ايران تصعّد المواجهة مع الإصلاحيين وتستعد لنهاية الطريق النووي

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي وجّهَ فيه الرئيس الإيراني السابق خاتمي، القيادي البارز في التيار الإصلاحي انتقادات عنيفة إلى المحاكمات التي أجرتها السلطات لشخصيات إصلاحية، على خلفية الاحتجاجات التي أعقبت فوز نجاد بولاية ثانية واصفاً إياها بأنها إهانة لإيران والإسلام، صدّقَ من جهة اخرى المرشد آية الله علي خامنئي (رسمياً) على انتخاب نجاد رئيسا للبلاد لفترة رئاسية ثانية. في خطوة عدّها المراقبون حاسمة في مسالة احتمالات إلغاء نتائج الانتخابات او انتهاج طريق حل وسطي...

وفي اطار الملف النووي الايراني الذي يشكل اهم الاسباب في تردي علاقة الغرب مع ايران، كشفت مصادر استخباراتية غربية أن إيران أتقنتْ تقنية إنتاج وتفجير رؤوس نووية وأن الجمهورية الإسلامية بانتظار الضوء الأخضر من المرشد آية الله علي خامنئي، للمضي قدماً وإنتاج أول قنبلة نووية...

خاتمي: محاكمات الإصلاحيين مسرحية مهينة لإيران والإسلام

ووجه الرئيس الإيراني السابق، محمد خاتمي، القيادي البارز في التيار الإصلاحي انتقادات عنيفة إلى المحاكمات التي أجرتها السلطات لشخصيات إصلاحية، على خلفية الاحتجاجات التي أعقبت فوز الرئيس محمود احمدي نجاد، بولاية ثانية، واصفاً إياها بأنها "إهانة لإيران والإسلام."

وقال خاتمي إن هذه المحاكمات، التي اعتبرها "مسرحية"، تضر بالنظام وثقة الناس فيه، مضيفاً أن ما يجري فيها "غير قانوني، ولا يتناسب مع حقوق المواطنين"، وذلك بعد الجدل الواسع الذي أثارته "اعترافات" نائبه السابق، محمد علي أبطحي، حول إدعاء تزوير الانتخابات والتآمر ضد المرشد الأعلى علي خامنئي.

ورأى خاتمي، وفق بيان وزعه مكتبه على وسائل الإعلام الأحد، أن الجرائم الحقيقية هي تلك التي ارتكبتها السلطات في طهران، من خلال عمليات احتجاز المعارضين وما تعرض له بعضهم في مراكز الاعتقال.

كما نفى صحة التهم إلتي وجّهت إليه في الاعترافات المنسوبة إلى الإصلاحيين، وبينها مهاجمة مراكز حكومية، وخلق حالة من الذعر بين السكان، والتعرض لعناصر أمنية بالضرب.

في المقابل، أعلنت الغرفة 15 "لمحكمة الثورة" في طهران الأحد، أن الجلسة الثانية لمحاکمة من وصفتهم بـ"العناصر الرئيسية الضالعة في إثارة أعمال الشغب، التي تلت الانتخابات الرئاسية ستعقد الخميس المقبل."

وأشار البيان إلى أن العناصر المؤثرة "تقسم إلى ثلاث فئات، الأولى تضم من خطط للاضطرابات، والثانية المجموعات المعادية للنظام والمرتبطة بأجهزة الاستخبارات الأجنبية"، والثالثة تشمل من وصفتهم المحكمة بـ"الانتهازيين والسفلة الذين قاموا بإشعال الحرائق وتدمير الأموال العامة."

وحذر البيان "الأفراد الذين يبدون وجهات نظر غير حقوقية تجاه القضايا القانونية ويسعون لإثارة الشكوك وإرباك الرأي العام، بأن مثل هذه التصرفات تعتبر مخالفة تستوجب المعاقبة الجزائية، ومنهم من صرح في وسائل الإعلام المختلفة بأن إقرار المتهمين غير قانوني، وأن الإقرار لا يمکن أن يدل على ثبوت التهمة."

 وكانت اعترافات أبطحي في جلسة المحاكمة التي نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية، قد أشارت إلى  الزعيم البارز، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وخاتمي، إضافة إلى المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، مير حسين موسوي، قد أقسموا على الانتقام من القيادة الإيرانية ممثله بخامنئي ونجاد.

كما نسبت وسائل الإعلام إلى أبطحي قوله إنه "خان تاريخ وثقافة إيران"، وأن خروجه في المظاهرات الأخيرة لم يكن قانونياً.

خامنئي يصدّق رسميا على انتخاب احمدي نجاد

وفي خطوة تقضي على شبهات الخلاف مع نجّاد، صدّق مرشد الثورة الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي رسميا على انتخاب محمود احمدي نجاد رئيسا للبلاد لفترة رئاسية ثانية.

وقالت قناة العالم التلفزيونية الايرانية الرسمية إن احتفالا رسميا اقيم بهذه المناسبة صدّق فيه خامنئي على رئاسة احمدي نجاد. وتمثل هذه الخطوة بداية عملية رسمية تنتهي بأداء نجاد اليمين الدستوري أمام البرلمان يوم الاربعاء القادم.

وقال مراسل بي بي سي إن ذلك يأتي مع تزايد الانتقادات لاحمدي نجاد ليس فقط من جانب المعارضة ولكن أيضا من الاصلاحيين في الحكم، حيث أدان الجانبان المعاملة القاسية للنشطاء في الاحتجاجات الأخيرة ، والتي توجت بمحاكمة متلفزة لاكثر من مئة من شخصيات المعارضة البارزة.

وكان احمدي نجاد قد فاز في الانتخابات الرئاسية التي اجريت في ايران في الثاني عشر من شهر يونيو/حزيران الماضي.

الا ان المرشحين المعارضين اللذان خسرا امامه - مير حسين موسوي ومهدي كروبي - اتهما احمدي نجاد والتيار المحافظ الذي يمثله بتزوير الانتخابات لصالحه مما ادى الى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق سقط فيها عدد من المحتجين ورجال الشرطة.

وقد رد النظام الايراني على هذه الاحتجاجات بشدة، إذ اعتقل المئات من المعارضين واحال مئة منهم الى محكمة ثورية بتهم مختلفة.

وينتمي احمدي نجاد الى تيار المحافظين، ويعتبر من المتشددين في هذا التيار. وفي عام 2005، لم يكن فوزه متوقعا، لكن عمدة طهران حينها تمكن من الفوز بالرئاسة في انتخابات تعرضت للكثير من الانتقادات.

وبذلك خرق احمدي نجاد التقليد اذ اصبح اول رئيس منذ عام 1979 يتولى الحكم دون ان يكون رجل دين. واحمدي نجاد، ابن حداد، خاض حملته الانتخابية عام 2005 تحت شعار مكافحة الفقر والفساد والتوزيع العادل للثروة.

وقدّمَ نجاد نفسه للناخب على انه مثال الرجل المتواضع الآتي من رحم الشعب وتوجه مباشرة في خطاباته لفقراء البلاد. ولكن شهرة احمدي نجاد الدولية تعود لخطابه المتشدد في الاعوام الاخيرة ضد الولايات المتحدة واسرائيل.

وقد ادت سياسة نجاد الى الكثير من الانزعاج الدولي بسبب تشدده وعدم تنازله عن ما يعتبره "حقا لبلاده بامتلاك تكنولوجيا نووية"، مؤكدا دوما ان برنامج طهران النووي هو "لاغراض سلمية".

رفسنجاني غاضب.. ومحاولة لمقاضاة موسوي

وقبل يوم واحد من تصديق خامنئي على إعادة انتخاب نجاد رئيسا لولاية ثانية، شنّ قادة الحركة الإصلاحية هجوما عنيفا على الاعترافات المزعومة لمسؤولين كبار في الحركة الإصلاحية في السجن، من بينهم محمد علي أبطحي النائب السابق للرئيس الإيراني محمد خاتمي، والذي نقلت عنه وكالة «فارس» قوله في اعترافاته إن الإصلاحيين «أعدوا للانتفاضة على الانتخابات منذ 3 أعوام»، وإن هدفهم هو «الحد من سلطة المرشد الأعلى» لإيران. واتحدت أمس أصوات الإصلاحيين في التنديد بتلك الاعترافات المزعومة، ففيما قال مير حسين موسوي إن تلك الاعترافات «أخذت تحت التعذيب وبوسائل تذكر بالعصور الوسطى»، وصف محمد خاتمي الاعترافات بأنها: «مسرحية تهز ثقة الرأي العام والشعب في المؤسسة الحاكمة»، بينما قال مهدي كروبي إن تلك الاعترافات «لا قيمة لها»، فيما قال حزب جبهة المشاركة أكبر الأحزاب الإصلاحية إن المحاكمات والاعترافات «مسرحية تثير ضحك الدجاجة المطبوخة»، وهو تعبير إيراني يستخدم لوصف الأشياء التي لا تصدق.

بينما تساءل رئيس الحرس الثوري لـ16 عاما وأحد مرشحي الرئاسة الخاسرين في إيران محسن رضائي: «ولماذا لا يحاكم هؤلاء الذين قتلوا المتظاهرين في الشارع؟». وكشف مسؤول إصلاحي بارز أن رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني، الذي نفى بدوره المزاعم التي نقلت عن أبطحي، «غاضب» من الطريقة التي سارت بها محاكمات الإصلاحيين، موضحا: «هاشمي وباقي قادة الإصلاحيين يرون أن هذه الاعترافات هدفها هو إخافة المعترضين على نتيجة الانتخابات، وتفتيت تحالف المعارضين». بحسب تقرير لـ(موقع ايلاف).

وصعّد المحافظون من حملتهم على الإصلاحيين أمس، فقد طالب حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة «كيهان» المحافظة بمحاكمة «مسؤولين أكبر» وسط الحركة الإصلاحية. فيما أعلن النائب المحافظ محمد تقي رهبر أن نواباً محافظين بالبرلمان رفعوا دعوى أمام القضاء بحق موسوي بسبب «تصرفاته المتطرفة».

انتاج القنبلة النووية ينتظِر إيماءة من خامنئي

من جهة ثانية وفي اطار الملف النووي الايراني الذي يشكل اهم الاسباب في تردي علاقة الغرب مع ايران، كشفت مصادر استخباراتية غربية أن إيران أتقنت تقنية إنتاج وتفجير رؤوس نووية وأن الجمهورية الإسلامية بانتظار الضوء الأخضر من المرشد الروحي، آية الله علي خامنئي، للمضي قدماً وإنتاج أول قنبلة نووية، وفق تقرير.

ونقلت صحيفة "التايمز" البريطانية عن المصادر أن إيران أتمت برنامجاً بحثياً لإنتاج يورانيوم لأغراض عسكرية في صيف 2003، مما قد يتيح لها إنتاج قنبلة خلال عام من إصدار خامنئي الأوامر بذلك.

وكانت تقارير استخباراتية أمريكية قد خلصت، قبيل عامين، بأن إيران أنهت برنامج أبحاث نووية عسكري في 2003 إثر التلويح الأمريكي بغزو العراق، إلا أن تلك المصادر الغربية عزت توقف البرنامج إلى تحقيقه غايته، وهي كيفية تفجير رأس حربي يمكن إطلاقه من صاروخ "شهاب 3" البعيد المدى.

وقال أحد المصادر: "نعتقد أن القائد قرر بنفسه وقف البرنامج بعد تحقيق نتائج جيدة."

وقدرت تلك المصادر إن إيران بحاجة إلى عام واحد، وبعد موافقة خامنئي، لبناء قنبلة نووية: ستة أشهر لتخصيب يورانيوم كاف، وستة أشهر أخرى لتجميع وتركيب الرأس الحربي، بحسب التقرير.

وتدير وزارة الدفاع الإيرانية قسماً سرياً للأبحاث النووية منذ عدة أعوام، يعمل به المئات من العلماء والباحثين وخبراء معادن، تبلغ تكلفته عدة ملايين من الدولارات لتطوير تقنية نووية عسكرية إلى جانب أخرى مدنية.

وعمل خبراء إيرانيون على إتقان أسلوب تفجيري يعرف بـ"نظام البدء المتعدد النقاط" - عبارة عن تغليف يورانيوم عالي التخصيب داخل مواد شديدة الانفجار ومن ثم تفجيرها، وأوضحت المصادر الاستخباراتية أن وزارة الدفاع الإيرانية استخدمت وكالة داخلية سرية تعرف باسم "عماد" أي "الامدادات" بالفارسية، بقيادة محسن فخري زاده، بروفيسور في الفيزياء إلى جانب أعضاء بارزين من الحرس الثوري، على ما أورد التقرير.

وأضاف أحد المصادر: "حال موافقة الزعيم الروحي.. نتوقع أن يبدأوا إعداد يورانيوم عالي التخصيب في منشأة ناتنز، وقد يستغرق ستة أشهر ويعتمد ذلك على أجهزة الطرد.. إلا أننا لا نعلم إذا ما أتخذ قرار بعد."

وذكر مسؤولو الاستخبارات أن في وسع إيران تشييد منشآت أصغر وسرية - بعيداً عن ناتنز -  لتطوير المواد اللازمة لصناعة أول قنبلة.

وعلى صعيد متصل، أمهلت واشنطن الجمهورية الإسلامية حتى الشهر المقبل لبدء حوار لحل الملف النووي المثير للجدل، الذي يقول الغرب إن البرنامج النووي الإيراني عسكري، وتفند طهران تلك المزاعم بالتأكيد مراراً أنه سلمي ولأغراض مدنية.

ومن جانبه لوح وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، الأسبوع الماضي، بأن الخيار العسكري مازال مطروح على الطاولة حال فشل المسار الدبلوماسي.

ويقدِّر مسؤولون إسرائيليون أن ضربة جوية على منشأة "ناتنز" وآراك" النووييتن، قد يرجعا البرنامج الإيراني للوراء عامين أو ثلاثة أعوام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/آب/2009 - 12/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م