الانتخابات في العراق: محاولات نزع ثوب الطائفية وتمادي دول الجوار

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: في خطوة مغايرة للتوقعات اعلنَ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد كتلته الانتخابية (ائتلاف دولة القانون) مؤكداً انها بعيدة عن المحاصصة والطائفية، في بلد مزقته صراعات متعددة الاشكال.

وضمن ردود الافعال التحليلية لإعلان المالكي ائتلافه، رأى باحثون ومحللون سياسيون ان الاعلان عن ائتلاف دولة القانون بعيداً عن الشركاء السابقين في الائتلاف الوطني، تسبّبَ في تغيير المعادلات السياسية بالعراق وأجبرَ المكونات الاخرى على التفكير بكسر تخندقاتهم الطائفية والقومية، فيما رأى باحث آخر ان عدم انضمام المالكي لنظرائه في الانتماء المذهبي بالائتلاف الوطني "منع العملية من العودة للمربع الاول و "أعطى العراق 100 سنة من الديمقراطية"، في حين رأى باحث أن اعلان المالكي للائتلاف انما هو "ردة فعل مرتبكة عن الاسراع بإعلان الائتلاف الوطني".

واكد المالكي ان الاعلان عن الائتلاف "يشكل منعطفا تاريخيا في عملية بناء الدولة العراقية الحديثة على اسس وطنية سليمة بعيدا عن الاستبداد واعتماد الكفاءة والنزاهة والمهنية بعيدا عن المحاصصة والطائفية". وقال "نعلن اليوم تشيكل ائتلاف دولة القانون لخوض الانتخابات البرلمانية التي ستجري في 16 من كانون الثاني/يناير".

ويضم الائتلاف جميع الفئات تقريبا ويركز في اوساط العرب السنة، على قادة الصحوات التي تحارب القاعدة في مناطقها غرب بغداد وشمالها. وهناك اثنتان من المجموعات المسيحية وواحدة عن الشبك لكن الصابئة والايزيديين غير ممثلين.

الا ان النائب خالد الاسدي من الائتلاف قال لفرانس برس "هناك طلبات من الصابئة والايزيديين للانضمام الى الائتلاف ونجري مفاوضات معهم بهذا الخصوص". وانضم رموز "المستقلين" الذين كانوا منضوين ضمن الائتلاف الشيعي السابق الى كتلة المالكي حاليا.

كما يضم الائتلاف مرشحين عن التركمان الشيعة والاكراد الفيليين (شيعة). واضاف المالكي ان تشكيل الائتلاف ياتي "من اجل خدمة الشعب وتحقيق تطلعاته في بناء دولة اتحادية مستقلة تضمن لابنائها حياة حرة كريمة تسودها العدالة والمساواة".

لكنه تابع "نؤكد ان السيادة والامن والعلاقات الخارجية والثروات تظل من مسؤولية الحكومة المركزية". وقال ان الائتلاف يعتمد "مبدأ الحوار لحل الخلافات وتعزيز المؤسسات الدستورية بما يحقق مصالح البلاد".

وجدد رفضه التدخلات الاجنبية. وقال "لن نتهاون ولن نسمح لاي دولة بالتدخل في شؤوننا الداخلية التي نعدها خطا احمر لا يمكن تجاوزه".

واشار رئيس الوزراء الى ان "ائتلاف دولة القانون يمثل جميع العراقيين (...) لما يمتلكه من طاقات غير منحازة الى طائفة او قومية (...) وشعبنا متمسك بالحرية والتعددية وطي صفحات الاستبداد".

وقال "اتفقت كلمتنا على منع عودة حكم الحزب الواحد والفرد الواحد ونقف اليوم متحدين في ائتلاف دولة القانون لمواجهة اي محاولة لاثارة الفتنة الطائفية ونتصدى بقوة للارهاب بجميع اشكاله وصوره وحصر السلاح بيد الدولة وابعاد الجيش والشرطة عن التاثيرات الطائفية والتحزب". واكد "التزامنا بالحوار مع الكتل السياسية قبل وبعد الانتخابات بما يساعد تعزيز الوحدة الوطنية".

وكان حسن السنيد القيادي في حزب "الدعوة الاسلامية" بزعامة المالكي قال في وقت سابق "تمت المصادقة على تشكيل ائتلاف دولة القانون الذي يضم اربعين تيارا سياسيا" مشيرا الى "حوار يجري مع حوالى ثلاثين كيانا اخر". واضاف ان "المشاركين يمثلون جميع" المحافظات العراقية.

من جهته، قال النائب الاول لرئيس البرلمان الشيخ خالد العطية لوكالة فرانس برس ردا على سؤال حول رفض بعض الكتل اعتماد القائمة المفتوحة في الانتخابات "موقفنا واضح ونتبناها بشكل اساسي".

وتابع العطية المشارك في الائتلاف مع المالكي "نعمل على اقرارها من اجل ان يتكمن الشعب من اختيار من يمثلونه بشكل جيد (...) وسنسعى جاهدين الى ان يوافق عليها البرلمان لان من شان ذلك ان يحسن من فرص ادائه". وتؤيد المرجعية الدينية وخصوصا آية الله علي السيستاني القائمة المفتوحة في حين تعارضها جهات حزبية شيعية.

وكان المالكي قد كشفَ ان هناك مؤامرة بدأت تحاك ضده من قبل تحالفات الشركاء ـ الخصوم، معلنا رفضه للقيام بأي مؤامرة ضد شركائه، مع حرصه الشديد “على التقويم قبل التهديم في العلاقات”.

جاء هذا في معرض رد المالكي على سؤال في النافذة الاعلامية التي يتواصل بها مع الصحفيين، بحسب ما نشره المركز الوطني للاعلام.

ورد المالكي على السؤال الذي تضمن امكانية أن تكون هناك مؤامرة بدأت تحال ضده من قبل تحالفات الشركاء ـ الخصوم؟، بالقول “سمها مؤامرة او اي شئ آخر، هي موجودة وطابع العملية السياسية يشدها في اكثر من مقطع ضدي او ضد غيري، وهو عمل ارفضه ولن اشترك في مؤامرة على شريك واذا رفضته سأرفضه علنا وعبر القنوات الرسمية والعلاقات مع حرصي الشديد على التقويم قبل التهديم في العلاقات”

محللون يصفون (دولة القانون) بأنها غيّرت المعادلات وباحث يراها ردة فعل مرتبكة

وفي نفس السياق رأى باحثون ومحللون سياسيون ان اعلان المالكي لائتلاف دولة القانون بعيدا عن شركائه السابقين في الائتلاف الوطني، تسبّبَ في تغيير المعادلات السياسية بالعراق واجبر المكونات الاخرى على التفكير بكسر تخندقاتهم الطائفية والقومية، فيما رأى باحث اخر ان عدم انضمام المالكي لنظرائه في الانتماء المذهبي بالائتلاف الوطني “منع العملية من العودة للمربع الاول و “أعطى العراق 100 سنة من الديمقراطية”، في حين رأى باحث أن اعلان المالكي للائتلاف “ردة فعل مرتبكة عن الاسراع باعلان الائتلاف الوطني.

وقال الباحث والمحلل السياسي ابراهيم الصميدعي إن اعلان رئيس الوزراء نوري المالكي لائتلاف دولة القانون “بمعزل عن شركائه السابقين ونظرائه في المذهب الشيعي، يمثل ضربة مباغتة للمشهد العراقي الذي ترسخ خلال السنوات الماضية، فلو كان المالكي قد استجاب للضغوط الداخلية والخارجية ورضخ لمخاوف الاسبتعاد عن قوائم الناخبين بحملة تسقيط كبرى ما زالت متوقعة، لو كان قد استجاب لكل هذا وانضم للائتلاف الوطني، فمؤكد انه كان سيعيد العملية السياسية الى المربع الاول.

وكان المالكي اعلن رسميا عن تشكيلة ائتلاف دولة القانون للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في 15-1-2010، والتي ضمت اكثر من 40  حزبا وحركة سياسية ابرزها حزب الدعوة الاسلامية فضلا عن كتلة بيارق العراق التي يتزعمها شيخ عشائر الدليم علي حاتم السليمان ونواب ليبراليون مثل صفية السهيل ومهدي الحافظ وكتل سياسية منها كتلة مستقلون والحركة الاشتراكية الناصرية، والاتحاد الاسلامي لتركمان العراق والتيار العربي المستقل وحزب القرار التركماني وكتلة الشبك وكتلة الكرد الفيليين وغيرها.

واضاف الصميدعي وهو باحث ليبرالي “مجرد انضمام المالكي للائتلاف الوطني كان سيقنع نوشيروان مصطفى بالانضمام لباقي الكتل الكردية بقائمة واحدة ذات طابع قومي كردي، وكان سيقنع جبهة التوافق والحزب الاسلامي بايجاد تحالف وثيق مع قائمة طارق الهاشمي، فالمعروف ان أي ائتلاف شيعي طائفي موحد سيفرض وجود ائتلافات او جبهات سنية طائفية وكردية قومية موحدة، وهو نفس المشهد الذي ابتدأت به سنوات ما بعد نيسان 2003″. بحسب تقرير اصوات العراق.

وكانت الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2005 قد اتسمت بغلبة الائتلافات والتحالفات الطائفية والقومية، حيث شكلت أبرز القوى الشيعية الائتلاف العراقي الموحد، فيما شكلت القوى السنية جبهة التوافق العراقية، وشكلت القوى الكردية التحالف الكردستاني، وحصلت الائتلافات الثلاثة على غالبية مقاعد البرلمان وتسيدت المشهد السياسي ككتل تمثل طوائف وقوميات، ورغم الانشقاقات التي واجهها كل من الائتلاف العراقي الشيعي وجبهة التوافق السنية الا انها ظلت محتفظة ببنائها الطائفي الذي يقول قادة ائتلاف (دولة القانون) انهم يريدون كسر قاعدته التي لم تعد تصلح للتجربة العراقية خلال السنوات المقبلة، من خلال اشراك مكونات طائفية وقومية متعددة في ائتلاف يعتمد على برامج وطنية عابرة للطائفية والقومية.

وكان القيادي في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون علي الاديب قال في وقت سابق لوكالة (اصوات العراق) ان تجربة السنوات الاربع الماضية اثبتت لحزب الدعوة ان اعادة استنساخ ائتلاف عام 2005 لن يكون مقبولا قياسا لحجم المشاكل التي عانى منها هذا الائتلاف.

ورأى الصميدعي أن “الانجاز الذي يحسب للمالكي الان، بغض النظر عن اختلافنا او اقترابنا منه، وبغض النظر عن فوزه بالانتخابات القادمة أم لا، الانجاز هو انه تجرأ على النزول منفردا وراهن على مكونات عراقية مختلفة مناطقيا وفكريا ودينيا وقوميا ومذهبيا، بدلا من الاكتفاء بعمقه الشيعي الذي منحه في وقت سابق منصب رئيس الوزراء”، معتبرا ان “مسألة رئاسة الوزراء حاليا ربما اصبحت اكثر صعوبة على المالكي، فالفرق المتوقع بينه وبين الائتلاف الوطني سيكون من 10 الى 20 مقعدا وفقا للتوقعات، وقد يكون هذا الفرق لصالح المالكي نفسه، لكن الانجاز هنا ليس الفوز برئاسة الوزراء، بل اختصاره لـ100 سنة من الديمقراطية التي يتطلبها قيام اي ديمقراطية حقيقية في العالم، لا شك ان المالكي فعلها حين جمع بين مكونات تمردت على انتماءاتها الفئوية وانضمت لمشروع يؤسس لاول مرة بعيدا عما ترسخ في السنوات الماضية”.

ودخل حزب الدعوة في مفاوضات مع باقي مكونات الائتلاف الموحد لتشكيل ائتلاف جديد، لكن الائتلاف اعلن عنه في 24 اب اغسطس الجاري من قبل المجلس الاعلى الاسلامي والتيار الصدري وحزب الفضيلة وتيار الاصلاح والمؤتمر الوطني ومجلس انقاذ الانبار وجزء من حزب الدعوة تنظيم العراق، دون مشاركة حزب الدعوة في تشكيلاته، ما اثار جملة من الاسئلة حول أمكانية أن يخوض حزب الدعوة الانتخابات النيابية المقبلة بائتلاف دولة القانون منفردا أو انه سيضطر الى الاندماج في الائتلاف الوطني الجديد.

لكن الباحث محمد عاشور، يذهب بعيدا عما يراه الصميدعي، فهو مقتنع بأن “خطوة المالكي كانت مرتبكة وجاءت كردة فعل على الاسراع باعلان الائتلاف الوطني، وليس فعلا مخططا له، معتبرا أن “اعلان ائتلاف دولة القانون كان خيارا مرا للمالكي فضله على خيار العودة طائعا للائتلاف الوطني الذي اصبح كيانا قائما من دونه، وكانت العودة مرة جدا عليه من الناحية الحزبية.

وتابع عاشور أن “ضريبة عودة المالكي للائتلاف الوطني كانت كبيرة جدا، اولها فقدان منصب رئيس الوزراء، والقبول بهيمنة المجلس الاعلى على قرار الائتلاف مجددا، بل واقتسام المكاسب مع قوى مناوئة لتوجهاته منها التيار الصدري وتيار ابراهيم الجعفري وكتلة احمد الجلبي، فضلا عن كتل اخرى لم تحصل على اي شيء في انتخابات مجالس المحافظات مثل حزب الفضيلة ومنظمة العمل الاسلامي وغيرها من التيارات التي دخلت الائتلاف لمجرد كونها تيارات شيعية.

وبين عاشور أن “المالكي، فوجئ باعلان الائتلاف الذي كان يتصور انه لن يتشكل دون اضافة بصمته الواضحة، والواضح الان ان على المالكي وحزب الدعوة ان يراهنوا على المفاجآت اكثر من مراهنتهم على اقناع ناخبيهم، خصوصا وان اداء مجالس المحافظات التي تسيدها حزب الدعوة، كان مرتبكا خلال الفترة التي اعقبت الانتخابات المحلية، وربما افقده الكثير جدا من الناخبين الذي وثقوا فيه سابقا.

وخلص عاشور الى ان “ارتباك المالكي ساهم في ارباك العملية السياسية، وساهم في تغيير الخارطة السياسية ولكن بشكل سلبي، على الاقل كانت التوافقات التي تنتج عن وجود ثلاث كتل رئيسية تحظى بالقبول الشعبي بشكل او بآخر، اعتقد اننا سننتظر سنة كاملة قبل تشكيل الحكومة القادمة، مذكرا بأن “على المالكي ان يتوقع الكثير من المتغيرات، فهناك الاتفاقات الامريكية المتوقعة بصفقة تبعده هو وائتلافه عن الصدارة لصالح صفقة نووية ايرانية امريكية، وهناك الصفقة العربية المتوقعة لاستبعاده باتفاق عربي يكون محوره مصير حزب الله، وايضا هناك التغير المتوقع في التوجهات الامريكية، اذا عبر المالكي من الضغوط الداخلية، ستكون الضغوط الخارجية بانتظاره دون ادنى شك.

لكن الباحث قاسم محمد توقع أن “يتجاوز ائتلاف دولة القانون مخاطر المباغتة في تغيير المشهد العراقي، إذ ان اعتماد المالكي على تشكيلة انتخابية جمعت الليبرالي بالاسلامي والمسيحي، والعربي بالكردي، والسني بالشيعي، وشيوخ الانبار بشخصيات وقوى من الجنوب والوسط، ستقدم تجربة جديدة لم يألفها الناخب العراقي، لكنها بالتأكيد ستعطيه فرصة للخروج من الخنادق التي وضع فيها قسرا خلال السنوات الماضية، معتبرا أن “الوقت مناسب جدا لخطوة جريئة مثل هذه، خصوصا وان المزاج الشعبي تغير كثيرا بعد القضاء على شبح الطائفية من خلال عمليات عسكرية قادها المالكي بنفسه وكلفته الكثير من عمر وزارته التي انصب مجملها على الملف الامني.

ورأى محمد ان “التوقعات حاليا تشير الى ان اغلبية الاصوات ستتوزع بين الائتلافين الكبيريين، هناك فرصة مؤاتية لدولة القانون لان تحظى بالصدارة مجددا وتكرار ما حصل في انتخابات مجالس المحافظات، ثم ان ائتلاف دولة القانون يتمتع بميزة تجعله يتفوق على الائتلاف الوطني ملخصها ان ناخبيه سيعرفون من سيمثلهم بالوزارة اذا فازوا، فالمالكي هو المرشح الحالي، على العكس من الائتلاف الوطني الذي يتوقع الكثيرون ان يتفكك بمجرد ان يبدأ التنافس على منصب رئيس الوزراء بين ابراهيم الجعفري وعادل عبد المهدي واحمد الجلبي وربما اياد علاوي لو انضم اليهم، وهؤلاء كلهم يريدون كرسي الوزارة بلا مواربة”، معتبرا ان المالكي “سيتخلى عن منصب رئاسة الوزراء اذا طلب منه ائتلاف دولة القانون ذلك، فالرجل يحترم نفسه كما اثبتت الفترة الماضية، ولن يتمسك بالمنصب كما فعل الاخرون قبله.

المحلل السياسي عباس الياسري، اشترك مع الاخرين بأنه “متيقن من أن المشهد السياسي في العراق تغير كثيرا بعد اعلان ائتلاف دولة القانون، اذ ان الائتلاف الوطني كان الاسرع بالاعلان عن نفسه، وهو ما جعل الكتل الباقية تحبس انفاسها بانتظار ما سيقرره المالكي، فلو كان قد دخل بالائتلاف كان كل شيء سيعود الى شكله القديم، ائتلاف شيعي زائدا تحالف كردستاني زائدا جبهة سنية وكتلة ليبرالية مشتتة، الان اختلف كل شيء.

بعض العرب يتدخل ويسعى إلى تغيير الخريطة السياسية

من جهة ثانية اتهمَ المالكي مَن وصفهم ببعض العرب، بالتدخل والسعي إلى تغيير الخريطة السياسية في البلاد، مبينا أن الموقف العربي حيال العراق ما يزال دون المستوى المطلوب بكثير.

وقال المالكي لصحيفة النهار اللبنانية عبر النافذة الاعلامية التي يوفرها المركز الوطني للاعلام التابع لمجلس الوزراء للصحافيين، إن الموقف العربي حيال العراق “لا يزال ينظر بعين الشك والريبة، بينما يقف البعض متسمراً عند شبهة الطائفية متذرعاً بها”.

وبين أن الموقف الرسمي العربي “لا يزال خائفا من الاقدام على خطوة للحضور ورؤية المشهد السياسي عن قرب”، فـ”بعد ست سنوات لا يزال الدور العربي ضعيفاً متردداً على رغم كل الوضوح الذي حصل في يوميات العملية السياسية ورموزها المتحركة”.

وتأتي تصريحات المالكي هذه عقب الازمة الديبلوماسية مع سوريا على خلفية اتهام بغداد دمشق بايواء جماعات بعثية والوقوف وراء تفجيرات “الاربعاء الدامي” في اب اغسطس الماضي والتي استهدفت وزارتي المالية والخارجية، الامر الذي دفع العراق إلى رفع القضية إلى الامم المتحدة ومطالبتها باجراء تحقيق دولي فيها، وهو ما اكده الرئيس جلال الطالباني في خطابه الاخير امام الجمعية العمومية للامم المتحدة.

وحول ما يتردد عن محاولة بعض الدول العربية التدخل من اجل تغيير الخريطة السياسية في الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في كانون الثاني 2010، قال المالكي إن “هناك محاولات لتغيير الخريطة السياسية وهو عمل مرفوض ومؤسف ألا يدعوا العراقيين يختارون بملء ارادتهم مستقبلهم السياسي”.

ووجه المالكي اللوم ايضا إلى “الاطراف العراقية لأنها تتحمل المسؤولية عن جزء كبير من تدخل هذه الدول”، موضحا “انا لا ارمي اللوم كاملاً على الحكومات بل الاكثر على من يذهب اليهم ويفتح الابواب لهذا التدخل تحت ذرائع وعناوين مرفوضة”.

وشدد على أنه “من الافضل للعراق والعرب ألا يغيبوا عنه او يخلوا الساحة لغيره، لأن حضور العرب الداعم للعراق خير من غيابهم”.

والنهار هي جريدة لبنانية عربية يومية سياسية مستقلة تعرف نفسها على أنها مدافعة عن لبنان واستقلاله، وصدر العدد الاول منها في 4 اب اغسطس عام 1933.

المالكي: حرية العراق تهدد انظمة تدعم البعثيين

وفي نفس السياق قال المالكي ان التغيير نحو الحرية والديموقراطية في بلاده يثير "الرعب" لدى "انظمة" لم يحددها بالاسم اتهمها بتقديم الدعم للبعثيين.

واوضح المالكي خلال زيارته مقر "شبكة الاعلام العراقي" الحكومية ان "التغيير نحو الديموقراطية والحرية في العراق محبب بالنسبة لنا لكنه مرعب بالنسبة لهم لانه يهدد انظمتهم".

وتساءل "هل قام احد من حزب البعث بتقديم اعتذار عن الافعال التي قاموا بها، نجد عكس ذلك تماما ونجد من يحتضنهم للقيام بالاضرار بالشعب العراقي، ونراهم يتحركون بسهولة من خلال دول معينة حتى حصلت التفجيرات الاخيرة".

وكان المالكي يشير الى سلسلة تفجيرات هزت بغداد خصوصا وزارة الخارجية في 19 آب/اغسطس الماضي اسفرت عن مقتل حوالى مئة شخص واصابة المئات بجروح.

واضاف "كنا دائما ندعو الى العلاقات الطيبة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكن لم نجد ذلك مجديا بل وجدنا بعض الدول تقف الى جانبهم وهي تعرف كيف يتدربون للقيام بهذه الاعمال" في اشارةالى سوريا.

وختم قائلا ان "العراق سيبقى دائما حريصا على العلاقات الطيبة مع جميع الدول، لكن لا علاقات مع الدول التي يذبح العراقيون بسببها".

وكان رئيس الوزراء شنّ هجوماً لاذعاً على سوريا بسبب "عدم تجاوبها" مع مطالب حكومته محذرا في الوقت ذاته من الاجتماعات العربية التي تسعى الى نقل قضية بلاده من الامم المتحدة الى الجامعة العربية بهدف "تضييع حقوق العراقيين" في مسالة تفجيرات بغداد الدامية.

وقد طلبَ المالكي رسمياً من الامم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق دولية في الاعتداءات. وتابع حينها "اننا جادون في كل مطالبنا، وسنواصل الطريق الذي اخترناه (...) للقضاء على فلول القاعدة والبعث الذي ينطلق من سوريا، او الذهاب الى المجتمع الدولي، او اللجوء الى اية وسيلة اخرى لوقف الانتهاكات". وقال ايضا "كنا نتوقع منذ البداية عدم تجاوب الجانب السوري للادلة والمطالب العراقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/تشرين الثاني/2009 - 15/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م