إسرائيل إذ توظف أرحام المتدينات في الحرب الديموغرافية

صالح النعامي

في الوقت الذي تنشط فيه العديد من الجمعيات الأهلية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي أوساط فلسطينيي 48 التي تدعو النساء هناك الى خفض معدلات الولادة من أجل رفع مستوى الحياة الأسر التي تنتمي اليها هؤلاء النسوة، فأن أموراً معاكسة تحدث في وسط اليهود داخل إسرائيل، حيث أن الكتاب والمفكرين الصهاينة يخرجون عن طورهم وهم يشيدون بدور المرأة اليهودية المتدينة، التي يبلغ معدل الأطفال التي تلدهم ثمانية اطفال، في حسم الصراع الديموغرافي مع الشعب الفلسطيني لصالح الصهاينة. المفكر والكاتب الصهيوني اليميني حوجي هوبرمان كتب مقالاً في صحيفة " هتسوفيه " الإسرائيلية اليمينية اليومية مقالاً تحدث فيه عن أهمية الدور الذي تعلبه أرحام النساء اليهوديات المتدينات في الصراع الديموغرافي لصالح اليهود على حساب الفلسطينيين على اعتبار أن حسم هذا الصراع يؤدي الى حسم الصراع مع الفلسطينيين والعرب في كل مستوياته وتجلياته. وهذه ترجمة المقال:

لليسار الإسرائيلي كان هناك نجاحاً واضحاً في المجال الدعائي لا يمكن تجاهله، حيث نجح هذا اليسار لفترة من الزمن بإقناع الجمهور الإسرائيلي عبر توظفيه احتكاره لوسائل الإعلام بفرضية مفادها أن أساس الصراع بيننا وبين العرب يدور حول الأرض والديموغرافيا، وأنه في حال تم حل هاتين المشكلتين فأن السلام والهدوء سيعم كل اصقاع الشرق الأوسط.

هذين الزعمين كانا ومازالا لا يستندان الى أي اساس ومنطق. الصراع اليهودي العربي لم يندلع قبل أربعين عاماً عندما احتلت اسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء في حرب الأيام الستة، بل أن هذا الصراع اندلع بشكل فعلي قبل قيام الدولة بواحد وعشرين عاما، وحتى الحرب الأخيرة في لبنان لم تندلع فقط بسبب نزاع حول الأرض. لقد اندلعت كل هذه الحروب لأن معظم العالم العربي غير مستعد للاعتراف بحق اسرائيل في الوجود في الشرق الاوسط.

في نفس الوقت، فأن الديموغرافيا ليست مشكلة حقيقية. فحسب تقرير اعده فريق من الباحثين الأمريكيين والإسرائيليين حول مستقبل الميزان الديموغرافي بين العرب واليهود الذين يقطنون إسرائيل يدل على نسبة الولادة في أوساط الفلسطينيين واليهود متقاربة الى حد كبير حالياً. ويتوقع التقرير أنه في العام 2025 سيشكل اليهود ما نسبته 79% من نسبة السكان في إسرائيل بما فيها القدس، وبعد العام 2025، فأنه يتوقع على نطاق واسع أن تزداد نسبة اليهود الى 80% بسبب الزيادة الطبيعية في عدد الولادات في وسط اليهود المتدينيين وتحديداً اليهود الأرثوذكس، حيث تزيد نسبة الولادات في أوساط المتدينين اليهود على نسبتها في أوساط الفلسطينيين، حيث تبلغ نسبة الولادة بالنسبة للنساء اليهوديات المتدينات ثمانية ولادات لكل سيدة.

بعبارة أخرى حتى إذا لم تنقذنا الهجرة اليهودية من الخارج، وتساهم في حسم الصراع الديموغرافي بيننا وبين العرب، فأن ارحام النساء اليهوديات المتدينات ستساهم بشكل كبير في حسم هذا الصراع لصالح الشعب اليهودي عبر زيادة معدلات الولادة في أوساطهن بشكل كبير كما هو حاصل حالياً.

ووفق التقرير آنف الذكر، فأن نتيجة لذلك فأنه في العام 2025، فأن نسبة اليهود العلمانيين بالنسبة لعدد سكان الدولة بشكل عام سينخفض من 64% الى 56% ، كما أن نسبتهم ستنخفض من 80% الى 71% من مجمل السكان اليهود فقط في الدولة. وحسب التقرير فأن نسبة أتباع التيار الديني في وسط السكان ستزداد من 16% حالياً الى 23% من مجمل السكان في العام 2025، كما أن هذه النسبة ستزداد من 20% الى 29% من مجمل السكان اليهود فقط.

وعلى رأس فريق الباحثين الأمريكيين والإسرائيليين يقف كل من  بينت تسيمرمان الذي بادر الى تشكيل الفريق ودكتور روبورتو سايد ودكتور ميخال فايس ويورام اطينجار.

وبفضل توجه النساء المتدينات اليهوديات للولادة بشكل اكبر ( معدل الولادة ثمان اطفال للسيدة الواحدة )، فأن قوة الدفع الديموغرافية ستنتقل من الوسط الفلسطيني للوسط اليهودي. في نفس الوقت، فأن التقرير يتوقع زيادة في عدد الوفيات في أوساط فلسطينيي 48، بعد أن ساهم التحسن في مستوى المعيشة في أوساط العرب الاسرائيليين الى اطالة اعمارهم، لذلك فأن هذه الحقيقة ستؤدي الى زيادة معدلات النمو السكاني لدى اليهودي وانخفاضه لدى فلسطينيي 48.

ويتوقع التقرير أن ينخفض معدل الولادة لدى العرب في العام 2025 ليصل الى ( 2.24 ) ولد لكل سيدة، في حين أن الوضع الديموغرافي خلال السنوات القادمة سيتعزز من خلال وصول حوالي 20 الف يهودي كل عام لإسرائيل ليس فقط من المهاجرين اليهود بل من الإسرائيليين الذين فضلوا الحياة في الخارج والذين يبلغ عددهم حالياً 700 الف نسمة.

مع العلم أن نسبة الولادة في أوساط العائلات اليهودية ( علمانية ومتدينة بشكل عام ) في اسرائيل هو الأكبر مقارنة بالدول الصناعية الأخرى، حيث يبلغ (2.75) طفل للسيدة الواحدة. ويجب أن نذكر أن عدد الولادات في أوساط اليهود ارتفع من 80,400 في العام 1995 الى 109,183  ولادة في العام 2006. بفضل أرحام النساء اليهوديات المتدينات،! فأن نسبة الولادات في اوساط النساء اليهوديات ارتفعت من نسبة 69%  من مجمل الولادات في الدولة في العام 1995 الى 74%من نسبة الولادات في العام 2006، الى 76% في العام 2007.

معدلات الهجرة الصافية التي اضافت للسكان اليهود 70 الف نسمة من العام 1996 وحتى العام 2005 لعبت دورها في تعزيز موقف اليهود في الصراع الديموغرافي.

وفي المقابل انخفضت نسبة الولادات في اوساط النساء الفلسطينيات داخل اسرائيل من تسعة اطفال للسيدة الواحدة في العام 1967 الى 4.4  طفل لكل سيدة في العام 2000 الى 3.6  في العام 2006.

هذه المعطيات تدلل على مدى مساهمة النساء اليهوديات المتدينات في حسم هذا الصراع الذي يتوجب عدم الفشل فيه.

www.naamy.net

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 30/آب/2009 - 9/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م