التجاذبات الحزبية تحرج الحكومة على حساب قضايا العراق المصيرية

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: أضعفت الحالة الأمنية والسياسية المهترئة في العراق التأييد لمكانة جميع الكيانات، التي كشفت عن نفسها بصورة تفيد أنها لاتستطيع السيطرة على الأوضاع الأمنية وإدارت العملية السياسية بحنكة، ودلت مؤشرات الى انتهاء توجيه الرأي العام من الداخل العراقي الى خارجه نحو رمي الكرة في الساحة الدولية من خلال إنشاء محاكمات دولية قد تستمر لسنين طويلة ربما لاتدر نفعا على المتضرر الأول وهو الشعب العراقي.

فهناك حالة غضب شعبية ضد كل الإجراءات التي تمت مؤخرا ابتداءا من الكشف المنقوص عن التفجيرات التي راح ضحيتها قرابة ألف مابين قتيل وجريج في بغداد والموصل، وانتهاء بالاجتماع الطارئ للكيانات السياسية والأجهزة الأمنية، التي استنكارت الحادث واكتفت بتوجيه التهم مرة الى إيران وأخرى الى سوريا.

فبقدر ما أعطت هذه الإجراءات علامة سيطرة على الأوضاع من خلال كشف بعض الحقائق عن الواقع الأمني، بلورت هذه الإجراءات خطة عمل ترتكز على ثلاث قضايا:

القضية الأولى تتعلق بمشروع انسحاب القوات الامريكية من العراق. فهو مشروع أخاف قسم كبير من الساسة، فالوضع السياسي والأمني القائم يفرز مخاوف العراقيين بعضهم من بعض. كما يفرز استثناء لحق عودة القوات الامريكية الى المدن.

القضية الثانية تتعلق بالإجراءات الداخلية الأمنية التي أقدمت عليها الحكومة العراقية، من إنشاء محكمة دولية والكشف عن هوية مرتكبي الجرائم.

القضية الثالثة، تتعلق بموضوع السلطة والحكومة العراقية التي يتولى شؤونها رئيس الوزراء نوري المالكي.

إذ يقوم المالكي، بإطلاق سلسلة من التصريحات تفيد السعي لإنشاء دولة القانون بعيدا عن الديمقراطية التوافقية التي يرغب بهاالأكراد، وعزل بعض القادة في وزارتي الداخلية والدفاع.

فبعد هذا الحراك الساخن تفاجئ العراقيون من صدام المالكي مع مجلس الرئاسة الذي أدان من جهته تحركات المالكي وتصريحاته تجاه سوريا، وحول عزله قادة أمنيون، وآخرها إقالة الناطق باسم وزارة الداخلية عبد الكريم خلف.

وهذا ما أكدته تصريحات نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي كشف عن بوجود خلافات بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية لأسباب قال عنها الهاشمي إنها تتعلق بموضوع التجاوز على الصلاحيات الدستورية، مؤكدا أن مجلس الرئاسة سيقوم بممارسة حقوقه الدستورية ومن دون وصاية أحد.

فبرغم ماحدث من انفجارات ضخمة هزت قلب العاصمة بغداد، اختطف المالكي الأنظار العالمية من خلال تصريحاته في وقت كشفت الأوضاع الأمنية ضعف المالكي وعدم قدرته على السيطرة. و لزعزعة شرعية حكومته، فبغض النظر عمن يقف وراء التفجيرات، لكنها وجهت ضربة مؤلمة لجميع المكونات السياسية والأمنية وزلزلت ثقة الحكومة العراقية التي ظنت أنها قوية وباستطاعتها تأمين الأجواء قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، ولكن ماحدث كشف عن هشاشة السيطرة الحكومية على مؤسساتها الغارقة بالفساد والرشاوى.

وضعت هذه الأحداث الشعب العراقي على حافة الإنهيار النفسي وفقدان الثقة الكاملة بقادته، إذ أوضحت المهاترات السياسية بين القادة نفسهم عمق المأزق ورخوة الأرض التي يصطفون عليها مما أفضت قلق كبيرا للجميع يستدعي من الجميع النظر بعين الإنسانية للشعب العراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/أيلول/2009 - 21/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م