غزة: انفجار سكاني وحصار الإحتلال يحاصره

 

شبكة النبأ: أشارت نتائج آخر إحصاء للسكان الفلسطينيين إلى أن عدد سكان قطاع غزة قد ازداد بنسبة 40 بالمائة تقريبا بين عامي 1997 و2007. وأظهر الإحصاء، الذي أُجري قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، أن عدد سكان القطاع كان قد بلغ 1.4 مليون نسمة عام 2007، وذلك مقارنة بحوالي مليون نسمة فقط عام 1997.

من ناحية اخرى أكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي ان الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة جعل هذه المنطقة على شفير كارثة، منتقدة بشدة ايضا الفصائل الفلسطينية لانتهاكها حقوق الانسان.

 وقد قدَّر المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء المعدل السنوي للنمو السكاني في القطاع بنسبة 3.3 بالمائة، وتوقَّع أن يتضاعف عدد السكان خلال 21 سنة إذا ما استمرت الزيادة بهذا المعدل. يُشار إلى أن الأمم المتحدة تقدِّر المعدل الحالي للنمو السكاني في العالم بنسبة 1.17 بالمائة.

وقال المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء، ومقره الضفة الغربية: "إذا ما افترضنا وجود معدل مستقر للزيادة السكانية خلال السنوات المقبلة، فإن عدد سكان قطاع غزة سيتضاعف في غضون 21 عاما."

هذا وقد أفضى الإحصاء إلى نتائج متباينة أحيانا بما يتعلق بعدد سكان القطاع، فالغالبية المطلقة من السكان، أي 67.9 بالمائة، واصلوا تسجيلهم لدى الأمم المتحدة كلاجئين عام 2007، بينما كانت نسبة المسجلين لدى المنظمة الدولية عام 1997 هي 65.1 بالمائة. إلا أن أوضاع التربية والتعليم ومحو الأمية أظهرت نتائج وعلامات تحسن طيِّبة، حسب الإحصاء. بحسب رويترز.

فقد أظهر الإحصاء أن نسبة الأطفال الذين يتجاوز سنهم الـ 10 سنوات وما زالوا غير قادرين على القراءة انخفضت من 11.3 بالمائة عام 1997 إلى 5.5 بالمائة عام 2007، بينما ازدادت نسبة من كانوا يتلقون التعليم المدرسي من 62.8 إلى 70.6 بالمائة خلال نفس الفترة.

يُذكر إلى أن النتائج الأولية للإحصاء المذكور كانت قد نُشرت في شهر فبراير/شباط من العام الماضي.

ووفقا لتلك النتائج، فإن عدد سكان قطاع غزة والضفة الغربية مجتمعتين، بما في ذلك القدس الشرقية، بلغ 3.8 مليون نسمة.

هذا ولم يقم المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء بعد بنشر النتائج النهائية للإحصاء، والتي تتعلق بالضفة الغربية والقدس الشرقية.

غزة على شفير كارثة بعد الهجوم الاسرائيلي

من ناحية اخرى أكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي ان الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة جعل هذه المنطقة على شفير كارثة، منتقدة بشدة ايضا الفصائل الفلسطينية لانتهاكها حقوق الانسان.

وقالت المنظمة ان العملية العسكرية الاسرائيلية بين 27 كانون الاول/ديسمبر و18 كانون الثاني/يناير ردا على اطلاق الصواريخ الفلسطينية على الدولة العبرية، جعلت قطاع غزة على شفير كارثة انسانية.

ودانت المنظمة الدولية المدافعة عن حقوق الانسان الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة والذي تم تشديده بعدما سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على القطاع في حزيران/يونيو 2007.

واكدت ان الحصار "فاقم وضعا انسانيا هو صعب اصلا، والمشاكل الصحية والفقر وسوء التغذية لدى مليون ونصف مليون من سكان" القطاع. بحسب فرانس برس.

واضافت ان "بين المحتجزين في غزة جراء الحصار اشخاصا يعانون امراضا خطيرة تستدعي علاجا طبيا غير متوافر في غزة، ومئات من الطلاب والعمال يأملون الدراسة او السفر للعمل في الخارج".

واستشهدت بحالة الفلسطيني محمود ابو عمرو (58 عاما) الذي كان يعاني السرطان وتوفي في تشرين الاول/اكتوبر بعدما تم رفض خروجه من غزة لدواع امنية. وبعد اسبوع من ذلك، اعطت اسرائيل موافقتها.

وقبل الحرب، قتل نحو 450 فلسطينيا واصيب الالاف على يد القوات الاسرائيلية، معظمهم خلال الاشهر الستة الاولى من العام 2008.

وفي نهاية العام نفسه، كان نحو ثمانية الاف فلسطيني داخل السجون في اسرائيل، بينهم 300 قاصر و550 معتقلا من دون اتهامات ولا محاكمات في اطار نظام الاعتقال الاداري، علما ان بعض هؤلاء معتقل منذ اكثر من عشرة اعوام.

من جهة اخرى، دانت منظمة العفو انتهاكات حقوق الانسان من قبل قوات الامن الفلسطينية وحماس والسلطة الفلسطينية، متهمة اياها بتنفيذ اعتقالات تعسفية والقيام باعمال تعذيب والمساس بحرية التعبير.

غزة تنتج البطيخ والبصل سعياً للاكتفاء الذاتي

وتسعى الحكومة الفلسطينية المقالة التي تديرها حركة حماس الى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الخضروات والفواكه في قطاع غزة المحاصر، حيث بدأت بمنع استيراد بعض المنتوجات المزروعة محليا من اسرائيل.

وقال محمد الاغا وزير الزراعة في الحكومة المقالة لوكالة فرانس برس الثلاثاء "رغم الحصار بدانا خطة من اجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتوجات الزراعية حيث نقوم بزراعة الخضروات والفواكه" وتابع "اولى نتائج الخطة ظهرت بمنتوج البطيخ والبصل".

واشار الاغا الى ان الاكتفاء الكلي سيتحقق في عام 2019 القادم بحيث لا يستورد حينها قطاع غزة اي منتوجات زراعية من الخضروات والفواكه من اسرائيل او الخارج.

وللمرة الاولى وفقا لوزارة الزراعة تمتلئ اسواق غزة بمنتوج محلي من البطيخ والشمام والبصل دون استيراده من اسرائيل.

وقد شجع قرار الحكومة المقالة منع استيراد البطيخ المزارع اياد معروف لمضاعفة زراعته من هذه الفاكهة في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة. بحسب فرانس برس.

فقد بدأ المزارع البالغ من العمر 67 عاما بزراعة 70 دونما من البطيخ الاسبوع الماضي في منطقة السيفة في بلدة بيت لاهيا.

ويامل معروف في ان يستمر منع استيراد البطيخ من اسرائيل "حتى نتمكن من بيع منتوجنا من البطيخ (..) ضاعفنا حجم زراعتنا ونامل من المواطن دعم منتوجنا الوطني".

ويؤكد اشرف عاشور وهو تاجر فواكه وخضروات في غزة "هذا الموسم لم نستورد بطيخ او شمام من اسرائيل لان المنتوج الوطني يغطي الحاجة حيث نبيع في محلاتنا يوميا 10 أطنان من البطيخ والشمام".

ويشير هذا التاجر الى ان 40 شاحنة على الاقل بواقع 150 طن من البطيخ يتم انتاجه يوميا من مزارع جنوب غزة للسوق المحلي.

ويعتقد عاشور وهو في الثلاثينات من عمره ان الشمام في غزة "جيد وناجح جدا، لكن البطيخ الاسرائيلي لازال افضل بقليل ونامل ان تتطور الزراعة ليصبح المنتوج افضل لدينا".

لكن وفاء ابو اسماعيل التي كانت تشتري البطيخ من محل في حي الرمال في غزة تعتبر ان "البطيخ اقل جودة واعلى سعرا..نحتاج الى تخفيض الاسعار خصوصا ان نسبة البطالة عالية".

أطفال ينقّبون في القمامة في قطاع غزة بحثا عن قوت يومهم

وفي اطار انتهاكات حقوق الطفل الفلسطيني وهضم حقوقه، تحوّلَ الصغار في غزة الى منقبين في القمامة بعد أن ازدادت صعوبة ايجاد عمل في القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس).

وقال يوسف الريفي (15 عاما) وهو يبحث وسط كومة من القمامة عن قطعة بلاستيك او قطعة معدنية يمكنه بيعها "عندي خمس شقيقات وثلاثة أخوة ووالدي عاطل."ويجد أطفال آخرون أحذية أو ملابس متسخة.

ويدفع تجار الخردة المحليون شيكلا واحدا (0.25 دولار) لكل كيلوجرام من قطع البلاستيك والمعادن التي يجمعها الاطفال.

ورغم ان قطاع غزة كان دائما يعاني من الفقر وكان الصغار عادة يبيعون السجائر والعلكة على مخارج الشوارع إلا ان مشهد الاطفال الذين ينقبون في القمامة لم يكن من قبل جزءا من الحياة اليومية للقطاع.

لكن الصعوبات الاقتصادية زادت منذ أن شددت إسرائيل إغلاق المعابر التي تسيطر عليها بموجب اتفاقات سلام مؤقتة مع الفلسطينيين ردا على سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس)على القطاع في عام 2007.

ويقول مسؤولون فلسطينيون ان مئات المصانع أغلقت في قطاع غزة حيث يقيم فيه 1.5 مليون نسمة. وقدر صندوق النقد الدولي معدل البطالة في القطاع في عام 2008 بنحو 40 بالمئة. ويقدر مسؤولون واقتصاديون فلسطينيون المعدل بنحو 70 بالمئة. بحسب فرانس برس.

وقال أيمن (18 عاما) شقيق يوسف "ما كنت سأجبر على العمل وسط هذه القذارة لو وجدت أي عمل آخر."

وقال ان ما يعثرون عليه عادة ما يكون محدودا لأن الناس لا يملكون مالا لشراء منتجات جديدة لذلك يحجمون عن التخلص من القديم حتى لو لم تكن له قيمة تذكر.

وتفرق المنقبون في القمامة عندما جاءت جرافتان تابعتان للبلدية لتحميل القمامة في شاحنات لنقلها الى خارج المدينة.

وقال والد يوسف وأيمن "ذات يوم سحقت جرافة طفلا كان ينقب في القمامة. أشعر بقلق شديد عندما يتأخران في العودة الى المنزل."

حصار الاحتلال يهدد حياة مئات المرضى في غزة

وفي نفس السياق حذرت دوائر طبية رسمية فلسطينية من أن نفاد بعض الأدوية نتيجة الحصار الإسرائيلي يهدد حياة مئات مرضى الكلية في القطاع.

وقالت وزارة الصحة في الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس أمس إن نفاد أصناف كثيرة من الدواء ومنها محاليل غسيل الكلى خلال ثلاثة أيام سيهدد حياة أكثر من 600 مريض يقومون بغسيل الكلى بينهم 200 طفل.

ونقلت صحيفة القدس العربي اللندنية عن بيان للوزارة قالت فيه إن أصناف الأدوية التي أصبح رصيدها صفرا ونفدت من المخازن ارتفع هذا الشهر ليصل إلى 65 صنفا فيما بلغ الشهر الماضي 61 صنفا.

وأكدت أن هذا كله جراء تداعيات "الحصار الجاثم" على غزة المفروض من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وزاد البيان أن  الحصار "يلقي بظلاله الخطيرة على القطاع الصحي ويهدد حياة العشرات من المرضى الموجودين على أسرة المستشفيات في غرف العناية الفائقة".

وأوضحت الوزارة أنه بسبب نقص الدواء قامت بتقليص عدد مرات غسيل الكلى للمرضى من ثلاث مرات أسبوعيا إلى مرتين جراء تعطل الأجهزة الخاصة بالغسيل. مشددة على أن عملية الغسيل ستتوقف الآن بشكل كامل عن العمل بعد نفاد المحاليل.

ووجهت الوزارة نداء استغاثة إلى كافة المنظمات الإنسانية والدولية والصليب الأحمر والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لـ "التدخل الفوري والعاجل من أجل فتح المعابر والسماح بإدخال هذه الأجهزة لإنقاد حياة المرضى قبل فوات الأوان".

اطفال غزة المعوّقين يبحثون عن اطراف صناعية

بات حلم غسان في المشي ممكنا بعد ان قرر مركز الاطراف الصناعية في غزة تركيب طرفين صناعيين له بدلا من ساقيه اللذين فقدهما خلال الحرب الاسرائيلية الاخيرة.

ويقول غسان (14 عاما) بصوت متهدج "الاطراف (الصناعية) هي الحل" ويتابع باكيا "اريد ان امشي والعب كرة (قدم) مع اصحابي".

ولا يزال هذا الصبي تحت تاثير الصدمة اثر اصابته بقذيفة دبابة اسرائيلية بينما كان في منزله في الخامس من كانون الثاني/يناير. فقتل شقيقه وابن عمه، واصيبت والدته وشقيقه علي.

ووصل غسان الى مركز الاطراف الصناعية على كرسي متحرك بمساعدة شقيقه علي (27 عاما) على امل الحصول على طرفين صناعيين تمكنانه من المشي، بعد ان فشلت كل الجهود لنقله الى الخارج.

ويقول حازم الشوا مدير المركز الذي تأسس عام 1976 لوكالة فرانس برس "سنساعد غسان، والاطباء قرروا انه يمكن تركيب طرفين صناعيين له"، مضيفا "لدينا 5000 حالة مماثلة بينها 250 من جرحى الحرب الاسرائيلية (بين 27 كانون الاول/ديسمبر 2008 و18 كانون الثاني/يناير 2009).ولن يستطيع غسان دفع ثمن الطرفين الصناعيين اللذين تبلغ تكلفتهما 200 دولار لان والده عاطل عن العمل.

لكن الشوا يؤكد ان مركزه الذي يبيع الاطراف الاصطناعية باقل من سعر الكلفة يسعى لتوفير التغطية المالية من منظمات دولية. بحسب فرانس برس.

ومنذ الحرب تفاقمت معاناة هذا المركز بامكاناته المتواضعة، وهو الوحيد في قطاع غزة القادر على توفير المواد اللازمة لتجهيز الاطراف الصناعية بسبب الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة.

ويقول الشوا ان مركزه تسلم الخميس "للمرة الاولى منذ الحرب جزءا بسيطا من مواد ومعدات نحتاجها، قمنا بشرائها من شركة المانية".

وقد نجحت سلمى (28 عاما) في تركيب ساق صناعية في مستشفى في مصر، وهي باتت قادرة على المشي بعدما كانت فقدت ساقها اليسرى في غارة اسرائيلية قرب منزلها شرق غزة.

ولكن سلمى التي تدربت على المشي في المركز في غزة جاءت هذه المرة سيرا على الاقدام وهي تدفع قريبها حسن (11 عاما) على كرسيه المتحرك.

وتقول سلمى "جئت الى المركز لمساعدة حسن بعدما اصيب بشلل في القدم في الحرب" مضيفة "تدربت هنا وتمكنت من المشي، ولن احتاج لاحد بعد اليوم لمساعدتي، لكن حسن بحاجة لمساعدتي وهذا ما اقوم به".

ووفق احصائيات وزارة الصحة في غزة خلفت الحرب 1200 شخض اصيبوا ببتر في الاطراف.

ويشير الشوا الى ان عشرات الجرحى تمكنوا من السفر الى الخارج لتركيب اطراف صناعية "وغالبيتهم بحاجة للمتابعة في مركزنا".

ويعمل 11 فنيا من بين 22 موظفا في هذا المركز غير الحكومي في ظل تزايد عدد المحتاجين لاطراف صناعية بعد الحرب.

وفي ورشة تجهيز الاطراف الصناعية المزدحمة باجهزة ومعدات غالبيتها قديم ينشغل نبيل فرح مدير الورشة في اعداد ساق صناعية لشاب كان ينتظر في العيادة.

ويقول فرح "نعاني من نقص يفوق ال50% في المواد والمعدات، بعض الاشياء الصغيرة مثل مربط حديدي لا تدخل احيانا عبر المعابر (الاسرائيلية) يمكن ان تعيق تجهيز طرف صناعي لعدة اشهر".

واوقف مركز الاطراف الصناعية في غزة كليا التنسيق والتعاون مع نظيره في اسرائيل بعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 لاسباب "امنية" حسب الشوا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/حزيران/2009 - 14/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م