تسخير الهاتف الجوال للتصدي لاستغلال العمّال المغتربين

 

شبكة النبأ: ظلّت مسألة استغلال العمال المغتربين تشكل منذ زمن طويل مشكلة في كثير من البلدان. غير أن الناشطة الأردنية عايدة أبو راس برهنت على كيفية استخدام الهاتف الخلوي الجوال العادي كوسيلة لحماية العاملين المعرضين للاستغلال وخاصة النساء الوافدات العاملات  في المنازل.

في العام 2003 أنشأت أبو راس جمعية أصدقاء المرأة العاملة، أول منظمة غير حكومية تتصدى لمشكلة النساء العاملات المغتربات في الأردن.

فقد وفدت على الأردن خلال السنوات القليلة الماضية آلاف من النساء الأجنبيات طلبا لمزاولة أعمال أغلبها الخدمة في المنازل. وجاء في تقرير لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة أن هناك ما يتراوح بين 60,000 و70,000 امرأة أجنبية عاملة في الأردن بطريقة مشروعة أو غير مشروعة. ونظرا للحاجز اللغوي بسبب افتقارهن إلى إتقان اللغة وعدم معرفتهن الآليات والوسائل القانونية التي تحميهن وتحفظ حقوقهن، كالاتفاقات والعقود، فإن ذلك يجعلهن أكثر عرضة لكثير من أشكال الاستغلال والإساءة وسوء المعاملة. ولذا تحاول جمعية أصدقاء المرأة العاملة تقويم هذا الخطأ ورفع الضيم من خلال شن حملات توعية عامة.

وانطلاقا من اعتقاد أبو راس بأن تعليم العاملات والمستخدمين على السواء وتوعيتهن يشكل أفضل وسيلة لمعالجة مشكلة استغلال العاملات الوافدات، فقد شنت حملة في صيف عام 2008 بثت خلالها 120,000 رسالة نصّية قصيرة إلى مستخدمي الهواتف الخلوية الأردنية تتضمن توجيهات وإرشادات حول المعاملة اللائقة للعاملات في خدمتهم.

صرحت أبو راس لموقع أميركا دوت غوف بأن بعث الرسائل لم يكن صعبا لأنه جرى ترتيب عملية الإرسال مع أحدى شركات الهواتف الجوالة. فالصعوبة كانت في مشكلة صياغة رسالة قصيرة تفي بمتطلبات خدمات الرسائل القصيرة وتحمل من القوة ما يكفي لمعالجة قضية العاملات المغتربات وتكون موجهة إلى سكان غرب عمان على الأخص حيث يعمل الجزء الأكبر من العاملات الوافدات في خدمة المنازل.

وأوضحت أبو راس أن "الرسائل كانت تستهدف الرجال والنساء مستخدمي العاملات الأجنبيات وصانعي السياسة ووكلاء مكاتب استقدام العاملات." بحسب موقع أميركا دوت غوف.

قالت أبوراس لموقع أميركا دوت غوف إن استخدام خدمة الرسائل القصيرة فعال، مشيرة إلى أن 4 ملايين شخص من أصل سكان الأردن الذين يبلغ عددهم 5.7 مليون نسمة يملكون هواتف جوالة. وأضافت أنها تود أن تعيد الكرة وتشن حملة أخرى إذا تمكنت من جمع التمويل الكافي لذلك.

والرسائل النصية القصيرة التي تمكّن مرسلها من كتابة 160 حرفا أو أقل، تبعا للغة المستخدمة تكون في الغالب أقل تكلفة وأقوى تأثيرا من المكالمات. ثم إن بإمكان المرسل أن يبث رسالته القصيرة إلى عدد كبير من الهواتف الخلوية في نفس الوقت، كما أن بإمكانه أن ينشر رسالته على صفحة على الإنترنت.

وتضيف أبو راس أن الكثيرين من العاملات والعاملين الوافدين على الأردن يملكون هواتف جوالة ويستعملون خدمة الرسائل القصيرة للتواصل مع أهلهم وأقاربهم في الخارج. وهناك أيضا من يستخدمون الهواتف الخلوية لتسهيل الأعمال وخاصة الذين يعملون مياومة ولا بد لهم من تحديد مواعيد العمل. ويلجأ البعض إلى مقاهي الإنترنت التي يذهبون إليها للتخاطب والدردشة عن طريق الكمبيوتر. غير أن أبو راس تقول إن الأمية والجهل بالكتابة يشكلان عائقا أمام الكثير من العاملات الأجنبيات وخاصة البنات الوافدات من سريلانكا وإندونيسيا.

بالإضافة إلى الحملة التي تشنها جمعية أصدقاء المرأة العاملة بعث العاملون في الجمعية مليوني رسالة إلكترونية. وقالت أبو راس إن الأسلوبين (للاتصال والتواصل) مهمان. ففي الرسائل الإلكترونية استخدمنا ثلاثة رسوم كاريكاتورية تم تصميمها خصيصا لمنظمتنا وليونيفم (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة) ورسمها رسام كاريكاتوري مشهور في الأردن مع رسالة بثلاث لغات: السريلانكية والفليبينية والإندونيسية بالإضافة إلى اللغة العربية. وهكذا أرسلنا تلك الرسائل والرسوم الكاريكاتورية التي تخاطب مسألة الحقوق الإنسانية وحقوق العاملات الأجنبيات." وأعربت أبو راس عن أن الردود التي تلقتها على الرسائل كانت مشجعة وكان قليل منها غير متوقع.

من ذلك، على سبيل المثال، أن بعض المستخدمين الذين اتصل بهم العاملون في الجمعية شكوا من أنهم يواجهون مشاكل مع مكاتب استقدام العاملات وكانوا في حيرة في ما يفعلون ولم يعرفوا ما بإمكانهم أن يفعلوا، وشكا البعض الآخر من أن عاملاتهم كن مصابات بمرض التهاب الكبد ولا يدرون ماذا يفعلون في تلك الحالة. وعمدت إحدى ربات البيوت، بعد أن تلقت الرسالة، إلى اصطحاب خادمتها التي شكت من شخص يضايقها بتلميحات جنسية في أحد المحال التجارية (السوبرماركت) إلى مركز الشرطة لتقديم تقرير بالمضايقة.

وقد استحقت عايدة أبو راس نتيجة عملها المبتكر تكريما بذكر اسمها كواحدة من "الأبطال العاملين لإنهاء رق العصر الحديث" في تقرير هذا العام للاتجار بالبشر الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية سنويا. ويصنف التقرير أنواع الاسترقاق الإنساني في بلدان العالم وما تفعله حكوماتها لمكافحة تلك المشكلة.

وتعمل أبو راس الآن مستشارة إقليمية لشؤون المرأة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التي تتخذ مقرها في بيروت بلبنان فيما تستمر في نشاطها في الدفاع عن حقوق النساء العاملات المغتربات.

الهواتف الجوالة متزايدة الأهمية كوسيلة للاتصال 

تقدر دراسة تمت برعاية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن هناك 4 بلايين (4,000 مليون) هاتف خلوي جوال قيد الاستخدام في العالم اليوم. وتقول الدراسة إن الهاتف الجوال "أصبح أكثر استخداما من أشكال وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تاريخ البشرية." وكانت الدراسة قد صدرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2008 في تقرير بعنوان "صوت جوّال: استخدام الهواتف الخلوية في وسائل اتصال المواطنين." ووجدت الدراسة أن الهواتف الجوالة كثيرا ما تكون التكنولوجيا الوحيدة المتوفرة للناس في البلدان ذات المداخيل المحدودة والمتوسطة.

وجاء في دراسة أخرى صدرت في 2009 عن الاتحاد الدولي للاتصالات، أقدم المؤسسات القائمة التي وحدت الاتصالات، أن الهواتف الجوالة أصبحت في متناول 50 بالمئة من سكان العالم وكانت نسبة 64 بالمئة من المشتركين في خدمات الهواتف الجوالة في العالم بنهاية العام 2007 من البلدان النامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 15/تموز/2009 - 22/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م