هل يستحق أوباما نوبل السلام؟

علاء بيومي

نعم يستحق الرئيس الأميركي باراك أوباما نوبل السلام، يستحقها ليس فقط تعاطفا معه ولكن أيضا إشفاقا عليه! فالتغيير الذي أحدثه في سياسة أميركا خلال أقل من عام كبير حتى ولو كان على مستوى الخطاب فقط، فما أحدثه هو تغيير هائل لرئيس صغير السن لم تنقض على ولايته لأكبر دول العالم سوى تسعة أشهر.

من لا يرى هذا التغيير عليه أنه يقارن أوباما بالرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش أو بمنافسه في الانتخابات الرئاسية الأميركية جون ماكين أو حتى بهيلاري كلينتون.

صحيح أن أوباما غير سياسة أميركا لأن الظروف حوله تغيرت بعد الأزمة الإقتصادية الدولية التي بدأت في أميركا نفسها وبعد هزيمة أميركا في العراق وفشلها في أفغانستان وتنامي تحدي إيران، وأن جون ماكين كان سيضطر لتغيير سياسة أميركا لو فاز في الرئاسة الأميركية في نوفمبر الماضي.

ولكن الأسباب السابقة لم تكن لتدفع شخص مثل جون ماكين أو هيلاري كلينتون لتغيير سياسة أميركا بالشكل الذي أحدثه أوباما.

ماكين كان يدعو لتحالف دولي ضد الديكتاتوريات وللتشدد ضد إيران وسوريا وروسيا وربما الصين، ماكين لم يكن ليخاطب العالم الإسلامي كما خاطبه أوباما، ولم يكن ليغير صورة أميركا كما فعل الرئيس الشاب ولم يكن ليركز على سلام الشرق الأوسط ما فعل باراك.

أوباما غير سياسة أميركا لأنه شخص مختلف لم ينشأ داخل المؤسسة السياسية الأميركية التقليدية ولا ينتمي للخلفية العرقية والثقافية التي تنتمي له غالبية النخبة السياسية الأميركية.

أوباما غير سياسة أميركا لأنه انتهز ضيق غالبية الأميركيين بما يحدث ورأى في نفسه ووكاريزميته القدرة على التغيير.

أوباما رأى أن الأميركيين وكثير من شعوب العالم أمنوا به وأن الفرصة مواتية للبناء على تلك الثقة.

المشكلة أن التحدي الأكبر الذي يواجهه أوباما هو تحدي داخل واشنطن نفسها، وهذا سبب الإشفاق عليه.

فالواضح أن النخبة السياسية المحيطة بأوباما لا تؤمن بالتغيير بالشكل الذي يؤمن به ولا بنفس المقدار ولا بنفس الدرجة، وهذا سبب الإشفاق على أوباما.

ومن لا يرى ذلك فعليه أن يقرأ مقال نشرته صحيفة هارتس الإسرائيلية اليوم عن ضيق بعض النخب الديمقراطية الأميركية بالضغط الذي يتعرض له أوباما داخل واشنطن من قبل إسرائيل بسبب موقفه من عمليه السلام.

فإسرائيل تريد أن تعلم الرئيس الشاب درسا قاسيا في تكلفة الضغط عليها حتى لو كان بالخطاب فقط من خلال العمل داخل مؤسسته ذاتها وبلدته (واشنطن)، وبالطبع الإسرائيليون يعتمدون في ذلك على حلفائهم هناك، وكأنهم يريدون أن يقولوا لأوباما نحن نعرف واشنطن أكثر منك ونسيطر عليها كما لا تتصور، وفي ضغطنا عليك تحدذير لك ولأي رئيس قادم قد يحذو حذوك.

وبالطبع تعرف إسرائيل أنها يمكنها العثور على العديد من الحلفاء داخل واشنطن، فالنظام السياسي الأميركي لم يستطع انتاج أوباما أخر، أو حتى عدة مستشارين أو وزراء يمكن أن يستعين بهم أوباما في الدفع بسياسة التغيير التي ينشدها.

أعرف أن سياسات أوباما تجاه العالم العربي والإسلامي لم ولن ترتق لطموحات الشعوب العربية والإسلامية، ولكنهم يدركون أنه لن يوجد رئيس أميركي في المستقبل المنظور قادر على تحقيق ما يريدونه، فهم عاجزون عن تحقيق ذلك في بلدانهم ذاتها، وهذا وحده سبب كافي كي لا ننتظر كل شيء من أوباما.

في النهاية لا نعرف إذا كان تقدير العالم لأوباما سوف يدعمه لممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل أو على النخب السياسية الأميركية المحيطة به أو لتنفيذ مزيد من التغييرات الداخلية والخارجية، ولكنها نعلم أنها رسالة تأييد من كثيرن حول العالم له.

مبروك لأوباما على جائزة يستحقها تقديرا له وإشفاقا عليه ودعما له...

* مؤلف كتاب "صعود باراك أوباما ومستقبل السياسة الخارجية الأميركية

www.alaabayoumi.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 11/تشرين الثاني/2009 - 21/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م