توازن سلوك المرأة يصنع الأسرة الناجحة

قبسات من فكر الإمام الشيرازي

 

شبكة النبأ: من الاهداف المهمة التي ركّز عليها الاسلام هو تكوين الأسرة الناجحة كونها النواة الصغرى للمجتمع الاسلامي، او هي الصورة المصغّرة للدولة او المجتمع، فكلما كانت الاسرة ناجحة ومتوازنة ومتفاعلة ومنتجة ستسهم مع الاسر الناجحة الاخرى في تكوين مجتمع ناجح ويصح العكس أيضا، ولكن ثمة اركان مهمة يتوقف عليها نجاح الاسرة ومن أهم هذه الاركان هي المرأة او الأم، فما هي طبيعة دور المرأة الأم في صناعة الاسرة الناجحة؟.

إن توزيع الادوار الأسرية بين طرفي العائلة الاساسين وهما (الرجل والمرأة/ الأب والأم) جاء بما يناسب قدرات كلا الطرفين، ومن الصعوبة أن يقوم أحدهما بدور الآخر على نحو الديمومة والاستمرار، بمعنى أن دور المرأة التربوي سيُصعب اداؤه على الرجل لا سيما من الناحية العملية وليس التوجيهية، فالدور التربوي للمرأة ينطوي على جانبين:

الأول: الدور التوجيهي.

الثاني: الدور العملي.

ولهذين الجانبين أهمية كبرى في تحقيق الاستقرار العائلي، لكنه غالبا ما يرتبط بالحالتين النفسية والبايولوجية للمرأة، حيث سيؤثر مزاج المرأة بشكل كبير على استقرار العائلة واستعداد افرادها للتطور والانتاج والتفاعل مع الحياة، غير المشكلة التي ستعاني منها المرأة دائما هي تدخل العوامل (الهرمونية) في تشكيل مزاجها الذي سينعكس على طبيعة سلوكها في المحيط الأسري، وفي هذا المجال يقول المرجع الديني الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي رحمه الله في كتابه المهم الذي يحمل عنوان (الصياغة الجديدة):

(ثم إن تبدل أحوال الأم العاطفية تابع لتبدل قسم من الإفرازات الغددية التي قررها الله سبحانه وتعالى في الأم لأجل عدم انسياق حياة الأم العاطفية مما يوجب خللاً وخبالاً في الحياة، فقد ثبت في العلم الحديث: أن المرأة ـ بالإضافة إلى تغيّر حالاتها النفسية والبدنية أثناء الحمل والحيض كما ألمحَ إليهما القرآن الحكيم- تطرأ عليها تغيرات بسبب الإفرازات التي تفرزها الغدد مرتين في كل شهر، فإنها تفرز في كل شهر هرمونات تسمى بـ(هرمونات الأمومة) وتبقى فاعليتها لمدة أربعة عشر يوماً أو خمسة عشر يوماً وتصل إلى ذروتها في الأيام الأخيرة حيث نرى المرأة تعامل الجميع كأنهم أولادها الصغار وتكلأهم بحنانها وعطفها، ثم بعد ذلك تنقلب نفس المرأة إلى امرأة أخرى، حيث تفرز الغدد هرمونات الأنوثة فترة شبيهة بفترة هرمونات الأمومة السابقة وعندما تصل هرمونات الأمومة ذروتها ينقلب البيت جحيماً لا يطاق، إذ تعمل الغيرة النسائية عملها وتعكر الجو العائلي).

إن المشكلة التي ستبرز في هذا الجانب هي عدم قدرة الام او المرأة على التحكم بسلوكها ومزاجها ايضا كون ان ما تقوم به خارج سيطرتها، في حين سينظر الرجل والاولاد وحتى البنات الى سلوك الام بنوع من الاستغراب، حيث يقول الامام الشيرازي :

(وكثيرا ما يأخذ العجب الرجال والأولاد من أن تلك الأم الوديعة والزوجة الحنونة كيف انقلبت هكذا شرسة شديدة الحساسية والانفعال والتهجم؟! بينما الغالب يغفلون عن حقيقة أن تغير الحالات المزاجية تابع لتغير إفراز الهرمونات الداخلية).

لكننا سننظر دائما كأعضاء في الاسرة الى دور الام بكثير من الجلال والتقدير والأهمية، لأنها هي العنصر التربوي الأهم وهي النموذج الأفضل في الحنان والعطف والتوجيه، وهي التي غالبا ما تضفي على الجو الاسري طابعا من الوئام والاستقرار الذي يقود بدوره الى حث افراد العائلة على التطور والنجاح كل في مجال عمله، لهذا ينظر الجميع الى اهمية التوازن في دور المرأة الأسري، وفي هذا الصدد يقول الامام الشيرازي رحمه الله في الكتاب نفسه:

(فالإنسان محتاج إلى يدين: يد الشدة، ويد اللين، وهذه الحالة موجودة في ذات المرأة أيضاً على تفصيل مذكور في الكتب المعنية بهذا الشأن).

بمعنى ان الموازنة بين الشدة واللين ينبغي ان تكون من سمات المرأة ايضا، فالعاطفة وحدها لا تخلق عائلة ناجحة، كما ان الضبط والربط والقوة والتسلط تقف بالضد من ذلك، ولهذا تكون الموازنة بي عنصري العاطفة والعقل مهم جدا بالنسبة للمرأة كأم وبالنسبة للرجل كأب لمواصلة دورهما الناجح في بناء الاسرة الناجحة.

ولعل اهمية التوازن المذكورة تكمن ايضا في انعكاسها على الابناء والبنات من الناحيتين الوراثية والمكتسبة، حيث يقول الامام الشيرازي رحمه الله عن هذا الموضوع:

(فجذور الإنسان إلى أبيه وأمه تولّد له حالة وجدانية متوسطة بين -الوجدان الأصولي والوجدان العاطفي- حيث إن كلاً منهما ضروري في الحياة، لكن هذين الوجدانين في داخل الرجل يختلف عنهما في داخل المرأة، حيث إنه في داخل الرجل يترجح الوجــدان الذكوري، بينما في داخل المرأة يترجح الوجدان الانثوي، ولذا نجد عند الآبــاء أيضاً بعض العاطفة، كما نجد عند الأمهات أيضاً بعض القوانين والضوابط).

من هنا تظهر اهمية التوازن لدى الام او المرأة على وجه العموم كونه سيضفي اجواء مستقرة مشجعة تحث الابناء والبنات على الانتاج الافضل سواء في مجالات الدراسة او مجالات الانتاج كافة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/حزيران/2009 - 25/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م