة ومؤسسها، الذي لم يجادله في ان ذلك الامر كان خطة رشى، طبقا لمدير تنفيذي سابق في بلاكووتر مطلع على اللقاء. ثم قدم بلاك استقالته في العام اللاحق.

من جهتها رفضت ستايسي دولوك المتحدثة باسم شركة بلاكووتر، التي يطلق عليها حاليا زي للخدمات، هذه الاتهامات قائلة ان “لا اساس لها” من الصحة وبان الشركة لا تعلق على ما يقوله مستخدمون سابقون. وقالت الصحيفة انها اتصلت هاتفيا بالسيد بلاك وارسلت له رسائل الكترونية الا انه لم يرد عليها.

واتصلت الصحيفة بالسيد جاكسن، الذي استقال من منصبه كرئيس للشركة في وقت مبكر من العام الجاري، فانتقد نيويورك تايمز وقال لا يهمني ما تكتبونه. واشارت الصحيفة الى ان المدراء التنفيذيين الاربعة في بلاكووتر، الذين شغلوا مناصب رفيعة المستوى في الشركة، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/تشرين الثاني/2009 - 15/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م