حل العقدة لا تعقيد الحل

محمد علي جواد تقي

ما يزال العراق يواجه الازمات والمشاكل على اكثر من صعيد منذ تاريخ التاسع من نيسان عام 2003، وشهدنا كيف ان المجتمع العراقي خاض عباب هذه الازمات بكل عزيمة واصرار وهو يحمل مشعل الأمل بالتغيير والتطور، لانه مدرك ان الازمات في ذاتها ليست المشكلة بل هي من ركام الاخطاء والاسقاطات التي خلفها نظام صدام البائد. وقد ابدى استعداده بكل رحابة صدر لتقبل ثمن التغيير الكبير، انما المشكلة في عدم وجود حلول موضوعية لتلك الازمات وحتى هذه اللحظة.

ومن هذه المشاكل والازمات التي بدأت تستفحل بشكل خطير هي مشكلة اجتماعية متعلقة بالشباب والجنس، حيث بدأت تتسرب انباء عبر بعض وسائل الاعلام تفيد بوجود حالات شذوذ جنسي لدى بعض الشباب وفي بعض البلاد، واطلق عليهم بـ (الجراوي) وهو في اللهجة العامية العراقية يطلق على صغار الكلاب ومفرده (جرو)! واول رد فعل تناقلته وسائل الاعلام هو تنفيذ حكم الاعدام والتصفية الجسدية لعدد من اولئك الشاذين من قبل مجهولين، تحت غطاء (غسل العار).

لكن لا يفوت الذين يغسلون العار وايضا الحريصون على سمعة العراق وشعبه وقيمه الاخلاقية، ان هذه القضية تخضع لمعادلة العلّة والمعلول والسبب والنتيجة، وان ليس في نيتنا الخوض في المصطلحات الفلسفية، لكن لا بأس من القاء مزيد من الضوء على هذه الظاهرة علّنا نصل الى حل جذري يحفظ كرامة وحقوق الجميع، لننظر – مثلا لا حصرا – على ظاهرة التسول التي يمر الجميع منها مرور الكرام لانها ربما تعد من الظواهر السيئة والصامتة، سنجد انها ترتبط بشكل وثيق بالفقر وهو بدوره يرتبط بمجمل الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلد واي بلد في العالم، كما هو الحال بالنسبة للزنا المنتشر في بعض البلاد وارتباطه بالزواج، واينما وجدنا الفقر والحرمان نجد الى جانبه التسول، واينما وجدنا ظاهرة تعقيد الزواج والعنوسة وغيرها وجدنا انتشار الطلاق وايضا الزنا ولو بدرجات متفاوتة.

ان مشكلة الجنس في العراق ليست مشكلة حقيقية واساسية بالمعنى الدقيق للعبارة، اي ليست مثل ظاهرة الادمان على المخدرات التي تنخر في اسس بعض المجتمعات وتهدد كيانها وهويتها الثقافية والدينية، وليس ادلّ على هذا الطابع المحافظ للمجتمع العراقي ويعاضده الانفتاح والتفاعل مع ثقافات العالم، لذا بامكانه ان يستعيد دوره الحضاري القديم بتصدير الثقافة الى العالم وليس الخوف من الثقافات الاخرى، وهذه الميزة بالتحديد تتعرض للتغييب والتشويه – مع الاسف – من قبل بعض وسائل الاعلام. حيث يتم تناول قضية الشذوذ الجنسي على انها نسخة مما هو موجود وبشكل طبيعي في بلاد الغرب، مما جعلنا نقف لا حول ولا قوة امام دعوات لاختراق (حقوق الانسان). وإعطاء صفة منمقة لغويا لمن يمارس هذه الافعال الشنيعة وهي (المثليين).

اذن، نحن امام ثلاثة خيارات لمواجهة هذه الظاهرة:  الخيار الاول: ما تم تنفيذه وهو خيار القوة والعنف، والخيار الثاني: هو ما نشهده حاليا من الوقوف على التل ومتابعة هذه الظاهرة اعلاميا على شاكلة التعليق على الاحداث الرياضية، فالتشجيع والتنكيل ينتهي الى نتيجة واحدة وهي تكريس هذه الظاهرة وعدّها امرا واقعا في المجتمع، اما الخيار الثالث: فهو النزول الى الشارع وطرق ابواب البيوت التي يعيش فيها (المثليون) حسب التعبير الدارج في  الغرب، او (الجراوي) حسب التعبير العراقي، واعطاء الوعد الحقيقي لكل واحد منهم بامكانية حل المشكلة الجنسية لديه بالزواج اليسير، وتشجيعه على وضع قدمه في اطهر واعظم بناء في الحضارة الاسلامية، وهو ماجاء في الحديث الشريف: (ما بني بناء في الاسلام اعظم من الزواج)، عندئذ تعمر بيوت الزواج وتزهر بالشباب والشابات المؤمنات، فيما تتحول بيوت الرذيلة والانحطاط الى بلقعٍ يبابٍ.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/آيار/2009 - 2/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م