مسلمو الصين بين الحفاظ على هويتهم وممارسات السلطة العنصرية

صمت دولي مطبق إزاء التعسف الصيني وحملات القمع المتواصلة

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي تكثف العديد من الدول جهودها لتقويم مسارات حقوق الإنسان في الدول النامية تقفز الى الواجهة انتهاكات خطيرة تقدم عليها احد الدول العظمى ضد مواطنيها بشكل وعنيف وحشي.

فإعمال القمع التعسفية التي قامت بها السلطات الصينية مؤخرا ضد الأقلية المسلمة في إقليم يظهر مدى استخفاف الصين بحقوق الإنسان وألا مبالاة السافرة تجاه المجتمع الدولي ومواطنيها على حد سواء.

اللافت بالأمر الذي يزامن الأحداث التي جرت في إيران صمت الدول الأوربية إزاء ما الإفراط الصيني في استخدام القوة على العكس من مواقفها تجاه الأحداث الإيرانية رغم الفارق الكبير في عدد الضحايا في الدولتين حيث سجل سقوط  156 قتيلا خلال يومين فقط.

اليوغور يستأنفون الاحتجاجات

 خرج مئات من اليوغور الي شوارع عاصمة اقليم شينجيانغ الصيني الذي يشكل المسلمون نحو نصف سكانه قائلين ان الشرطة ألقت القبض على اقاربهم بشكل تعسفي في حملة قمع شاملة بعد أحداث شغب في مطلع الاسبوع خلفت 156 قتيلا.

وقالت امرأة "الشرطة القت القبض على زوجي لم يذكروا اي سبب. اقتادوه دون ان يقولوا شيئا."

قالت وكالة انباء شينخوا الرسمية إن الشرطة الصينية ألقت القبض على 1434 شخصا للاشتباه بصلتهم بأحداث فيما خرجت جماعات من اتنية هان الصينية التي تشكل غالبية في الصين الى شوارع مدينة اورومتشي المضطربة ويحمل افرادها السلاسل والمطرقات والقبضان الحديدية وكل شيء اخر يمكن ان يستخدموه كسلاح، ادرك مسلمو الاويغور ان عليهم الاختباء. بحسب فرانس برس.

وبعد يومين من اعمال الشغب صمم الاف من افراد اقلية هان حماية انفسهم بينما اراد البعض الاخر الانتقام.

وفي مشاهد غير عادية امام المراسلين الاجانب، جابت عصابات من اتنية هان شوارع العاصمة وهم يحملون كافة انواع الاسلحة ويصرخون بعبارات معادية للايغور ويطلقون الشعارات القومية.

وقال دونغ صن (19 عاما) زعيم احدى العصابات "لقد حان الوقت لكي نعتني بانفسنا بدلا من ان ننتظر من الحكومة القيام بذلك".

وسار نحو عشرة الاف شخص، حسب مراسل وكالة فرانس برس، في انحاء عدة من مختلف مناطق العاصمة.

ومنعتهم الشرطة من دخول احياء الايغور حيث اطلقت الغاز المسيل للدموع ونصبت حواجز الطرق.

ورفض المتظاهرون التفرق رغم شعورهم بالاختناق جراء الغاز المسيل للدموع.

وفي احدى المراحل صعد لي تشي المسؤول البارز في الحزب الشيوعي على احدى سيارات الشرطة بالقرب من تقاطع رئيسي ودعا المتظاهرين عبر مكبرات الصوت الى العودة الى منازلهم.

الا ان مجموعة من الشباب ردت عليه بالاستخفاف والرفض.

وفي مناطق اخرى، اكتفى رجال الشرطة وغيرهم من عناصر الامن بالوقوف ومشاهدة المتظاهرين وهم يسيرون في الشوارع ويهتفون ضد الاويغور.

واعرب الاويغور عن امتعاضهم من معاملة قوات الامن التي وصفوها بانها كانت اكثر قسوة وعنفا من معاملتها للهان.

وقال هاماجين (28 عاما) وهو من الايغور "نحن خائفون للغاية وغاضبون للغاية. لا نعتقد أن الشرطة تستطيع حمايتنا".

واضاف "كل ما يفعلونه لاتنية الهان هو دفعهم الى الوراء وجعلهم يتفرقون. ولم ياخذوا اسلحتهم. ولو كانوا من الايغور، لضربوهم".

وخرجت العصابات الى شوارع اورومتشي ودان العديد من المحتجين بصوت عال زعيمة الاويغور المنفية ربيعة قدير التي تلقي عليها الحكومة بالمسؤولية عن الاضطرابات التي وقعت.

وشوهد العديد من الناس لا يزالون يسيرون في الشوارع يحملون اسلحتهم رغم فرض الحكومة حظرا للتجوال طوال الليل في محاولة لاعادة النظام.

ولم ترد تقارير في وسائل الاعلام الصينية عن وقوع حوادث عنف مباشر ضد الايغور، الا ان العديد من الاويغوريين شعروا انهم سيتعرضون للهجوم اذا لم يختبئوا.

وقالت طبيبة العيون هاليشا (30 عاما) التي قررت النوم في عيادتها الصغيرة بدلا من الخروج الى الشوارع "انا خائفة لدرجة انني لن اذهب الى المنزل الليلة. لا اعرف متى ساتمكن من العودة".

واضافت "لا اعرف ما اذا كنت استطيع الوثوق بجيراني او بالناس في الشوارع؟ انا اكثر امانا هنا في الوقت الحالي".

ورغم عدم توفر تقارير عن وقوع اعمال عنف كبيرة الثلاثاء، عبر احد اعضاء اتنية الهان الصينية عن رأي الكثيرين عندما قال انه مستعد للمعركة ضد الايغور.

وقال وي تشوان (48 عاما) بينما كان يجلس امام منزله مع جيرانه الذين كانوا جميعا يحملون العصي الخشبية "سنحمي انفسنا الليلة واذا اضطررنا الى القتال سنقاتل".

واضاف "من المرجح وقوع اضطرابات الليلة، وهذا ما نستعد له".

محتجون من الهان يسعون لاستهداف مسلمين من اليوغور

وكانت شينجيانج منذ أمد بعيد نقطة توتر عرقية. وعززت من ذلك الفجوة الاقتصادية الاخذة في الاتساع بين اليوغور والهان وكذا القيود الحكومية على الدين والثقافة وتدفق المهاجرين من الهان الصينيين الذين باتوا يشكلون الان الاغلبية في معظم المدن الكبيرة. بحسب رويترز.

وقدمت بكين المال لاستغلال مخزون الطاقة الموجود في شينجيانج وتعزيز قبضتها على المنطقة الحدودية المهمة استراتيجيا وتحد باكستان وأفغانستان ووسط اسيا.

ولكن اليوغور الذين شنوا سلسلة من الهجمات بالتزامن مع الاستعدادات لدورة الالعاب الاولمبية التي جرت في بكين العام الماضي يقولون ان المهاجرين الهان هم أكبر المستفيدين من تلك الاستثمارات.

وأظهر العنف مؤشرات على الانتشار في مختلف أنحاء تلك المنطقة المضطربة. ولكن بعدها وفقرها معناه أنه لا توجد لها أثر يذكر على أسواق المال الصينية. وتراجعت الاسهم لاسباب فنية فيما كان التعامل باليوان أعلى مقابل الدولار.

وأخلى اليوغور شوارع أورومتشي مع تزايد عدد المحتجين من الهان وعنفهم.

ولكن في وقت سابق يوم الثلاثاء خرج المئات للاحتجاج على الحملة التي تشنها الحكومة في غمرة أعمال الشغب والتي يقولون انها شملت تطهيرا عشوائيا لمناطق اليوغور.

وكان كثير من المحتجين من النساء اللاتي كن يبكين ويحملن بطاقات هوية أزواجهن أو أبنائهن الذين قلن انهم اعتقلوا بطريقة تعسفية في رد فعل مبالغ فيه على اعمال الشغب التي وقعت في اورومتشي.

وقالت امرأة "الشرطة القت القبض على زوجي أمس. لم يذكروا اي سبب. اقتادوه دون ان يقولوا شيئا."

وخلع عبد الله علي وهو شاب من اليوغور في العشرينات من عمره قميصه ورفع قبضة يده قائلا "يلقون القبض علينا دونما سبب وحان الوقت لنرد."

وأضاف أن اشقاءه الثلاثة وشقيقته بين 1434 مشتبها بهم ألقت الشرطة القبض عليهم لاستجوابهم وشكا سكان محليون من أن الشرطة تقوم بمداهمات عشوائية في المناطق التي يقطنها اليوغور.

وحذرت منظمات حقوق الانسان من ان الحملة الصارمة ضد اليوغور عشية اعمال العنف التي وقعت يوم الاحد يمكن ان تفاقم من المظالم التي أذكت التوترات.

ونحو نصف سكان شينجيانغ البالغ عددهم 20 مليونا هم من اليوغور فيما يشكل الهان الاغلبية في مدينة أورومتشي الواقعة على بعد 3300 كيلومتر غربي بكين.

وقالت نافي بيلاي مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان ان المتظاهرين لهم الحق في الاحتجاج سلميا وان الذين اعتقلوا يجب ان يعاملوا بما يتفق مع القانون الدولي.

وطالبت باجراء تحقيق كامل في اسباب أعمال الشغب.

وقالت في بيان "احث القادة المدنيين للهان واليوغور والسلطات الصينية على جميع المستويات على ممارسة قدر كبير من ضبط النفس حتى لا تقع المزيد من اعمال العنف وتزهق ارواح."

وأضافت في بيان "انها مأساة كبرى."

ودافع زعيم الحزب الشيوعي في أورومتشي لي جي عن الحملة الامنية. وقال في مؤتمر صحفي "لابد من القول انهم كانوا جميعا عناصر عنيفة تحمل الهراوات وهشمت ونهبت وأحرقت وحتى قتلت."

ورغم تكثيف اجراءات الامن وقطع خدمات الانترنت في أورومتشي وهو ما أكده زعيم الحزب الشيوعي لي بدا أن بعض أعمال العنف تنتشر في الاقليم المضطرب.

وذكرت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الشرطة فرقت نحو 200 شخص عند مسجد عيد كاه في مدينة كاشجار الواقعة على طريق الحرير القديم ليل الاثنين.

ولم يذكر التقرير ما اذا كانت الشرطة لجأت للعنف ولكنه أضاف أنه تمت اقامة نقاط تفتيش عند التقاطعات بين مطار كاشجار ووسط المدينة.

وحمل مسؤولون صينيون بالفعل الجماعات الانفصالية في الخارج المسؤولية عن الاضطرابات ويقولون انها تسعى من أجل اقامة وطن مستقل وتقودها سيدة الاعمال ربيعة قدير.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن نشطاء مؤيدين لليوغور هاجموا السفارة الصينية في هولندا ورشقوها بالحجارة وهشموا نوافذ المبنى. وألقى رجلان مجهولان قنابل مولوتوف على القنصلية الصينية في ميونيخ.

ولكن جماعات في المنفى رفضت تهمة التخطيط لاعمال العنف وتقول انها كانت انفجارا عفويا سببه الاحباط المتراكم.

وقال ووئر كايتشي وهو من اليوغور وأحد المعارضين المعروفين إنه منذ عملية القمع التي وقعت في ميدان تيانانمين في بكين قبل عشرين عاما انه لم يطرأ تحسن على سجل حقوق الانسان الصيني.

وأضاف في مؤتمر صحفي في تايوان "منذ مدة طويلة واليوغور يتعرضون للتمييز والقمع في الصين.. والامر كبير لدرجة أننا شبه خاضعين للاستعمار من جانب الصين."

وحذرت منظمات حقوق الانسان من ان الحملة الصارمة ضد اليوغور عشية اعمال العنف التي وقعت يوم الاحد يمكن ان تفاقم من المظالم التي أذكت التوترات.

وقالت نافي بيلاي مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان ان المتظاهرين لهم الحق في الاحتجاج سلميا وان الذين اعتقلوا يجب ان يعاملوا بما يتفق مع القانون الدولي. مطالبة باجراء تحقيق كامل في اسباب أعمال الشغب.

وقالت في بيان "احث القادة المدنيين للهان واليوغور والسلطات الصينية على جميع المستويات على ممارسة قدر كبير من ضبط النفس حتى لا تقع المزيد من اعمال العنف وتزهق ارواح."

وأضافت في بيان "انها مأساة كبرى."

ونشرت بعض الصحف في شينجيانغ صورا مفزعة للعنف تصور جثثا وواحدة على الاقل تصور امرأة مذبوحة.

ورغم تكثيف اجراءات الامن بدا أن بعض أعمال العنف تنتشر في الاقليم المضطرب حيث تثور التوترات العرقية من ان لاخر وتتحول لاراقة الدماء.

وذكرت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الشرطة فرقت نحو 200 شخص عند مسجد عيد كاه في مدينة كاشجار الواقعة على طريق الحرير القديم الليلة الماضية.

ولم يذكر التقرير ما اذا كانت الشرطة لجأت للعنف ولكنه أضاف أنه تمت اقامة نقاط تفتيش عند التقاطعات بين مطار كاجشار ووسط المدينة. وتقع كاشجار في اقصى غرب شينجيانغ.

ودعت صوفي ريتشاردسون مديرة اسيا في منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان الى تحقيق مستقل في الاضطرابات.

وقالت "أيا كان الطرف الذي بدأ العنف فان خفض التوترات العرقية في المنطقة يستوجب ان تعالج الحكومة بشكل بناء المظالم التي يشعر بها اليوغور لا أن تفاقمها."

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية اليوم الثلاثاء ان نشطاء موالين لليوغور هاجموا السفارتين الصينيتين في ألمانيا وهولندا حيث هشموا نوافذ المبنى. ونددت الصين بهذه الهجمات.

من جهتها وصفت الصين احداث الشغب التي هزت عاصمة منطقة شينجيانغ المضطربة غرب البلاد بانها مؤامرة دبرها اشخاص يعيشون في المنفى من طائفة الاويغور بعد مقتل ثلاثة اشخاص في احدث اندلاع للاضطرابات العرقية هناك.

من هم اليوغور ولماذا قاموا بأعمال شغب؟

قالت وسائل اعلام حكومية ان شرطة الصين ألقت القبض على اكثر من 1400 مشتبه به فيما يتصل بأعمال الشغب التي جرت في عاصمة اقليم شينجيانغ الذي يغلب على سكانه المسلمون مما أسفر عن مقتل 156 واصابة اكثر من 800.

وأنحت الحكومة الصينية باللائمة على انفصاليين يعيشون في المنفى في الاضطرابات التي وقعت في اورومتشي عاصمة الاقليم يوم الاحد في أسوأ اضطرابات عرقية منذ سنوات.

من هم اليوغور؟

يعيش في شينجيانغ نحو ثمانية ملايين من اليوغور او نحو نصف اجمالي سكان المنطقة. يشترك الكثير من اليوغور وهم شعب معظمه من المسلمين في صلات لغوية وثقافية مع اسيا الوسطى ويرفضون الوجود والسيطرة الاقتصادية المتزايدة لقومية الهان الصينية فضلا عن الرقابة التي تفرضها الحكومة على الدين والثقافة.

وسعى مسلحون يوغور يعيشون في المنفى الى اقامة تركستان شرقية مستقلة في اقليم شينجيانغ الغني بالنفط المتاخم لباكستان وافغانستان في اسيا الوسطى.

واتهمت الصين المتشددين اليوغور بشن سلسلة من الهجمات الارهابية على مدنيين صينيين منذ التسعينات وألمحت الى صلاتهم بتنظيم القاعدة لكن جماعات لحقوق الانسان قالت ان بكين استغلت دعمها "للحرب ضد الارهاب" التي شنتها الادارة الامريكية السابقة لتبرير حملتها ضد اليوغور.

لماذا قام اليوغور بأعمال شغب؟

جاءت أعمال الشغب يوم الاحد بعد احتجاج على تعامل الحكومة مع اشتباكات وقعت في يونيو حزيران بين عمال مصنع من الهان واليوغور في جنوب الصين حيث لقى اثنان من اليوغور حتفهما.

وربما يكون السبب المبطن للاضطرابات هو الشكاوى الاقتصادية والثقافية والدينية المستمرة منذ فترة طويلة والتي تراكمت على مدار عقود من الحكم الصارم وتحولت من فترة لاخرى الى أعمال عنف غير انها لم تحدث على هذا النطاق المميت من قبل قط.

يقول باري سوتمان المتخصص في السياسة العرقية الصينية بجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا "في شينجيانغ أحد مصادر الاستياء الكبرى أنه لا تزال هناك فجوة اقتصادية كبيرة بين الهان واليوغور."

هل سيكون هناك مزيد من أعمال الشغب؟

سارعت قوات الامن الى سحق الاضطرابات بمجرد تفجرها وتواجدت تواجدا مكثفا في الشوارع.

ويقول محللون انه ربما تكون هناك حوادث منعزلة في بلدات أخرى خاصة تلك التي بها أغلبية من اليوغور لكن الصين تسيطر سيطرة محكمة على شينجيانغ كما ان طبيعتها الجغرافية تمثل تحديا اقل من التبت المجاورة وبالتالي فان احتمالات وقوع اضطرابات مستمرة على مدار فترة طويلة قليلة.

ويقول اندرو جيلهولم المحلل المتخصص في الشؤون الصينية في مؤسسة كونترول ريسكس في مذكرة عن الوضع في شينجيانغ "على الرغم من أن نطاق رد فعل قوات الامن يجعل من غير المرجح حدوث تدهور خطير في النظام العام فان الحوادث الامنية المعزولة والمحدودة محتملة جدا في ظل المناخ الحالي."

تغيير السياسة تجاه الاقليات:

يبدو من المستحيل أن تستطيع بكين تجاهل واقعتين كبيرتين لتفجر أعمال العنف العرقية في اثنتين من اكثر مناطقها حساسية بفاصل اقل من 18 شهرا.

على الرغم من هذا ستوفر أعمال الشغب وقودا للمتشددين الحريصين على تشديد الاجراءات الامنية بقدر ما ستوفر وقودا للمسؤولين الذين يحبذون سياسات المصالحة وتوفيق الاوضاع.

وقال سوتمان "في كل مرة كانت تقع فيها حوادث عرقية يسير نهجان (للحكومة) على مسارين متوازيين."

وأضاف "هناك أشخاص يقولون (يجب أن نفكر في تغيير السياسة) وهناك أشخاص يقولون (يجب أن نكون اكثر فعالية في ملاحقة الانفصاليين) وأعتقد أن من المرجح أن يحدث الامران."

ومن المرجح أن يجري اي تفكير متعمق سرا حيث ان حكومة الصين التي تلتزم بدرجة عالية من التكتم تشجع النزعة الوطنية منذ زمن طويل بوصفها ايديولوجية تحقق الوحدة وتحبذ تقديم وجه قوي وموحد لمواطنيها وللعالم.

الاضطرابات السابقة في منطقة شينجيانغ

- في يناير/كانون الثاني 2007، دمرت الشرطة الصينية "معسكراً إرهابياً للتدريب" في هضبة البامير، مما أسفر عن مصرع "18 إرهابياً واعتقال 17 آخرين.. ولقي ضابط مصرعه وأصيب آخر بجراح  خلال الهجوم."

- سحقت الشرطة الصينية "عصابة إرهابية" في 27 يناير/كانون الثاني عام 2008 في  أورومتشي، مما أسفر عن مصرع "إرهابيين اثنين" والقبض على 15 آخرين، وأصيب 5 من رجال الشرطة بجراح خلال الهجوم عندما ألقيت عليهم ثلاث قنابل محلية الصنع.

- في 7 مارس/آذار عام 2008، حاولت فتاة (19 عاماً) من مجموعة الويغور العرقية، القيام بـ"هجوم إرهابي" على طائرة تابعة لخطوط الطيران الجنوبية الصينية، غير أنه تم إحباط المحاولة.

- قاد اثنان من "الإرهابيين"، مسلحين بالبنادق والمتفجرات والأسلحة البيضاء، شاحنة ضخمة متوجهين نحو فريق يضم أكثر من 70 من رجال الشرطة أثناء التدريب الصباحي الدوري في كشغر في الرابع من أغسطس/آب من العام الماضي، وأسفر هذا الهجوم، الذي وقع قبل افتتاح الدورة الاوليمبية ببكين بأربعة أيام، عن مقتل 17 شخصاً وإصابة 15 آخرين بجراح.

- في 10 أغسطس/آب 2008، وقعت سلسلة من التفجيرات في ساعات الصباح الباكر في بعض الأسواق الكبيرة والفنادق والمباني الحكومية في محافظة كوتشا، ما أدى إلى مصرع حارس أمن وإصابة اثنين من رجال  الشرطة. وقام رجال الشرطة بإطلاق النار على "8 إرهابيين" فأردوهم قتلى بينما قتل اثنان آخران أنفسهما في تفجيرات انتحارية.

صراع من أجل الهوية

"شعب الإيغور" الذي ينتمي للإسلام  و لا نعرف عنه من أين ومتى وكيف دخل الإسلام. فهذا الشعب الذي يعيش في جمهورية تركستان الشرقية التي تحكمها  جمهورية الصين..  ذو الأقلية من المسلمين في الغرب الأقصى من الصين، يعيشون حالة من العزلة المفروضة عليهم، ومن تقييد ممارسة حرية الشعائر الدينية، وممنوعون من استخدام لغتهم في المدارس.

وتعيش أقلية الإيغور المسلمة في مدينة "كوتشا" بإقليم تركستان (سينجيانغ) التي يحكمها الملك "داود محسود"، وهو الملك الـ12 الباقي من السلالة الملكية الحاكمة لهذا البلد.

إن مصير الملك العجوز مثير للشفقة، لأنه بعد أن كان قائدا لشعب الإيغور أصبح الآن معلما سياحيا يجر على عجلات بواسطة فتاتين صينيتين لكي يشاهده الزوار مقابل نحو 28.5 دولارا.

وقال بعض الإيغور إن المهانة التي يراها الملك داود هي علامة على ما يخبئه القدر لثقافتهم عموما في وجه حملة الحكومة الصينية القاسية لتوطين المزيد من أقلية "هان" الشيوعية الصينية في أرض الإيغور التقليدية الغنية بالنفط والمعادن. بحسب صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"

ونقلت الصحيفة شكوى أحدهم من أنهم يشعرون بأنهم غرباء في أرضهم وأنهم كالهنود الحمر في أميركا أو التبتيين في التبت.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم إظهار أقلية الإيغور البالغة ثمانية ملايين نسمة بعض علامات الاستياء كالتي هزت التبت مؤخرا، فإن الحكومة الصينية تشعر بالقلق من نغمة "الانفصال" التي تتردد بينهم وهو خامس أكبر أقلية عرقية في الصين، خشية أن يكون تحت السطح الهادئ غليان أوشك أن يفور.

وإنه منذ استيلاء الحكومة الشيوعية على إقليم تركستان عام 1949 تزايد عدد أقلية هان الشيوعية الصينية في الإقليم من 6.7% إلى 40.6%، حسب الأرقام الرسمية، وأصبحوا يسيطرون على كل الوظائف الرئيسية وعلى النشاط السياسي.بحسب قول الصحيفة

وأشار أحد الباحثين في "هيومان رايتس ووتش" إلى أن الإيغور في موقف صعب للغاية، لأنهم رغم قدرتهم على التمدن بين خيارين إما التمدن على حساب ثقافتهم وإما التهميش اقتصاديا.

وقال الباحث إن النشاط الديني بين المسلمين هناك يقلق السلطات الصينية التي تربط بين أي نشاطات دينية خارج الإطار الرسمي بالإرهاب والانفصال، كما أنها تضع لوائح تحظر على موظفي الحكومة المحلية الذهاب إلى المساجد وتمنع المعلمين من إطلاق لحاهم، والطلبة من إحضار القرآن للجامعة.

ومن المعلوم أن الإيغور يتكلمون لغة محلية تركمانية ويخطون بالكتابة العربية ولهم ملامح القوقازيين، وكانوا يشكلون 90% من سكان المنطقة، لكن هجرة الأقلية الصينية الشيوعية "هان" قوضت هذه الأغلبية المسلمة.

جغرافية تركستان

و تقع تركستان الشرقية في الترتيب التاسع عشر بين دول العالم من حيث المساحة، وتعادل مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا وتشكل خمس المساحة الإجمالية للصين، تحدُّها منغوليا من الشمال الشرقي والصين شرقًا وكازاخستان وطاجكيستان شمالاً وغربًا، والهند وباكستان والتبت وكشمير جنوبًا.

وتضم تلك الأرض بين جنباتها صحراء "تكلمكات" المعروفة " بالمهد الذهبي للحضارة الإنسانية" ومتنزهات "التون داغ" الطبيعية التي تعتبر جنة من جنان الدنيا، وطريق الحرير وهو الجسر الذي طالما ربط قارة آسيا وأوروبا، وبحيرتي "طانري" و"بوغدا" وهما من أحلى البحيرات في العالم، كما أنها تحوي العديد والعديد من الآثار القديمة للحضارات غير المكتشفة.

و تعد حضارتهم من أقدم الحضارات، وإن لم يتفرغ - وللأسف - أحد من باحثي الحضارات لدراستها حق الدراسة.

أما في العصر الحديث فيوجد في تركستان الشرقية التي تسمي اليوم اقليم(سينكيانج) 86 مدينة، يقوم الصينيون بإعادة تقسيمها وتسميتها، وتدار تحت مظلة الحكم الذاتي (اسمًا)، ويقدر العدد الحالي للسكان المسلمين ما بين (12 - 16) مليونًا نسمة، فهم يمثلون حوالي 90 -95% من سكان بعض المدن التركستانية.

القمع الديني للإيغور

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة هيومن رايتس في الصين، في تقريرها، أن الحكومة الصينية تقود حملة شاملة من القمع الديني ضد المسلمين الايغور الصينيين، تحت ذريعة محاربة النزعة الانفصالية والإرهاب.

ويستند التقرير الذي صدر بعنوان "ضربات مدمرة: القمع الديني للويغور في كسينجيانغ"، الذي جاء في 114 صفحة، على وثائق حكومية وحزبية تم كشفها سابقاً، إضافة إلى القوانين المحلية وإحصاءات الصحف الرسمية والمقابلات التي تم إجراؤها في كسينجيانغ. ويكشف التقرير للمرة الأولى التركيبة المعقدة للقانون والنظام والسياسات في كسينجيانغ التي تحرم الايغور من الحرية الدينية، وبالتالي حرية التنظيم والتجمع والتعبير. وفي الوقت الذي تحاصر السياسة الصينية والقانون الصيني المعمول به النشاط الديني والفكر حتى في المدرسة والبيت، تقول إحدى الوثائق الرسمية: "لا يجوز للأهل والأوصياء الشرعيين السماح للصغار بالمشاركة في النشاطات الدينية". 

وقال براد آدامز، مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش أن "الصين تستخدم القمع الديني كسوط في وجه الايغور الذين يتحدَون أو حتى يتذمرون من الحكم الصيني لكسينجيانغ. في حين يتمتع الأفراد بمجال أكبر من حرية العبادة في أجزاء أخرى من الصين. إلا أن الايغور المسلمين يواجهون تمييزاً وقمعاً موجهاً من قبل الدولة ويشبه الوضع ما يحدث في في التيبت، حيث تحاول الدولة الصينية تحريف الدين للسيطرة على أقلية عرقية". 

وتمتد الرقابة الدينية والتدخل القسري ليطال تنظيم النشاطات الدينية وممارسي النشاطات الدينية والمدارس والمؤسسات الثقافية ودور النشر وحتى المظهر والسلوك الشخصي لأفراد الشعب الايغوري. وتقوم السلطات المركزية بتقييم كل الأئمة سياسياً بشكل منتظم وتطالب بجلسات "نقد ذاتي"، وتفرض رقابة على المساجد، وتطهّر المدارس من المعلمين والطلاب المتدينين، وتراقب الأدب والشعر بحثاً عن إشارات سياسية معادية، وتعتبر كل تعبير عن عدم الرضى إزاء سياسات بكين "نزوع انفصالي" وهو يعتبر حسب القانون الصيني جريمة ضد أمن الدولة تصل عقوبتها إلى الإعدام. 

وفي الحد الأقصى، فإن الناشطين السلميين الذين يمارسون دينهم بطرق لا تروق للحكومة والحزب يعتقلون ويعذبون وأحياناً يعدمون. ويتم توجيه أقسى العقوبات لمن يتهمون بالتورط في ما يسمى النشاط الانفصالي، الذي يميل المسؤولون أكثر فأكثر إلى تسميته "إرهاباً" وذلك للاستهلاك الداخلي والخارجي. 

وعلى المستوى الاعتيادي، يتعرض الايغور للمضايقات في حياتهم اليومية. إذ من المحظور عليهم تماماً، في مؤسسات الدولة بما فيها المدارس، الاحتفال في أيام عطلهم الدينية أو دراسة النصوص الدينية أو أن يظهر الشخص دينه من خلال مظهر شخصي ما. فالحكومة الصينية هي التي تختار من يمكن أن يصبح رجل دين، وما هي النسخة المقبولة من القرآن، وأين يمكن أن تعقد التجمعات الدينية، وماذا يمكن أن يقال فيها. 

وقد صرح شارون هوم، المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس في الصين بأن "بكين تنظر إلى الايغور على أنهم تهديد عرقي قومي على الدولة الصينية. ولأن الصين ترى في الإسلام دعامة للهوية العرقية الايغورية، فإنها اتخذت خطوات قاسية جداً لإخماد الإسلام بهدف إخضاع المشاعر القومية عند الايغور". 

وتكشف الوثائق التي تم الحصول عليها والمقابلات التي أجرتها هيومن رايتس ووتش وهيومن رايتس في الصين، عن نظام متعدد الأطر لمراقبة وضبط وقمع النشاط الديني للويغور. وكما أكد وانغ لقوان، سكرتير الحزب في كسينجيانغ، فإن "المهمة الكبيرة" التي تواجهها السلطات في كسينجيانغ هي "إدارة الدين وتوجيهه ليكون خاضعاً للمهمة المركزية في البناء الاقتصادي وتوحيد الوطن وحماية الوحدة الوطنية". 

ويذكر التقرير الجديد تفاصيل حول:   النواظم الجديدة التي تحكم النشاطات الدينية في كسينجيانغ؛   الكراس الذي وزّع داخلياً عام 2000 على كوادر الحزب والحكومة حول تطبيق السياسة على الشؤون الدينية للأقليات، والذي يورد تفاصيل حول الكثير من الممارسات القمعية التي تم تشريعها لاحقاً على شكل قوانين. ومنها قوانين تمنع الصغار من المشاركة في أي نشاط ديني.

الوثائق التي تعترف بتزايد كبير في عدد الايغور المسجونين أو الموقوفين إدارياً لمخالفات دينية مزعومة ومخالفات تمس أمن الدولة، بما فيها "إعادة التربية من خلال نظام العمل" سيئة الذكر؛ القوانين التي تفصل في كيفية تصنيف شؤون الأقليات العرقية والدينية على أنها "أسرار دولة". 

وقد تم نشر بعض هذه الوثائق للمرة الأولى. ويمكن قراءة مختارات منها في ملاحق التقرير. 

وقال آدامز: "تعتبر هذه الوثائق شديدة الحساسية ولذلك تم حصرها بالتداول الداخلي الحزبي والحكومي. وهي تستخدم بشكل تعسفي لخلق أساس قانوني لاستهداف الايغور ولتوليد الخوف لديهم من التجمع والتحدث في المشاكل التي يواجهونها أو التعبير عن هوية ثقافية بأسلوب مستقل". 

وقال هوم: "إن النظام الديني في كسينجيانغ متغلغل إلى درجة أنه يشكل شبكة قانونية يمكن أن تقنص أي شخص تريد السلطات اصطياده". 

ويشرح التقرير كيف تستخدم الصين أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 وما تلاها من "حرب على الإرهاب" للتغطية على استهداف الايغور. ورغم أن السياسات الدينية القمعية في كسينجيانغ سبقت أحداث 11 أيلول/سبتمبر، فإن الحكومة الآن تؤكد أنها تواجه حركة انفصالية يحرضها الإسلام ذات صلات بالجماعات الإرهابية العالمية و تنظيم القاعدة. ولكن بكين قوضت مصداقيتها لأنها محت الفروق بين الأعمال الإرهابية والمعارضة السلمية. ويزعم المسؤولون الآن، مستخدمين نفس منطق الكاتب جورج أورويل، أن الإرهابيين يتخذون الآن مظهر الناشطين السلميين.

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة هيومن رايتس في الصين المجتمع الدولي للضغط على الصين لإلغاء هذه القوانين ووضح حد لسياساتها وممارساتها التمييزية ضد الايغور. وأكدت المنظمتان أيضاً على الحاجة إلى دحض التأكيدات الصينية القائلة إن كل الانفصاليين مجرمين أو مرتبطين بشبكات الإرهاب العالمي. 

وقال آدامز: "يجب أن تمتنع كل البلدان عن تسليم الصين أي شخص ويغوري تزعم الصين أنه متورط في عمل إرهابي أو انفصالي أو عمل إجرامي آخر. فنظراً إلى سجل الصين في السابق، يخشى حقاً من أن يتعرض هؤلاء إلى التعذيب أو حتى إلى عقوبة الإعدام ما أن يتم تسليمهم إلى الصين". 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/تموز/2009 - 16/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م