العطلة الصيفية واهتمامات الشباب المصري

تحقيق: هند محمد

 

شبكة النبأ: "لهو.. استرخاء.. سفر.. معسكرات صيفية"، هذا ما يحلم به اغلبية الطلبة اثناء دراستهم وخاصة خلال أيام الامتحانات حيث تتكدس عليهم الامور الدراسية والضغط العصبي الذى يكاد يُختلَق من اولياء الامور انفسهم ومن الطرق السلبية والخاطئة والعقاب الدائم من قِبلهم دون البحث عن حوافز ايجابية مؤثرة، مما يؤدي الى تنمية روح العداء للحياة الدراسية، ومن ثم فإن الانتقام من الوقت يكون بمثابة رد الفعل الطبيعي من معظم الشباب تجاه الأجازة الصيفية.

 اذا عدنا الى الاساس فى وجود العطلة الصيفية فقد يكون السبب التخلص من الالتزام اليومي بجانب مراجعة ما مرّ بالعام الدراسي من اخطاء ومعالجتها ومن ثم تضع المدارس والجامعات العديد من الانشطة الصيفية للترفيه والاستفادة، والامثلة على ذلك كثيرة ففي جامعة حلوان مثلاً، تضمّ كلية التربية الرياضية ملاعب تستوعب أعداداً كبيرة من الشباب، وتقدِّم كل من كليتي الفنون الجميلة وكلية التربية أيضًا دورات دراسية حرة، كل في تخصصها، بأسعار رمزية في فصل الصيف.

وتقدِّم كلية الهندسة في جامعة القاهرة دورات متخصصة في علوم الحاسب الآلي (الكمبيوتر) كـ«الفوتوشوب، والأوتوكاد، والثري دي ماكس، وأركي كاد، وأسكتش أب» التي تهم الطلاب بوجه عام، وطلاب كليات الهندسة بوجه خاص، بأسعار طيبة للغاية وبكفاءة رائعة، بالإضافة إلى ما تقدمه كلية الألسن في جامعة عين شمس والآداب في جامعة القاهرة من برامج لتعلم وإتقان اللغة الإنجليزية بأسعار تنافسية في متناول كثير من الطلاب.

وتقدم وزارة الثقافة أنشطة مختلفة من خلال قصور الثقافة وبيوت الثقافة المنتشرة في كل محافظات مصر، ولا نغفل دور وزارة التربية والتعليم التي تشارك بقرابة 10 آلاف مدرسة في مهرجان (القراءة للجميع)، وكذلك في إقامة المعسكرات الصيفية الترفيهية والتثقيفية، وان كانت هذه الانشطة وغيرها كدورات التعليم المدني بالتعاون مع اليونيسيف...

كان هذا عرضا موجزا عمّا تقدمه الدولة ولكن هل هذا كاف لسد احتياج الكَم الهائل من الشريحة الطلابية فى مصر، وما مدى استجابة الطلاب ايضا لتلك الخدمات، وهل الطالب متهيِىء نفسيا وماديا لأن يخرج من أرق دراسي دام اكثر من 7 أشهر، استعان خلالها بكتب خارجية ودروس خصوصية بجانب الضغط الذي يسببه اولياء الامور كي يتخلص من كل هذه الضغوط ويذهب الى مكتبه ويقرأ كتابا جديدا او يتعلم مهارات الكمبيوتر وبرامجه او يتعلم لغة جديدة فى الفترة التى كل ما يحلم به فيها (الترفيه)...

عبد الحميد محمد، 45 سنة، مدرس لغة عربية قال، اسمع ضجيجا ولا ارى طحناً هذا المثل الوحيد الذى يطلق على تلك الخدمات التى تزعم بتوفّر برامج (القراءة للجميع) فكلها واهية، وكيف لنا ان نقتنع بهذا الكلام بينما نرى من جهة اخرى تقصيرا كبيرا فى آليات الدراسة نفسها بحجة قلة الميزانية... بجانب ان اغلبها انشطة دراسية ليست انشطة ترفيهية ونحن نعلم جيدا كم يستصعِب الطالب الدراسة نفسها بجانب عدم الوعى الكامل لاولياء الامور وكذلك المدرسين بأهمية الانشطة الفكرية والتربوية للطالب، ليس عيباً ان تكون دراسية مفيدة ولكن نحتاج لتصحيح شامل للتعليم كي نستطيع ان نصحح الافكار حول اهمية الانشطة المرافقة للمناهج الدراسية البحتة...

محمد نور، 20 سنة، طالب بجامعة القاهرة قال، اذا حاولت ان اشترك فى انشطة داخل الحرم الجامعي فقد احتاج الى عائد مادي كي اتواصل، وفي تلك الحالة فإنني افضل ان ابحث عن عمل ما في الاجازة الدراسية، ولكن اي عمل قد اجده فى هذه الحالة من البطالة وتفشّي المحسوبية والوساطة بجانب انني مازلت طالبا وليس معي شهادة جامعية بعد..

حامد زيان، 55 سنة، دكتور بجامعة القاهرة قال عن رأيه بما تسعى اليه الحكومة لتطوير الشباب، إن تحققتْ مبادرات الدولة الرامية لتنمية مواهب الشباب وخاصة الموهوبين منهم، وخصصت ميزانية مناسبة لمشاريع التنمية فأنها بالتاكيد ستنتج جيلا من الشباب الواعي الذي يستطيع صناعة مستقبل زاهر متطور.. ولكني أرى ان ذلك بعيد في المستوى المنظور على الاقل في ظل الامكانيات المتواضعة لمؤسسات التعليم عموما فضلا عن الدعم الضعيف من قبل الدولة حيث قلة الميزانية هي الصفة العامة التي تطغى على برامج التربية والتعليم...

دينا عثمان، 30 سنة، ربة منزل قالت، أشجّع ابنتي على الالتحاق بالانشطة التربوية والفكرية المختلفة خارج نطاق الدراسة واعتبِر ذلك تهيأة نفسية ومعنوية وتطويرية للعام القادم الذي سيكون بالطبع مرحلة أصعب بالنسبة للدراسة وتقبّل المناهج.

اضافت دينا، زوجي لايشاركني الرأي حيث يفضّل ان تأخذ ابنتنا قسطا وافرا من الراحة خلال العطلة الصيفية ولكن فى ظل نظام التعليم الحالي فإنني أرى وجوب أن تهتم العوائل بتعليم ابنائها وقد يكون تعليم المهارات الفكرية والتربوية حيويا لأن الثقافة وهي المعيار الاهم في الحياة تُكتسَب من خلال التجارب التي يخوضها الشخص وليس عن طريق المناهج الدراسية فقط...

ميادة صبحي، 14 سنة، طالبة، تحدثت عمّا تخطط للقيام به في العطلة الصيفية قائلة، لا افكر بغير (الحرية) التى آخذها فى الاجازة، فلا مزيد من الدروس والالتزمات، لامزيد من التعنيف من والدي ووالدتي بسبب الدروس والمذاكرة.

وقالت ميادة باستياء عند سؤالها عن امكانية استثمارها العطلة في تعلُّم لغة اجنبية مثلاً، لا بالتاكيد فكل ما أبحث عنه هو النوم والراحة امام التليفزيون فأن فيه برامج مختلفة في كل الاتجاهات والمستويات، وحتى ان طرق الإفهام فيه أسرع وأسهل من المدرسين والكتب المدرسية...

سيد احمد النمر، 33 سنة، يعمل مرشد سياحي، قال عن دور الانشطة الثقافية والعلمية والرياضية في امكانية تطوير الذهن والتفكير والقدرات لدى الطلاب، بالطبع من الجيد ان تتحقق تلك الانشطة حيث يمر الطالب اثناء الدراسة يضغوط عصبية كبيرة خاصة في الثانوية العامة، فلنا ان نتخيل عملاً مستمراً دون انقطاع لفترة ليست بسيطة بجانب ضغوط اولياء الامور النابعة من خوفهم على مستقبل ابناؤهم الطلبة، من هنا فإن من الطبيعي ان يبحث الطالب عن الانشطة الخفيفة المرحة خلال العطلة ويبتعد عن الدورات التطويرية التي تشبه الى حد بعيد المناهج الدراسية.

واضاف النمر، ولكن هناك بعض الانشطة التي قد تقدّم الترفيه والتسلية للطلبة مع جرعات مفيدة من البرامج الثقافية والتنموية التي تزيد من قدرتهم على النضج والاندماج الطبيعي في المجتمع..

بقي أن نقول، مثلما للعطلة الصيفية من نكهة مميزة وطعم احلى من العسل لدى الطلاب فإنها ستكون اكثر حلاوة اذا ما ترافقت مع برنامج تمتزج فيه رائحة الترفيه والتسلية بطعم التنمية الذاتية وبهارات الثقافة العامة التي ستكسبنا قدرات مستقبلية غير محدودة تؤهلنا لأن نكون فاعلين في خدمة مجتمعنا ووطننا...

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 16/آب/2009 - 24/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م