من يضع حد لظاهرة الغش الصناعي في العراق؟

خبراء ومواطنون يطالبون بسن قانون حماية المستهلك

عدسة وتحقيق: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لم يتوقع أبو سليم إن كاسيت دعاء الصباح سيتسبب له الكثير من المعاناة الطويلة مع صاحب متجر الأجهزة الكهربائية، انتهت بمشاجرة اثر التلف الذي لحق بشريط ياس الذي يعتز به كثيرا.

وبدأت تلك المعاناة حسب قول أبو سليم لدى شراءه لمسجل من احد محال بيع الأجهزة الكهربائية المنتشرة في مدينة كربلاء، حيث يقول أبو سليم في لقاء مع (شبكة النبأ):" رغبت مؤخرا باستبدال جهاز المسجل القديم التالف بآخر جديد، فانا استخدم المسجل باستمرار خصوصا عند الصباح، بداية ممارسة عملي وهو النجارة، لغرض التبرك والفأل الحسن، لذا اقتنيت الجهاز الجديد بعد أن بهرني شكله الحديث بمبلغ سبعون ألف دينار".

ويضيف:" لم يمض على تشغيلي للمسجل سوى ساعتين حتى أصابه العطب ولم يعد يعمل، مما تسبب بتلف النسخة الأصلية لكاسيت دعاء الصباح،  فتوجهت إلى صاحب المتجر الذي باعني إياه لكنه رفض استرجاعه، متملصا من مسؤولية ما وقع معي، مبررا تصرفه انه ليس من قام بتصنيع الجهاز".

وتعد ظاهرة الأجهزة الكهربائية المستوردة رديئة المنشأ من أكثر الظواهر انتشارا بعد عام2003، خصوصا بعد الانفلات الذي شهدته المنافذ الكمركية في ظل غياب جهاز التقييس والسيطرة النوعية.

فيما اجمع العديد من الأشخاص الذين صادفتهم إنهم تعرضوا للغش بعد اقتنائهم أجهزة كهربائية تحمل ماركات عالمية مزورة كبدتهم مبالغ مادية دون جدوى.

فمثلا الأستاذ احمد حسين الذي يعمل مدرسا في إحدى ثانويات المدينة وهو من هواة التصوير الفوتوغرافي تحدث عن تعرضه للخداع عندما اقتنى كاميرا ماركة سوني اليابانية بسعر 400 دولار ليكتشف بعد فترة إنها صينية المنشأ بالإضافة إلى كونها رديئة الجودة.

حيث يروي لـ(شبكة النبأ):" عندما حاججت صاحب المتجر جاوبني مستهزأًًً: كل شيء في العراق أصبح صيني وحتى البشر سيكون صينيا عن قريب!".

بعض المواطنين حمّل الحكومة العراقية مسؤولية ما يقع على المواطن من حالات الغش والتزوير وتفشي السلع رديئة الجودة في الأسواق، فضلا عن عدم وجود أي جهة رسمية مختصة في تلقي شكاوي بهذا الخصوص.

فيما حمل بعض المواطنين البرلمان العراقي مسؤولية عدم سن قانون حماية المستهلك حتى الآن وعدم تفعيل الجهات الرقابية.

يقول إبراهيم عبد القادر الموظف في مديرية الاتصالات:" البرلمان العراقي آخر من يفكر بحقوق المواطن، فطيلة الفترة التشريعية لم يسن قانون حماية المستهلك أسوة بمختلف دول العالم المتحضرة، فالمواطن العراقي أصبح صيدا سهلا لجشع التجار دون أي رقيب أو واعز أخلاقي.

من جانبه عزى التاجر فاضل البياتي انتشار السلع الرديئة إلى جملة أسباب يتحملها أكثر من طرف، حيث قال خلال لقاءه مع (شبكة النبأ): " سلبيات ما يحدث في السوق تتحملها الحكومة العراقية بالدرجة الأساس والمستورد العراقي الذي أصبح يهدف إلى الربح السريع دون أي اعتبار للمسائل الأخلاقية ونوع الأضرار المادية والمعنوية التي تلحق بالمواطن الذي يتعرض للخديعة، بالإضافة إلى مسؤولية المواطن في عدم مقاطعة السلع غير الأصلية أو غريبة المنشأ.

اما صباح جاسم الذي يعمل موظف في وزارة الصناعة والمعادن قال: " في فترة ما قبل سقوط النظام السابق كانت هناك أجهزة رقابية فعالة جدا بخصوص مكافحة الغش الصناعي والاستيراد غير الشرعي، فبالإضافة الى جهاز التقييس والسيطرة النوعية الذي كانت معظم البضائع الداخلة للبلد تُفحص من قبله، كان يوجد جهاز آخر يدعى (الأمن الاقتصادي) وهذا الجهاز كانت له صلاحيات كبيرة في ملاحقة وضبط ومعاقبة كافة الشركات والمستوردين والبضائع التي لا تكون ضمن ضوابط الاستهلاك".

وطالبَ جاسم بضرورة إعادة جهاز الأمن الاقتصادي لأنه وحسب رأيه الجهة الفعالة التي تكون على اتصال مباشر مع حالة السوق والمستهلك معاً.

من جانبه يرى الخبير الاقتصادي محمد الصفار إن ظاهرة الغش الصناعي منتشرة في عموم دول العالم دون استثناء لكن معايير مكافحة تلك الظاهرة تختلف بين دولة وأخرى حسب درجة فاعلية أجهزة المراقبة لدي أي بلد.

حيث قال لـ(شبكة النبأ):"  إن ظاهرة الغش الصناعي ظاهرة قديمة وليست وليدة الحدث، والكثير من الدول أسست العديد منظومات خاصة لمكافحة مثل تلك الظاهرة، كما سنت قوانين خاصة بالشؤون التجارية وحالات الاحتيال والتزوير، على عكس الواقع الاقتصادي العراقي، الذي يخلو من مؤسسات رسمية قادرة على الحد من تلك الظاهرة".

وفي سؤال عن كيفية مكافحة الغش الصناعي أجابنا الصفار قائلا:" برأيي أفضل الحلول الآنية هو بتفعيل دور جهاز التقييس والسيطرة النوعية عبر إعادة تأهيل عناصره قليلو الخبرة، فضلا عن الاستعانة بعدد من الخبراء الأجانب ذو الباع الطويل في مثل هذا المضمار، بالإضافة إلى سن قانون حماية المستهلك بما يتلاءم وحفظ حقوق المواطن العراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/آيار/2009 - 28/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م