اشكالية طول عمر الامام المهدي (عج)

وحقائق القران الكريم

هلال آل فخرالدين

من الامور التي طالما تناولتها اقلام التشكيك  والطعن والتحريف مسألة المهدوية وكونه من الذرية النبوية الطاهرة وحصول ولادته  ودوره العظيم في الاصلاح العظيم وفق بنود الشريعة العظمى  الذي يملىء الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا...وحفوفه ببركات السماء وبركات الارض ومباركة قدرات الانسان..حتى ان فراعنة بني العباس ارادوا ان يحيزوا هذا الشرف العظيم لاحد جبابرتم بتلفيق تسميته احد ابناء المنصور (المهدي) لحيازة ذلك الشرف العظيم ولاضفاء مسحة قدسية على تسلطهم ونزوهم على سدة الخلافة بالرعب والارهاب..

وهناك اسماء كثيرة في امة الاسلام سعت لمصادرة هذا الشرف العظيم والتلقب به لما له  من دورعظيم في ضمير الامة..والانسانية جمعاء لابعاد شخصيته  العظيمة..واهدافه العظيمة...ودولته الالهية العظيمة.. 

ان طول عمرالامام المهدي (عج) والتي اصبحت مثار تشكيك وطعن معممي الانظمة القمعية لمدرسة السقيفة في صحة مسالة طول عمر المهدي المنتظر اصلا رغم توافر الحشد الكبير من النصوص المقدسة والكم الهائل من الاحاديث النبوية الصحيحة والسنة المتواترة الشريفة  التي تؤكد ذلك وتجزم بحصوله حتى لو لم يكن من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج حجة الله (المهدي) وما اثبته البحث العلمي من امكان عيش الانسان اكثر من الف سنة هنا نريد ان نذكر جملة من المصادر السنية المعتبرة التي تؤكد طول عمر (الخضر)...

اذا ليس من المستحيل شرعا ولا عقلا ان يكون الخضر عليه السلام او غيره من الخلق حيا ولاينبغي للمسلم ان يبادر برفض كل مالم يعتد عليه  ولم يكن في نطاق المعتاد  قبل ان يطلع على الشرع الشريف ومنطق العقل السليم وامكانية  العلم  ويرى هل ان هناك ما يثبت  ذلك ام لا.

ومن المسلمات الالهية لدى البشرية :

اولا : ان قدرة الباري عزوجل لاحدود لها وفوق البعد الذهني البشري  

ثانيا: ان رب العزة  اذا اراد الله  شيء قال له كن فيكون (إنما قولنا لشىء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) النحل:40 بتوفير اسبابه ووسائله ومعاجز الله في خلقه كثيرة للفت الانتباه لامر غير معود وتبيان قدرة الله كتعليم النبي سليمان منطق الطير وسماع صوت النمل الذي لايسمع دبيبه وحمل احدا من الجن عرش بلقيس والمجيء به الى سليمان  قبل ان يرتد اليه طرفه وطي الارض له وسفره في الجو على البساط كما ان معاجز الله كثيرة في خرق الطبيعة كانفلاق البحر لموسى.

ثالثا: ان يوما عند ربك كالف سنة مماتعدون

رابعا: ما اكثر ايات الله سبحانه الخارقة لنواميس الكونية كبرودة النار لسيدنا ابراهيم الخليل وولادة سيدنا المسيح من غير اب ونزول مائدة من السماء على الحواريين والتشبيه في قتله وصعوده الى السماء وعصى سيدنا موسى وانقلابها حية تسعى وانفلاق البحر ونبجاس الماء من الحجر...الخ

خامسا: ان رحمت الجليل جل وعلا وسعت كل شيء حتى لتشمل الظالمين والجاحدين والمفسدين...

سادسا: ان الله سبحانه يمد في عمر من يشاء  وقد يكون ذلك الإمداد لإقامة الحجة كإنظاره (إبليس) عليه اللعنة  فهذه ليسة كرامة ولا هي تشريفا له  كما انجى (فرعون) موسى ببدنه من الغرق وجعله اية للناس... كما ان الباري سبحانه في كثير من الامور يخرق المالوف وماهو متعارف عليه من قوانين الحياة لحكمة بالغة يرتايها كما في حياة نوح حيث مكث لتبليغ قومه فقط الف الا خمسين عام اي مدة انذاره لقومه 950 عام :(لقد ارسلنا نوحا الى قومه فلبث فيهم الف سنة الاخمسين عاما) العنكبوت:14 وكذلك نوم اصحاب الكهف  مدة 309 (ولبثو في كهفهم ثلاث مائة سنين وزدوا تسعا) الكهف:25 وهذا غير معهود ولا يمكن تصوره الا من خلال النصوص المقدسة.

سابعا: ان بيان قدرة الله في خرق ما هو طبيعي ومتالف عليه عند البشر اوغير ذلك  لحكمة اخرى كما في (اصحاب الكهف) حيث انامهم الله ثلاث مئة وزاد تسعة ثم افاقهم واستيقضوا من بعد طول منام او كعزير (صاحب الحمار) قال تعالى:(أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر الى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر الى حمارك ولنجعلنك اية للناس وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شىء قدير) البقرة :259  الذي اماته الله مئة عام ثم احياه وبقى طعامه وشرابه طول تلك الحقبة على حاله  لم يتغير وفي هذه اسرار تتجلى فيها عظمة الله وقدرته يطرحها على عباده ليتفكروا فيها ويعتبروا بايات الله لا ان يشكك اويقلب الحقائق ويزيفها او ينكرالحقيقتها او واقعها لان حكم الباري سبحانه لايجب ان تكون في متناول عقول البشر ومما يلمس..انظر تفسيرالدر المنثور للسيوطي والكبير للرازي..

حتى ان البعض ممن يدعي العلم والموضوعية يتخذ من الحقائق الثابتة موقفا لايخلو من الهمز واللمز بما اثير حولها من سفسطات وخرافات وما نسجت عليها من اساطير كقصة الخضر لاجل الطعن في الاصل والنص المقدس كما ويتمادى البعض في تشكيكه وهو يدعي الموضوعية ومستند في تشكيكه بقوانين الحياة  بقولهم نحن نتلقى عن الماضين كثيرا من الاخبار  التي تختلف مع قوانين الحياة  والوجود  فهل ان الخضر له صفات معينة  ان يخرج عن قانون الزمان والمكان والطبيعة الفيوزلوجية الحياتية  فيصبح خالدا لايجوز عليه الموت إن القران يقول للنبي (ص):(وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون).

فلذا نفى القران ان يكون محمد (ص) قد سبق بمن تميز بالخلود فمعنى ذلك انه لم يخلقه ايضا إنسان متمز بالخلود ثم ما الحكمة ان يكون الخضر باقيا على قيد الحياة الى الوقت المعلوم وليس خلودا ابدا.

ان الخضر وامثاله محكوم عليهم الموت بعد انتهاء الغاية او الحكمة من بقائهم شهودا واعلام يسترشد بها كما انه انظر ابليس الى يوم القيامة وان له مهمة كما يزعم باغواء الناس وتمردهم.

المفسرون وقصة الخضر

وقد ذهب فريق من العلماء  الى القول بان الخضر حي الى ما شاء الله ومن هؤلاء  ابن الصلاح والقرطبي  والثعلبي والنووي وغيرهم وقالوا انه حي لانه شرب ماء الحياة...

وذكر ابن حجر في كتابه (الزهر النضر في  نبأ الخضر ) على ان الخضر المشهور قد مات اشار كثير من المفسرين واقوال العلماء  على ان العبد الصالح الذي امر الله موسى بان يتوجه لمقابلته هو الخضر وقال كثير منهم ان الخضر عبدا صالح تقي  واعطاه الله بعضا من علمه لقوله تعالى :(واتقوا الله ويعلمكم الله ).

وهذا العلم عن طريق الالهام  لانه بالتاكيد ليس نبي وان قال البعض انه نبي، قال سبحانه في سورة الكهف :(فوجد عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ) الكهف: 65، والعلم اللدني  هو العلم الذي يمنحه الله لاوليائه واصفيائه  الذين يتقربون اليه وبما امتحنهم الله من تحمل  اعباء الامانة.

وقد ذكرالقران الكريم قصة الخضر مع النبي موسى وهو اعلم منه وان موسى معه كان  موقف المستفيد وهي اشهر  من ان تذكر حيث ان الله خصه بالعلم اللدني الالهام الالهي وامره باوامر قد تظهر للناس على غير حقيقتها كخرق السفينة او قتل نفس لكنه مامور من ربه  وهذا ماجعل موسى لايطيق صبرا على مصاحبته بعد ثلاثة احداث عجز فيها عن الصبر.

وينسب الى النبي(ص) قوله :(يرحم الله اخي موسى  لو كان صبر لكنا رأينا عجب)

وهذا حدث مع نبيا عظيما ومن أولى العزم كموسى عليه السلام  الذي لايطيق صبرا على مصاحبته وهو الصابر على طول الخط بدأ من معيشته في قصر جبار عصره الفرعون وصبره على محن فرعون مع بني اسرائيل في قتلهم واستباحة نسائهم  وسومهم العذاب وكذلك وهو الصابر على فتن بني اسرائيل الكثيرة من اتخاذ العجل الها وتهيهم في البراري ومطالبهم الكثيرة وتنكرهم لكل ما اولهم الله من العطايا وما منحهم من النصر على عدوهم  فلم يمنعهم من ان يتمردوا عليه وعلى اخيه..

وكما جاء ذكره في القران الكريم بانه الرجل الصالح او العبد الصالح الذي بعث الله اليه موسى حتى يتعلم منه  وان هناك من هو اعلم منه وفوق كل ذي علم عليم وان بعض الرويات تقول ان الخضر ليس نبيا وإنما كان رجلا صالحا لكن الله ميزه بعلم لدني وكشف لم يعطيه للانبياء مما جعل النبي موسى يقول :( هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا) الكهف:66

وان قصة الخضر وموسى من القصص التي انفرد بها القران الكريم عن غيره من الكتب الدينية القديمة كالتوراة والانجيل وهذه واحدة من الدلائل التي تنفي دعاوى مزاعم من يدعون ان القران مستقى من صحاح التوراة او الانجيل، فقد ورد في صحيح البخاري  وصحيح مسلم احاديث كثيرة عن قصة موسى والخضر.

فقد ذكر مسلم في صحيحه :ان الخضرمازال حيا الى زمنهم  وحديث الرجل الذي يقتله الدجال  وتعقيب ابي اسحاق عليه بان هذا الرجل هو الخضر ولم يعترض مسلم على قول  ابي اسحاق

واخرج البخاري ومسلم والحاكم في المستدرك مارواه انس عند وفاة النبي (ص) حيث قال :فدخل  رجل اصهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى  ثم التفت  الى اصحاب رسول الله (ص) فقال : (إن في الله عزاء من كل مصيبة  وعوضا من كل فائت وخلفا عن كل هالك فإلى الله  فأنيبوا واليه فراغبوا ونظرة إليكم  في البلاء فانظروا فإن  المصاب لم يجبر) وانصرف  فقال: بعضهم لبعض :تعرفون الرجل ؟ فقال علي :نعم هذا اخو رسول الله(ص)  الخضر عليه السلام وهذا مروي  من طرق صحاح..كما ان المروي عند الشيعة ان الخضر عليه السلام  نعى وأبن وذكر صفات وخصال امير المؤمنين الامام علي عند شهادته بقوله :(رحمك الله يابا الحسن...).

وروى الشافعي في الام عن انس ايضا قال : قال رسول الله (ص) :(ان الخضر في البحر واليسع في البر  يجتمعان  كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين  بين الناس وبين ياجوج وماجوج  ويحجان ويجتمعان كل عام ويشربان من زمزم  شربة تكفيهما الى قابل ويؤيد الشافعي بقائه حيا.

اما مانقله الفقهاء المعتمدين فهناك ماذكره الامام النووي من تاكيده على حياة الخضر، وقد سئل العلامة الرملي عن الخضر فقال :صحيح انه حي  فقد قال ابن الصلاح :جمهور العلماء والصالحين –من السنةوالشيعة – على انه حي، وها ماتعضده الاثار الواردة  وهو ان الخضر مازال حي بين اظهرنا الى يومنا هذا وانه بشر وقد يلتقي ببعض الناس كرامة له واكراما لمن لقيه وانه يظهرعلى هيئات متعددة للعباد وهذا ما تستفيض به كتب الصوفية وانهم التقوا به  وتحدثوا. 

ونحن نؤكد على ان ذلك لاينبغي ان يفح الباب للمدعين والمشككين من غير معرفة وبلا موضوعية.

  ومما تكلم في قصة الخضر باسهاب واستفاضة  الحافظ ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية)، كما وقال لاتقوم بمثلها حجة في الدين..ونقل ابن الجوزي في كتابه (عجالة المنتظر في شرح احالة الخضر ) كثيرا من الاثار المقبولة عن الصحابة والتابعين...

كما وان العلم الحديث اكد على مقدرة الانسان ان يعيش الف سنة او اكثربما اثبتوه علميا  لما اودعه الله من طاقة ومقدرة في خلاياه من البقاء والنموا عند توفر الظروف الملائمة كما توصل اليه  احد كبار العلماء الالمان..حتى  وصل التخريف بالبعض من التشكيك في ولادة المهدي امثال بن عربي في (الفتوحات المكية) و(العواصم من القواصم) والعجيب ان جعل المهدي من ذرية الامام الحسن...واخيرا ما اكثر المهوسين والجاحدين لايات الله وفي كل زمان ومكان قال سبحانه :(والذين كفروا بايات الله ولقائه اولئك يئسوا من رحمتى..) العنكبوت: 23 و(والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك اصحاب الجحيم..) المائدة:10

نسأله سبحانه ان يجعلنا من المنتظرين لفرجه الشريف ومن اعوانه والمباركين في دولته الالهية العالمية الانسانية المباركة..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/آب/2009 - 16/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م