مشروع إبعاد وتضييق الخناق على الشيعة في دول الخليج لمصلحة مَن؟

 

شبكة النبأ: يتجه عشرات اللبنانيين (الشيعة) المُبعدين من الامارات العربية المتحدة من دون اي سبب رسمي، الى تصعيد تحركهم واعداد ملف قضائي، مؤكدين ان تعرضهم لهذا التدبير التعسفي مردّه تعاطفهم مع المقاومة في لبنان وفلسطين.

وفي غضون ذلك استقبلَ رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فؤاد السنيورة لجنة المبعدين اللبنانيين من الإمارات في السرايا الحكومية، عقب انتهاء المؤتمر الصحافي الذي عقدته اللجنة.

وقد أصدرت اللجنة بياناً ذكرت فيه أن السنيورة أبدى تعاطفه مع قضية المبعدين الإنسانية والوطنية، واستعداده للقيام بالخطوات التي تؤدّي إلى الوصول إلى حل هادئ عبر الطرق الدبلوماسية.

واعلن رئيس لجنة المبعدين حسان عليان في مؤتمر صحافي، ان اللجنة ستدعو الى تصعيد التحرك والاحتجاج السلمي والسياسي والاعلامي الذي سيأخذ اشكالا عدة"، وستبدأ "باعداد ملف قضائي من اجل رفع دعاوى في المحافل المختصة.

ويتهم المبعدون الذين لا احصاء دقيقا لهم كون البعض لم يبلغ عن مغادرته الامارات، السلطات الامنية في الامارات بممارسة "ضغوط عليهم وملاحقتهم وطردهم وابعادهم"، بسبب رفضهم "جمع المعلومات عن ابناء الجالية اللبنانية في الامارات وعن المقاومة وعناصرها في لبنان"، بحسب ما جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقدته اللجنة.

وقال عليان ان القضية بدأت منذ التسعينات حين "تعرض بعض اللبنانيين المقيمين في الامارات العربية المتحدة لضغوط من السلطات الامنية من اجل تجنيدهم وتحت وطأة التهديد بالطرد والترحيل في حال عدم التعاون".

وقال ان الامور "تفاقمت بعد انتصار المقاومة في حرب تموز/يوليو 2006"، مشيرا الى ان "الكثير من اللبنانيين من لون واحد تعرضوا للابتزاز وطلب منهم جمع المعلومات عن ابناء الجالية اللبنانية في الامارات وعن المقاومة وعناصرها في لبنان".

وتابع "تم حتى الآن ابعاد وترحيل عشرات العائلات اللبنانية المقيمة في الامارات من لون طائفي واحد في شكل تعسفي ومن دون اي مبرر". بحسب فرانس برس.

وسأل "لمصلحة من يطرد ويبعد كل من يشك في حبه وتأييده للمقاومة في لبنان وفلسطين؟ لمصلحة من يطرد اللبنانيون والفلسطينيون وعائلاتهم الذين مضى على اكثرهم ما يزيد على ثلاثين سنة في الامارات من دون ذنب او جرم اقترفوه؟". واضاف "لمصلحة من يطلب من اللبنانيين التجسس على بعضهم البعض وعلى المقاومة في لبنان وفلسطين؟".

وقالت رانيا (19 عاما) لوكالة فرانس برس انها ولدت في الامارات من والدين لبنانيين "وتربيت هناك ودرست هناك ولدي الكثير من الاصدقاء الخليجيين. في غضون عشرين يوما تقريبا، اضطررنا الى ان نوضب كل ما لدينا وان نغادر".

ووالد رانيا موظف منذ ثلاثين عاما في مطعم في ابو ظبي، وهو يحاول ايجاد عمل في لبنان، "رغم انه لم يفق من الصدمة بعد".

وقال رجل الاعمال حسين مسعود (39 عاما) الذي منع في 17 تموز/يوليو من دخول الامارات بعد عودته من اجازة في لبنان، "لا اعرف من وراء هذا الظلم الذي لحق بنا. من ظلمنا الله يظلمه. كل شيء، كل حياتي تحولت في لحظة الى سراب. لا يمكنني ان اصف شعوري". وقد ابلغ مسعود في المطار انه "ممنوع من الدخول الى الامارات نتيجة بلاغ امني".

وقال لفرانس برس "بكيت قهرا. في لحظة استعدت شريط احداث حياتي. الامارات هي البلد الذي فيه كل حياتي، فيه درست وفيه عملت وفيه تعرفت على زوجتي وفيه ولد طفلي(...)".

ويملك حسين مسعود مجموعة شركات في امارة الشارقة، احداها للدعاية والاعلان واخرى لتجارة الحديد وثالثة لصنع الالومنيوم "موروثة من الوالد". كما يملك اراضي ومزرعة وعقارات وسيارات. ويتابع "لدي 85 موظفا، ثمانون منهم سنة. فعلوا بي هذا لانني شيعي، علما انني لم اميز يوما بين سني وشيعي. واعتبر الامارات وطني الثاني".

وكان عليان اوضح لفرانس برس ان جميع المبعدين "هم من الشيعة". وقال عليان الذي يعمل منذ 22 سنة في مؤسسة اعلامية في الشارقة، ان الدفعة الاولى ابعدت بعد الانتخابات النيابية التي جرت في لبنان في حزيران/يونيو وفازت فيها الاكثرية المدعومة من الغرب ومن دول خليجية على تحالف مدعوم من سوريا وايران وابرز اركانه حزب الله.

وفي حين طالب اللبنانيون في مؤتمرهم الخميس الدولة اللبنانية بالتحرك سريعا لمعالجة المسالة، رفض السفير الاماراتي في لبنان رحمة الزوعابي، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس التعليق على الموضوع.

وافاد مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية ان الوزارة، رغم كل جهودها مع البعثة الدبلوماسية الاماراتية، لم تحصل على اجوبة عن استفساراتها باستثناء التأكيد ان سبب الابعاد "لا يمت الى طائفة المبعدين بصلة، بدليل ان عشرات الاف اللبنانيين الشيعة لا يزالون يقيمون ويعملون في الامارات".

وحضر عدد من نواب حزب الله المؤتمر الصحافي. وكان الحزب اصدر بيانا اعتبر فيه ان "ما تعرض له بعض اللبنانيين في دولة الامارات العربية المتحدة من ترحيل بات يتطلب تحركا رسميا لبنانيا جديا لمعالجته نظرا للتداعيات التي قد يتسبب بها هذا الاجراء غير المفهوم".

وقال نائب رئيس لجنة المبعدين الطبيب علي فاعور الذي عاش ومارس مهنته عشرين عاما في الشارقة قبل طرده في نهاية تموز/يوليو، "هذا تصرف لا انساني ولا قانوني ولا حضاري، ومخالف لقوانين الامم المتحدة والشرائع الانسانية".

وروى لفرانس برس كيفية ابعاده "قيل لي لديك مهلة اسبوعين. طلبت شهرا لاقفال العيادة. موقعي ومركزي ساعداني على تمديد المهلة". واضاف "اولادي ولدوا في الامارات. وقد تم ابطال اقاماتنا كلنا". واكد انه لا يمارس اي نشاط حزبي، مضيفا "انا من سهل الخيام (جنوب). في القرى الحدودية خلقنا مقاومين، ونحن متعاطفون مع اي مقاومة. فهل هذه تهمة؟".

ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول في وزارة الخارجية اللبنانية ان الحكومة اللبنانية استدعت سفير الامارات في لبنان عدة مرات حول هذه القضية من دون ان تتلقى الحكومة اللبنانية تفسيرا للخطوة الاماراتية.

واضاف المسؤول اللبناني " لقد تم اعلامنا عبر القنوات الدبلوماسية ان قرار الترحيل لا علاقة له بالانتماء الطائفي للمرحلين لان الالاف من الشيعة لا يزالون يعملون ويعيشون في الامارات". لكن عليان اشار الى ان ترحيل بدء عقب الانتخابات النيابية اللبنانية الاخيرة في يونيو/حزيران الماضي.

من جانبه اعلن القيادي في حزب الله محمد فنيش ان على الحكومة اللبنانية معالجة هذه المسألة بصورة عاجلة كونها تلحق ضررا ماديا بعوائل المرحلين.واضاف فنيش ان هؤلاء الاشخاص "لم ينتهكوا القانون في الامارات ولا مبرر لالحاق الضرر بهم".

كما وجه رجل الدين الشيعي اللبناني البارز محمد حسين فضل الله نداء الى رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن ال نهيان داعيا اياه الى التدخل لحل هذه المسألة وقال " ندعوك لحماية مئات العائلات اللبنانية التي ساهمت في تطوير الامارات ولا نعتقد ان قرار الترحيل كان لدواع امنية او سياسية او بسبب ضغوط خارجية".

السفير الإماراتي للحريري: الإبعاد قضية أمن دولة

استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة أمس لجنة المبعدين اللبنانيين من دولة الإمارات العربية المتحدة في السرايا الحكومية، بناءً على موعد حدّده السنيورة عقب انتهاء المؤتمر الصحافي الذي عقدته اللجنة أول من أمس. وأصدرت اللجنة بياناً ذكرت فيه أن السنيورة أبدى تعاطفه مع قضية المبعدين «الإنسانية والوطنية، واستعداده للقيام بالخطوات التي تؤدّي إلى الوصول إلى حل هادئ عبر الطرق الدبلوماسية».,

وذكرت اللجنة في بيانها أنها طالبت السنيورة والمسؤولين كافةً في الدولة اللبنانية بالتدخّل الفوري والسريع لوقف هذا النزف الخطير، والتمادي في عملية الإبعاد، وإجراء الاتصالات اللازمة مع حكومة دولة الإمارات بالطرق التي تراها الدولة ضرورية لمعرفة الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار. بحسب (دي برس - جريدة الأخبار).

 كذلك وضعت اللجنة السنيورة «في صورة التحركات واللقاءات مع الفعّاليات والمرجعيات والمسؤولين، التي لم تؤدِّ إلى أي نتيجة إيجابية طيلة الثلاثة أشهر الماضية، ممّا اضطرها إلى إبراز هذه القضية أمام الرأي العام المحلي والخارجي».

ولفتت مصادر اللقاء إلى أن السنيورة تحدّث عن كونه معنيّاً بالقضية كمواطن لبناني وكمسؤول، ناصحاً بالابتعاد عن التصعيد الإعلامي. وقد ردّ أعضاء الوفد بالقول إنهم أعطوا فرصة أمام التحرك الدبلوماسي دامت 3 أشهر. ولمّا أبلغهم المسؤولون الرسميون المتابعون للقضية عدم وجود إشارات إلى حل هادئ للقضية، قرر أعضاء اللجنة اللجوء إلى التحرك الإعلامي، تمهيداً لتحركات أخرى لاحقاً. وأضافت المصادر إن السنيورة وعد اللجنة بوضعها في نتائج ما سيجريه من اتصالات.

وكان الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري قد استقبل السفير الإماراتي في لبنان رحمة الزعابي. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن البحث تناول «سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين». وذكر مصدر واسع الاطلاع أن الموعد محدد مسبّقاً بين الرجلين، ولم يحدّد على خلفية قضية الإبعاد، إلّا أن الحريري سأل السفير عن الأمر، لافتاً إلى أن بعض المبعدين رجال أعمال موجودون في الإمارات منذ مدة بعيدة.

وأضاف المصدر إن السفير الإماراتي قال للحريري إن الأمر متعلق بأمن الدولة، «لكننا هنا في السفارة غير مطّلعين عليه». ووعد الزعابي الحريري بأنه سينقل وجهة نظره إلى المعنيين في بلاده.

من ناحية أخرى، قال مسؤولون أمنيون أن السلطات الأمنية الإماراتية لم تبلغ نظيرتها اللبنانية أيّ ملاحقة بحق لبنانيين، على خلفيات سياسية أو أمنية غير جنائية.

واستغرب المسؤولون ذاتهم الحملة الإماراتية، نافين علمهم بوجود قضايا أمنية قد تبرّر ما تفعله السلطات الأمنية الإماراتية. ولفت أحدهم إلى أن الإمارات العربية المتحدة ليست وحدها التي تمارس ضغوطاً على فئة من اللبنانيين رغم تفرّدها بالأسلوب. فالأردن يضيّق على الشيعة الذين يزورونه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكويت، التي تتشدّد في منحهم تأشيرات دخول، فضلاً عن المغرب ومصر. وعبّر المصدر عن خشيته من انعكاس الإجراءات على واقع اللبنانيين عموماً، وعدم اقتصار آثارها على فئة محدّدة منهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/تشرين الثاني/2009 - 16/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م