الكوارث البيئية: الاستثمار يحدّ منها وبيل غيتس يحاوِل إيقافها!

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: قد لا يكون هناك مفرّ من الكوارث الطبيعية لكنّ الضعف الانساني تجاه تلك الكوارث أمر يمكن تجنّبه فَما يقتل ويدِّمر هو ضعف الأنسان وارتكابه الاخطاء بحق الطبيعة، ومن هنا أخذ خبراء الأعاصير حول العالم، بتقييم فكرة تقدّمَ بها المليونير الأمريكي بيل غيتس مؤسس ميكروسوفت حول إمكانية التحكّم بالطقس لمنع الكوارث..

وفي آخر مثال على غضب الطبيعة وقوتها العارمة التي لايقف بوجهها اي شيء تسبّبَ إعصار قوي، ضرب سواحل الصين وتايوان الاسبوع الماضي، في تشريد قرابة مليون شخص وفقدان العشرات، وأجلَتْ السلطات قرابة مليون شخص مع اقتراب "موراكوت"، الذي تسبّبَ في مصرع شخصين وقطع التيار الكهربائي عن 650 ألف مسكن في تايوان..

هل يمكن لبيل غيتس أن يوقف الأعاصير قبل حدوثها؟

أخذ خبراء الأعاصير حول العالم، بالاستهزاء من فكرة تقدم بها المليونير الأمريكي بيل غيتس مؤسس "ميكروسوفت" حول إمكانية التحكم بالطقس.

فقد أعلن غيتس ونحو 12 عالما آخرين، إن هناك تقنية يحاولون الحصول على براءة اختراع لها، يمكنها من الحد من مخاطر الأعاصير الوشيكة، عبر العمل على تخفيض درجة حرارة المحيطات.

وتبدو الفكرة، لتستحق جائرة نوبل، بالنظر إلى الذكريات الأليمة التي خلفها إعصار مثل "كاترينا،" الذي ضرب الولايات المتحدة قبل نحو أربع سنوات، وتسبب بمقتل 1800 شخص، وخسائر فاقت قيمتها 81 مليار دولار.

وامتدح المشككون فكرة غيتس وزملائه، لكنهم تساءلوا عن إمكانية تطبيقها، إذ يقول غابريل فيشي الباحث في إدارة المحيطات ودراسات الطقس الأمريكية "تبدو فكرة ضخمة جدا، تطالبنا بفعل ما لم يفعله بشر من قبل."

ورغم ضخامتها إلا أن لها طريقة عمل واضحة، إذ أن نشوء الأعاصير تسببه المياه الساخنة التي تحيط بالعاصفة، لذا يمكن لتبريد تلك المياه أن يحد من زخم وسرعة الإعصار. بحسب سي ان ان.

والفكرة هي وضع زوارق كبيرة، في طريق العاصفة، ويحتوي كل منها على قناتين، يبلغ طول كل منها نحو 152 مترا، وتدفع أحداهما الماء الساخن من سطح المحيط إلى الأسفل، في حين تسحب القناة الأخرى الماء البارد من الأسفل إلى السطح.

الاستثمار مفتاح الاستعداد للكوارث

قد لا يكون هناك مفر من الكوارث الطبيعية لكن الضعف الإنساني تجاه تلك الكوارث أمر يمكن تجنبه، "فما يقتل ويدمر هو ضعف السكان،" وفقاً لمارجريت والستروم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للحد من الكوارث.

وكانت الدورة الثانية للمنتدى العالمي للحد من خطر الكوارث التي افتتحت في جنيف في 16 يونيو قد تبنت شعار "استثمر اليوم من أجل غد أكثر أمناً" وهو مفهوم يجري الترويج له بصورة جدية.

وقد أشارت لورين ليجاردا، العضو في مجلس الشيوخ الفلبيني إلى أن الصين نجحت في توفير 12 مليار دولار من تكاليف إعادة التأهيل بفضل الاستثمارات في السيطرة على الفيضانات التي بلغت تكلفتها 3 مليارات دولار. وأضافت قائلة: "نحن بحاجة إلى النظر إلى الحد من خطر الكوارث على أنه استثمار بدلاً من كونه تكاليف. فعلى المدى الطويل سيكون أكثر فاعلية".

وكان أحد أهداف مؤتمر هذا العام هو ضمان الالتزام بتمويل الحد من خطر الكوارث من الأموال التي تمت الموافقة عليها بالفعل لصالح الإغاثة الإنسانية والمعونات التنموية. وقالت بيرجيت ليوني، مديرة الاتصال في الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث: "نحن لا نطلب المزيد من الأموال، ولكننا نطلب استخدام تلك الأموال بطريقة مختلفة".

وقد قام المؤتمر بعرض مؤشر خطر الوفاة الحديث الذي يستخدم نماذج الحاسب الآلي لتوضيح أي من البلدان هي الأكثر تعرضاً لخطر الزلازل والفيضانات والأعاصير الاستوائية وانهيارات التربة. وقد عمل على هذه الدراسة فريق من 20 عالماً على مدى عامين بناءً على بيانات من آلاف الأعاصير الاستوائية والزلازل وانهيارات التربة والفيضانات.

وتقع كل من الصين وبنجلاديش والهند وإندونيسيا في فئة الدول المعرضة للخطر البالغ ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى حجم سكان تلك الدول. وتقع كولومبيا وميانمار في الفئة ذاتها بسبب الخطر النسبي على سكانها الأقل عدداً. وعندما يتعلق الأمر بالضعف، فإن الفقر وسوء الحكم يلعبان دوراً كبيراً. فميانمار التي فقدت أكثر من 130 ألف شخص في إعصار نرجس الاستوائي هي مثال لارتفاع مستوى الخسائر عند غياب التحذير وعدم الاستعداد.

وأكثر ما يثير الدهشة هو أن الولايات المتحدة موضوعة في مجموعة الخطر ذاتها مع هايتي وإثيوبيا ونيبال وهندوراس. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى أن الولايات المتحدة معرضة بصورة خاصة للأعاصير الاستوائية والزلازل، كما توجد في الولايات المتحدة جيوب فقر ما يجعل بعض سكانها من المستضعفين بصورة خاصة. ومثال على ذلك إعصار كاترينا.

وبغض النظر عن الإجراء المتخذ، فإن بعض الدول ستكون دائماً في خطر. ولكن حتى إذا لم يكن في الإمكان القضاء على الخطر تماماً فإنه يمكن خفض الخسائر في الأرواح. فقد خسرت بنجلاديش أكثر من 500 ألف شخص أثناء إعصار بولا في عام 1970 ثم قامت لاحقاً ببناء 2,500 ملجأ من الأعاصير على منصات خرسانية مرتفعة وقامت بتدريب أكثر من 32 ألف متطوع للمساعدة في عمليات الإجلاء. وعندما ضرب إعصار سيدر في عام 2007 مع موجات بحرية هائلة كانت حصيلة القتلى أقل من 4 آلاف شخص.

غرب إفريقيا: تبسيط إجراءات الحد من خطر الكوارث

تؤتي الشراكات بين وكالات الإغاثة وخبراء المناخ ثمارها أخيراً من خلال مساعدة المنظمات غير الحكومية في الاستجابة للكوارث والوقاية منها. ولكن المتخصصين يتساءلون لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت؟

وقال مارتن فان ألست، المدير المساعد للمركز الإقليمي للمناخ التابع للاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العاصمة السنغالية داكار أن "السؤال ليس لماذا بدأت المنظمات الإنسانية وخدمات الأرصاد الجوية تتحدث مع بعضهم البعض اليوم، ولكن لماذا لم يفعلوا ذلك منذ قرن ونصف".

فمنذ عام 2008، بدأ الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر العمل مع "معهد البحوث الدولية للمناخ والمجتمع" التابع لجامعة كولومبيا والمركز الإفريقي لتطبيقات الأرصاد الجوية لأغراض التنمية في النيجر ووكالة البحوث الزراعية الإقليمية "أجريميت" من أجل خلق توقعات موسمية لحالة الجو تساعد الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر على التنبؤ بالكوارث.

ومع الموسم الحالي للأمطار في المنطقة، قام الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر بتخزين مواد الإغاثة في المناطق المعرضة للخطر محذراً المجتمعات في خليج غينيا من أجل الاستعداد للفيضانات حيث من المتوقع هطول أمطار تزيد عن المعدل. كما يقوم الاتحاد أيضاً بتدريب فرق من المتطوعين في المناطق التي تشير التوقعات إلى أنها ستكون الأكثر تضرراً.

وقال يوسف آيت تشيلوتشي، منسق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر لإدارة الكوارث في غرب إفريقيا أن كل هذا يساعد في زيادة كفاءة استخدام الموارد. وأضاف قائلاً: "نحن الآن ندق ناقوس الخطر قبل حدوث الكارثة ونضع فرقنا في حالة تأهب لتتواجد في المكان قبل 48 ساعة".

وعندما تم التنبؤ بأمطار غزيرة في جنوب السنغال في 15 يوليو كان فريق التقييم التابع للاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر مستعد وفي حالة تأهب: "لقد كسبنا الكثير من الوقت، فالوقت مسألة مهمة في فاعلية الاستجابة للكوارث.....في السنوات السابقة قبل تلك الشراكة كنا نستعد لكوارث محتملة. ومع التنبؤات الموسمية يمكننا معرفة ما يمكنه أن يحدث وبالتالي التركيز على الكوارث المرجح حدوثها وليست المحتملة".

وطبقاً للاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، فإن معظم الأخطار التي تواجه غرب إفريقيا مرتبطة بالمناخ بما في ذلك موجات الجفاف والفيضانات والأوبئة المرتبطة بالطقس مثل الكوليرا والملاريا والتهاب السحايا.

ومع تطور الجدل حول التكيف مع تغير المناخ وتركيز وكالات الإغاثة والحكومات بصورة متزايدة على منع الكوارث قبل حدوثها، يأمل هاريش بوجواني في أن يزيد الدعم لمثل تلك الشراكات.

وتقوم كل من الحكومة الفرنسية والبريطانية وجامعة كولومبيا بدعم المركز الإفريقي لتطبيقات الأرصاد الجوية لأغراض التنمية. ويحتاج المركز للحصول على المزيد من التمويل أن يجمع معلوماته بعناية من أجل الجهات المانحة هذه المرة.

وقد أكد بوجواني على أن "الجهات المانحة في مجال التنمية تريد تحسين التوقعات المناخية ولكنها تفعل ذلك بطريقة تفيد آفاق التنمية وتوقعات الأمن الغذائي وإدارة الموارد المائية والتخطيط الزراعي والوقاية من الملاريا...ولو قامت تلك المراصد بتنظيم أنفسها حول هذا النموذج سيمكنها البدء في الحصول على تمويل تنموي مرتبط بتغير المناخ".

تشريد 400 ألف في جنوب الفلبين بسبب الفيضانات

من جهة ثانية صرح متحدث باسم الجيش ان الفيضانات الناجمة عن الامطار الموسمية في الفلبين أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص على الاقل ونزوح نحو 400 الف عن منازلهم ومزارعهم في جنوب البلاد.

وصرح الكولونيل جوناثان بونس للصحفيين ان القوات نشرت القوارب المطاطية والمركبات البرمائية والشاحنات لاجلاء الاف العائلات التي حوصرت في المناطق المنخفضة من مينداناو.

وقال بونس "ندعو من اجل ان تتوقف الامطار وينخفض منسوب المياه كي يتسنى لهؤلاءالناس العودة الى ديارهم."وأضاف قائلا أن الفيضانات دمرت مئات المنازل على ضفاف نهر بلدة سلطان قدارات ومدينة كوتاباتو.

وذكر بونس أن منسوب مياه الفيضان ارتفع لنحو ثلاثة الى اربعة امتار في بعض المناطق بسبب ما يقرب من اسبوع من هطول الامطار الغزيرة ما اسفر عن اهلاك محاصيل وتدمير ممتلكات مضيفا أن أكثر من عشرة أشخاص قد توفوا غرقا بعد أن جرفتهم المياه في نهر متلاطم الامواج.

وأوضح بونس أن مياه الفيضانات اثرت ايضا على مناطق المستنقعات حيث خاض الجنود حربا ضد متمردين مسلمين لما يقرب من عام ادت لنزوح نحو 350 الف شخص منذ أغسطس اب 2008.وكان الجانبان قد اتفقا على هدنة بينهما الشهر الماضي.

الصين: "موراكوت" يشرِّد نحو مليون شخص

وفي مثال اخر على غضب الطبيعة وقوتها العارمة التي لايقف بوجهها اي شيء، تسبّبَ إعصار قوي، ضربَ سواحل الصين وتايوان مؤخرا، في تشريد قرابة مليون شخص وفقدان العشرات، وفق مصادر إعلامية صينية.

وتأثر إقليما "فوجيان" و"زيجيانغ" بشدة من الإعصار "موراكوت"، الذي تسبب في  أسوأ فيضانات تشهدها تايوان منذ عقود، حيث ارتفع منسوب المياه إلى سبعة أقدام، وفق ما نقلت "تشاينا ديلي."

وأجلت السلطات قرابة مليون شخص من الإقليمين مع اقتراب "موراكوت"، الذي تسبب في مصرع شخصين وقطع التيار الكهربائي عن 650 ألف مسكن في تايوان.

وأدى الإعصار، الذي مر بالفلبين وإقليم "هوالين" بتايوان قبل أن يجتياح مناطق شرقي الصين، لسقوط عشرات الضحايا، وفق التقرير.

ويتوقع أن تواصل العاصفة، برياح تبلغ سرعتها 118 كيلومتراً على امتداد 1600 كيلومتراً، ضرب المناطق الساحلية الاثنين، إلا أن السلطات استبعدت بلوغه "شانغهاي" - أكبر مدن الصين.

ورفعت سلطات إقليم "زيجيانغ" مستوى الخطر إلى "الأحمر" - أعلى مستويات الخطر -وتم استدعاء 35 ألف سفينة صيد من البحر، حيث دمر الإعصار أكثر من 300 مسكن، وتضرر 16 ألف هيكتار بالفيضانات، كما أغلق مطار المدينة.

وتتوقع الحكومة الصينية أن تبلغ خسائر الدمار الذي تسببه به الإعصار أكثر من  1.2 مليار دولار، وفق التقرير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/أيلول/2009 - 17/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م