أهمية استعمال طرائق وأساليب تحسين الذاكرة

في تعلم المعلومات والخبرات المختلفة

د. غالب محمد رشيد الاسدي

 يعد نسيان المثيرات المعلوماتية التي يتعلمها أو يطلع عليها الفرد في حياته من المشكلات المألوفة في جميع مناحي الحياة وليس في مجال الدراسة الأكاديمية فحسب، إذ أن المثيرات التي يتلقاها الفرد في حياته اليومية عن طريق حواسه الخمس غير محدودة وتكون بشكل متواصل ومستمر، وبالتالي فان هناك حاجة ملحة ومهمة لابتداع طرائق ووسائل وإمكانيات يمكن عن طريقها التقليل من نسيان المثيرات المعلوماتية المختلفة التي يتعلمها الفرد في حياته اليومية، فضلا عن أساليب وطرائق أخرى للحفاظ على المعلومات في مخازن الذاكرة.

 فإذا تم إيجاد تلك الطرائق والأساليب والإمكانيات، فانه يعد مساهمة كبيرة وفعالة في زيادة كم وحجم المعلومات المدخلة إلى جهاز الذاكرة والتي بإمكان الفرد تذكرها مرة أخرى أو عند الحاجة لها، مما يؤدي إلى حدوث أفضل تعلم ممكن.

 ومن ناحية أخرى فان تلك الطرائق تمكن الطالب أو الفرد من التعامل المستقبلي بصورة ايجابية مع كم وحجم المثيرات المعلوماتية المدخلة إلى جهاز الذاكرة، وتوظيفها بشكل صحيح ومناسب في المواقف والظروف والأماكن التي يحتاج فيها تذكر ما تعلمه سابقا. فالأفراد يتعلمون كي يطبقوا ما تعلموه في مجالات حياتهم المختلفة ولا يتعلمون من اجل التعلم فحسب، أي أن عملية التعلم ليست عملية مرحلية،بل عملية دافعية متواصلة ومستمرة تدفع بالفرد لتعلم المعلومات والخبرات والإمكانيات التي تمكنه من العيش بتكيف وتواصل مع مجريات الحياة المتغيرة والمستمرة والمتبدلة.

 لذلك فان الهدف العام من العملية التربوية يصب في خدمة الفرد والمجتمع بأي نوع أو إمكانية من الخدمة التي تجعله جزءاً من هذا المجتمع بجميع إمكانياته وضرورياته المختلفة.

وتسعى إلى نموه الجسمي والمعرفي والانفعالي كي يتكيف مع طبيعة الحياة التي يعيش فيها.

 إن شروط وإمكانيات وظروف التعلم هي نفسها سوى كانت في داخل المؤسسة التربوية أو التعليمة أم خارجها في الحياة العملية اليومية، أي إن عملية التعلم هذه إذا لم تتوافر لها الشروط والإمكانيات والضروريات التي تديم منها وهي الترميز الجيد والحفظ الجيد، واستعادة ما تم ترميزه و خزنه فيما بعد وهو الاسترجاع الجيد، فان النسيان يكون مصير الخبرات والمعلومات التي يتلقاها أو يواجهها الفرد في حياته اليومية، وبالتالي فان هذا الأمر يحتاج هو الآخر إلى توافر الإمكانيات والوسائل التي تعين أو تساعد الفرد على تذكر ما تعلمه سابقا في الظروف أو الأماكن أو المواقف التي تتطلب منه إظهار قدرة التذكر فيها. 

 وتلعب تلميحات الذاكرة ( memory cues ) دورا فعالا في استرجاع أو تذكر المعلومات التي يتعلمها الفرد سابقا، لان عملية ترميز أو تشفير المعلومات فيما إذا دخلت تلك المعلومات إلى جهاز الذاكرة بشكل صحيح ومناسب يجعل من إمكانية تذكرها أيسر وأسهل مرة أخرى إذا استعمل الفرد تلميح مرتبط مع تلك المعلومات في استرجاعها من مخزن الذاكرة.

 إن تحسين قدرة التذكر المثيرات المعلوماتية التي يتعلمها الفرد أمرا مهمًا لديمومة الحياة ورقيها. وأقصى درجات التذكر هو الآخر مهمًا لتلك الديمومة، وهو حاجة قبل أن يكون هدفا تربويا، لأننا نتعلم كي نطبق ما تعلمناه لا لنتعلم فقط، ثم ننسى ما تعلمناه بعد مرور مدة من الزمن. ووفقاً لذلك فان الدارسين والباحثين للتذكر وعمليات التذكر يسعون جاهدين لابتداع وإيجاد وتطوير أي وسيلة من الوسائل التي تمكن الفرد من تذكر ما تعلمه سابقا بأقصى درجة من الفعالية التي تعود عليه وعلى مجتمعه بالفائدة.

 لذلك فان ظهور الحاجة لوجود برامج لتنمية وتطوير وتحسين الذاكرة أمرا لا يمكن نكران أهميته، لما له من فائدة تربوية بالنسبة للطالب في العملية التربوية فضلا عن الحاجة لها في الحياة اليومية للأفراد في أي مجال من المجالات الحياتية المختلفة.

فإذا تمكن الطالب أو أي إنسان آخر من قراءة الموضوعات وتوصل إلى المعلومات المهمة فيها، ومن ثم تمكن من استرجاعها مرة أخرى بصورة مقبولة أو مناسبة أو عند الحاجة إليها، فان هذا يعد انجازا كبيرا إذا ما وضعنا في الحسبان أن الإنسان يفقد أو ينسى الكثير من المعلومات بعد مرور مدة زمنية غير محددة تختلف من فرد إلى آخر وفقاً لأسباب كثيرة.

وقد عالجت أو أشارت إلى ذلك كثير من نماذج تفسير سير عملية التعلم والتذكر والتي وضعت من قبل باحثين في موضوع الذاكرة، والتي حاولت أن تعطي مقترحاً أو تقديراً للكيفية التي يمكن من خلالها تذكر اكبر قدرا ممكن من المعلومات التي يتعلمها الفرد في حياته اليومية سواء كانت في ميدان التحصيل الأكاديمي أو في مناحي الحياة المختلفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 5/تموز/2009 - 12/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م