حماس الشباب يقتحم الشركات الناشئة للتكنولوجيا المتقدمة

سنّ الشباب لا يشكل عقبة أمام إدارة الاعمال على أعلى المستويات

 

شبكة النبأ: "ابدأ شركة ناشئة خاصة بك للتكنولوجيا المتقدمة، وتبادل الدروس والعبر والتجربة التي تعلمتها مع الآخرين، وفي أسوأ الأحوال سيخفق المشروع، وفي أفضل الأحوال سوف تغيِّر العالم، وتحل مشكلة شخص ما، ويدر عليك هذا المشروع ثروة طائلة. فما الذي يؤخرك عن القيام بذلك؟

هذه بضع كلمات لـ بن كاسنوتشا، الشاب الذي كسرَ الحاجز الفاصل بين حداثة السن والنجاح في الاعمال التجارية ذات المستوى العالمي...

و بن كاسنوتشا هو مؤلف كتاب، "حياتي في الشركات الناشئة: ماذا تعلم المدير التنفيذي الشاب في مسيرته في سيليكون فالي"، وقد أدرجت مجلة بزنس ويك، كاسنوتشا، ضمن أبرز رجال الأعمال الأميركيين الشباب، ورشحّه موقع بوليتيكس أونلاين، ليكون واحدا من الأشخاص الأكثر تأثيرا في عالم الإنترنت والسياسة.

يكتب كاسنوتشا مدونة على الموقع المفتوح الخاص به. ومن ضمن ما جاء فيها: حينما كنتُ في المدرسة الإعدادية، كان لديَّ مدرس تكنولوجيا أجبرني على حفظ نص إعلان دعائي تليفزيوني لشركة أبل للكمبيوتر يحمل عنوان "فكّر بصورة مختلفة." وكان آخر سطر في الإعلان يقول: "إن الأشخاص الذين يصل بهم الجنون إلى القول إنهم يستطيعون تغيير العالم، هم الذين يفعلون ذلك فعلا." وقد وجدت في هذه الرسالة وفي السفير الذي نقلها لي (معلمي) مصدر إلهام لي. وقد شجعني ذلك على بدء شركة لتغيير العالم.

ولكن أي نوع من الشركات؟ كنت بحاجة لفكرة جيدة. وفي الوقت الذي حفظت فيه الإعلان تقريبا، حضرت مباراة في لعبة كرة القدم للمحترفين في سان فرانسيسكو. وكانت المقاعد في المعلب الرياضي متسخة. أردت أن أرفع شكوى بشأن ذلك إلى بلدية مدينة سان فرانسيسكو. ولكنني حين حاولت تسجيل شكواي، اكتشفت أن المدينة لم تكن لديها أية طريقة منظمة لتقبل اتصالات وشكاوى المواطنين. وفي لحظة شعوري بالإحباط قلت لنفسي "لا بد أن هناك طريقة أفضل للقيام بذلك."

ويتابع كاسنوتشا: قد قادتني هذه التجربة الشخصية لإنشاء شركة ناشئة للتكنولوجيا المتطورة من شأنها أن تحل المشكلة التي برزت أمامي. فأسست شركتي، التي أطلقت عليها كومكات، في عام 2001 بهدف تحسين تقديم الخدمات لعملاء الحكومات المحلية. وطوّرت برمجيات تتيح لبلديات المدن تتبع وإدارة وحل شكاوى المواطنين. فعلى سبيل المثال، بات بإمكان عملاء الحكومة المحلية لدينا تتبع شكوى مواطن ما حول حفرة في شارع أو مصباح معطل أو فرع من شجرة سقط على الشارع وما شابه ذلك من المشاكل بكفاءة وفعالية. إن فائدة مثل هذا التقدم لا ينحصر في جعل المواطنين أكثر رضى عن حكوماتهم، ولكن تعقب ومتابعة المعاملة يوفر على الحكومة بعض الأموال. وقد قضيت عدة سنوات أنمي هذه الشركة وأطورها.

النموذجي والشاذ

ويضيف كاسنوتشا، كانت رحلتي في مجال المشاريع التجارية، نموذجية بشكل ما. أولا، لأن فكرتي انبثقت من تجربة شخصية. والحقيقة أن الأفكار الجيدة تُستوحى دائما من التجربة المباشرة والخبرة العملية أكثر مما تستلهم من جلسات النقاش داخل المباني الإدارية.

وثانيا، لقد حققت نجاحات وعانيت من بعض حالات الفشل. إذ إن فتح شركة تجارية هو عبارة عن أرجوحة دوارة لسبب وجيه وهو: أن هناك الكثير من عدم اليقين، وكل يوم يجلب معه الأفراح والأتراح والحلو والمر والنجاحات والانتكاسات. وكان توظيف شخص غير مناسب في شركتي إحدى حالات الفشل البارزة. فقد أدى عدم تمكني من الحكم على مطابقة شخص مع متطلبات الشركة إلى إهدار الوقت والمال. إن أصحاب المشاريع التجارية الأفضل هم الذين يتميزون بالمرونة العاطفية لتحقيق الازدهار في ظل هذه الأوضاع الفوضوية.

وثالثا، كانت ولا تزال إقامة شبكات الاتصال – وذلك عن طريق مقابلة أشخاص جدد باستمرار –جزاء كبيرا من العمل اليومي. فأنا أقضي ساعة في اليوم أفكر في الناس الذين أعرفهم وكيف يمكنني أن أظل على اتصال بهم. كما أفكر في الأشخاص الذين ينبغي عليّ التعرف عليهم. فقد يكون هؤلاء الأشخاص مقدمة لصفقة مبيعات وقد يكونون مجرد موجهين شخصيين. وفي كلتا الحالتين، فإن إقامة شبكات الاتصال تمثل عاملا مهما في نجاحي المهني والشخصي.

وبطرق أخرى، لم تكن تجربتي نموذجية جدا. فأنا شاب. وقد بدأت شركتي وأنا في الرابعة عشرة من عمري. وأنا الآن في العشرين من عمري. وقد تعين علي أن أتغلب على تحديات تتعلق بسني. وكان يتحتم على أن أقنع الأشخاص (الذين أتعامل معهم) كي يأخذوني على محمل الجد وأهمل الرافضين منهم. وكان علي أن ألم بالجوانب العملية في العمل التجاري – كيف تتعرف على المشكلة، وكيف تصمم حلا لها، وكيف تبني نموذجا أوليا وتقوم  ببيعه – قمت بكل ذلك إلى حد كبير بمفردي. وبمساعدة قلة من معارفي المهنيين، كان على أن أنشئ شبكة من المستشارين والمساندين. وكان أمامي تحدي  الموازنة بين حياتي والعمل فيها:  الموازنة بين تنمية الشركة والدراسة في آن واحد.

ويقرّ كاسنوشا، لعل شبابي كان فيه خير لي. لأن جهل الإنسان بأشياء كثيرة قد يساعد في بعض الأحيان "لأنك قد لا تتردد في طرح الأسئلة الغبية أو البديهية" إذ إن افتقاري للتجربة والخبرة كان يعني أنني أقل تحيزا ويمكنني أن أتصدى للمشكلة وأتعامل معها من منظور جديد.

السياسة والثقافة الأميركيتان

ويتطرد كاسنوتشا بالقول، من حسن حظي أنني حينما كنت أفكر في إقامة مشروع تجاري في نشأتي وأنا طفل، كنت في الولايات المتحدة، فهي دولة توفر العديد من المزايا لرجال الأعمال سواء من حيث السياسات الحكومية الرسمية أو ثقافة الأعمال الحرة الأساسية والشاملة الموجودة هنا.

تسهل الحكومة الأميركية إطلاق شركة جديدة. إذ لا يوجد سوى القليل من المعاملات الورقية التي يتعين القيام بها. فهناك إيمان جوهري في الولايات المتحدة بأنه ينبغي منح أصحاب الأعمال الخاصة أقصى قدر من الحرية للقيام بما يتعين عليهم القيام به لتنمية أعمالهم التجارية. ذلك لأن اللوائح التنظيمية الحكومية والمعاملات الورقية المرهقة يمكن أن تخنق الروح الإبداعية لدى رجل الأعمال، وبالتالي ينبغي تجنبها. وانطلاقا من هذه الروح، تقدم الحكومة مزايا ضريبية لأصحاب المشاريع الصغيرة وتمول البرامج التعليمية. إذ تؤمن الحكومة بقوة الأعمال الحرة.

وبخلاف توفير خدمات الطوارئ وخدمات الشرطة والحماية من الحرائق، تفضل السياسة الأميركية عموما المنافسة في سوق مفتوحة بدلا من نظيرها المؤمم. وهكذا فإن بلادنا ترحب بالوافدين الجدد، بمن فيهم رجال الأعمال الشباب.

مواقف أميركا الثقافية هامة بدرجة أكبر لإنجاح المشاريع التجارية.  ففي الولايات المتحدة، إذا كانت لديك الشجاعة الكافية لبدء عمل تجاري، فإنك تلقى كل الدعم والتشجيع. وينظر إليك على أنك مبدع ورائد وثوري ناجح. وفي حال فشل المشروع – وهناك احتمال كبير بأنك سوف تفشل إن أنت بدأت العمل التجاري الخاص بك – فإن معظم الأميركيين سوف يغضون الطرف عن ذلك ويعتبرونه فرصة للتعلم منها. فليس هناك عيب في الفشل. فالأسر والمدارس ووسائل الإعلام على حد سواء تتقبل الفشل.

وبمعنى معين، فإن  لديك في الولايات المتحدة بداية جديدة دائمة. وعلى وجه الخصوص، ينظر إلى الشباب  باعتبارهم مشاعل ومنارات الإبداع والابتكار. وأنا، كرجل أعمال شاب طموح، استفدت من هذه المواقف. وقد أصبحت أفتخر وأعتز بشخصيتي وواصلت السع? من أجل ╩حقيق أحلامي بدون حرج.

ليست هناك طريقة صحيحة واحدة

ويفيد كاسنوتشا، إن البلدان التي تشجع روح المبادرة تميل إلى أن تكون أكثر نجاحا من الناحية الاقتصادية. وقد وصف الخبير الاقتصادي وليام بومول روح المبادرة بأنها تمثل عنصرا "لا غنى عنه" للنمو الاقتصادي والازدهار في الولايات المتحدة. وبما أن الشركات الصغيرة التي يقل عدد موظفيها عن 10 أشخاص تشغل أكثر من 16 مليون شخص، فإن هذه الأعمال الصغيرة تعتبر بحق وحقيقة الوقود الذي يسير محرك الولايات المتحدة.

غير أن الولايات المتحدة ليست البلد الوحيد الذي أدرك الأهمية الاقتصادية لمشاريع الأعمال التجارية الحرة. فالصين والهند وغيرهما من الدول تشدد على أهمية الأعمال التجارية الصغيرة وها هي تنجح وتزدهر نتيجة لذلك. وقد يختلف النهج الذي يتبعه أصحاب المشاريع التجارية أنفسهم في كل بلد من هذه البلدان. إذ إنه لا توجد طريقة صحيحة واحدة لتحقيق النجاح في المشاريع التجارية. بل يعود الموضوع إلى الشخص نفسه – أنت.

في الولايات المتحدة،  يبدو أن أنجح رجال الأعمال يختلفون (عن بعضهم البعض اختلافا تاما). فشركة غوغل، التي تعد واحدة من أقوى شركات التكنولوجيا العملاقة في أميركا، شارك في تأسيسها مهاجر روسي ذكي لم يكن مكترثا باهتمام وسائل الإعلام به. فهو نال شهادة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر من جامعة شهيرة. ودرس كيف يمكن أن تحسن الحسابات الرياضية نتائج محرك البحث. أما شركة أوراكل وهي شركة تكنولوجيا عملاقة أخرى، فقد أسسها شخص لم يكمل تعليمه الجامعي وطورها إلى أن أصحبت شركة عملاقة باستخدام أساليب واستراتيجيات مثابرة في التسويق والبيع.  وقد أصبح (صاحب شركة أوراكل) من المشاهير الذين يحظون باهتمام وسائل الإعلام. ليس جميع أصحاب المشاريع التجارية الأميركيين الناجحين مثل قطب المشاريع العقارية دونالد ترمب ولا يتصرفون مثله؛ بل في الحقيقة لا توجد إلا قلة منهم مثله. وبدلا من ذلك يجد أصحاب الأعمال التجارية الناجحة الطريق الذي يناسبهم ويصلح لأعمالهم التجارية.

فقد أصبح المزيد والمزيد من الناس يجدون السبيل المناسب لهم، ويعثرون على روح المبادرة داخل أنفسهم. وإننا في الواقع نمر، في الولايات المتحدة، اليوم بعصر ذهبي بالنسبة للأعمال التجارية الحرة. فاحتمال إطلاق مشروع خاص -- ولا سيما بين الشباب من أبناء جيلي لا يبدو أكثر إثارة مما هو عليه اليوم. ويفيد معظم خريجي الجامعات في الاستطلاعات التي تجرى بينهم أنهم يخططون لبدء عمل تجاري خاص بهم في وقت ما.

لقد حان الوقت

ويخلص كاسنوتشا الى نتيجة مفادها، هذا الحماس الزائد إزاء فكرة تحكم المرء في مصيره الشخصي لا يقتصر على الأميركيين وحدهم: إذ إن الأشخاص في جميع أنحاء العالم شيبة وشبانا يحققون فرحة إنشاء مشروع تجاري جديد. وحتى لو كنت تعيش في منطقة لا يوجد بها ذلك القدر من الديمقراطية الموجودة في الولايات المتحدة، أو أنها ليست بهذا القدر من التسامح مع الفشل أو التجربة، أو أنها لم تنشئ بعد أسواق رأس مال خاصة ناضجة، ومع ذلك فإنه لم تكن هناك فرصة سانحة أفضل من الفرص الموجودة الآن. فقد جعلت الإنترنت المكان المادي لمقر شركة ما أقل أهمية. إذ بإمكان الأشخاص من زامبيا إلى نيوزيلندا، ومن كندا إلى كوستا ريكا أن يتصلوا بالإنترنت ويعلموا أنفسهم ويتواصلون مع الأشخاص الذين يشاطرونهم وجهات نظرهم. فغالبا ما يبدأ مشروع تجاري هذه الأيام بفتح برنامج لتصفح الإنترنت.

ولذا فعليك أن تنضَمْ إلى مجتمع الأعمال الحرة العالمي. ابدأ شركة ناشئة خاصة بك للتكنولوجيا المتقدمة. وتبادل الدروس والعبر والتجربة التي تعلمتها مع الآخرين. وفي أسوأ الأحوال، سيخفق المشروع. وفي أفضل الأحوال، سوف تغيِّر العالم، وتحل مشكلة شخص ما، ويدر عليك هذا المشروع ثروة طائلة. فما الذي يؤخرك عن القيام بذلك؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 5/تموز/2009 - 12/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م