الهويّة الثقافيّة والذوبان في الآخرين

 

شبكة النبأ: تحرص الأمم والشعوب على تأطير هويتها الثقافية بخصوصية غير قابلة للخرق والذوبان في الثقافات الاخرى ويجتهد علماؤها ومثقفوها لتعميق مقومات الهوية المذكورة وترصينها وجعلها ذات قدرة على التلاقح مع الثقافات الاخرى وقدرة على حماية نفسها من الذوبان والتلاشي في غيرها من الثقافت.

ويقول احد الكتاب حول هذا الموضوع الهام:

تختلف الثقافة من عقيدة إلى عقيدة أخرى، ومن شعب إلى شعب آخر، ومن مرحلة زمنيّة إلى مرحلة زمنيّة أخرى..

فالثقافة الأوربية الرأسمالية، تختلف عن الثقافة الماركسية.. وهاتان الثقافتان تختلفان عن الثقافة الاسلامية... إلخ.

ونقصد بالهويّة الثقافية: نوع الثقافة، فللثقافة الاسلامية، مثلاً، هويّتها الخاصة بها، أي نوعها الخاص، فهي ثقافة تقوم على أساس الايمان بالله تعالى، وبالوحي والنبوّات واليوم الآخر... إلخ..

والثقافة المادية هي ثقافة تقوم على أساس الإلحاد، ونكران وجود الله تعالى والأديان وقيم الأخلاق... إلخ.

وبهذا المعنى فإن منظومة عقائد وسلوك الانسان الذي يعيش في المجتمع الاسلامي ستختلف قطعا عن منظومة سلوك وعقائد وتفكير الانسان الذي يعيش في امة اخرى، وهنا ستتكون مجموعة من الضوابط التي تتشكل منها الهوية الثقافية التي تميز هذه الامة او تلك عن غيرها.

فالمثقّف المسلم، هو الشخص الّذي تكوّنت لديه ثقافة ومعرفة على أُسس إسلامية.. وتظهر آثار ثقافته في سلوكه، وكتابته إن كان كاتباً أو مؤلِّفاً، وفي حديثه عندما يلقي محاضرة أو يدير ندوة، أو يتحدّث في اجتماع، أو يدخل في حوار ثقافي..

والمثقّف المسلم، هو الشخص الّذي تكوّنت لديه معارف اسلامية من القرآن الكريم والسنّة والسيرة النبويّة المطهّرة والتأريخ والفقه والعقيدة والفكر الاسلامي. فصار يفهم المعرفة في ضوء ثقافته التي استقاها من مبادئ وقيم الاسلام الحنيف.

فهو يفهم كمثال الحريّة والسياسة والأخلاق وعلاقات الرّجل بالمرأة والسلوك الاجتماعي... إلخ، على أُسس اسلامية، ويفهم الاُمور، ويفكِّر بها وفقا للطريقة الاسلامية، ويقيسها بمقياس الحلال والحرام، والايمان بالله، وتوافقها مع العقل العلمي السّليمومن هذا كله سوف تتشكل الهوية الثقافية التي تنطوي على مبادئ متنوعة في الدين والاعراف والاخلاق وما شابه ذلك.

وحين نتحدث عن أهمية حماية الهويّة الاسلامية، فإن العلماء والمفكِّرون والاُدباء والفنّانون ورجال الصحافة والإعلام الاسلاميون هم من يتحمّل مسؤولية حفظ الهويّة الاسلامية من خلال ما ينتجونه من كتابات، ونتاجات فكرية وأدبية وفنية.. كما تتحمّل المدارس والجامعات والدولة هذه المسؤولية..

وقد أنتج المفكِّرون والعلماء والاُدباء والفنّانون الاسلاميون نتاجات واسعة من الكتب والصحف والمجلّات والأعمال الفنية وبرامج الإذاعة والتلفزيون الثقافية... إلخ، من أجل تكوين ثقافة اسلامية..

فكتبوا في العقيدة الاسلامية، وفي الحرِّية، وحقوق الانسان، والمرأة في الاسلام، وفلسفة العبادات، وفي معارف القرآن والحديث النبوي، وفي النظام السياسي والاجتماعي والتربوي والاقتصادي في الاسلام، كما كتبوا في الفقه والسيرة النبوية والأخلاق والقصّة والمسرحيّة والشعر والفنون والآداب والتاريخ الاسلامي... إلخ.

وقاموا بالدِّفاع عن الفكر الاسلامي، وردّ الشّبهات التي يوجِّهها خصوم الاسلام ضدّه، ونُسمِّي المحافظة على الهويّة الاسلامية، بالالتزام الثقافي; لذا فالمثقّف المسلم مثقّف مُلتزم.   

ومما ورد سابقا نستطيع ان نتصور اهمية الهوية الثقافية لامة ما والاهمية القصوى التي تتطلبها خطوات المحافظة عليها والدور الهام الملقى على عاتق النخب الواعية في الامة والمجتمع لدرء خطر الذوبان في الثقافات الأخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/حزيران/2009 - 7/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م