سكان غزّة.. غارقون في الفقر ومنزلقون إلى حفرة اليأس

 

شبكة النبأ: بعد ستة شهور على عملية "الرصاص المصبوب" التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر العام الماضي ومطلع الجاري، ما زال القطاع الفلسطيني يرزح تحت الحصار، مما دعا إحدى المنظمات الدولية إلى وصف الوضع بأنه بمثابة "انزلاق إلى حفرة اليأس."

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تقرير أصدرته بشأن الوضع في قطاع غزة، إن السكان يواجهون أكثر فأكثر معاناة حادة لتدبير أمورهم وكسب لقمة العيش، في حين لا يتلقى المصابون ممن يعانون من أمراض خطيرة، العلاج الضروري لحالتهم.

وبين تقرير اللجنة الدولية، الذي حصلت CNN بالعربية على نسخة منه، أن آلاف سكان غزة الذين دُمرت بيوتهم وضاعت ممتلكاتهم منذ نصف سنة، لا يزالون حتى الآن دون مأوى مناسب يحتمون فيه.

ووصف التقرير "القيود الصارمة المفروضة على مدى السنتين الماضيتين، على حركة الأشخاص والسلع داخل غزة وخارجها، بأنها أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تأزم الوضع في القطاع."

كما أكد أن المبلغ الذي تعهدت البلدان المانحة بتخصيصه لعملية إعادة الإعمار، وقدره حوالي 4.5 مليار دولار، لن يجدي نفعاً ما دامت مواد البناء، وغيرها من المواد الأساسية، لا تدخل إلى قطاع غزة.

وأوضح التقرير أن البنى التحتية الأساسية لمرافق المياه والصرف الصحي لا تزال إلى حد بعيد غير كافية؛ إذ تُضخ يومياً كميات من مياه الصرف بحجم يعادل 28 مسبحاً أولمبياً مباشرة في البحر المتوسط وهي غير معالجة تقريباً.

كما تعمل المستشفيات في "عسر"، بحسب التقرير، لأن الإجراءات المعقدة والبطيئة، التي تفرضها إسرائيل على الواردات، تبطئ من تسليم الإمدادات الطبية الأساسية مثل المسكنات ومعدات تظهير صور الأشعة السينية. وقد أدت الإغلاقات المفروضة على غزة، إلى تفاقم البطالة وتدهور الاقتصاد، وفقاً للتقرير.

وقال أنطوان غراند، رئيس البعثة الفرعية للجنة الدولية في القطاع، "إن أفقر السكان بوجه خاص استنفذوا آليات مواجهة الصعاب، وصاروا يضطرون في أغلب الأحيان إلى بيع ممتلكاتهم من أجل شراء ما يكفيهم من قوت يومهم."

كارتر: من المؤسف أن طائرات من صنع أمريكي دمرت غزة

قال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الذي زار قطاع غزة مؤخرا، إن الوضع في القطاع مأساوي، وإنه "قاوم رغبة في البكاء،" بعد أن رأى حجم الدمار الذي خلفته العملية العسكرية الإسرائيلية في يناير/كانون الماضي.

وكان كارتر يختتم جولته في المنطقة، بزيارة إلى المدرسة الأمريكية في غزة، والتي دمرت بالكامل في غارة للطائرات الإسرائيلية. بحسب سي ان ان.

وقال الرئيس الأمريكي الأسبق في مؤتمر صحفي "أشعر بحزن عميق، وأشعر برغبة في البكاء عندما أرى هذا التدمير المتعمد لغزة، وخصوصا هذه المدرسة التي تقدم لأبنائكم العلم والتي أسستها بلادي."

وتابع كارتر يقول "أراها (المدرسة) دمرت بقذائف أطلقتها طائرات F16 التي صنعت في بلادي وقدمت إلى إسرائيل.. إنني أشعر بأنني مسؤول بشكل جزئي عما حصل هنا.. وأظن أن كل الأمريكيين والإسرائيليين يشعرون بذلك."

ومضى يقول "الطريقة الوحيدة لتجنب حدوث مثل هذه المأساة مرة أخرى هي الحصول على سلام حقيقي،" مشيرا إلى أن العديد من الفلسطينيين يقاتلون بعضهم الآن في الضفة الغربية والقطاع، بسبب الخلاف بين "حماي" و"فتح."

وعن ذلك قال كارتر "من المهم جدا أن يتصالح الفلسطينيون مع بعضهم، وأن يتعاونوا ويوقفوا مهاجمة بعضهم، ويشرعوا في التحضير لانتخابات آمل أن أكون مراقبا فيها."

مشروع بناء في غزة يجرِّب العمل بالطين ومخلّفات الأنقاض

يقوم العمال في موقع البناء البالغ 5,000 متر مربع بحي الشجاعية بالمدينة بنقل دلاء من الطين تحت الشمس الحارقة لتشكيل لبنات كبيرة سيتم استعمالها في بناء مدرسة للأطفال المعاقين في مدينة غزة.

في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي على واردات مواد البناء، بدأ فلسطينيو غزة يبحثون في طرق بديلة للبناء، إحداها مشروع بناء يعتمد استخدام الطين ومخلفات الأنقاض.

حيث بدأت جمعية الرحمة للأطفال Mercy Association for Children ، وهي منظمة غير حكومية، مشروع بناء مدرسة للأطفال المعاقين في مدينة غزة في 24 مايو، وذلك باختبار طريقة تم تطويرها مؤخرا تستخدم لبنات الطين والملح ومخلفات الأنقاض. إذ يتم استحضار معظم المواد الضرورية للمشروع من مئات المباني التي تعرضت للهدم خلال الهجوم الإسرائيلي الذي استمر خلال الفترة من 27 ديسمبر 2008 حتى 18 يناير 2009. بحسب إيرين.

ويقوم أربعة عشر عاملا في موقع البناء البالغ 5,000 متر مربع بحي الشجاعية بالمدينة بنقل دلاء من الطين لتشكيل لبنات كبيرة سيتم استعمالها في بناء المدرسة بما في ذلك القبة التي ستشكل السقف. ويقول المهندس ماهر بطروخ، من جمعية الرحمة، حول هذا المشروع أنه "إذا تبث بعد انتهاء العمل في المدرسة أنها سليمة من الناحية البنيوية فإننا سنمضي قدما في مشاريع بناء أخرى في غزة"، مشيرا إلى أن "المدرسة هي أول بناء من نوعه في قطاع غزة".

وأوضح بطروخ أن بنية المدرسة التي تتألف من ثلاثة طوابق والمقامة على حوالي 1.025 متر مربع لن تتضمن مادة الصلب أو الاسمنت.

ويتم تمويل هذا المشروع الذي يكلف 190,000 دولار من طرف الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، وهي جمعية خيرية كويتية، وسيستغرق إنجازه ستة أشهر على الأقل وفقا لمسؤولة المشاريع بجمعية الرحمة للأطفال، منى أبو الشرع.

المراقبة والترقب

تراقب المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة في غزة المشروع لتقييم جدوى التقنية الجديدة للبناء في غزة. حيث أفاد المهندس جوناثان دامس بالمجلس النرويجي للاجئين أنه "إذا نجح هذا المشروع ، فسوف يكتسي أهمية خاصة من حيث الاستجابة للتدمير الناجم عن الحرب".

ويتولى المجلس النرويجي للاجئين قيادة "المجموعة المعنية بتوفير المأوى “shelter cluster”، وهو عبارة عن ائتلاف من المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة العاملة على حل قضايا المأوى في غزة في مرحلة ما بعد الصراع. وأضاف دامس بقوله: "سيكون بوسعنا أن نقيِّم مدى جدوى مواد البناء هذه بعد مرور موسم شتاء أو اثنين".

ما أن هيئة البيئة ووزارة الأشغال العامة في غزة تقومان بمراقبة المشروع وسط مخاوف من احتمال تأثير الكميات الكبيرة من الطين المستعمل على الزراعة. حيث أفاد مهندس بهيئة البيئة أن هذه الطريقة "قد تكون طريقة جيدة في المستقبل ، ولكن استخدام الطين على نطاق واسع قد يضر بالأراضي الزراعية الشحيحة أصلا في قطاع غزة...إذ يجب أولا أن تتم دراستها".

من جهته، أفاد المهندس بطروخ من جمعية الرحمة أن المدرسة ستخضع لاختبارات لضمان أمان هيكلها، وذلك عن طريق وضع كتل إسمنتية على السقف وإجراء تجارب ضغط فردية على كتل الطين بالجامعة الإسلامية في غزة.

وأوضح دامس أنه نظرا لمحدودية المساحة في غزة التي تعاني من اكتظاظ شديد بالسكان، فإن أية تقنية بناء جديدة يجب أن تكون قادرة على تحمل أربعة طوابق على الأقل لتبثث جدواها. وأشار إلى أنه تم بالفعل بناء منازل من الطين من قبل ولكنها كانت جميعها من طابق واحد فقط.

البنك الدولي: مشروع ضروري للصرف بغزة قد ينهار

قالت مذكرة داخلية للبنك الدولي حصلت رويترز على نسخة منها أن مشروعا يتبناه توني بلير مبعوث المجموعة الرباعية للسلام بالشرق الاوسط في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) قد ينهار بسبب القيود التي تفرضها اسرائيل على ادخال المعدات.

وكان مشروع معالجة مياه الصرف في غزة وقيمته 75 مليون دولار محور حزمة من المساعدات الاقتصادية قادها رئيس الوزراء البريطاني السابق لمحاولة تعزيز عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وفي مذكرة صدرت في الرابع من يونيو حزيران وموجهة للمانحين قال البنك الدولي ان اسرائيل تمنع وصول مواد ضرورية للمشروع منذ مارس اذار. بحسب رويترز.

وتشمل هذه المواد أنابيب وأسمنت وقطع غيار.وأخفقت محاولات الاستعانة بمقاولي بناء العام الماضي.

وقال البنك الدولي "لم تقدم عطاءات اذ لم يرغب المتقدمون بالعطاءات في خوض المجازفة الامنية في غزة... الاخفاق في جذب متقدمين بعطاءات في الجولة الثانية سيكون مدمرا للمشروع."

ويعتبر مانحون دوليون وسكان غزة ان مشروع معالجة مياه الصرف ضروري. وفي عام 2007 أسفر فيضان من مياه الصرف غير المعالجة من محطة في شمال غزة عن وفاة عدة أشخاص.

لكن على غرار مشاريع اخرى للبنية التحتية مدعومة من الغرب في القطاع عانى بلير من تأجيلات مطولة بسبب الحصار الاسرائيلي والذي تم تشديده بعد أن سيطرت حماس على غزة عام 2007 .

العفو الدولية: إسرائيل دمرت غزة عن قصد

قالت منظمة العفو الدولية ان اسرائيل ألحقت "دمارا عن قصد" بقطاع غزة في هجماتها التي غالبا ما استهدفت مدنيين فلسطينيين خلال هجوم وقع في ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني في القطاع الساحلي الذي تديره حركة المقاومة الاسلامية (حماس). بحسب رويترز.

كما انتقدت المنظمة التي مقرها لندن في تقرير مؤلف من 117 صفحة تناول العملية العسكرية الاسرائيلية التي استمرت 22 يوما حركة حماس لاطلاقها صواريخ على إسرائيل. ووصفت ذلك بأنه "جريمة حرب".

ومن بين النتائج الاخرى التي توصلت إليها منظمة العفو أنه لا يوجد دليل يدعم مزاعم اسرائيل بأن الجماعات المسلحة في غزة تعمدت استخدام المدنيين كدروع بشرية بينما اشارت الى أدلة على أن القوات الاسرائيلية وضعت الاطفال الفلسطينيين وغيرهم من المدنيين في طريق الاذى حينما أجبرتهم على البقاء في منازل يسيطر عليها الجنود الاسرائيليون.

وقالت منظمة العفو الدولية ان نحو 1400 فلسطيني قتلوا في عملية (الرصاص المصبوب) التي شنتها اسرائيل في غزة ومنهم 300 طفل ومئات المدنيين الابرياء. وهو رقم يقترب كثيرا من الارقام التي أعلنتها وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة والمركز الفلسطيني لحقوق الانسان. وهو جهة مستقلة.

بينما قال الجيش الاسرائيلي ان عدد القتلى الفلسطينيين بلغ 1166 منهم 295 مدنيا. كما قتل 13 اسرائيليا منهم ثلاثة مدنيين خلال الهجوم الذي شنته اسرائيل بهدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية الفلسطينية عبر الحدود.

واتهمت منظمة العفو اسرائيل "بخرق قوانين الحرب" وقالت " كثير من التدمير كان مقصودا ومتعمدا.. ونفذ بصورة وفي ظروف أشارت الى أنه لا يمكن تبريره على اساس ضرورات عسكرية."

وقال الجيش الاسرائيلي معلقا على تقرير منظمة العفو انه عمل وفقا للقانون الدولي. وذكر ان التقرير تجاهل "الجهود التي بذلتها قوات الدفاع الاسرائيلية لتقليص الاذى عن غير المقاتلين الى ادنى حد ممكن."

وأضاف "في حالات كثيرة اتخذت قوات الدفاع الاسرائيلية اجراءات حذرة منها تحذير السكان المدنيين قبل الهجوم. ووجهت قوات الدفاع الاسرائيلية هجومها الى الاهداف العسكرية فقط."ولم تعلق حماس على تقرير منظمة العفو على الفور.

ورفضت اسرائيل وحماس الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. وتوصل تحقيق عسكري اسرائيلي الى أنه لا يوجد دليل على وقوع جرائم. ورفضت اسرائيل التعاون مع تحقيق للامم المتحدة يعمل الان على جمع الادلة. وقالت الحكومة الاسرائيلية ان المحققين منحازون ضد اسرائيل منذ البداية.

وقالت منظمة العفو انه على الرغم من أن الصواريخ التي أطلقها النشطاء الفلسطينيون من قطاع غزة نادرا ما أدت لسقوط قتلى أو مصابين فانها كثيرا ما تنشر الرعب والذعر وان استخدامها كان "عشوائيا وبالتالي فهو غير قانوني في ظل القانون الدولي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/تموز/2009 - 14/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م