الجفاف يقوض الآمال الإقتصادية في العراق

الهلال الخصيب من قيام الحضارة الى صحراء جرداء

 

شبكة النبأ: مع أرتفاع درجة حرارة الصيف وحبس المياه وعدم إطلاقها تجاه العراق من قبل سوريا وتركيا، يعاني العراق من أزمة كبيرة وخصوصا في المجال الزراعي الذي قوض بدوره الإقتصاد العراقي؛ مما جعل العراق يستورد المنتوجات الزراعية، يضاف الى ذلك مشكلة التصحر التي زدادت مساحتها على الأراضي العراقية.

فما كان يعرف في التاريخ بالهلال الخصيب الذي أدت اراضيه الزراعية الخصبة ومياهه الوفيرة الى قيام الحضارة أصبح اليوم صحراء جرداء حيث يزحف نهرا دجلة والفرات ببطء نحو البحر.

فهناك مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية العراقية لكنها مشققة وقاحلة وقد جفت الاهوار الثمينة كما تحجب العواصف الرملية اشعة الشمس.

هذه هي أعراض نقص متفاقم في المياه يهدد بتقويض جهود العراق لاعادة بناء اقتصاده بعد ست سنوات من الصراع منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

والمياه سلعة ثمينة في الشرق الاوسط القاحل الذي يتكهن الكثير من الخبراء بأن تنشب فيه حروب في المستقبل اذا لم يتم التوصل الى حل مستديم.

وازداد التوتر في وقت سابق هذا الشهر حين أعلنت تركيا أنها ستستأنف العمل في خطتها المثيرة للجدل لبناء سد على نهر دجلة في جنوبها الشرقي.

وسحب الداعمون الاوروبيون تأييدهم لمشروع سد ايليسو استنادا لمعايير ثقافية وبيئية وهو ما يمثل انتصارا مؤقتا لبغداد لكن أنقرة عقدت العزم على المضي قدما حيث تسعى الى خفض اعتمادها على واردات الطاقة.

ويقول عمرو هاشم الخبير الاقتصادي بجامعة المستنصرية ببغداد ان هذه ليست أزمة جديدة على العراق لكنها هذه المرة اكثر خطورة من اي وقت مضى.حسب رويترز

ويسارع الساسة العراقيون الى الالقاء باللائمة على الجيران تركيا وايران وسوريا لاقامتهم سدودا واستخدامهم المتزايد للمياه لكن الخبراء يقولون ان مشاكل العراق ترجع ايضا الى الزيادة الكبيرة في عدد السكان وسوء الري وعدم وجود حوافز تذكر لترشيد استهلاك المياه.

ويقول ديفيد مولدن نائب رئيس المعهد الدولي لادارة المياه في سريلانكا المشكلة هي اجتماع كل العوامل معا.. التمدن والتغير المناخي وتقلب المناخ على المدى القصير وازدياد الطلب على الغذاء.

وأضاف العراق مكان.. لكنه ليس وحده في العالم... نعم يستطيعون دوما القاء اللوم على الجيران او التغير المناخي لكنهم في نهاية المطاف يجب أن يغيروا أسلوب ادارة المياه.

وهذا العام هو الثاني الذي يعاني فيه العراق من جفاف شديد ويقول مسؤولون امريكيون في بغداد ان استخدام الاحتياطيات العام الماضي سبب أسوأ نقص في المياه خلال عقد.

وربما يأتي الجفاف بواحد من أسوأ محاصيل القمح خلال عشر سنوات وسط توقعات بانخفاض المحصول الى 1.35 مليون طن اي نحو نصف المحصول المعتاد وهي انتكاسة كبيرة لبلد كان يمد المنطقة يوما بالحبوب لكنه يصنف اليوم ضمن اكبر مستوردي القمح في العالم.

ويقول صلاح فيصل وهو مزارع يؤهب نفسه لانخفاض محصول مزرعته جنوبي بغداد ان نقص المياه ليس السبب الوحيد في الضعف الشديد الذي تعانيه الزراعة بالعراق.

البيئة وأزمة المياه

من جهة أخرى حذر خبراء ومختصون في مجال الزراعة والري من تداعيات ازمة المياه بالعراق على الوضع البيئي بالعراق مطالبين الحكومة باتخاذ اجراءات عملية لحل الازمة وابرام الاتفاقيات مع دول الجوار والزامها على الايفاء بالتزاماتها بتزويد العراق بحصته المائية المقررة.

فقد دعا مستشار لجنة الزراعة في مجلس النواب عادل عبد الصاحب المختار الى تاسيس مجلس وطني للمياه ياخذ على  عاتقه قيادة المفاوضات مع دول المنبع وقال ان حصة العراق المائية لم تثبت لحد الان وان المفاوضات مع تركيا بشأن استحقاقات العراق المائية رفضت باكملها جانب الحكومة التركية.حسب أصوات العراق

واضاف المختار ان دول الجوار تاخذ على العراق مأخذا في انه  يبذر المياه الواردة اليه ولا يستخدم الا 10% من مياه الواردة اليه ويلوث ما مجموعه  خمسة اضعاف ما هو عليه في تركيا وسوريا”، مشيرا الى ان “العراق لا يملك ستراتجية واضحة لادارة المياه في العراق.

وطالب بتأسيس مجلس وطني للمياه يشكل من قبل اطراف في الحكومة والوزارات المعنية ومن لجنة الزراعة والاهوار في مجلس النواب ياخذ على عاتقه معالجة المشكلة ويكلف بالتفاوض مع دول الجوار .

من جانبها قالت شروق العبايجي المهندسة المختصة في قضايا المياه بانه يوجد ما بين 200 الى 300 اتفاقية دولية  بين الدول تنظم الحصص المائية فيما بينها، مشيرة الى ان العراق بحاجة الى اتفاقية مع دول المنبع لتنظيم حصصه المائية.

دعوة الى اجتماع عاجل مع سوريا وتركيا

وزارة الموارد المائية في العراق من جهتها اعلنت قالت انها تدعو تركيا وسوريا الى اجتماع عاجل اثر تدني كميات المياه المتدفقة في الفرات الى 250 مترا مكعبا في الثانية.

وافاد بيان للوزارة انها تدعو الى عقد اجتماع عاجل على مستوى الوزراء والخبراء للدول الثلاث مطلع آب/اغسطس المقبل لبحث موضوع تقاسم المياه المشتركة وتذبذب الايرادات المائية الواصلة الى العراق.بحسب فرانس برس

واكدت ان الكميات الواصلة الى العراق عبر الفرات في منطقة حصيبة على الحدود مع سوريا ما تزال متدنية جدا مشيرة الى ان معدلات التصاريف للايام العشرة الماضية لم تتجاوز 250 مترا مكعبا في الثانية. وتابع ان هذه الكمية غير كافية لتأمين المياه للزراعة والاستخدامات الاخرى. وكانت الوزارة اعلنت اواخر الشهر الماضي ان تركيا زادت كميات المياه المتدفقة في الفرات بنسبة خمسين بالمئة لتصل الى 570 مترا مكعبا في الثانية المنسوب الذي يطالب به العراق لزراعة الارز في وسط البلاد وجنوبها.

وكان وزير الموارد المائية جمال رشيد عبد اللطيف اعلن ان العراق بحاجة الى 500 متر مكعب في الثانية حدا ادنى لتأمين زراعة 50% من المساحات المخصصة لمحصول الارز وكذلك لاغراض الري والشرب.

وكان معدل تدفق المياه في النهر فور دخوله الاراضي العراقية 230 مترا مكعبا في الثانية في ايار/مايو الماضي قبل زيادته الى 360 مترا مكعبا. وقد طلب العراق من تركيا زيادة الكميات الى 700 متر مكعب في الثانية.

دعوة لإطلاق المياه الحبيسة

من جهة أخرى دعا نائبان عن القائمة العراقية في البرلمان التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، الخميس، الحكومة والبرلمان للتحرك في جميع الاتجاهات من اجل إطلاق دول الجوار مياه العراق الحبيسة لديهم.

وقال النائب جمال البطيخ في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان ببغداد إن القائمة العراقية تدعو الحكومة والبرلمان للتحرك في جميع الاتجاهات من اجل اطلاق المياه الحبيسة للعراق في دول الجوار  من خلال الاتصال بالاتحاد الأوربي والأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي للضغط على هذه الدول لرفع الحصار المائي.

وصوّت مجلس النواب العراقي في (12/5/2009) بالأغلبية على مقترح قرار اتفاقية الشراكة الشاملة بين العراق وتركيا والذي تضمن فقرتين نصت الأولى على أنه يتوجب على الحكومة الاتحادية تضمين بند في مسودة الاتفاقية لتأمين وتحديد حصص العراق المائية في المياه المتشاطىء عليها في نهري دجلة والفرات وروافدهما على اساس الحقوق التاريخية المكتسبة وفق القانون الدولي.

فيما نصت الفقرة الثانية على ضرورة أن تراعي الحكومة الاتحادية تضمين اتفاقيات الشراكة التي تعقد بين العراق وكل من سوريا وايران تأمين حصة العراق المائية في المياه المتشاطىء عليها بما يؤمن المصلحة الوطنية العامة في المياه.

حملة تشجير في العراق لمكافحة التصحر

وبدأت السلطات العراقية حملة تشجير في مختلف محافظات البلاد لمكافحة التصحر والعواصف الرملية التي تكاد تكون شبه يومية خصوصا في مناطق الوسط والجنوب.

واكدت وزارة الموارد المائية بدء حملات في مناطق السدود والبحيرات للمساهمة بشكل فعال في التخفيف من تأثير العوامل المناخية وارتفاع درجة الحرارة وايجاد بيئة ملائمة من خلال الحفاظ على رطوبة التربة من التبخر ومنع التصحر.حسب فرانس برس

ومنذ مطلع الصيف الحالي، تضرب العراق عواصف رملية بشكل شبه يومي ترغم المئات ممن يعانوا مشاكل في التنفس على التوجه الى المستشفيات، فضلا عن غلق المطارات امام الرحلات الجوية بسبب انعدام الرؤيا.

وهبوب العواصف متوقع خصوصا في حزيران/يونيو سنويا، لكنها اصبحت ظاهرة شبه يومية خلال الفصل الحالي. وبحسب بيان وزارة الموارد، شملت مكافحة التصحر زراعة نحو خمسمئة دونم في مناطق بابل والنجف والكوت والعمارة والانبار والعظيم.

وزرعت هذه المساحات بالزيتون والحمضيات والكمثرى ونبات الزينة واليوكالبتوس بالاضافة الى اشجار مثمرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/آب/2009 - 9/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م