مخلّفات الحروب والتلوّث سبب رئيسي لتزايد حالات السرطان في العراق

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: يسود انطباع عام في العراق على أن آثار الحروب الثلاث التي مرّ بها البلد – وهي الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج في عام 1991 والغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 - إلى جانب عدم وجود ضوابط حكومية كافية على الانبعاثات والمخلفات الصناعية، وعدم توفّر خطط تنقية البيئة من مخلّفات التلوث المختلف المصادِر، قد حوّلَتْ جميعها العراق إلى أحد أكثر بلدان العالم تلوثاً.

وقالت وزيرة البيئة نرمين عثمان "يواجه العراق عدداً من التحديات البيئية وأحدها تلوث الماء والهواء والتربة الناجم أساساً عن الانبعاثات من السيارات والمولدات الكهربائية في المناطق المزدحمة واستخدام الأسمدة الكيميائية دون تخطيط بالإضافة إلى مخلفات الحرب والقصف باليورانيوم المنضب".

وأوضحت أن وزارتها حددت مركبات عسكرية ودبابات ملوثة بالمواد المشعة التي يعود تاريخها إلى حربي 1991 و2003، ولكن لم يتم اتخاذ إجراءات للتخلص منها. بحسب تقرير شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

وأضافت عثمان، أن العراق يفتقر للإشراف الحكومي على النفايات التي يتم تصريفها في النهرين الرئيسيين اللذين يمران بالبلاد وهما دجلة والفرات. وتشمل هذه النفايات مخلفات الصناعات الثقيلة والدباغة ومصانع الطلاء، وكذلك مياه الصرف الصحي ونفايات المستشفيات، على حد قولها. وخلصت عثمان إلى أن "مستويات التلوث آخذة في الارتفاع بشكل كبير في العراق".

اليورانيوم المنضب وحش خفي يفتك بالعراقيين

وكانت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة قد استخدمت اليورانيوم المنضب كمكون أساسي في قذائف الدبابات الخارقة للدروع في حربي 1991 و2003. وعلى خلفية تقارير متزايدة عن اعتلال الصحة بين قدامى المحاربين، تسعى حملة دولية إلى فرض حظر عالمي على أسلحة اليورانيوم المنضب لأسباب تتعلق بالصحة العامة.

وقد نفت وزارة الدفاع الأميركية أن يكون اليورانيوم المنضب مصدراً للخطر يهدد من يتعرض له، ولكنها ترصد الجنود المصابين بأجزاء من شظايا اليورانيوم المنضب نتيجة لعمليات قتالية. ووفقاً لبيان أصدره ويليام وينكينويردر، مساعد وزير الدفاع للشؤون الصحية، لا تشكل كميات اليورانيوم المنضب التي تم اكتشافها بعد التجارب حتى الآن "أي مخاطر صحية معروفة".

ولكن في حكم تاريخي صدر في سبتمبر 2009، خلصت هيئة محلفين بريطانية إلى أن التعرض لليورانيوم المنضب في حرب الخليج الأولى 1991 كان السبب المرجح لسرطان القولون الذي أودى بحياة الجندي البريطاني السابق ستيوارت دايسون في يونيو 2008.

واليورانيوم المنضب هو معدن ثقيل ونتيجة ثانوية لعملية تخصيب اليورانيوم. ويمكن لهذه المادة أن تدخل جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق وتناول الأغذية الملوثة وتناول الطعام عن طريق الأيدي الملوثة أو تعرض جرح مفتوح للغبار أو الحطام الملوث، وفقاً لرحيم هاني ناصح، وهو طبيب من مدينة الموصل.

وأشار ناصح إلى أنه يمكن لليورانيوم المنضب أن يلوث التربة والمياه ويغطي المباني بطبقة من الغبار المشع، مضيفاً أن الرياح والعواصف الرملية تنشر التلوث الذي يؤدي إلى الإصابة بالأمراض.

وفي منشور صدر عام 2005، حدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة 311 موقعاً ملوثاً باليورانيوم المنضب في العراق وقال أن تطهيرها سيتطلب سنوات عدة. ولا يوجد لدى وزارة الصحة أرقام خاصة بعدد حالات السرطان التي قد تكون ذات صلة بمخلفات الحروب أو ناتجة عنها.

تسجيل 340 حالة سرطان في البصرة

وقال قصي عبد اللطيف عبود، رئيس شعبة تعزيز الصحة (التابعة لوزارة الصحة) في محافظة البصرة بجنوب العراق، أن مخلفات الحرب في العراق أصبحت واحدة من الأسباب الرئيسية للإصابة بالسرطان جنباً إلى جنب مع التدخين والانبعاثات الضارة من الغازات وغيرها من أنواع التلوث.

وأشارت دراسة أعدتها شعبة تعزيز الصحة في وقت سابق هذا العام إلى تسجيل 340 حالة من حالات سرطان الدم بين عامي 2001 و2008 في البصرة، مقابل 17 حالة عام 1988 و93 حالة عام 1997، وفقاً لعبود.

وركزت الدراسة على سرطان الدم فقط لأن عدد حالات الإصابة بهذا النوع من السرطان ارتفعت ارتفاعاً حاداً في البصرة.

كما ارتفعت كمية اليورانيوم في تربة البصرة من 60-70 بيكريل للكيلوغرام الواحد من التربة قبل عام 1991 إلى 10,000 بيكريل للكيلوغرام الواحد في عام 2009. وتم تسجيل 36,205 بيكريل للكيلوغرام في المناطق التي تركت بها مخلفات الحرب.

وقال عبود أن شعبة تعزيز الصحة تعتمد على وسائل الإعلام وقادة المجتمع لنشر الوعي حول الحماية الذاتية وكيفية تجنب المناطق الملوثة.

قطع ملوَّثة باليورانيوم المنضب في (سكراب) البصرة

وفي نفس السياق كشفَ مصدر مسؤول في مديرية بيئة البصرة، عن العثور على قطع عسكرية ملوثة بإشعاعات “اليورانيوم المنضب” خلال عمليات رفع السكراب من احد احياء مدينة البصرة.

وقال الباحث خاجاك وارتانيان المشرف على عمليات رفع السكراب) “عثرنا على قطع ملوثة وتم تحديدها من خلال وضع علامات عليها وحجز هذه الأهداف لحين ازالتها الى منطقة مقبر الدبابات ( 170 كم غرب البصرة) المخصصة لطمر هذه النفايات. بحسب تقرير اصوات العراق.

واوضح ان عدد القطع الملوثة هي 11 قطعة وجدت في احد موقع السكراب بمنطقة حي العباس وهي عبارة عن قطع عسكرية”، مضيفا “كما وجدنا محولة كهرباء ملوثة باليورانيوم ربما كانت موجودة في منشأة عسكرية او بالقرب منها وتعرضت الى التلوث عن طريق اصابتها باطلاقات اليورانيوم.وتابع وارتانيان “سيتم التخلص من القطع الملوثة في المرحلة الثانية من حملة رفع السكراب اذ تتمثل المرحلة الاولى باعمال نقل السكراب غير الملوث الى شركة الحديد والصلب بعدها سوف نقوم بإزالة القطع الملوثة الى منطقة مقبرة الدبابات، اما المرحلة الثالثة “سنقوم بمعالجة التربة الملوثة من خلال عمليات القشط.

وراى ان “اليوم الذي يتم فيه التخلص فيه من القطع الملوثة يجب ان يكون يوم تاريخي في حياة اهالي البصرة لما عانوه من تلك الملوثات.

وذكر ان “العمل متواصل في تنفيذ حملة رفع السكراب الموجود في منطقة حي العباس بمدينة البصرة حيث يقدر مجموع السكراب هناك بسبعة الاف طن تقريبا، منوها الى إن “هذه الحملة جاءت بعد نداءات وبيانات طويلة وجهنا الى الجهات المعنية تحذر من خطورة وجود السكراب وما يحتويه من اشعاعات ملوثة على حياة المواطنين في البصرة.

ولم يكشف وارتانيان عن مجموع السكراب الموجود في البصرة، لكنه لفت الى ان مديرية بيئة البصرة “قامت بفحص مليون طن من سكراب الحديد سواء السكراب الموجود في المنشات الحكومية او في المناطق السكنية خلال عام واحد وهذا الرقم يمثل 20% تقريبا من مجموع السكراب في محافظة البصرة.

يذكران احدى الشركات المحلية في البصرة باشرت مؤخرا بحملة رفع السكراب من ثلاثة مواقع في منطقة حي العباس وبإشراف مديرية البيئة التي تقوم بعمليات الفحص قبل رفع السكراب، والمشروع يعد من ضمن مشاريع الدول المانحة. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/تشرين الثاني/2009 - 2/ذو القعدة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م