ايران والانترنت والاعلام: صحافة المواطنين بوجه قانون القوة 

طهران تهدّد الإعلام البريطاني وإيقاف صحيفة بحرينية زعمت بيهودية نجاد

 

شبكة النبأ: أصدر المحتجون الايرانيون صحيفة تنطق بلسانهم تحمل اسم (الشارع) وقاموا بإصدارها على شبكة الانترنت، وتأتي خطوة اصدار محتجين عاديين لصحيفة في الشوارع لمواجهة حظر فرضته السلطات على وسائل الاعلام المحلية والدولية ضد أي تغطية مباشرة للمظاهرات الاحتجاجية في الشوارع.

وفي تطور لاحق يتعلق بتقييد الصحافة وقمعها اعتقلت السلطات الايرانية حوالى 25 صحافياً وموظفاً في صحيفة زعيم المعارضة مير حسين موسوي، على ما افاد احد اعضاء هيئة تحرير الصحيفة. كما هددت طهران وسائل الاعلام البريطانية بإجراءات اكثر شدة اذا واصلت (تدخلها في الشؤون الداخلية) الايرانية، بحسب ما نقلت وكالة مهر للانباء عن وزارة الثقافة الايرانية اثر قرارها طرد مراسل بي بي سي من البلاد.

وأعرب الرئيس الامريكي باراك اوباما عن قلقه ازاء خطبة خامنئي الجمعة وقال في مقابلة تلفزيونية مع قناة «سي بي اس» الاخبارية: اشعر بالقلق ازاء بعض فحوى ولهجة التصريحات التي أعلنت.. يجب على ايران ان تدرك ان العالم يراقب الوضع.

من ناحية اخرى قالت منظمة «مراسلون بلا حدود» ان اعداد المعتقلين من الصحافيين الايرانيين وصل الى 17 معتقلا.

ضحية إيرانية تبرز أنه لا يمكن تكميم صحافة المواطنين

وتُعَد لقطات للشابة الايرانية ندا ووجهها مُخضّب بالدماء نشرت على موقع يوتيوب Youtube على الانترنت صورة مروّعة لما يطلق عليه البعض ربيع طهران كما تظهر أيضا كيف أطلقت صحافة المواطنين الجني الحبيس من القمقم.

الشابة التي عرفها موقع فليكر flickr لتبادل الصور على الانترنت باسم ندا أغا سلطان وظهرت في لقطات بكاميرا هاتف محمول وهي تسقط بعد أن أُصيبت بالرصاص فيما يبدو على أطراف مجموعة من المحتجين في انتخابات ايران المتنازع عليها أثارت التعاطف في جميع أنحاء العالم.

وعلى موقع سينا دوت كوم Sina.com الصيني الذي يتمتع بشعبية كبيرة أطلق على ندا لقب "الملاك القتيل" ويوضح محرك البحث جوجل أن كتابة اسمها بالفارسية تظهر 15300 نتيجة على مواقع باللغة الفارسية.

ونشرت صحيفة موسكوفسكي كوسوموليتس الروسية التي توزع 2.1 مليون نسخة مقالا عنها في الصفحة الرابعة.

وقالت "اسمها ندا اغا سلطان وكانت تدرس بقسم الفلسفة بجامعة طهران...وفي مطلع الاسبوع الماضي أصبحت رمزا لحركة المعارضة وصورها على جميع لافتات أنصار موسوي وقد توعد كثير منهم بالانتقام لها."

وجاءت الصور من مصدر على الانترنت معروف لتلفزيون رويترز. وحيث أن ايران تفرض قيودا على وكالة رويترز ووسائل الاعلام الاجنبية الاخرى من حيث التغطية والتصوير التلفزيوني والتقاط الصور في طهران فانها تعتمد اعتمادا متزايدا على أشخاص مثل ذلك الذي سجل مقتل ندا بعدسة هاتفه المحمول.

وعدد وصلات الانترنت بايران أكبر من أي دولة في الشرق الاوسط. ويقول موقع (ذا وورلد) The World على الانترنت ان ايران اعتقلت أول مدون عام 2003. ويعتبر بعض المعلقين أن المواقع الالكترونية مثل تويتر Twitter وفيسبوك Facebook ويوتيوب Youtube مجالا ملائما لصحافة المواطنين حتى تصل الى مرحلة النضج. ويرى آخرون ثورة معقّدة في الطريق.

في الايام الاولى التي أعقبت الانتخابات كان موقع تويتر الالكتروني للتدوين المختصر مجالا بارزا للعبة القط والفأر للعثور على خوادم تعمل بالوكالة ليستخدمها أشخاص حجب عنهم الوصول الى هذه المواقع من ايران. والتدوين المختصر هو فن مشتق من التدوين لكنه لا يسمح بالعدد اللا محدود من المداخلات في التدوين الطبيعي اذ يقتصر التدوين في هذا النوع المصغر على إرسال رسائل أو تحديثات بحد أقصى 140 حرفا فقط للرسالة الواحدة.

وأخذ أشخاص ينشرون عناوين مواقع الكترونية لمساعدة الايرانيين على تجنب حجب المواقع الذي نفذته الحكومة وبلغ هذا أوجه عندما انضم مشاهير من بينهم الفنان الكوميدي البريطاني ستيفن فراي لكن هناك من ذكره بأن السلطات الايرانية تستطيع الوصول الى موقع تويتر ايضا.

وقال "متى تنشر شيئا على موقع تويتر يقول البعض (أيها الاحمق... أيها الغبي الساذج... يستطيعون حجب الموقع)."لكن الناس استطاعوا بفضل الخوادم بالوكالة نشر صور ليطلع عليها العالم الخارجي.

السلطات الايرانية تعتقل 25 صحافيا وموظفا في صحيفة موسوي

وفي تطور لاحق اعتقلت السلطات الايرانية حوالى 25 صحافيا وموظفا في صحيفة زعيم المعارضة مير حسين موسوي، على ما افاد احد اعضاء هيئة تحرير الصحيفة لوكالة فرانس برس.

وقال علي رضا بهشتي "ثمة خمسة او ستة من الموظفين الاداريين، والباقي صحافيون. لقد اعتقلوا الاثنين" مضيفا ان "العناصر الذين حضروا الى الصحيفة لم يبرزوا اي امر خطي". وقال انه كان بين الموقوفين خمس نساء اطلق سراحهن مساء الثلاثاء.

وكانت صحيفة "كلمة سبز" او الكلمة الخضراء حصلت على ترخيص قبيل الانتخابات الرئاسية غير انها حظرت غداة الانتخابات.

ويطعن موسوي في نتائج الانتخابات الرئاسية التي هزم فيها امام الرئيس محمود احمدي نجاد، ويطالب بتنظيم انتخابات جديدة بسبب "المخالفات" التي تخللت العملية الانتخابية بحسبه.

وافادت الشرطة في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية الايرانية عن مداهمة مكتب الصحيفة مؤكدة العثور فيها على "وثائق تثبت وجود مؤامرة ضد الامن القومي".

وتابع البيان "بعد تفتيش دقيق للمبنى الذي استخدم مقرا لحملة احد المرشحين، ثبت ان نشاطات كانت تجري فيه لتنظيم التظاهرات واعمال الشغب الاخيرة (.. ) وأعمال تمس بالامن القومي".

وجاء في البيان انه "عثر فيه على وثائق تتعلق بالارتباط بوسائل الاعلام المعادية والتدخلات الاجنبية وتدبير مؤامرة (.. ) وقد تم تحويل هذا المكان الى مركز قيادة الحرب النفسية على امن البلاد". واضافت الشرطة ان "المتآمرين الذين كانوا في المبنى اعتقلوا ويجري استجوابهم حاليا".

من جهة اخرى شنت صحيفتان محافظتان متشددتان حملة انتقادات عنيفة ضد موسوي. وكتبت صحيفة كيهان في صفحتها الاولى "موجة شعبية لمحاسبة موسوي على الدماء التي اريقت".

وعنونت صحيفة وطن امروز القريبة من الحكومة "من المسؤول عن جرائم هذه الاسابيع في طهران؟" وكتبت نقلا عن "والد الشهيد غانيان" الذي قتل بحسب وسائل الاعلام في تظاهرات الايام الاخيرة "موسوي مسؤول عن روح ابني التي ازهقت وسالاحقه حتى احقاق حقي".

اعتقال صحافي في مجلة «نيوزويك» 

وأفادت مجلة نيوزويك، ان السلطات الايرانية اعتقلت صحافيا كنديا يعمل لحسابها في ايران هو مزيار بهاري ولم تتلق اخبارا عنه منذ ذلك الحين.

وافادت المجلة التي تتخذ من نيويورك مركزا لها في بيان ان «نيوزويك تدين بشدة هذا الاعتقال غير القانوني وتدعو الحكومة الايرانية الى اطلاق سراحه على الفور».

واوضحت ان «السلطات الايرانية اعتقلت «بهاري» بدون توجيه اي تهمة اليه»، وان المجلة «لم تتلق اخبارا عنه منذ ذلك الحين».

وكان بهاري يقيم في ايران ويغطي الاخبار في هذا البلد منذ عشر سنوات. وشددت نيوزويك على القول ان «تغطية بهاري للاحداث في ايران لحساب نيوزويك ومنشورات اخرى اتسم دائما بالموضوعية»، وهو يعالج «كل جوانب المواضيع» التي يغطيها، مذكرة بأنه عمل «في عهود بضع حكومات في طهران بما فيها الحكومة الحالية».

واكدت المجلة في بيانها ان عشرين صحافيا واصحاب مدونات قد اعتقلوا منذ انتخابات 12 يونيو في ايران والتظاهرات شبه اليومية التي تلتها احتجاجا على اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد.

واضافت ان «اعتقال الصحافيين الابرياء هو انتهاك للحق في وجود صحافة حرة في ايران»، وطالبت «المجموعة الدولية باستخدام كل نفوذها لدى الحكومة الايرانية لافهامها صراحة ان هذا الاعتقال غير مبرر وغير مقبول وللمطالبة بالافراج عن بهاري».

بي بي سي الفارسية توصل اصوات المعارضة الايرانية

وعلى بعد آلاف الكيلومترات عن ايران، اصبح تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) الناطق بالفارسية في لندن نقطة تركيز الايرانيين الذين يرفضون تصديق نتائج الانتخابات التي جرت هذا الشهر.

ولم تكن البي.بي.سي تدرك عندما اطلقت القناة التلفزيونية قبل ستة اشهر، انها ستبصر النور بالتزامن مع انتخابات اعقبتها اضطرابات لم تشهد ايران مثيلا لها منذ الثورة الاسلامية في 1979.وسرعان ما جذبت القناة الناطقة بالفارسية ملايين المشاهدين، رغم منعها من تعيين اي مراسل في ايران.

والموظفون البالغ عددهم 140 يعملون في الجناح الحديث لمبنى البث (برودكاستينغ هاوس) التابع للبي.بي.سي في وسط لندن. وتتلقى القناة تمويلا مقداره 15 مليون جنيه استرليني (18 مليون يورو، 24,5 مليون دولار) سنويا من قبل الحكومة البريطانية ما يثير غضب السلطات الايرانية.

واتصل آلاف الايرانيين بالقناة قبل انتخابات الثاني عشر من حزيران/يونيو، لكن الرسائل الالكترونية والمكالمات الهاتفية انهمرت بالفعل بعد نزول انصار المرشح المهزوم مير حسين موسوي الى الشوارع احتجاجا على نتائج الانتخابات.ومنذ ذلك الحين، تتلقى القناة اكثر من ستة آلاف رسالة الكترونية يوميا.

وقالت بونيه غودوسي، مقدمة البرنامج التفاعلي في القناة، انه قبل الانتخابات كانت الاتصالات الهاتفية ترد من انصار جميع المرشحين ومن بينهم الرئيس محمود احمدي نجاد.

واضافت لفرانس برس "وبسبب الاحتجاجات فان المتصلين الان هم في غالبيتهم من المعارضين لنتائج الانتخابات ولاعادة انتخاب احمدي نجاد".

ايقاف جريدة بحرينية بعد نشر مقال ضد نجاد

من جهة اخرى أوقفت الحكومة البحرينية صدور جريدة "اخبار الخليج" البحرينية اليومية بسبب مخالفة قانون المطبوعات. وارجع مسؤولون في الجريدة هذا القرار الى مقالة مناهضة لايران ولقيادتها.

وافادت وكالة الانباء البحرينية ان قرارا اتخذ بـ"حجب صدور الصحيفة حتى اشعار آخر لامور لها علاقة بمخالفة قانون المطبوعات".

وذكرت الجريدة على موقعها على الانترنت "على ضوء أوامر من السلطات المختصة تم ابلاغها إلى رئيس تحرير "أخبار الخليج" بعد منتصف ليلة أمس تقرر وقف صدور جريدة "أخبار الخليج" حتى اشعار آخر لأمور لها علاقة بمخالفة قانون المطبوعات".

وذكرت التقارير انه تم حجب الصحيفة عن الصدور ليلة أمس بعد أن كان العدد الذي من المفترض أن يصدر صباح اليوم على وشك الطبع.

من جهتهم ذكر مسؤولون في الصحيفة المستقلة التي تعد اول صحيفة في البحرين لوكالة فرانس برس انه تم ابلاغهم بقرار الوقف في وقت مبكر من صباح الاثنين.

وذكروا ان السبب هو مقالة للكاتبة وعضو مجلس الشورى سميرة رجب حول ايران بعنوان "الجمهورية الاسلامية، الغضب الشعبي العارم"، لكنهم اشاروا الى ان السلطات لم تذكر هذه المقالة او اي سبب آخر لتعليل قرار الحجب.

وفي المقالة التي نشرت الاحد تقول الكاتبة "ان احمدي نجاد اصله يهودي" كما تتضمن المقالة انتقادات شديدة للجمهورية الاسلامية.

طهران تهدد الاعلام البريطاني باجراءات اكثر شدة

وفي نفس السياق هددت طهران وسائل الاعلام البريطانية باجراءات اكثر شدة اذا واصلت "تدخلها في الشؤون الداخلية" الايرانية، بحسب ما نقلت وكالة مهر للانباء الاحد عن وزارة الثقافة الايرانية اثر قرارها طرد مراسل ال"بي بي سي" من البلاد.

ونقلت وكالة مهر عن وزير الثقافة والارشاد الاسلامي محمد حسين صفار هرندي قوله انه "اذا واصلت شبكات الاذاعة والتلفزيون البريطانية المختلفة تدخلها في الشؤون الداخلية لبلادنا عبر نشر معلومات كاذبة او مغلوطة عن ايران، او تجاهل النظام الاخلاقي الدولي المتعلق بالصحافة، ستكون هناك اجراءات ردع اخرى".

وتلقى مراسل هيئة الاذاعة البريطانية البي بي سي في طهران جون لاين امرا من السلطات الايرانية بمغادرة البلاد في غضون 24 ساعة، بسبب "دعمه" لمثيري الشغب، كما ذكرت وكالة انباء فارس القريبة من الحكومة.

وبدورها اكدت "بي بي سي" ان السلطات الايرانية طلبت من مراسلها الدائم في ايران جون لاين مغادرة اراضيها، مشيرة الى ان مكتبها في طهران سيبقى مفتوحا.

وبالاضافة الى "بي بي سي"، هناك مؤسستان اعلاميتان بريطانيتان تعملان في ايران هما صحيفة "الفايننشال تايمز" ووكالة رويترز (نشرة وتلفزيون).

السلطات الإيرانية تراقب الإنترنت

من جهة ثانية أبدت جمعية صناعات الكمبيوتر والاتصالات، وهي مجموعة ضغط تضم عدداً كبيراً من شركات المعلوماتية بينها «مايكروسوفت» و «غوغل» و «فوجيتسو»، قلقها حول معلومات تفيد بأن السلطات الايرانية تملك تقنيات زودتها بها شركات غربية وتمكنها من رصد المعارضين للنظام على الانترنت.

وقال رئيس الجمعية ايد بلاك ان «المعلومات التي تفيد بأن ايران تستخدم هذه التقنيات لكشف المعارضين على الانترنت، مقلقة جداً». واضاف ان «الانترنت يمكن ان يكون اداة تسمح بتحسين التواصل السياسي وبالمشاركة في عملية ديموقراطية، (كما) يمكن ان يكون وسيلة تستخدمها حكومة ما للتحكم بالوصول الى المعلومات والتجسس على مواطنيها ورصد خصومها السياسيين». وزاد ان «ايران هي سبب اضافي يدعو الى الحد من استخدام بعض التقنيات مثل تقنية «ديب باكيت اينسبكشن». بحسب صحيفة الحياة.

واوضحت الجمعية ان تقنية «ديب باكيت اينسبكشن» او «المراقبة المعمقة للانترنت»، تسمح لمشغلي الشبكة في غضون ثوان باعتراض البيانات على الانترنت وتحليلها، لرصد بعض الكلمات المفتاح ومن ثم اعادة ترميمها. واعتبر بلاك ذلك «انتهاكاً للحياة الخاصة لمستخدمي الانترنت. حين تقع هذه الوسائل في أيدٍ غير امينة، سرعان ما يتحول انتهاك الحياة الخاصة الى انتهاك لحقوق الانسان».

واوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» ان السلطات الايرانية تستخدم على ما يبدو هذه القدرات التقنية التي زودتها بها شركة «نوكيا سيمنز نتووركس» التي قال ناطق باسمها انه حين يجري بيع شبكات ما يتم تزويد الجهة الشارية «من ضمنها القدرة على اعتراض الاتصالات التي ترد عبرها».

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/حزيران/2009 - 6/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م