لإخوتي في الوفاق: المقاعد الـ17 ليست مقدّسةّ

مرتضى بدر

منذ أكثر من ثلاثة أشهر ولغاية اليوم وأنا أبادر بفتح النقاش حول الانتخابات النيابية  في 2010 كلما سنحت لي الفرصة بلقاء الكوادر السياسية والبلدية من (جمعية الوفاق الوطني الإسلامية)، مطالبًا إيّاهم بالنظر إلى موضوع المشاركة بأفق أوسع وبعيداً عن النظرة الفئوية الضيقة.

في شهر يوليو الماضي وجّهت رسالة إلى الوفاق عبر مقال لي بعنوان (نعم للقائمة الوطنية)، اقترحت تبنّيها المشاركة في الانتخابات بقائمة وطنية تضم مختلف القوى المعارضة، على أن تدعم الوفاق مرشحي المعارضة في دوائرها المضمونة.

في الواقع وحتى هذه اللحظة لم أتلقَ ردودًا سلبية، وفي نفس الوقت لم ألمس أيّ تفاعل إيجابي على المقترح. لاشك أنّ هكذا نوع من الدعوات قد تُواجَه عادة بالقبول من أطراف، وبالرفض من أطراف أخرى. وبالطبع هناك شريحة وفاقية عريضة اختارت الصمت دون إظهار موقف أو إبداء رأي، أما الشريحة الناطقة من الوفاقيين فغالباً ما تثير التساؤلات عن جدوى المشاركة إذا كان إيقاع الدورة القادمة سيكون كالدورة الحالية.

 وبين القيل والقال، والاعتراض والسكوت، وتشتّت المواقف نجد هناك دائماً جهات تعمل على تفتيت قوى المعارضة، مستخدمة كلّ أنواع وأدوات المكر السياسي؛ للحيلولة دون وصول هذه القوى إلى التوافق فيما بينها، وخاصة في  القضايا الوطنية. لا أريد التحدث هنا عن الأخطاء التنظيمية ولا عن جماعات الضغط (اللوبيات) داخل صفوف الجمعيات السياسية، فذاك حديث آخر قد لا يصلح التطرق إليه على صفحات الجرائد.

 أمّا ما يؤلمني كثيراً، ويؤلم كلّ المهتمين بالشأن العام هو حال المعارضة البحرينية اليوم رغم وجود الكثير من المشتركات فيما بينها، ورغم وحدة المسار والمصير، وتاريخها النضالي الطويل، والتفاعل المشترك الكبير الذي حدث فيما بينها في الكثير من المواقف والأنشطة الوطنية طوال السنوات الماضية. لا يمكن لذاكرة التاريخ محو التضحيات الجسيمة التي قدمتها الشخصيات والقوى السياسية الدينية والوطنية للبحرين وأهلها البواسل.

 لا يمكن لأيّة قوة سياسية إقصاء قوى أخرى، أو الاستئثار بالساحة على الدوام؛ لأنّ ذلك يعارض سنة الحياة، وحركة التاريخ، وسيكولوجية الجماهير، “فدوام الحال من المحال”. وربما من مصلحة بعض الجهات الرسمية وبعض الجماعات الموالية أن تنفرد الوفاق بالساحة وأن لا تقترب أكثر من شريكاتها في المعارضة، وتكون هي الصوت المعارض الوحيد في المجلس النيابي، بيد أنّ من مصلحة الوفاق التي تمثّل شريحة كبيرة من الجمهور أن تذوب في المعارضة، وكذلك العكس.

هذا لا يعني أن الوفاق خرجت من دائرة المعارضة ودخلت دائرة المسايرة كما يحلو للبعض وصفها! المطلوب من الوفاق العمل أكثر على تعزيز قوى المعارضة بشتى الوسائل كونها أكبر قوة معارضة في الساحة، ومن إحدى هذه الوسائل دعم مرشحي المعارضة في دوائرها المضمونة، ولنا في (حزب الله) اللبناني خير مثال على أسلوب التعامل والتعاطي مع الحلفاء، وخير سلوك سياسي في العمل الوطني.

 إنني كررت مراراً للأخوة في الوفاق بأنّه من غير اللائق اعتبار المقاعد الـ 17 النيابية مقاعد مقدسة لا يمكن التنازل عنها لأقرب مقربينا في المعارضة، أو ما يحلو للبعض وصفه بالخط الأحمر. باعتقادي، وحسب تجربتي السياسية، وقراءتي لأدبيات القوى المعارضة لا توجد هناك خطوط حمراء بين هذه القوى. يجب أن يكون التشبّث بالبرنامج السياسي للحركة أو للحزب وليس للمقاعد الخشبية.. للمصالح الوطنية وليس للامتيازات الحزبية أو الفئوية.

 لا أتفق مع أولئك القلة من الوفاقيين الذين يبرّرون رفضهم التنازل عن المقاعد للشركاء بالتراشق الإعلامي الذي حدث قبل أشهر بين بعض القوى السياسية والوفاق. نصيحتي دائماً لهؤلاء الأخوة أن يرتفعوا فوق هذه الإسقاطات والهفوات والمواقف العاطفية، فما حدث هو سحابة صيف، وهي اليوم قادرة وبامتياز على تخطي تلك المرحلة من الجفاء، والسعي إلى ترميم الجسور رغم كل ما حدث.

أعتقد أن الجسور التي تربط فصائل المعارضة غير آيلة للسقوط، على عكس ما يعتقد البعض. كما أعتقد بأنّ الكرة اليوم في ملعب الوفاق؛ لذا أدعوها - بكل إخلاص – إلى المبادرة بتمرير هذه الكرة إلى حليفاتها من خلال حركة سياسية فطنة قبل رميها إلى ملعب المتربّصين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 14/تشرين الثاني/2009 - 24/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م