الغرب وايران واسرائيل.. على طريق المساومات الدولية

مفاوضات متعددة الأقطاب والمَحاور تنبئ بمستقبل جديد في المنطقة

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يبدو من اتجاه سَير الامور ان للرئيس الامريكي باراك اوباما اسهام شخصي في ما حققه اجتماع فيينا بين خبراء الطاقة النووية الغربيين والايرانيين الذي جرى الاسبوع الماضي حول مستقبل مخزون ايران من اليورانيوم المخصب، فقد تدخّلَ اوباما شخصيا، وفقا لما ذكرته مصادر الادارة الامريكية، خلال المفاوضات السرية المتعددة الاطراف مع الايرانيين على مدى الشهور الاربعة الاخيرة في ما اصبح ليس فقط اختبارا لنوايا ايران النووية بل وايضا لجهود اوباما في كبح طموحاتها النووية من خلال نهج مزدوج يجمع بين التهديد بالعقوبات وتقديم الحوافز.

من جهة ثانية اعلنت اسرائيل بأنها اجرت مؤخرا محادثات مباشرة مع ايران للمرة الاولى منذ 1979 حول نزع الاسلحة النووية ولكن طهران نفت قطعيا حصول اي لقاء من هذا القبيل، وقالت المتحدثة باسم لجنة الطاقة الذرية في اسرائيل ان اجتماعات عدّة جرت بين ممثلة للجنتنا ومسؤول ايراني في اطار اقليمي. واوضحت ان اللقاءات جرت في جلسات مغلقة وما كان يجب كشفها لكن استراليا التي نظَّمتها رأت انه من المناسب الكشف عنها...

وقد كتبَ ماسيمو كالابريسي في صحيفة التايم، مقالاً حول المفاوضات التي أجريت بين خبراء الطاقة الغربيين والايرانيين، جاء فيه: تدخل الرئيس اوباما شخصيا، خلال المفاوضات السرية المتعددة الاطراف مع الايرانيين على مدى الشهور الاربعة الاخيرة في ما اصبح ليس فقط اختبارا لنوايا ايران النووية بل وايضا لجهود اوباما في كبح طموحاتها النووية من خلال نهج مزدوج يجمع بين التهديد بالعقوبات وتقديم الحوافز.

المحادثات السرية بين الجانبين كانت قد بدأت في يونيو، عندما ابلغ المسؤولون الايرانيون الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان الوقود المستخدم في تشغيل مفاعل الابحاث القديم، الذي بناه فنيون امريكيون للشاه عام 1967، بدأ ينفد. لذا، سعت ايران للحصول على مساعدة الوكالة الدولية لشراء صفائح من اليورانيوم المخصب بطريقة خاصة لاستخدامه في المفاعل المذكور من اجل انتاج نظائر لمعالجة السرطان وقتل الحشرات وما الى ذلك من استعمالات اخرى.

يقول مسؤول رفيع المستوى في ادارة اوباما: ولما ناقشت الوكالة الدولية الطلب الايراني مع الولايات المتحدة رأينا في ذلك فرصة سانحة يتعين استغلالها. فقد ادركت واشنطن ان بإمكانها ترتيب امر تصنيع الصفائح الخاصة من مصدر غير تقليدي.

نعم لقد بدا احتمال ان توافق ايران عندئذ على ارسال معظم ما لديها من يورانيوم مخصب بدرجة منخفضة الى الخارج لتحويله الى صفائح من اجل مفاعل الابحاث فرصة فريدة لنزع فتيل التوتر.

ويتابع الكاتب ماسيمو،  لذا ما ان حل شهر يوليو حتى رحل اوباما في مطلعه الى موسكو، حيث طرح مساعدة لشؤون عدم الانتشار النووي غاري سيمور على الروس الاقتراح التالي: تقوم موسكو في حال موافقة ايران على نقل اليورانيوم المخصب لديها بدرجة منخفضة بتخصيبه للمستوى اللازم لتشغيل مفاعل الابحاث الايراني ثم تقوم فرنسا، التي تم جذبها للمناقشات، بتحويل هذا اليورانيوم الى الصفائح التي يتم استعمالها لانتاج النظائر المشعة. ويجري بعد هذا نقل هذه الصفائح، التي لا يمكن استخدامها في صنع الاسلحة، الى طهران. ووافق الروس على ذلك بالطبع لتبدأ بعد هذا مفاوضات دقيقة وعلى مستوى رفيع بين ايران، الوكالة الدولية، روسيا، فرنسا والولايات المتحدة حول تفاصيل هذه العملية. وما ان دعا اوباما رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي ليبلغه باستعداد الولايات المتحدة لقبولها حتى اتصل البرادعي بدوره بممثل ايران لدى الوكالة، واطلعه على الموقف الامريكي من هذه المسألة فطلب هذا الاخير منه بعض الوقت للاتصال بحكومته التي ابلغت البرادعي فيما بعد بموافقتها هي الاخرى.

ويستدرك الكاتب ماسيمو، غير ان الامريكيين ارادوا التأكد من ألا يلجأ الايرانيون للخداع بأن يقنعوا الروس بالحصول على المادة النووية لوقود مفاعل الابحاث الايراني من مصدر آخر غير مخزون ايران منها. لذا، اكد الرئيس اوباما لنظيره الروسي ديميتري ميدفيديف، عند اجتماعه معه في الجمعية العامة للامم المتحدة في اواخر سبتمبر الماضي، ان العملية كلها تعتمد على حصول روسيا على اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة من ايران.

بعد هذا، اجرى الرئيس اوباما محادثة هاتفية اخرى مع البرادعي في اواخر سبتمبر واكد له موافقته على تفاصيل الاتفاق الذي تم الاعلان عنه اخيرا في محادثات جنيف التي عقدت في الاول من اكتوبر بين ايران والقوى الغربية وروسيا والصين. كما اكد المفاوض الامريكي ويليم بيرنز لنظيره الايراني في تلك المحادثات على ضرورة الالتزام بكمية اليورانيوم المحددة في الاتفاق ثم اتفق الجميع على بحث تفاصيل عملية النقل في اجتماعهم الثاني الذي تم بالفعل في التاسع عشر من اكتوبر هذا الشهر.

ويضيف الكاتب، لكن على الرغم من القيام بذلك العمل على مستوى دبلوماسي رفيع، لا بد من الاعتراف ان المسؤولين الامريكيين لم يكونوا متفائلين تماما قبل اجتماع فيينا الاخير يوم الاثنين الماضي. فبعد سنوات من المحادثات الفاشلة، كانوا يتوقعون على ما يبدو عرقلة ما من الجانب الايراني أو انهيار المحادثات بالكامل بسبب الخلاف على التفاصيل.

وكان من الممكن ايضا للتفجير الانتحاري، الذي قتل يوم الاحد الماضي بعض كبار ضباط الحرس الثوري الايراني، ان يلقي ظلالا قاتمة على المحادثات النووية، لا سيما ان الكثيرين في طهران اعتبروه نتيجة لبرنامج سري امريكي يستهدف زعزعة النظام الايراني من خلال دعم المجموعات الانفصالية.

ويستنتج الكاتب بالقول، لكن من الواضح ان لكلا الجانبين الامريكي والايراني اسباباً مهمة تدفعهما لاحراز التقدم المأمول. اذ لو تم دفع عجلة المحادثات الى الامام واستمرت هذه العملية بعد ذلك، تكون الولايات المتحدة قد نجحت في منع تحويل معظم ما لدى ايران من يورانيوم الى مادة من المستوى المستخدم في صنع السلاح النووي. كما بمقدور ايران ان ترى في الاتفاق وسيلة قانونية تتيح لها الاستمرار في تخصيب اليورانيوم من مستوى معين.

ويختم الكاتب مقاله بنتيجة مفادها، ان من شأن كل هذا ان يعزز الامل بالطبع بتحقيق المزيد من التقدم على طريق التعاون بين ايران والمجتمع الدولي.

اسرائيل: أجرينا محادثات تاريخية مع ايران

من جانب آخر اعلنت اسرائيل بأنها اجرت مؤخرا محادثات مباشرة مع ايران للمرة الاولى منذ 1979 حول نزع الاسلحة النووية ولكن طهران نفت قطعيا حصول اي لقاء من هذا القبيل.

وقالت المتحدثة باسم لجنة الطاقة الذرية في اسرائيل يائيل دورون لوكالة فرانس برس ان "اجتماعات عدة جرت بين ممثلة للجنتنا ومسؤول ايراني في اطار اقليمي".

واوضحت ان اللقاءات "جرت في جلسات مغلقة وما كان يجب كشفها لكن استراليا التي نظمتها رأت انه من المناسب الكشف عنها". بحسب فرانس برس.

ولم تعط المتحدثة تفاصيل اضافية حول هذا اللقاءات، الا ان صحيفة هآرتس اكدت انها جمعت ميراف زافاري اوديز مديرة السياسة ومراقبة الاسلحة في اللجنة النووية الاسرائيلية وعلي اصغر سلطانية ممثل ايران في الوكالة الدولية للطاقة في القاهرة في 29 و 30 ايلول/سبتمبر الماضي.

واضافت الصحيفة ان اللقاءات جرت بحضور ممثلين عن دول اخرى اعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فندق كبير في القاهرة برعاية اللجنة الدولية لمنع الانتشار النووي.

وردا على سؤال لفرانس برس، رفض مارك ريغيف الناطق باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الادلاء بأي تعليق حول هذا الموضوع.

أما ايران فقد نفت قطعيا حصول مثل هذه اللقاءات. وقال المتحدث باسم المنظمة الايرانية للطاقة الذرية علي شيرازاديان "هذه الكذبة عمل دعائي يهدف الى التاثير على نجاح الدبلوماسية الايرانية خلال اجتماعات جنيف وفيينا" مع القوى الدولية بهدف تهدئة التوتر حول البرنامج النووي الايراني.

ولا تعترف الجمهورية الاسلامية التي اعلنت بعد الثورة الاسلامية عام 1979 ضد نظام الشاه باسرائيل واكد رئيسها محمود احمدي نجاد ان اسرائيل "ستمحى من الخارطة".

من جهتها، تتهم اسرائيل ايران بالسعي لامتلاك سلاح نووي وتعتبر برنامجها النووي بالتزامن مع انتاج صواريخ بعيدة المدى "تهديدا لوجودها".

ويقول خبراء اجانب ان اسرائيل تمتلك ما يصل الى مئتي رأس نووي خصوصا بفضل مفاعلها في ديمونا في صحراء النقب.

وتؤكد الدولة العبرية التي لا تعترف بامتلاك سلاح ذري، ان هذه المنشأة التي يبلغ عمرها 40 عاما هي مركز للابحاث.

وبحسب هآرتس فان مندوبين من الاردن ومصر وتونس والمغرب والسعودية والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حضروا المناقشات في القاهرة.

ونقلت الصحيفة عن شاهد ان سلطانية سأل مباشرة زافاري اوديز ما اذا كانت اسرائيل تملك اسلحة نووية، فاكتفت بالرد على السؤال بابتسامة.

واوضحت الممثلة الاسرائيلية ان الدولة العبرية موافقة على مبدأ اجراء مفاوضات حول نزع للاسلحة النووية في الشرق الاوسط لكنها اكدت انه يجب تعزيز الامن الاقليمي وابرام ترتيبات سلام لكي تشعر اسرائيل انها جاهزة للبدء في هذه المحادثات.

كما قالت ان اسرائيل تعيش في وسط جيو استراتيجي معقد واشارت الى ان اربع دول - العراق وايران وليبيا وسوريا - انتهكت خلال ثلاثة عقود التزاماتها احترام معاهدة عدم الانتشار النووي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 25/تشرين الثاني/2009 - 5/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م