الثورة المخملية.. المفهوم والتجارب

اعداد: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: أياً كانت محصلة الثورات التي تحدث  فهي غير كافية، إن لم يكن هناك تغيير إيجابي حقيقي، إذ ان الثورات تتطلب تغييراً جذرياً في بنية المجتمعات وتوجهاتها، ومع قيام هذه الثورات ما زال الطريق طويلا وشاقاً أمام فكر الإنسان ليستطيع أن يكرس ثقافة اللاعنف والسلم عند القيام بثورة ما، وخصوصا في وقت تعمل آلة القتل على إسقاط المنظومة الفكرية الإنسانية التي تخلق الثقافة والفكر.

الثورة المخملية مفهوم جديد ظهر في العقود الأخيرة وبرز في الايام الاخيرة مع اتهام الحكومة الايرانية للدول الغربية في التخطيط لثورة مخملية في ايران تهدف الى اسقاط نظام الجمهورية الاسلامية عبر تحرك شعبي في الشوارع..

ويرى البعض أن الثورة المخملية بدأت مع بداية عهد جديد في مرحلة ما بعد الاشتراكية السوفيتية وتدشين مرحلة النظام العالمي الجديد والعولمة، حيث أحدثت سلسلة من الثورات المخملية  نشرا للديمقراطية حول العالم على مدى أكثر من ثلاثين عاماً.

مصطلح الثورة المخملية

برز أسم الثورة المخملية في مطلع التسعينيات، عندما استطاع المجتمع المدني في أوروبا الشرقية والوسطى من تنظيم إعتصامات سلمية للإطاحة بالأنظمة الشمولية. وسميت الثورة المخملية أو الثورة الناعمة؛ وذلك لعدم تلوثها بالدم واستخدام العنف. مما دعمت هذه التحركات مفهوم المجتمع المدني ووضحت أهميته في رسم السياسات الخارجية والداخلية لهذه الشعوب، دون حصرها في إطار حكومي، حتى أصبح دور المجتمع المدني كبيرا في مقاومة الأستبداد والطغيان من خلال الفعاليات السلمية.

 ونجد أن الثورات المخملية حدثت في كثير من البلدان، ففي جورجيا وصربيا وأوكرانيا وروسيا ولبنان حيث سعت كل واحدة منهم لإيجاد نظام تعددي ديمقراطي. بيد أن هذه الثورات كلفت أصحابها كثيراً. حيث إعداد السكان سياسيا واقتصاديا وتهيئة النفوس للإطاحة بالحكم.

ففي تشيكوسلوفاكيا دلت الثورة المخملية على قوة إرادة الشعب التشيكي الذي بقي تحت سيطرة حكم شيوعي قاهر لأكثر من 40 عاما, حتى تخلص فيما بعد منه.

فقد كانت قبضة الحكم الشيوعي محكمة حتى عام 1989. عندما أصبحت الحركة الشعبية المعارضة قوية، وخلال الفترة بين 1977 حتى عام 1992, سُمِّيت هذه الحركة بِ: عَقْد ال77 نسبةً لوثيقة أصدرها نفس الحزب عام 77 والتي تم توزيعها ذلك العام في تشيكوسلوفاكيا. في نهاية عام1980, ومع تراجع شعبية الشيوعية الشرقية, وجد أعضاء حركة 77 فرصة مهمة نظموا قوى المعارضة ضد النظام الشيوعي الحاكم. حيث شاركت قوى فاعلة لتغيير الحكم من الشيوعية الى الديمقراطية حتى قامت الثورة المخملية بين 16 نوفمبر إلى 29 ديسمبر 89: بعد تنظيم المظاهرات الطلابية التي  قوبلت بالرد العنيف من قوى الأمن، وغيرها من الفعاليات.

أما في عام 1993 تم تقسيم الدولة إلى تشيك وسلوفاكيا. ويسمى التشيك الثورة بالمخملية بينما السلوفاك يسمونها بالناعمة. وأحيانا يُطلق على التقسيم بالطلاق المخملي!

أما في أوكرانيا نجد أن الأوكرانيين قاموا وحدهم بالثورة, بمساعدة بسيطة من اصدقائهم الغربيين فقد كانت الثورة البرتقالية والتي سمين بالثورة المخملية أيضا سلمية خالية من أعمال العنف.

فقد دخل انتصار الثورة التي أطلق عليها البرتقالية في اوكرانيا والتي أطلق الليبراليون الروس على ثورة الشعب الأوكراني اسماً آخر اكثر واقعية هو الثورة المخملية لأنها كانت مثالا يعطي الجماهير الأوكرانية شرعية عن الطريق السلمي للوصول إلى أهدافها.

ففي روسيا شكلت الثورة المخملية اساسا للعمل الجماهيري السلمي الذي أقلق الروس وأقلق الكثير من الأنظمة. حيث دعم الكرملين مجموعات شبابية لمنع قيام ثورة مخملية.

أما في إيران فقد عبر مرشد الثورة السيد الخامنئي، عن قلق النظام في إيران من مصير يشبه ما احدثته الثورات 'المخملية' في اوروبا الشرقية وحمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.

فيما أكد النائب الأول للرئيس الإيراني أحمدي نجاد الدكتور براويز داودي أن مؤامرة الاستكبار وقوى الغطرسة العالمية للتحضير بما أسماه  الثورة المخملية في إيران خطأ تأريخي عظيم قد اصطدمت بمشاركة ودور الشعب الإيراني في الثورة الإسلامية مما أدى إلى فشلها.

وقال مهدي شمران، رئيس مجلس بلدية طهران والمحافظ النافذ لصحيفة همشري ان المشاركة الفريدة من نوعها في ملحمة (انتخابات) 12 حزيران/يونيو اظهرت ان شعار التغيير الذي رفعه (الرئيس الاميركي باراك) اوباما لا مكان له بين شعبنا. واضاف ان هوية ايران لا تسمح باستنساخ اعمى الثورات المخملية والملونة لا تجدي نفعا لدى شعبنا.

واتهم وزير الخارجية الايرانية بريطانيا بلعب دور المخرب في الاحداث التي تشهدها ايران، وقال: ان الغربيين يحاولون فرض شروطهم ومواصفاتهم في الديمقراطية على البلدان الاخرى، ممشيرا الى ان الثورات الملونة او المخملية يجب تحليلها من قبل الخبراء لمعرفة من يقف وراءها، مضيفا ان هناك دولا في العالم اذا لم تصل الى اهدافها تتخذ اسلوب التصفية.

وقال الكاتب والصحافي روبرت فيسك في مقال له في صحيفة الاندبندنت البريطانية محللا خوف السلطات الايرانية من ثورة مخملية في ايران: خلال خطبته لصلاة الجمعة في جامعة طهران، اتى خامنئي على ذكر مخاطر ثورة مخملية ومن ‏الواضح ان القلق كان يساوره عند التفكير في الاطاحة بشكل ديموقراطي بحكومات شرق اوروبية وغرب ‏آسيوية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. ‎ويضيف فيسك ‎ان الثورات ‏‎‎المخملية او الملونة هي وسائل لتداول السلطة من خلال اضطراب اجتماعي، وحدثت ‏ثورات ملونة ومخملية في مجتمعات ما بعد الشيوعية في وسط وشرق اوروبا ووسط آسيا. ويرى فيسك ان المبادرة ‏الى ثورات ملونة كانت تتم عادة عن طريق الانتخابات ووسائلها هي كالتالي:‏‎ ‎

‏1.‏ يأس كامل يصيب نفسية الناس عندما يكونون متأكدين من خسارتهم في الانتخابات‎.‎

‏2.‏ اختيار لون خاص يجري اختياره فقط ليتفاعل معه الاعلام الغربي... واستخدم موسوي الأخضر كلون لحملته الانتخابية وما يزال انصاره يرتدون هذا اللون ‏على اربطة الرسغ ومناديل الرأس‎.‎

‏3.‏ الاعلان عن انه كان هناك غش مسبق قبل الانتخابات وتكرار ذلك بلا توقف بعدالانتخابات ‏والتساهل في نشر المبالغات عن ذلك من جانب الاعلام الغربي، خاصة في الولايات المتحدة‎.‎

‏4.‏ كتابة رسائل الى المسؤولين في الحكومات، والادعاء بحدوث تزوير في الانتخابات. ومن المثير ‏للاهتمام انه في جميع هذه المشاريع الملونة -‏‎ ‎على سبيل المثال في جورجيا واوكرانيا ‏وقيرغيزستان‎ - ‎فان الحركات المدعومة من الغرب كانت تحذر من الاحتيال قبل الانتخابات عن ‏طريق الكتابة الى الحكومات القائمة. وفي ايران الاسلامية، كتبت مثل هذه الرسائل فعلا الى ‏المرشد الاعلى.، كما ينقل فيسك ذلك في الاندبندنت.

من يدعم الثورات الملونة؟

ويتهم البعض جورج سوروس (1930) بدعم الثورات الملونة وهو رجل أعمال أمريكي من أصل يهودي، ورجل البورصة الأمريكي الذي يعتلي المرتبة 99 في قائمة أغنى رجل في العالم وتزيد ثروته عن تسعة مليار دولار.

وظهر اسم سوروس أيضا في دعم ما أطلق عليه «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا، التي نجحت في تنصيب «فيكتور يوشنكو»، الحائز علي لقب «إصلاحي» وفق التعريف الأمريكي، وكان ضمن أعضاء المجلس الاستشاري لمنظمة «المركز الدولي للدراسات السياسية» الممولة من قبل الحكومة الأمريكية عبر «مبادرة التعاون بين بولندا وأمريكا وأوكرانيا» وهي مؤسسة تدعمها الوكالة الأمريكية للتنمية، وتشرف عليها مؤسسة «فريدوم هاوس»، التي تقدم المنح للنشطاء.

واتهم الرئيس الجورجي المخلوع ادوارد شيفارنادزه رجل الاعمال الامريكي ورئيس مؤسسة (المجتمع المفتوح) جورج سوروس بتقديم دعم مالي للجهات المناوئة له التي أجبرته على التنحي من منصبه.

وقال شيفرنادزه في لقاء مع التلفزيون الروسي ان مخطط اقالته اعد له وعمل على تنفيذه بعناية فائقه سوروس نفسه.

وأضاف أن سوروس أعد خطة شاملة لاجراء انتخابات مبكرة و دعم فوز أشخاص جدد سواء في منصب الرئاسة أو البرلمان و انه لم يبخل بالمال اللازم لتنفيذ مشروعه الذي وصفه بانه شبيه بالسيناريو اليوغوسلافي.

وكانت قوى المعارضة الجورجية قد أجبرت شيفاردنادزه تحت ضغط جماهيري وصفته بثورة الورود او الثورة المخملية على التخلي عن منصبه وتقديم استقالته.

ومن خلال ماذكر نفهم أن الثورة المخملية كمصطلح مختلف عليه بين ان يكون حركة شعبية مدعومة من الخارج او حركة شعبية داخلية تهدف الى احداث تغيير جذري سلمي يحقق مطالب الشعب.

......................................

المصادر: ويكيبيديا، كونا، الغد الاردنية، القدس العربي، وكالات

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/حزيران/2009 - 27/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م