العيادات الطبية بين جشع الاطباء والافتقار للشروط الصحية وغياب الرقابة الحكومية

 

شبكة النبأ: يكاد يكون منظر العيادات ذات الغرف الضيقة، والجدران المتهرئة، والأرضيات الوسخة، ناهيك عن اكتظاظ المرضى، ومعاينتهم دفعات من قبل الطبيب.. قاسماً مشتركاً بين معظم عيادات الأطباء في بغداد التي يرى المواطنون انها تفتقر لأدنى الشروط الصحية ومستلزمات الراحة المُفترَضة للمرضى التي تؤشر غياباً واضحاً لأية رقابة صحية.

في ظل هذا المشهد، لم يكن الحاج صبار خشن (65) عاما، راضيا عن الطريقة التي تعامل بها معه طبيب الباطنية إثناء مراجعته له في عيادته الخاصة ببغداد للكشف عن آلام في بطنه، لكن ما أثار انتباهه أكثر ما لاحظه في العيادة وطبيبها “كانت عيادته غير نظيفة ولا يرتدي صدرية الطبيب البيضاء، وأدواته بدت لي غير معقمة، ربما سبب ذلك كثرة المراجعين، لانه الطبيب الوحيد الذي يفتح عيادته بعدد الإفطار في المنطقة.

وعوضا عن تفاصيل صحية تتعلق بعيادة الطبيب، قال خشن” أبهرتني لافتة الطبيب المعلقة على جدار عيادته، وقلت في نفسي انه سيشخص الألم ويداويني من الأوجاع التي أعاني منها في بطني بعد تناولي كل وجبة فطور مع مدفع الإفطار، غير إني لم افهم منه شيء، فقد ابلغني انها تقلصات.. وكتب لي مجموعة من العقاقير والأدوية.”

ويريد الحاج خشن ان يشير بذلك إلى إن الطبيب كان يستكثر عليه شرح علة مرضه ولا يكلف نفسه في ذلك شيئا.

ويرى الكثير من المواطنين إن العديد من العيادات الطبية الخاصة في بغداد تفتقر الى النظافة المطلوبة في المبنى والأدوات بسبب قلة رقابة وزارة الصحة على تلك العيادات وإلزامها بقواعد سلوك المهنة، ويدور حديث بين الأهالي بأن هناك أطباء من أصحاب العيادات الخاصة يمارسون عملهم دون أجازة وقد علّقوا قطعهم وكتبوا عليها عبارات ومصطلحات طبّية وذكروا الشهادات فيها على هواهم وهذا بدوره مخالف لتعليمات وزارة الصحة العراقية. بحسب تقرير اصوات العراق.

وانتشرت  العيادات الخاصة وأغلبها أن لم تكن جميعها لأطباء يعملون في مستشفيات ووحدات صحية وعيادات طبية حكومية، واختاروا عياداتهم معتمدين بالدرجة الأولى على إيجار العيادة المنخفض وهناك بعض العيادات لا تتجاوز مساحتها السبعة أمتار ولا تتوفر فيها إضاءة وتهوية وتدفئة وتبريد وأن توفرت فيها وسائل قديمة لا تفي والضرورة التي وجدت من أجلها.

وتقول السيدة أميرة محمد ( 34 ) عاما، ربة بيت، ” كلما راجعت الطبية النسائية أجد عشرات النساء وهن يقفن والبعض يجلسن للانتظار في غرفة لا تزيد مساحتها عن ثلاثة أمتار، الأمر الذي يزيد من معاناة المريضة التي تنتظر دورها، والبعض منهن يرشي السكرتيرة لتجاوز الطابور ويأخذ الأفضلية.

وأضافت أن “الطبيبة النسائية تضطر أحيانا لإدخال مريضين معا للسرعة، وأحيانا مع مرافقتين لهما، واعتقد أن هذا الأمر مخالف للشروط بل منافي لأخلاقيات المهنة لان لكل مريض أسراره الخاصة.”

ولفتت إلى إن “لمهنة الطب أصولها ولكل مريض أسراره ولفحص جسد المريض حرمة خاصة وعليه لا يجوز وتحت أي غطاء إدخال أكثر من مريض للفحص بل يدخل مع مرافقه ومن واجب الطبيب تنظيم هذا الأمر وتحديد المراجعين بشكل يتناسب مع وقت العمل بما يعطي المريض الوقت الكافي للفحص والنصائح والاستماع إلى مشاكله.

وتشير إلى إن من” الأمور الغريبة عن مهنة الطب والسلوك المهني الصحيح توجيه المريض إلى صيدلية محددة أو مختبر معين دون وجود مبرر علمي صحيح وان الأخطر من ذلك أن يكون هنالك اتفاق خفي بين (الصيدلية والمختبر أو عيادة الأشعة أو الجراح وغير الجراحين من الأطباء) تعطى فيه نسبة إلى الطبيب المرسل إن هذا الأمر من المحرمات في أسس ممارسة المهنة ولا يمكن تبريره تحت أي مسوغ.

وبهذا الصدد يقول الصيدلاني صبيح الربيعي” قد يكون ذلك من قبيل الصدفة أن تكون الصيدلية الأقرب إلى عيادة الطبيب، وقد تكون هناك علاقات جوار بين العيادة والصيدلية، وليس بالضرورة أن يكون هناك اتفاق بين الطرفين.

فيما يرى الطبيب ( ع ج ) صاحب عيادة طبية خاصة في بغداد الجديدة وعضو نقابة الأطباء العراقيين إن “العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض مبنية على الثقة والتسامح وان من واجبنا كأطباء أن نكتشف المحتاجين فعلا وغير القادرين على دفع أتعاب الطبيب لمد يد المساعدة لهم لان خدمة المريض هي الهدف الأسمى في الممارسة.

ويقول  احمد الساعدي معاون المفتش العام في وزارة الصحة ان “مسؤولية متابعة ورقابة العيادات الطبية الخاصة يقع على عاتق نقابة الأطباء، غير أن دائرة المفتش العام في الوزارة تقوم بجولات بين الحين والآخر للتأكد من وجود الطبيب في عيادته ومدى التزامه بشروط افتتاح العيادة والتأكد من إجازته بممارسة المهنة وكذلك طريقة الفحوصات التي يجريها الأطباء، بمعنى أن دائرة المفتش العام تراقب النواحي الفنية “.

وأضاف الساعدي ان” لدى دائرتنا سجل كامل يحدث باستمرار عن وجود المخالفات في العيادات الطبية والإجراءات المتخذة بحق المخالفين، وان هذا السجل يجدد أو يحدث بشكل دوري، وهناك متابعة مستمرة استنادا الى المعلومات المتوفرة بالسجلات، ولم تتأخر دائرة المفتش العام عن إغلاق أي عيادة خاصة أو مختبر أو صيدلية لاتوفر فيها الشروط اللازمة ومن أهمها نظافة المكان الذي ينتظر فيه المريض عند المراجعة وتوفير الراحة اللازمة له.

وأوضح  أن “الدائرة توجه إنذار أو إنذارين للعيادات أو الأطباء غير الملتزمين بالشروط اللازمة وفي حال عدم امتثاله للإنذار يصار إلى إغلاق عيادته ونضطر أحيانا إلى سحب الإجازة من الطبيب التي تمنحه حق ممارسة المهنة وذلك يتم بالتنسيق مع نقابة الأطباء.

لكن ذلك ليس هو واقع الحال، فلازالت معظم العيادات الطبية على حالها منذ سنوات بما تفتقر اليه من شروط صحية وجمالية. ولعل عيادة طبيب الأسنان ( ع أ )، لم تكن  أفضل حالا من عيادة الدكتور ( ح س )، من ناحية الشروط الصحية او المهنية والنظافة.

وبحسب المواطن محمد حسن ( 40 ) عاما، الذي راجع العيادة فقد لاحظ أن “الطبيب  يرتدي ( شحاطة ) إثناء ممارسته عمله في العيادة، فيما تنتشر أعقاب السجائر لدى مدخل العيادة، لكنه يرتدي صدريته (البيضاء). مستدركا  أن “الطبيب يتعامل بمرح مع مراجعيه ومرضاه، غير أن عيادته، غير لائقة رغم أنها تقع شارع يعد من الشوارع الراقية في العاصمة.

وتابع حسن “انظر إلى أدوات الطبيب بدقة، فهو يخرجها من وعاء فيه ماء معقم، لكني اعتقد بأن مريضا قبلي استخدمت معه هذه الأدوات، وقد يكون مصاب بمرض ماء غير الأسنان، وبطبيعة الحال فأن هذه الأدوات تدخل في الفم، وممكن أن تنتقل العدوى بسهولة.

ويرى الطبيب ( م س ) صاحب عيادة خاصة وعضو نقابة الأطباء العراقيين ان” للعيادات الطبية الخاصة شروط وأصول المهنة وعلى نقابة الأطباء إلزام تلك العيادات بالضوابط، ومنها  توفر كافة وسائل الراحة والخدمة للمرضى، و المحافظة على السلوك المهني القويم في الممارسة والابتعاد عن الاستغلال والمتاجرة بما يحافظ على قدسية المهنة ونبلها وسمعتها في البلد،  والمساهمة في رفع الوعي الصحي للمرضى.

وأضاف أن “افتتاح العيادات الخاصة مسألة جوهرية وان مسؤولية نقابة الأطباء تقع في المقدمة، كما أن مسؤولية الطبيب هي الأخرى كبيرة في الارتفاع بمستوى العيادات الخاصة كما أنها مسؤولية كليات الطب في تدريس الصحة العامة والتثقيف الصحي وممارسة السلوك المهني من اجل بناء الأسس الصحية والمحافظة عليها.

كما يرى الطبيب ( ع ج ) صاحب عيادة طبية خاصة في بغداد الجديدة وعضو نقابة الأطباء العراقيين إن “العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض مبنية على الثقة والتسامح وان من واجبنا كأطباء أن نكتشف المحتاجين فعلا وغير القادرين على دفع أتعاب الطبيب لمد يد المساعدة لهم لان خدمة المريض هي الهدف الأسمى في الممارسة.

وتقول وزارة الصحة العراقية إن قسم التفتيش والشكاوى في الوزارة أغلق عددا من عيادات الأطباء والصيدليات ومذاخر الأدوية ومحال بيع الأعشاب الطبية في مناطق متفرقة من بغداد لمخالفتها لشروط وتعليمات وزارة الصحة.

وذكرت الوزارة في بيان صادر عنها أن “الحملات التفتيشية التي قام بها قسم التفتيش والشكاوى خلال الأشهر الماضية والتي شملت كافة عيادات الأطباء والصيدليات ومذاخر الأدوية وذوي المهن الصحية في مناطق متفرقة أسفرت عن إغلاق عدد من العيادات الطبية ومن مختلف الاختصاصات  ومحال لبيع الأدوية وصيدليات ومذاخر بسبب عدم التزامها بشروط النظافة ومخالفتها لتعليمات وزارة الصحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/أيلول/2009 - 4/شوال/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م