بناء المجتمع المعافى وتنظيم العلاقة بين الانثى والذكر

 

شبكة النبأ: يتفق العارفون بأن البناء المجتمعي لا يتحقق بيد واحد، بمعنى ان الجهود الفكرية والعملية مجتمعة هي التي يمكن ان تبني المجتمعى الناجح كما أن الأمر لا ينحصر بجهد الرجل بعيدا عن جهد المرأة او العكس، بيد أن هناك نظرة قد تذهب الى عزل المرأة عن النشاط المجتمعي بسبب الوضع البايلوجي والنفسي الذي تتمتع به خلافا للرجل المعروف بخشونته وقدرته على التعامل مع الاعمال التي تتطلب جهدا عضليا او فكريا معا او احدهما.

وربما يمكننا أن نستقرئ أدوارا عدة يمكن ان تتوزع على شرائح المجتمع لينهض كلٌ بدوره المطلوب على افضل وجه بما يصب في تحقيق الاهداف المرجوة .

وسوف نتفق على ان القطبين الاكثر اهمية في التشكيل الاجتماعي هما الرجل والمرأة، فكلاهما يكاد يشكل نسبة تصل الى النصف في الغالب في تكوين المجتمع، مع اختلاف الادوار بين كل منهما، بمعنى ينبغي أن يكون هذان الطرفان في حالة تعاون دائم من اجل البناء، وإنّ تلكؤ احدهما او غياب دوره بصورة تامة او بنسبة عالية، يعني زيادة الاعباء على الطرف الآخر.

وربما تكون هذه الحالة قد أفرزت نوعا من الصراع بين الاثنين، أو نوعا من نزعة التسلط أحدهما على الآخر، ولأن الرجل يتمتع بقدرات جسمية تفوق قدرات المرأة كما هو معروف، لذلك غالبا ما كانت تنطلق شكاوى النساء من ان الرجل يسلبهن حقوقهن في الغالب من اجل تحقيق السيطرة التامة على المجتمع، لذلك هناك (من النساء والرجال معا) من استخدم مصطلح المجتمع الذكوري المتسلط، على اننا ينبغي أن نتفق بأن هناك أقطاب أخرى تسهم في التشكيلة الاجتماعية وانجاحها كالشباب مثلا.

ويقدم لنا التاريخ بعض الوقائع عن وضع المرأة قبل الاسلام، ثم عن ذلك التحول الكبير في اوضاعها في ظل الاسلام، حيث منحها حق التملك والتعليم وغيرهما، ثم هناك حملات التوعية المباشرة التي تهدف الى تحسين سلوك النساء والارتفاع بمستوى المرأة العلمي والاخلاقي والمعنوي من خلال تعاليم الدين الاسلامي الحنيف ذات الطابع الانساني، لذلك حث الاسلام المرأة على اهمية ان تبتعد عن السلوكيات التي تتجاوز على انسانيتها، وهكذا بدأ دور المرأة المسلمة بالبروز والتبلور وصار لها حيزا واضحا في النشاط الاجتماعي.

ومع اننا نقر بوجود النزعة التسلطية لدى الرجل في تعامله مع المرأة، إلاّ ان الاسلام وضع البنود اللازمة لتنظيم علاقة الرجل بالمرأة وأسس لحقوق نسوية لايجوز التطاول عليها وكان الهدف من ذلك واضحا.

فالدور الكبير الملقى على عاتق المرأة يتطلب بناء هاما وقويما لشخصيتها، اذ انها كما ذكرنا تشكل نسبة عالية من تكوين المجتمع، ثم انها تشكل حجر الزاوية في البناء الاسري، اي ان النشء الجديد يفتح عينه بداية في المحيط الاسري الصغير، وطالما ان هذا المحيط يُدار من قبل المرأة الأم، فتأثيرها في البناء سيكون اكثر حجما وقوة.

لذا أكد كثير من العلماء والمختصين على أن المرأة اذا ما أعدت بصورة صحيحة للقيام بدورها، يمكنها تحقيق نجاحات مهمة في هذا المجال وأن تبني مجتمعا قويا متطورا وقادرا على معايشة الواقع والعصر في كل حال.

من هنا جاء تركيز الاسلام على بناء شخصية المرأة، إذ يتعلق هذا الامر بدورها الأساسي والكبير في بناء المجتمع، لذلك حينما يتعامل الرجل مع المرأة في امور الحياة عامة، ينبغي ان لا يتناسى طبيعة دورها الهام في البناء الاجتماعي، وإذا كان الرجال لا يتساوون في نظرتهم للمرأة وطريقة تعاملهم معهاوحفظ مكانتها واستحقاقاتها كاملة، فهل سيصب هذا في صالح المجتمع؟ إن هذا التساؤل يوجب علاجا تثقيفيا للرجال اللذين لا يفقهون دور المرأة الكبير في البناء الاجتماعي فيخطئون التعامل معها، ويتغافلون عن دورها حيث تقودهم نزعة التسلط والامتلاك فتنسيهم القيمة الكبرى للمرأة وامكاناتها الكبيرة في تربية النشء الجديد وفق مبادئ وسلوكيات تصنع منهم مجتمعا عصريا ناجحا.

لذلك سيبقى دور المرأة المعاصرة في حالة تطور وازدياد وفقا لتضاعف الحاجة الى البناء الاجتماعي المتطور.

من هنا يُستحن ان تتنبّه الاطرف ذات العلاقة لهذا الامر وأن تعي دورها المطلوب، في الوقوف الى جانب المرأة وتنمية قدراتها التربوية والفكرية وغيرها كونها العامل الاساس في رعاية وتطوير الاسرة الى مستوى النجاح.

كما أننا يجب أن لانغفل دور الشرائح الاخرى وأن نضع الخطط والدروس والبرامج العملية للنهوض بالواقع الاجتماعي وفق خطط علمية سهلة التطبيق من قبل الجميع على اختلاف قدراتهم العلمية والعملية في آن واحد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/تشرين الثاني/2009 - 9/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م