
شبكة النبأ: يزعم العديد من المحليين
إن زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة لروسيا قد تشكل انعطافة كبيرة في ملف
العلاقات بين الدولتين.
فحجم ما خرجت القمة التي جمعت اوباما ومدفيديف من نتائج واتفاقات
أزاحت العديد من الملفات التي لا تزال عصية عن الحل في الوقت الراهن.
ويرى البعض إن زيارة اوباما الأولى لروسيا نجحت بقدر معين في إنهاء
التوترات التي أثيرت قبيل نهاية ولاية سلفه جورج بوش.
اوباما يمد يده للروس
حيث عمد الرئيس الأميركي باراك اوباما الى مد يده للروس مقترحا عصرا
جديدا من التعاون على انقاض الحرب الباردة، لكنه شدد على وجوب احترام
قواعد الديمقراطية.
ففي خطاب مهم القاه امام طلاب المدرسة الاقتصادية الجديدة الذين
يشكلون النخبة الروسية المقبلة، لم يكتف اوباما بالتوجه الى القادة
الروس كما فعل الاثنين، بل خاطب عموم المجتمع الروسي داعيا اياه للعودة
بالعلاقات الى نقطة الصفر وتجاوز المفاهيم القديمة للعلاقات بين
الولايات المتحدة وروسيا.
وقال "ينبغي ان يكون هذا الامر اكثر من بداية جديدة بين الكرملين
والبيت الابيض، حتى لو كان ذلك مهما ايضا. ينبغي ان يكون جهدا يدعمه
الشعبان الاميركي والروسي لتحديد المصالح المشتركة وتوسيع الحوار
والتعاون وتمهيد الطريق للتقدم".
ويقوم اوباما بزيارته الاولى لروسيا والتي تهدف خصوصا الى انهاء
توترات، ذكرت في نهاية ولاية سلفه جورج بوش بعقود من السلام المستند
الى السلاح بين القوتين.
وعرض اوباما في خطابه رؤيته للمستقبل امام من يمثلون "الجيل الاخير
الذي ولد يوم كان العالم منقسما"، معربا عن "احترامه العميق لارث روسيا
العريق".
واذ اشاد بالتضحيات السوفياتية ابان الحرب العالمية الثانية، حرص
الرئيس الاميركي على الا يكون في موقع من يعطي الدروس لموسكو. بحسب
فرانس برس.
لكنه تجاوب ايضا مع الاصوات التي طالبته بعدم تجاهل القضايا التي
تثير استياء. فقبيل لقائه قادة المعارضة الروسية بعد الظهر، دعا اوباما
الى احترام قواعد الديموقراطية وحض الحكومة الروسية على مكافحة الفساد
في الاقتصاد واحترام سيادة الجمهوريات السوفياتية السابقة، وفي مقدمها
جورجيا واوكرانيا.
وفي هذا الاطار، قال ان "مسار التاريخ يظهر لنا ان الحكومات التي
تعمل في خدمة الشعب تستمر وتزدهر، وليس الحكومات التي لا تخدم سوى
قوتها الخاصة".
واضاف "ان الحكومات التي تمثل رغبة شعوبها تقلل من خطر الانهيار
وارهاب مواطنيها او شن الحرب على الاخرين. والحكومات التي تشجع على
احترام دولة القانون وتخضع للرقابة في كل ما تقوم به وتسمح بوجود
مؤسسات مستقلة هي شريكة تجارية اكثر مصداقية".
واكد ان نجاح بلد ما "يتوقف على كون اقتصاده يعمل بحسب قواعد دولة
القانون".
واضاف "كما ان من حق الدول ان تختار قادتها، فان من حقها ان تعيش
داخل حدود آمنة ومن حقها ان تمارس سياستها الخارجية الذاتية".
وتابع اوباما "هذا الامر ينطبق على روسيا كما على الولايات المتحدة.
اي نظام يتخلى عن حقوق مماثلة يؤدي الى الفوضى. لهذا السبب، ينبغي
تطبيق هذا المبدأ على كل البلدان بما فيها جورجيا واوكرانيا".
وتدارك اوباما في هذا الخطاب الذي يندرج في اطار اللهجة نفسها التي
اعتمدها في براغ (حول انتشار الأسلحة النووية) وفي القاهرة (حول
العلاقات مع العالم الاسلامي) "لتكن الامور واضحة منذ البداية: اميركا
تريد روسيا القوية والمسالمة والمزدهرة".
واذ عرض العديد من القضايا التي تمثل مصالح مشتركة، من التصدي
لانتشار الاسلحة النووية الى البيئة، دعا اوباما روسيا الى الانضمام
للجهود الاميركية بهدف مواجهة التحديين النوويين الايراني والكوري
الشمالي.
واكد ان "كل هذه التحديات تستدعي شراكة عالمية، وهذه الشراكة ستكون
اقوى اذا احتلت روسيا موقع القوة الكبرى التي ينبغي ان تكونها".
واعتبر اوباما ان العودة بالعلاقات بين واشنطن وموسكو الى نقطة
الصفر "لن تكون امرا سهلا"، لافتا الى ان "بناء شراكة دائمة بين خصوم
سابقين وتغيير عادات متجذرة في حكوماتنا طوال عقود لن يكون سهلا".
لكنه تابع "لقد ولى الزمن الذي كانت فيه الإمبراطوريات تريد التحكم
في الدول ذات السيادة مثل بيادق في لعبة شطرنج"، في اشارة الى اللقاءات
التي كان يعقدها مسئولون مثل تيودور روزفلت (الرئيس الأميركي الراحل)
وونستون تشرشل (رئيس الوزراء البريطاني الراحل) وستالين (الزعيم
السوفياتي الراحل) وكانت تنتهي باعادة رسم خارطة العالم.
بوتين وأوباما والشيطان بينهما
وفي لقاء جمع الرئيس الأمريكي برئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين،
قال باراك أوباما إنه يرى إمكانية إقامة العلاقات بين الولايات المتحدة
وروسيا على أساس وطيد قبل أن يضيف أنه لا يستبعد إمكانية "ألا نتفق على
كل شيء" لحل جميع المشاكل القائمة بين الدولتين ولكنه يرى مع ذلك ضرورة
مناقشة جميع الأمور التي تهم الشعبين الأمريكي والروسي.
وأضاف أوباما أنه يعرف أن بوتين أنجز عملا رائعا لصالح الشعب الروسي
حينما كان رئيسا للدولة الروسية ويواصل هذا العمل الآن وهو رئيس
الحكومة، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي." بحسب(CNN).
ومن المتوقع أن يكون أوباما وبوتين قد ناقشا العلاقات التجارية
والاقتصادية القائمة بين البلدين، كما يتوقع أن يعرض بوتين على أوباما
رؤيته للحوار الروسي الأمريكي وفق ما أعلنه المتحدث باسم رئيس الحكومة
الروسية دميتري بيسكوف في وقت سابق.
وهذا أول لقاء يضم بوتين الذي كان رئيسا للدولة الروسية حتى مايو/أيار
2008، وأوباما الذي انتخب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر/تشرين
الثاني الماضي.
وجاء هذا اللقاء بين بوتين وأوباما في أعقاب تصريحات صدرت عن الرئيس
الأمريكي قبل زيارته لموسكو.
فرغم التصريحات الكثيرة التي بشرت بتحسين العلاقات بين روسيا
والولايات المتحدة، والتي صدرت عن موسكو وواشنطن في الفترة الأخيرة،
إلا أن المراقبين، الذين استعدوا لمتابعة هذا التحسن أثناء زيارة
أوباما لموسكو، فوجئوا بتصريحات توحي بأن "الشيطان دخل بين موسكو
واشنطن"، وفقاً لنوفوستي.
فقد صرح أوباما بأن على بوتين أن يفهم أن زمن الحرب الباردة ولى
وعفا عليه الزمن، الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين أن أوباما يرى في
مواقف بوتين عائقاً أمام تحسين العلاقات الأمريكية الروسية.
وبحسب نوفوستي، يرى الباحث الروسي الكسندر بيكاييف أن تصريحات من
هذا القبيل تضع عقبات على طريق زيارة الرئيس الأمريكي إلى روسيا، مشيراً
إلى أن ما قاله أوباما ذكّره بما هو حاصل في تسعينيات القرن العشرين
حينما "فرض مستشارون أمريكان على روسيا طريقاً مؤلماً للانتقال إلى
اقتصاد السوق."
يشار إلى أن أي قرارات يعلنها الرئيسان الروسي دميتري ميدفيديف
والأمريكي باراك أوباما في ختام محادثاتهم، وإن كانت تصب في إطار تحسين
العلاقات بين الدولتين، لا تأخذ طريقها نحو التنفيذ إلا بوتين، علماً
بأن ما جاء على لسان أوباما "أوقع الغبن ببوتين"، بحسب رأي الباحث
بيكاييف.
ولم يأت ما قال أوباما بشأن بوتين هكذا بالصدفة، بحسب رأي صحيفة "نيويورك
تايمز"، فهذا يصب في إطار "الإستراتيجية الأمريكية الداعمة لميدفيديف
كمرشح محتمل لموازنة قوة بوتين الذي ما زالت له سطوته في روسيا."
وتجدر الإشارة إلى أن ميدفيديف قال في مقابلة مع وسائل الإعلام
الإيطالية إن علاقاته الشخصية مع بوتين "تبقى رائعة."
اصلاح العلاقات مع موسكو
واختتم اوباما زيارته بتوقيع عددا من الاتفاقيات الامنية في اطار
جهوده لاصلاح العلاقات المتوترة مع موسكو.
وغادرت الطائرة الرئاسية الاميركية موسكو متوجهة الى ايطاليا حيث
سيشارك اوباما في قمة مجموعة الثماني.
ولوح اوباما وزوجته ميشال بأيديهم للصحافيين بعد ان صعدوا وابنتيهما
ساشا وماليا على متن الطائرة. بحسب فرانس برس.
وحدث عطل في عربة السلالم التي صعدت عليها عائلة اوباما، واضطر
العمال في مطار فنوكوفو-2 الى دفع العربة يدويا قبل ان تتمكن الطائرة
من الاقلاع.
بدوره اشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالاتفاقيات التي
تم التوصل اليها حول نزع الاسلحة النووية والتي وقعها اوباما مع نظيره
الروسي ديمتري مدفيديف خلال القمة.
وجاء في بيان لمكتب بان كي مون ان "الامين العام يعتقد ان هذا
الاتفاق سيشكل مساهمة كبيرة في عملية نزع الاسلحة النووية اضافة الى
معاهدة الحد من الانتشار النووي".
وتعتبر الاتفاقية وهي خارطة طريق لاستبدال معاهدة الحد من الاسلحة
الاستراتيجية الموقعة عام 1991 انجازا رئيسيا في القمة اضافة الى
اتفاقية لنقل الامدادات الاميركية الى افغانستان.
الا ان زيارة اوباما لم تفلح في معالجة مشاكل اخرى من بينها الخلاف
على نشر الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا الشرقية.
وركزت الصحف الروسية على لقاء اوباما مع رئيس الوزراء فلاديمير
بوتين على مادبة افطار والكلمة التي القاها اوباما بشان العلاقات
الاميركية الروسية قبل ذلك بيوم.
وقالت صحيفة "كوميرسانت" اليومية على صفحتها الاولى "الامر صدر بأن
نكون اصدقاء"، تعليقا على الاجتماع مع بوتين الرئيس السابق الذي لا
يزال يعتقد على نطاق واسع انه لا يزال يحمل مفاتيح السلطة الحقيقية في
روسيا.
اما صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الحكومية الرسمية فقالت "اليوم الثاني
من زيارة اوباما اثبت مثل اليوم الاول ان العلاقات الروسية الاميركية
بدأت حقا في التغير الى الافضل".
واضافت الصحيفة في تعليق على كلمة اوباما "لم نلحظ في صوت الضيوف
الاميركيين لهجة اصدار التعليمات التي كانت سائدة، كما انهم لم يعودوا
ينظرون نظرة دونية الى زملائهم الروس".
وفي كلمته التي وصفت بانها كلمة رئيسية في السياسة الخارجية تاتي
استكمالا لخطابات سابقة في القاهرة وبراغ، سعى اوباما الى التواصل مع
الروس الذين تساورهم مشاعر عدم الثقة في الولايات المتحدة.
وقال اوباما امام عدد من الطلاب المتخرجين من كلية اقتصاد مرموقة في
موسكو "اميركا تريد روسيا قوية ومسالمة ومزدهرة".
واقر اوباما بوجود صعوبات في اقامة شراكة دائمة بين البلدين اللذين
كانا عدوين ابان الحرب الباردة، الا انه قال ان روسيا والولايات
المتحدة تتقاسمان الان مصالح مشتركة في القضايا الرئيسة للقرن الحادي
والعشرين.
الا انه اشاد كذلك بالحريات الديموقراطية - وهي مسالة حساسة بالنسبة
لبوتين ومدفيديف الذي انتقد بوصفه غير ديموقراطي - وقال ان على روسيا
احترام سيادة جارتيها جورجيا واوكرانيا.
وساد التوتر العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ابان رئاسة
الرئيس الاميركي السابق جورج بوش وسط خلافات حول الدرع الصاروخية
والحرب التي وقعت الصيف الماضي بين روسيا وجورجيا.
الا ان اوباما تعهد عند توليه الرئاسة في كانون الثاني/يناير بإصلاح
تلك العلاقات.
خفض الترسانتين النوويتين
وضم اتفق الرئيسان الاميركي والروسي باراك اوباما وديمتري مدفيديف
على خفض ثلث ترسانتي البلدين النوويتين الاستراتيجيتين، وهو اتفاق يرمي
الى اعادة تحريك العلاقات التي تدهورت بين القوتين العظميين، لكنه يترك
خلافات جدية من دون حلول.
وقال اوباما في اول زيارة رئاسية له الى موسكو "ان الولايات المتحدة
وروسيا، القوتين النوويتين العظميين، يجب ان يعطيا المثل. وهذا ما
نفعله اليوم".
ووقع الرئيسان نصا يقضي بتحديد بنود المعاهدة التي ستحل محل معاهدة
+ستارت+ التاريخية الموقعة في 1991 حول خفض الترسانات النووية، وهي
معاهدة +ستارت+ الجديدة التي "ستنجز هذا العام"، كما قال اوباما في
مؤتمر صحافي مشترك مع مدفيديف.
وهكذا اتفقت الولايات المتحدة وروسيا على خفض عدد الرؤوس النووية
الى ما بين 1500 و1675، وعدد الصواريخ النووية (صواريخ عابرة للقارات
تحمل على متن غواصات وقاذفات استراتيجية) الى ما بين 500 و1100 لكل من
البلدين.
وينبغي ان تحصل هذه التخفيضات "في السنوات السبع التي تلي دخول
الاتفاق حيز التطبيق"، كما اوضح الكرملين والبيت الابيض في اعلان مشترك
نشر في ختام المحادثات بين مدفيديف واوباما الذي يقوم باول زيارة له
الى روسيا.
ولا يزال كل من البلدين يملك اليوم الفين الى ثلاثة الاف راس جاهزة،
اي موضوعة على اهبة الاستعداد للاستخدام المباشر. وتحدد الاتفاقات
الحالية عدد الصواريخ ب1600.
وعلى اساس هذا الاتفاق التمهيدي، سيواصل المفاوضون الروس
والاميركيون محادثاتهم بهدف التوصل الى ابرام معاهدة جديدة تحل محل
معاهدت +ستارت+ التاريخية التي ينتهي مفعولها في كانون الاول/ديسمبر
وتتعلق بالحد من الترسانات النووية للقوتين.
ولا تزال الولايات المتحدة وروسيا تملكان اكثر من 90% من اجمالي عدد
القنابل الذرية في العالم.
وهذا الاتفاق كان في صلب عملية تحسين العلاقات بين البلدين التي
تدهورت بشكل كبير في ظل عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش.
من جهة اخرى، سمحت روسيا باستخدام مجالها الجوي لعبور الجنود
الاميركيين والمعدات العسكرية الاميركية الى افغانستان، وهو اتفاق مهم
سياسيا للرئيس اوباما الذي جعل من الحرب في افغانستان احدى اهم
اولوياته الدولية.
وسيكون في امكان الولايات المتحدة من الان فصاعدا استخدام المجال
الجوي الروسي لنقل الجنود والاسلحة والذخائر وقطع الغيار والاليات (بما
فيها المدرعات) حتى 4500 رحلة سنويا دون دفع رسوم تحليق ولا الاضطرار
الى التوقف على الاراضي الروسية، كما اوضح مسؤول في الادارة الاميركية.
وجاء فتح المجال الجوي الروسي الى هذا الحد ليضاف الى دعم "قوي"
كانت قدمته موسكو في الملف الافغاني، بحسب ما لفت البيت الابيض الذي
راى ان روسيا "عضو لا غنى عنه" في التحالف الدولي الذي يدعم المجهود في
افغانستان.
وكدلالة على عودة الحرارة الى العلاقات، تفاهمت موسكو وواشنطن ايضا
على استئناف الانشطة العسكرية المشتركة المعلقة منذ اب/اغسطس 2008 اثر
الحرب الروسية الجورجية.
لكن المفاوضات حول معاهدت +ستارت+ جديدة هي التي خطفت الاهتمام منذ
وصول اوباما الى موسكو الاثنين في زيارة تستغرق 48 ساعة مخصصة لتجاوز
التوترات الخطيرة التي خيمت على نهاية ولاية الرئيس الاميركي السابق
جورج بوش، وتحريك العلاقات الاميركية الروسية بحسب التعبير الذي
تستخدمه الادارة الاميركية.
الا ان الخلافات الروسية الاميركية بقيت بدءا من تلك المتعلقة
بمشروع الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في اوروبا المثير للجدل. واقر
مدفيديف من جهته "باننا لا نستطيع في بضع ساعات القضاء على كل المشاكل".
ويشدد الروس على ضرورة ربط هذا المشروع وبين المفاوضات بشان معاهدة
+ستارت+ جديدة، وهو ما يرفضه الاميركيون.
وبعد محادثات اوباما-مدفيديف، اختلف الطرفان في الراي، الروس اعلنوا
ان الاميركيين وافقوا على الاعتراف بهذا الارتباط، والاميركيون يردون
ان اوباما اكتفى فقط بالاقرار برابط "نظري".
وابرزت القمة كذلك الخلافات في وجهات النظر حول ايران. فقد تطرق
اوباما الى التهديد البالستي الايراني لتبرير مشروع الدرع الاميركية
المضادة للصواريخ في اوروبا كما كانت ايران موضوعا "مركزيا" في
المباحثات بين الرئيسين الروسي والأميركي، كما قال مستشار البيت الابيض
دينيس ماكدونو. لكن الرئيس الروسي تجنب في مؤتمره الصحافي استخدام كلمة
"إيران".
الروس يضغطون لاعادة العلاقات
ولفت خلال الزيارة الاخيرة لاوباما انتظام الروس في صفوف في موسكو
مطلع الاسبوع للضغط على زر لاعادة العلاقات الامريكية الروسية الى سابق
عهدها فيما يمثل عملا دعائيا يهدف الى تنقية الاجواء عشية زيارة الرئيس
الامريكي باراك اوباما.
كان محور هذا العمل الزر الاحمر الرمزي الذي اهدته وزيرة الخارجية
الامريكية هيلاري كلينتون الى نظيرها الروسي سيرجي لافروف في مارس اذار
وحثته على ان يضغط عليه لاعادة العلاقات بين بلديهما الى ما كانت عليه
من القوة والمتانة. بحسب رويترز.
وسارع لافروف في توضيح ان الامريكيين اخطأوا في كتابة الكلمة
الروسية على الملصق الموضوع على الزر مما جعلها تعني "الحمل الزائد"
بدلا من " اعادة اطلاق العلاقات".
واعطى لافروف الزر الى صحيفة روسياسكايا جازيتا الحكومية التي ركبته
في ميدان بوشكين بموسكو حيث بدا وكانه جني يجيب رغبات من يضغطون عليه
فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين.
وانتظم الروس في صفوف لتتاح لهم فرصة الضغط عليه وتمني علاقات
ثنائية افضل بين موسكو وواشنطن.
وقال فلاديسلاف فرونين رئيس تحرير الصحيفة "الهدف هو ترك الناس في
الشارع يعبرون عن حماسهم لتجديد العلاقات وازالة جميع العقبات القديمة
وايجاد حلول وسط ومصالح مشتركة."
واضاف فرونين "ما تعلمناه مطلع هذا الاسبوع هو ان الناس لا تتذكر
فقط الاشياء السلبية عن امريكا".
ووصف كيف استرجعت مسنة روسية حصولها في شتاء على معطف وشيكولاتة
ساخنة من منظمة خيرية امريكية بعد الحرب العالمية الثانية.
وتابع "الرسالة الرئيسية التي نتلقاها هي ان الناس في الشارع يريدون
الضغط على زر اعادة العلاقات لسابق عهدها. يريدون ان تعود العلاقات الى
طبيعتها."
لكن مقالا في الصحيفة اشار الى ان الذكريات المريرة للحرب الباردة
ما زالت تخيم على المناقشات المتعلقة بالعلاقات الامريكية الروسية.
وكتبت الصحيفة "لسنوات طويلة والزر الاحمر يمثل الصواريخ البالستية
وبداية الحرب العالمية الثالثة في وعي الشعب السوفيتي اولا والشعب
الروسي بعد ذلك."
واضافت مذكرة القراء باللحظة التي اوشك فيها الاتحاد السوفيتي
والولايات المتحدة على الدخول في حرب شاملة عام 1962 "في واشنطن يذكر
الناس بالتهديد الاحمر والالة الحمراء والتليفون الاحمر الذي ظهر خلال
ازمة الصواريخ الكوبية."
غير ان فرونين قال انه فوجئ بالمعاني بالغة الايجابية المتكونة لدى
الروس فيما كانوا ينتظرون للضغط على الزر. وقال "انها دبلوماسية الشارع.
"لان قنوات التلفزيون والصحف تنقل هذه المشاعر فاني اعتقد انها
ستشجع القادة على ان يخطوا خطوات حقيقية وملموسة للامام."
أمريكا تسيء استخدام قوتها
من جهة اخرى اظهر استطلاع للرأي في روسيا ان ثلاثة ارباع الروس
يعتقدون ان الولايات المتحدة تسيء استغلال قوتها كما ان عددا قليلا يثق
في السياسة الخارجية للرئيس الامريكي باراك اوباما.
ووجد الاستطلاع الذي اجرته جامعة ماريلاند قبيل زيارة اوباما لروسيا
يوم الاثنين ان اثنين في المئة فقط من الروس لديهم"ثقة كبيرة" في ان
اوباما سيفعل الصواب في الشؤون العالمية في علامة على المشكلات التي
يواجهها في محاولة "اعادة ضبط" العلاقات المتوترة مع الكرملين. بحسب
رويترز.
وتدهورت العلاقات الى ادنى مستوى لها منذ الحرب الباردة العام
الماضي بعد ان ارسلت روسيا قوات الى جورجيا المجاورة وهي حليفة
للولايات المتحدة مما اثار ادانة قوية من جانب واشنطن.
وقالت جامعة ماريلاند في بيان ان الاستطلاع الذي شمل 800 روسي اشار
الى ان 55 في المئة قالوا انهم لا يثقون او ليس لديهم ثقة كبيرة في ان
اوباما سيقوم بما هو صواب على المستوى الدولي.
وقال 21 في المئة ان لديهم بعض الثقة وقال الباقون انهم لا يعرفوا.
وهبطت نسبة عدم الموافقة على السياسة الخارجية الامريكية من 66 في
المئة خلال استطلاع اجري عام 2008 خلال ادارة الرئيس السابق جورج بوش .
ولكن عدد الاشخاص الذين قالوا ان الولايات المتحدة"تسيء استخدام
قوتها الاكبر" لجعل روسيا تفعل ما تريد ارتفع من 69 في المئة العام
الماضي الى 75 في المئة.
واجري هذا الاستطلاع المباشر خلال الفترة من 22 مايو ايار الى 26 من
الشهر نفسه بالاشتراك مع مركز ليفادا وهو منظمة روسية مستقلة
لاستطلاعات الرأي .
التفاصيل الاساسية للقمة
اتفق اوباما وميدفيديف على الخطوط العامة لاتفاق لخفض عدد الرؤوس
النووية الاستراتيجية لدى كل من الجانبين الى ما بين 1500 و1675 رأسا
نوويا خلال سبع سنوات من دخول معاهدة جديدة حيز التنفيذ.
ويهدف الجانبان الى التوصل الى اتفاق قبل انقضاء أجل معاهدة خفض
الاسلحة الاستراتيجية التي وقعت عام 1991 وتعرف اختصارا باسم (ستارت)
في الخامس من ديسمبر كانون الاول. بحسب رويترز.
ويلتزم الجانبان بالفعل بخفض ترسانة كل منهما الى ما بين 1700 و2200
رأس نووي بموجب معاهدة موسكو المعروفة باسم (سورت) والتي تستمر حتى عام
2012. لكن سورت لا تتضمن اجراءات تفصيلية للتحقق مثل ستارت وسيتضمن
الاتفاق الجديد هذه الاجراءات.
وقالت ورقة للبيت الابيض بشأن المعاهدة المزمعة "ستتضمن المعاهدة
الجديدة اجراءات فعالة للتحقق مستمدة من خبرة الطرفين في تنفيذ ستارت."
أفغانستان
وافقت روسيا على السماح للولايات المتحدة بنقل أسلحة وعتاد وأفراد
عبر اراضيها الى أفغانستان. وقال مسؤولون امريكيون ان روسيا ستسمح بنحو
4500 رحلة جوية سنويا بدون سداد رسوم فيما يوفر ما يصل الى 133 مليون
دولار سنويا في اجمالي تكاليف العبور.
وحتى الان لم تتمكن وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) سوى من
ارسال امدادات غير قاتلة عبر روسيا لكن الدول الاخرى الاعضاء في حلف
شمال الاطلسي مثل المانيا وفرنسا واسبانيا لديها اتفاقات أكثر ليبرالية.
والوصلة الجديدة ستمتص بعض الضغوط عن مسارات أكثر خطورة عن طريق
باكستان وتكمل التوسع الذي جرى الشهر الماضي لاتفاق القاعدة الجوية
الامريكية في قرغيزستان.
اللجنة الحكومية
اتفق الزعيمان على احياء هيئة مشتركة تم تأسيسها في التسعينات لكنها
تلاشت في الولاية الاولى للرئيس الامريكي جورج بوش.
وكانت اللجنة تعرف باسم جور-تشيرنوميردين نسبة الى مشاركة نائب
الرئيس الامريكي الاسبق ال جور ورئيس الوزراء الروسي الاسبق فيكتور
تشيرنوميردين. واللجنة الجديدة ستتناول موضوعات الطاقة ومكافحة الارهاب
والاتجار في المخدرات وتعزيز العمل والروابط العلمية.
الدفاع الصاروخي
أصدر الزعيمان بيانا صيغ بعبارات عامة بشأن انشاء درع مضادة
للصواريخ في بولندا وجمهورية التشيك.
وقالا ان خبراء محليين سيعملون معا لتحليل التحديات الناجمة عن
استخدام صواريخ ذاتية الدفع وسيناقشون ايضا انشاء مركز مشترك لتبادل
المعلومات.
التعاون العسكري
وقع قادة عسكريون من الدولتين اطارا وخطة عمل لاستئناف التعاون بين
الجيشين.
كما اعلنوا ايضا انهم سيحيون لجنة مشتركة ترجع الى عام 1992
للمساعدة في العثور على افراد مفقودين من الحرب العالية الثانية
وفيتنام وافغانستان كان قد تم تجميدها قبل خمس سنوات.
التعاون النووي
يأمل الجانبان في ان يكون اتفاقهما الجديد بشأن الاسلحة النووية
بمثابة نقطة انطلاق لتعزيز موقفيها في مراجعة رئيسية لاتفاقيات دولية
متقادمة لحظر الانتشار النووي في العام القادم.
ورغم ان موسكو وواشنطن تسيطران على 95 في المئة من الاسلحة النووية
الا انهما ترغبان في منع انتشار مزيد من الاسلحة النووية أكثر من الدول
المعلن انها قوى نووية الى دول مثل كوريا الشمالية وايران أو الى أي
اطراف ليست دولا.
وينسب الفضل الى تأييد اوباما لخفض الاسلحة النووية في تعزيز كسر
الدائرة المفرغة والفوز بتأييد بين 189 دولة وقعت على معاهدة حظر
الانتشار النووي التي تم التوصل اليها في عام 1970 للاتفاق على برنامج
لاجراء اصلاح شامل في عام 2010 .
وجاء في صفحة بيانات البيت الابيض عن النقاط الرئيسية في الاتفاق ان
"الرئيسين عبرا مجددا عن التزامهما بتعزيز التعاون للحد من الانتشار
النووي ومنع اعمال الارهاب النووي." |