السجارة التي احرقت روما.. تحرق بغداد

مازن الياسري

طمس الحقائق والتملص من المسؤوليات والواجبات، والانتقامات من المال العام.. اصبحت من سمات المشهد العراقي، كما ان اليات الاسائة تنوعت واستخدمت اسوأ طابع ممكن استخدامه وهواشعال الحرائق، نسمع بين الفينة والاخرى عن اشتعال حرائق في مؤسسات حكومية.. فتارة في البنك المركزي واخرى في وزارة الصحة وثالث في الامانة العامة لمجلس الوزراء ورابع في مطابع دار الشؤون الثقافية.. وغيرها كثير.

ما الذي يحدث في العراق، الم يبقى حرص او احساس بالمسؤولية على مؤسسات البلاد، الكل يلهج بالوطنية.. اليس الحفاظ على المال العام جزء من الوطنية.. ثم اين موقف الحكومة الرسمي من اتلاف المؤسسات العامة بعمليات الحرق، هل قرأ رجال حكومتنا عن التداعيات التي خلفها حريق القاهرة (اواسط القرن الماضي)، هل يعلمون ان مثل هكذا حوادث تجر حملات من التحقيق والاستقالات وكوكبة من اجراءات السلامة لمنع التكرار.. عندما تحدث في اي دولة متمدنة.. وقد تطيح بالحكومة ان استمرت كما هي لدينا.

حرائق لا يعرف عنها ان كانت مرتبطة بالفساد الاداري اوبأتلاف الوثائق وتزوير التاريخ ام للتخريب، لهيب مختلط بالدخان والشائعات.. وجدران داكنة بالسواد.. واين.. في مؤسسات الدولة.. في دوائر سيادية.. هل غاب مشهد الحرق بعيد 9 نيسان 2003 ليعود من جديد.. ثم اين الحساب، في دولة امنت العقاب.. انها اموال عامة.. اي انها ملك الشعب.. فهل ترك المواطن بلا خدمات اصبح غير كافي.. فقررنا حرق ممتلكاته ايضاً !

ثم اين تقارير التحقيقات اونتائجها.. فقد مر عام اواكثر على حريق الطابق الثاني في البنك المركزي، ومرت شهور طويلة على حرائق الشورجة.. ومرت مدة قصيرة على الحريق في مرأب الامانة العامة لمجلس الوزراء وحرق مطابع دار الشؤون الثقافية.. ما الذي ستقولوه.. الجواب الجاهز (التماس الكهربائي).. لا اعلم اي تماس كهربائي يحرق مطابع ضخمة دون ان يخدش سلكاً كهربائياً في المكان.. هل التماس جرى دون تماس !

ام اي سجارة تلك التي تحرق السيارات وصناديق العدة الكبيرة والمليئة بالمحركات الثقيلة (باهضة الثمن).. لعلها نفس السيجارة التي احرقت روما في الاساطير الرومانية القديمة.. اوكما يقول نزار قباني في احدى قصائده المجنونة (بعقب سجارتها احرقت روما).. هذا هو الحال فالمال العام المحروق، يفتح الف سؤال وسؤال ويثير عشرات الشائعات.. دون حراك رسمي، دون شخص جرىء يدعي المسؤولية ليقول شيءً اويستقيل اويتهم.. انه كما المال السائب.

العراق الذي يحتاج لاموال طائلة لتحسين خدماته وبناء مؤسساته المتآكلة.. وللخوض باعادة الاعمار بعد سني الحرب العجاف.. سيبذل المزيد من الاموال لاصلاح الدمار الذي سببه اندلاع الحرائق الغامضة في بعض مؤسساته.. وان كان البناء يعاد او يرمم.. فكيف ستعاد الوثائق المحترقة ؟

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/آب/2009 - 23/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م