مدد يا قرضاوي مدد

تحت عنوان: المكفراتية يزحفون!!

لماذا لا تعتمدون كتاب سيد قطب منهجا للعقيدة في دولة المواطنة؟!

د. أحمد راسم النفيس

أخيرا وجدت نداءات الشيخ القرضاوي (أوقفوا المد الشيعي قبل أن يأكل الأخضر واليابس) التي أطلقها نهاية الصيف الماضي من يستمع إليها ويلبي النداء حيث أُعلن اليوم أن (النيابة قد بدأت التحقيق مع مجموعة تضم ١٢ متهماً، تردد أنهم يمثلون أول مجموعة من المتهمين فى قضية «المد الشيعى»، الذين يبلغ عددهم، بحسب مصادر غير رسمية، نحو ٣٠٠ متهم). كما وجهت للمحموعة اتهامات اعتناق (أفكار متطرفة مخالفة لصحيح الدين الإسلامى منها الادعاء بأحقية سيدنا على بن أبى طالب فى الخلافة عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبطلان خلافة صحابته، وممارسة العبادات بأسلوب يخالف صحيح الدين، بأداء الصلاة على قطعة من الحجر تسمى «الشقفة» وتكون من أرض كربلاء التى استشهد فيها الإمام الحسين بن على، وعدم جواز رفع الأذان أو أداء الصلاة إلا خلف إمام من آل البيت) كما (وجهت لهم تهمة ازدراء الأديان!!).

تهمة ازدراء الأديان!!

إنها إحدى أعجب التهم في التاريخ التي يستند إليها القوم في اتهام الشيعة بما يسمى بالترويج والازدراء.

ورغم صدور عديد الفتاوى والتصريحات من قبل المرجعيات الدينية الأزهرية الي تؤكد على ألا خلاف جوهري بين الشيعة والسنة والتي تشكل اعترافا معنويا وأخلاقيا بصحة المذهب الإمامي ورغم عشرات الجولات من جلسات التقريب بين المذاهب الإسلامية وقرارات قمة مكة الطارئة عام 2005 فقد ضرب القوم عرض الحائط بهذه التصريحات والبيانات نظرا لأنها غير ممهورة بخاتم النسر الشهير!!.

القانون المصري رقم 15 لسنة 1927 والذي جرى استخراجه من متاحف القانون يؤكد على أن المنتمين لأي طائفة دينية يتعين عليهم أن يتقدموا بطلب اعتراف لوزير الداخلية الذي يتعين عليه أن ينظر في الطلب ويرد عليه إيجابا أو سلبا وإذا رفض طلب الاعتراف تعد أي ممارسة دينية تقوم بها هذه (الطائفة) مخالفة للمادة رقم 98 ف من قانون العقوبات وتعد ترويجا وازدراء يقع تحت طائلة القانون!!.

الذين يصرون على إحياء هذا النص (القانوني) وتطبيقه بصورة تتناقض مع الدستور المصري خاصة (مادة 40) التي تؤكد أن (المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة والمادة 46 التي تقول (تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية) يضعون أنفسهم والشيعة معهم في مأزق ليس له من مخرج إلا الحل الطائفي الذي يراه الكثيرون أمرا سيئا يتناقض مع قواعد الدولة العصرية التي يفترض أننا نعيش في كنفها.

فلكي تصبح الصلاة على الشقفة المزعومة (صحيحة ومطابقة لصحيح الدين من وجهة نظر السادة المسئولين) يتعين عليك أن تتقدم بطلب لوزير الداخلية للاعتراف (بالطائفة الشيعية) ليتمكن البعض بعد ذلك من الصراخ (بالمستندات) من أن المجتمع المصري جرى شقه طائفيا!!.

لماذا؟!, وما هو العائد من وراء تحويل معركة (الصلاة على الشقفة) إلى معركة طائفية يمكن أن يستفيد منها المتربصون بمصر الراغبون في شقها طائفيا من وراء البحار والمحيطات؟!.

السؤال التالي يتعلق بالدور السياسي المصري في المنطقة وفي العالم حيث كانت النظرة التقليدية لهذا الدور تميل إلى اعتباره يصب في خانة التسامح والاعتدال وقد بدا هذا واضحا في التجاوب الباهت الذي لقيته الحملة التحرضية التي شنها الشيخ القرضاوي نهاية الصيف الماضي ومن ثم يصبح التساؤل مشروعا عن قدرة السياسة المصرية على القيام بدور الحكم النزيه لحل الخلافات بين الأفرقاء في العراق ولبنان وهي خلافات جرى ويجري إشعالها عبر التهييج والضخ المذهبي.

الليبرالية المصرية تلفظ أنفاسها

الآن يتحدثون عن (صحيح الدين) بلهجة لا تختلف قليلا ولا كثيرا عن لهجة التيار السلفي الذي انتعشت آماله في الآونة الأخيرة في إقصاء كل من يدعو لاحترام حرية الرأي والعقيدة لتبقى مصر ساحة لحرية التعبير والعقيدة ومقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة.

الآن يبدو واضحا أن التيار الليبرالي ورغم تبوؤه مواقع رسمية لم يعد له نفوذ حقيقي باستثاء توزيع بعض الجوائز هنا وهناك وهي جوائز ما إن توزع حتى يتلقى هذا التيار في مقابلها قدرا لا يستهان به من الصفعات المضادة وقضايا التكفير التي حققت في الفترة الأخيرة نجاحا لا يستهان به في لجم هذه الليبرالية وإجبارها على لزوم الصمت وربما تدفع من تبقى منهم للدخول في برامج إعادة تأهيل بحثا عن فرصة عمل في القنوات الفضائية والصحافة الوهابية في مرحلة ما بعد الليبرالية التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى!!.

الآن (وقبل الآن) أصبح الحديث عن الخلافة والإمامة بالمخالفة لرؤية التيار السلفي ازدراء لصحيح الدين ومن ثم يتعين جمع كتب طه حسين والعقاد وخالد محمد خالد والشرقاوي وإحراقها وتقرير كتاب (تاريخنا المفترى عليه) كمنهج دراسي ثابت ووحيد في المدارس والجامعات!!.

أما من الناحية العقائدية وبعد أن اعتمد التفسير التكفيري لقوله تعالى (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ) الفتح 29 فعلينا أن نتوقع أن تكون الخطوة التالية هو اعتماد تفسير ابن تيميه لقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ومن ثم سيجري قريبا اعتماد كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب ليصبح منهج العقيدة المعتمد في عالم ما بعد الليبرالية خاصة وأن (الإسلام هو الحل)!!.

أَمَرْتُهمُ أَمْري بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى     فَلَمْ يسْتَبِينُوا النُّصْحَ إِلاَّ ضُحَى الْغَدِ

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 2/آب/2009 - 10/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م