النازحون في اليمن... نساء وأطفال تحت رحمة الرصاص والجوع

حدة المواجهات الحربية تفاقم الأوضاع وتنذر بكارثة إنسانية

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لا تزال مساعي مفوضية ألاجئين الدولية في التخفيف من حجم معاناة ومحنة النازحين جراء الاقتتال المستمر بين الجيش اليمني والمقاتلين الحوثيين دون مستوى الطموح حسب المنظمة بسبب تعذر وصول إمداداتها الإنسانية بسبب استعار المواجهات هناك.

حيث حذرت المنظمة من تفاقم الوضع الإنساني للمدنيين بسبب الجوع والأجواء غير الآمنة، مما قد يفضي الى وقوع المزيد من الضحايا الأبرياء، نظرا لعدم اتضاح رؤية تمهد لوقف القتال الدائر في المستقبل القريب.

إرسال النازحين الى مخيم عمران

طالبت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة اليمن بعدم إرسال النازحين الى مخيم في عمران (شمال غرب) نظرا لتدهور الوضع الأمني في تلك المنطقة التي تشهد نزاعا منذ ثلاثة أشهر.

واثر هذه التطورات، طالبت المفوضية السلطات اليمنية ب"وقف تجهيز الموقع وإرسال النازحين إليه" وفقا للمتحدث الذي اعتبر أن "المخيم لم يعد آمنا" بحسب فرانس برس.

وجراء الوضع الأمني، فان وصول فرق المساعدة الى عدد كبير من النازحين مستحيل، لاسيما في المناطق التي تشهد مواجهات في جوار صعدة، معقل المتمردين، التي تبعد 240 كلم شمال صنعاء.

من جهتها قالت السلطات اليمنية إنها أعدت ممرات امنة للسماح للنازحين بالوصول الى مخيمات توفر ملاذا امنا لهم من القتال لكن وكالات الاغاثة التابعة للامم المتحدة قالت إن هذه المخيمات ربما تفاقم الوضع الإنساني.

وقالت وكالات الأمم المتحدة إن معارك الشوارع المستمرة مع المتمردين الشيعة في مدينة صعدة الشمالية وانعدام الأمن حالا دون وصول إمدادات الإغاثة الى الأشخاص الجائعين الذين يفرون من الصراع.

وفر ما يصل الى 150 ألف شخص من منازلهم منذ بدأ رجال قبائل شيعة تمردا عام 2004. واشتد الصراع منذ أطلق الجيش اليمني "عملية الارض المحروقة" يوم 11 أغسطس اب.

ونقلت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) بيانا رسميا دعت فيه اللجنة الامنية العليا النازحين الى التوجه لاربعة مخيمات في محافظتي صعدة وعمران عبر "ممرات امنة".

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في جنيف انها طلبت من الحكومة اليمنية عدم نقل المزيد من النازحين الى أحد هذه المخيمات وهو مخيم خيوان بسبب وقوع حوادث تبادل لاطلاق النار في منطقة قريبة منه.

وقال اندريه ماهيسيتش وهو متحدث باسم المفوضية في مؤتمر صحفي "لا نريد أن نرى نقل المزيد من النازحين الى هناك وقد يتعرضون لاضرار.

"المخيم نفسه امن لكننا نشعر ان احضار اشخاص الى هناك في هذه المرحلة ينطوي على خطورة، ثمة اطلاق نار في منطقة المخيم منذ ثلاثة ايام ما يمنع فرق المساعدة من الوصول اليه".

واضاف "وفي الوقت نفسه تناشد المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومة السماح للامم المتحدة ببدء توزيع المساعدات على النازحين خارج المخيم."

وتمكنت المفوضية للمرة الاولى من نقل قافلة مساعدات من السعودية التي تقع على حدود منطقة الصراع وتخشى من انتقال الحرب شمالا أو السماح لتنظيم القاعدة بأن يكون له موطيء قدم جديد في اليمن. وأوقفت الرياض اللاجئين الذين يعبرون الحدود للاحتماء.

وأضاف ماهيسيتش أن المفوضية تأمل في ارسال قافلة ثانية " قريبا جدا" الى مخيم علب وهو أحد المخيمات الاربعة التي ذكرتها الحكومة ويؤوي أكثر من ثلاثة الاف شخص.

ولم يسمح لوكالات المساعدات بالوصول الى معظم الذين نزحوا جراء الصراع كما أبعدت وسائل الاعلام مما جعل من الصعب التأكد من التقارير المتضاربة التي ترد من كل طرف.

وقال عبدو كريمو ممثل منظمة صندوق الامم المتحدة للطفولة ( اليونيسف) في اليمن في بيان "الوضع الانساني يتفاقم يوميا."

ويشكو المتمردون وهم مسلمون من أتباع الطائفة الزيدية الشيعية من تمييز سياسي واقتصادي وديني ضدهم. وتقول الحكومة انهم يسعون لاستعادة دولة دينية سقطت عام 1962.

عرقلة المساعدات الدولية

في السياق ذاته قالت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن أول قافلة مساعدات مرسلة إلى الفارين من القتال في شمال اليمن قد أُوقفت على معبر "ألب" على الحدود السعودية-اليمنية مع حلول الليل، ولا يُتوقع السماح لها بالعبور قبل الصباح.

وقال موظفون في الوكالة الدولية إن قافلة المساعدات الإنسانية، والتي ينتظرها النازحون الذين فروا من القتال المتجدد بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية في شمال اليمن، قد أوقفت على المعبر الحدودي بسبب الخلافات بين الجانبين السعودي واليمني على طريقة عبورها.

وذكر تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أن مسؤولين يمنيين وسعوديين أوقفوا قافلة المساعدات الدولية التي كانت تسعى لإيصال حمولة ثلاث شاحنات تحمل 200 خيمة وفرشا وبطانيات ومواد تنظيف ومواد أساسية أخرى يحتاجها اللاجئون، إذ نشب خلاف بشأن كيفية نقل تلك المواد من شاحنات سعودية إلى أخرى يمنية تنتظر على الحدود.

وقالت المنظمة الدولية إنه بات على حوالي ثلاثة آلاف لاجئ عالقين بين الحدود السعودية ومركز القتال بين القوات اليمنية والحوثيين في محافظة صعدة أن ينتظروا ليوم آخر على الأقل قبل أن يتوقعوا الحصول على المساعدات.

ونُقل عن سلطان الخلجي، أحد المسؤولين في الوكالة الدولية، قوله إنه أمضى 12 ساعة يتفاوض عبثا مع المسؤولين السعوديين واليمنيين على جانبي الحدود من أجل إقناعهم بالسماح لمواد الإغاثة الإنسانية بالوصول إلى منظمات الغوث اليمنية، والتي ستقوم بدورها بتوزيعها على مستحقيها من الللاجئين. وأضاف الخلجي قائلا: "ما زلت آمل أن نتمكن من إيصال هذه المواد اليوم."

وكانت الوكالة الدولية قد أبقت على المساعدات التي بحوزتها لمدة أسابيع جنوبي السعودية، وذلك بانتظار حدوث انفراج في الوضع القتالي والأمني في شمالي اليمن، وتأمين ممر لعبور المساعدات قبل إرسالها إلى داخل اليمن.

ونقلت الوكالة عن صحفيين مرافقين لقافلة المساعدات، وشهدوا عملية العرقلة على الحدود، قولهم إن تأجيل عبور الشاحنات الثلاث إلى الجانب اليمني يؤكد على أن عدم الثقة والإجراءات البيروقراطية يمكن أن تطيل من معاناة اللاجئين الذين فقدوا منازلهم ويواجهون الآن شح المواد الغذائية في منطقة شمال اليمن التي مزقتها الحرب الدائرة بين القوات الحكومية والمتمردين.

وتقدر الوكالة عدد من نزحوا عن ديارهم بسبب القتال الجاري في صعدة بـ 55 ألف لاجئ أو أكثر، وذلك منذ اندلاع القتال في الحادي عشر من آب/أغسطس الماضي بين الشيعة الزيدييين (الحوثيين) والقوات الحكومية اليمنية.

وكان زعيم الحوثيين، عبد المالك الحوثي، قد قال السبت إنه مستعد للعمل مع قادة المعارضة اليمنية من أجل إيقاف القتال الذي لم يُعرف على وجه الدقة عدد القتلى الذين سقطوا فيه من كلا الجانبين.

وقال الحوثي في بيان أصدره بهذا الشأن: "نحن مستعدون للحوار، وللرد بإيجابية على كافة المبادرات الوطنية، وللوقوف إلى جانب كل الشرفاء الذين يريدون إنقاذ البلاد من الفساد والظلم."

وتقول التقارير إن الوضع الرهيب في منطقة شمالي اليمن يزداد سوءا يوما بعد يوم، وذلك في منطقة مليئة بالمنحدرات والجبال الوعرة المزروعة بالجلاميد الصخرية الكبيرة.

وتحذر وكالات الإغاثة من وقوع أزمة إنسانية في شمال اليمن حيث فر ما يصل إالى 150 ألفا من بيوتهم منذ أن بدأ الحوثيون، الذين يشكون من تهميش الحكومة لهم سياسيا واقتصاديا، تمردهم ضد الحكومة في عام 2004 .

لكن عدم إمكانية الوصول إلي منطقة القتال يعني أن هذه الوكالات ليست لديها فكرة واضحة عن عدد النازحين عن منازلهم.

في غضون ذلك، أعلن الجيش أن قواته الأمنية قتلت 100 متمرد وأصابت 250 آخرين بجروح من الحوثيين في محافظة صعدة.

وقالت مصادر أخرى إن حوالي 300 من مقاتلي الحوثيين أصيبوا في المعارك التي نشبت حينما حاول المتمردون اختراق المناطق التي يسيطر عليها الجيش في محافظة صعدة، التي تقع على بعد 240 كيلو مترا شمالي صنعاء. ولم يصدر عن الجيش أي تصريحات تتعلق بوقوع خسائر في صفوفه.

ويتهم المتمردون الحوثيون السلطات اليمنية بالمبالغة في الخسائر التي تمنى بها صفوفهم وعدم الاعتراف بالخسائر التي تقع في صفوف الجيش.

وكان المقاتلون الحوثيون قد شنوا هجوما خاطفا الجمعة من عدة جهات للاستيلاء على مبنى المحافظة في صعدة، إلا أن قوات الجيش نجحت في صد الهجوم في معركة استمرت حوالي خمس ساعات.

وقد أكد الجيش هجوم الحوثيين على قواته في صعدة، إذ جاء في بيان أصدره بهذا الشأن: "تسللت العناصر الإرهابية والمخربة إلى المناطق الواقعة بين الثكنات العسكرية والمواقع الأمنية في محافظة صعدة. لكن قواتنا الأمنية والمسلحة تمكنت من إيقافهم ووجهت لهم ضربات قوية وموجعة تكبد خلالها الحوثيون أكثر من 100 قتيل و280 مصابا".

من جانبهم قال الحوثيون في بيان منشور على موقعهم على شبكة الإنترنت إن قواتهم تمكنت من "شن هجوم ناجح على موقعي واسط السوداء والأكحل، واللذين يعتبران موقعين عسكريين استراتيجيين في المنطقة."

وقال البيان: "إن مقاتلي الحوثيين تمكنوا من الاستيلاء بالكامل على كلا الموقعين بما فيهما من أسلحة وعتاد وذخائر."

اغلاق المستشفى الايراني

في سياق متصل أغلقت السلطات اليمنية المستشفى الإيراني في صنعاء امام المرضى، بعدما اشتبهت في انه يقدم مساعدة الى المتمردين الحوثيين الذين يقاتلهم الجيش منذ شهرين في شمال البلاد.

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية ان القوى الامنية حاصرت المستشفى المؤلف من خمس طبقات والذي يعمل فيه 120 موظفا بينهم ثمانية إيرانيين، وتوقف تاليا عن استقبال المرضى.

وافاد مصدر رسمي انه يشتبه في ان المستشفى يستخدم ستارا للاستخبارات الإيرانية وتنقل بواسطته مساعدات مالية الى المتمردين الزيديين الشيعة. واتهمت السلطات اليمنية "بعض الاطراف في إيران" بدعم المتمردين، الامر الذي نفته طهران.

فيما نفت الحكومة اليمنية وجود دوافع سياسية وراء اغلاق مستشفى ايراني بأمانة العاصمة صنعاء. بحسب وكالة الأنباء الكويتية.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الاعلام حسن اللوزي في مؤتمر صحافي "ما حدث وفقا لافادة الجهات المختصة في الداخلية وامانة العاصمة ليس له دوافع سياسية".

واضاف ان خلافا بين امانة العاصمة ووزارة الاوقاف مالكة المبنى من جهة وادارة المستشفى من جهة ثانية قد تطور اثر تجاهل انذارات متتالية للمستشفى الى اتخاذ قرار قانوني اجرائي باغلاقه حتى يتم الوفاء بالالتزامات الموقعة بعقود موثقة مع ادارته.

واشار الى ان الخلاف كان نتيجة تقاعس المستشفى عن الايفاء بالتزامات منها سداد ايجارات متراكمة بمبلغ 27 مليون ريال (133 الف دولار تقريبا) وقضايا تتعلق بالعقد الموقع مع الجهات الحكومية بالعاصمة.

وكانت السلطة المحلية بامانة العاصمة اغلقت مبنى المستشفى الايراني دون توضيح اسباب ومنعت دخول الموظفين اليه. ويعمل في المستشفى حوالي 120 موظفا بينهم 8 ايرانيين. وذكرت مصادر صحفية هنا ان الاغلاق تم بسبب الاشتباه بتورط ادارة المستشفى في دعم المتمردين الحوثيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/تشرين الثاني/2009 - 25/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م