نكوص موجة الإيثانول مع انخفاض أسعار النفط

الوقود الحيوي ليس أقل ضرراً من النفط وأيامه معدودة!؟

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: قال علماء إن موجة استخدام الإيثانول كوقود حيوي، والتي عمّت العالم العام الماضي على خلفية ارتفاع أسعار النفط والقلق حول الاحتباس الحراري، قد تراجعت بقوة، وذلك ليس بسبب انخفاض أسعار النفط فحسب، بل بسبب الدراسات التي أثبتت أن للإيثانول آثاراً سلبية على البيئة لا تقل عن الوقود الأحفوري.

وكانت صناعة الديزل الحيوي الأوربية الناشئة، قبل عدة سنوات فقط، جذابة لأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة، بعد أن بدأ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بتحديد أهداف لاستهلاك أنواع من الوقود مصنوعة من الذرة، ودوار الشمس، وزيت الطبخ المستعمل، وغير ذلك من المكونات الصديقة للبيئة.

غير أن منتجي الديزل الحيوي لا يصنعون أكثر من نصف الـ 16 مليون طن التي تمثل طاقة مصانعهم الإنتاجية، وفقاً لتقديرات من جانب مجلس الديزل الحيوي الأوروبي، وهو مجموعة خاصة بهذه الصناعة.

نكوص موجة الإيثانول

واستند العلماء في تحليلاتهم بشأن التحذير من الإيثانول، إلى ظاهرة حدثت خلال الفترة الماضية، وتمثلت في قيام المزارعين بالدول المتقدمة بتخصيص مساحات شاسعة من أراضيهم لزراعة الذرة، التي تعتبر المصدر الأساسي للإيثانول، ما دفع مزارعي الدول النامية لقطع المزيد من الغابات بهدف زراعة المواد الغذائية الأخرى التي تراجع إنتاجها.

وفي سياق متصل، خلصت دراسة نُشرت في مجلة "علوم" الأمريكية، بناء على أبحاث أعدها خبراء من جامعتي ستانفورد وكاليفورنيا إلى أن الاستخدامات المفترضة للإيثانول لتسخين المياه أو تشغيل السيارات العاملة بالاحتراق الداخلي، مضرة بالبيئة وغير مجدية أيضاً.

وذكرت الدراسة أن تحويل الوقود الحيوي إلى كهرباء لتغذية السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية مثلاً أفضل بشكل كبير من تحويله إلى إيثانول يُحرق لتوليد الحرارة، مقدرين أن ذلك يقلص الطاقة المهدورة خلال النقل بنسبة 80 في المائة، كما يخفف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمقدار النصف.

وقدرّت الدراسة أن كل 43 ألف قدم مكعب مزروعة بالذرة أو بالشمندر السكري قادرة على توفير طاقة لسيارة كهربائية تعمل بالدفع الرباعي حتى مسافة 1400 ميل، في حين أن المساحة نفسها لن توفر من الإيثانول إلا ما يكفي للسيارة العاملة بالوقود العادي للسير حتى مسافة 900 ميل، وفقاً لمجلة "تايم."

واعتبر خبراء أن هذه النتائج تشير إلى أن أيام الإيثانول قد تكون معدودة، خاصة وأن القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي عام 2007 لدعم إنتاج هذه المادة يشترط أن تكون أقل ضرراً للبيئة من البنزين بنسبة 20 في المائة على الأقل، وهو أمر صعب تحقيقه إذا ما جرى احتساب المساحات الخضراء التي جرى تحويلها إلى أراض زراعية.

الاتحاد الأوربي يفقد حماسته تجاه الديزل الحيوي

حين كان يتم امتداح الوقود الحيوي، قبل أربع سنوات، على أساس أنه طريق المستقبل، افتتح دوج وارد أحد مصانع الديزل الحيوي الأولى في المملكة المتحدة.

أما في أيامنا هذه، فإن مصنع وارد الذي بلغت تكلفته 20 مليون جنيه استرليني (29 مليون دولار، أو 21 مليون يورو)، في نيووارتهيل في أسكتلندا، يعمل بـ 60 في المائة من طاقته، كما أنه يصارع من أجل الوصول إلى نقطة التوازن.

نظراً لعدم قدرته خلال الفترة الأخيرة على جمع أموال من المستثمرين، فقد أجل خططه الخاصة بإقامة مصنع آخر للديزل الحيوي. ويقول وارد، الرئيس التنفيذي لشركة أرجنت إينيرجي: كان الأمر كله سخيفاً على الإطلاق.

كانت صناعة الديزل الحيوي الأوروبية الناشئة، قبل عدة سنوات فقط، جذابة لأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة، بعد أن بدأ الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء فيه، بتحديد أهداف لاستهلاك أنواع من الوقود مصنوعة من الذرة، ودوار الشمس، وزيت الطبخ المستعمل، وغير ذلك من المكونات الصديقة للبيئة.

غير أن منتجي الديزل الحيوي لا يصنعون أكثر من نصف الـ 16 مليون طن التي تمثل طاقة مصانعهم الإنتاجية، وفقاً لتقديرات من جانب مجلس الديزل الحيوي الأوروبي، وهو مجموعة خاصة بهذه الصناعة.

أثناء ذلك أصبحت انهيارات المصانع مثل دي آي أويلز DI Oils في المملكة المتحدة، أو كامبا Campa، وتي إم إي TME في ألمانيا أمراً شائعاً، شأنها في ذلك شأن القصص التي يتم تناقلها عن تفكيك المنشآت الأوروبية الخاصة بذلك، وشحنها إلى الصين. بحسب بي بي سي.

المجرم الرئيسي وراء ذلك واضح أمام كثير من التنفيذيين الأوروبيين: الارتفاع الكبير في استيراد الديزل الحيوي الرخيص من الولايات المتحدة المتمتع بإعانات حكومية غير قانونية، كما يدعون. ويصدر المنتجون الأمريكيون الآن أكثر من مليون طن من الديزل الحيوي إلى الاتحاد الأوروبي سنوياً، مقابل سبعة آلاف طن فقط عام 2005.

يقول أماندين لاكورت، مدير المشاريع في مجلس الديزل الحيوي الأوروبي: أستطيع أن أؤكد لك أنه إذ أمكن التخلص من هذه الإصابة المؤذية في الغد، فإنه صناعتنا سوف تعود إلى تحقيق الربح مرة أخرى.

اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات لتصحيح ذلك الأسبوع الماضي، حيث أعلن عن رسوم مؤقتة مضادة للإغراق، وللمعونات، على الديزل الحيوي المستورد من الولايات المتحدة. وسوف يستمر فرض هذه الرسوم أربعة أشهر، بينما يتم إجراء تحقيق، كما أنها سوف تراوح بين 23,60 – 237 يورو (325 دولاراً أمريكيا، أو 223 جنيهاً استرلينياً) للطن الواحد.

نقص المياه يلقي بظلاله على مستقبل الوقود الحيوي

عندما حلَّ وقت زراعة الذرة في السهول الامريكية فإن هذا يعني أن مزارِع الذرة في كانساس، ميرل ريكسفورد يشعر بالقلق ازاء الاحوال الجوية ويأمل ان تتوفر المياه الكافية..

ويعتزم ريكسفورد البدء في زرعة الحبوب في أرضه ومساحتها سبعة الاف فدان قرب ميد في كانساس وهو سعيد بالعاصفة الثلجية الكبيرة التي هبت في الاونة الاخيرة وأحدثت منسوبا من المياه تشتد الحاجة اليه.

ومثله مثل مزارعي الذرة في شتى أنحاء الولايات المتحدة يأمل ريكسفورد في زراعة محصول جيد هذا العام. ومعظم محصوله سينتهي به الامر عند محطة لاستخراج الايثانول.

وبذلك يجد ريكسفورد نفسه (65 عاما) وسط انقسام مرير بسبب الوقود الحيوي خاصة الايثانول المستخرج من الذرة.

ويقول منتقدون ان كحول الايثانول يستنزف موارد المياه الثمينة في وقت تزداد فيه أزمة نقص المياه. ويقولون ان التفويض الاتحادي الذي يشجع على انتاج المزيد من كحول الايثانول لا يقدم أي مساعدة.

أما المؤيدون يقولون ان الايثانول المستخرج من الذرة ليستخدم كوقود لوسائل النقل أفضل بكثير للبيئة والامن القومي والاقتصاد عن النفط كما أنه الخطوة الاولى تجاه وقود أنظف. بحسب رويترز.

وقال برينت اريكسون نائب الرئيس التنفيذي بمنظمة صناعة التكنولوجيا الحيوية التي تدعم الايثانول "علينا بحق أن نسأل أنفسنا هل نريد أن نقود سياراتنا بوسائل طاقة متجددة أم ببنزين من مشتقات البترول."

ومستقبل كحول الايثانول المستخرج من الذرة تحوم حوله مخاوف من أنه يتطلب كمية كبيرة من الطاقة لانتاجه كما أن تزايد الطلب يجعل من الذرة سلعة غذائية مكلفة بالنسبة للانسان والحيوان. والان في ظل تزايد المخاوف من التغيرات المناخية وتحول الجفاف الى مشكلة ملحة في العديد من المناطق أصبح الاستهلاك الكبير للمياه لاستخراج الايثانول نقطة مثيرة للقلق بشكل متزايد.

وقال بورك بارتون مدير مجموعة سيريس التي تدعمها مؤسسات استثمارية تركز على المخاطر المالية للتغيرات المناخية "الوقود الحيوي ليس مدرجا على الرسوم البيانية المتعلقة باستهلاك المياه. نحن ننظر بالتأكيد لامر العلاج منه قد يكون أسوأ من المرض."

والذرة بشكل خاص محصول يتطلب كمية كبيرة من المياه ويتطلب تربة رطبة لزراعة محصول جيد ولكن معظم محصول الذرة ينمو مع هطول الامطار وليس الري. والمحطات التي تحول نشا الذرة الى وقود تستهلك أيضا المياه.

ووفقا لمعهد الزراعة والتجارة فان محطة استخراج الايثانول العادية تستهلك نحو 4.2 جالون من المياه لانتاج جالون واحد من الايثانول.وتقدر صناعة الايثانول ذلك بنحو ثلاثة جالونات من المياه لانتاج جالون واحد من الوقود.

ويشجع أعضاء الكونجرس الامريكي والبيت الابيض استخدام الايثانول كوقود بديل للمساعدة في تقليل اعتماد البلاد بشكل مكلف على النفط الاجنبي.

ولكن هذه الخطوات تواجه معارضة من العديد من الجماعات التي تشعر بالقلق من امتزاج النمو السكاني بالتغيرات المناخية بطريقة ستجعل ليس فقط الولايات المتحدة ولكن العالم أجمع يعاني من نقص في المياه.

وتقع العديد من محطات انتاج الايثانول في المناطق الزراعية القريبة من مزارع الذرة ولكنها قريبة أيضا من مستخدمين اخرين يحتاجون الى الكثير من المياه مثل مربي الماشية.

وقال مارك مولر بمعهد الزراعة والتجارة "نسير في الاتجاه الخاطيء وهذه المشكلة لن تنتهي... قضية المياه هذه مثل الازمة المالية... وأخشى أن أمرا سيئا سيحدث."وأضاف جيم كلينشميت بالمعهد "استخدام المياه قد يكون عاملا يحد من انتاج الايثانول اذا لم نطبق ونساند المزيد من تكونولوجيا توفير المياه."

وقال بن ليبرمان المحلل البارز لشؤون الطاقة والبيئة بمؤسسة هريتيدج "المياه مصدر قلق... نرى استهلاكا متزايدا للمياه ليس فقط من أجل محطات الانتاج ولكن أيضا لزراعة الذرة."

ولا يشكك مؤيدو انتاج الايثانول في حقيقة أن هذه الصناعة تستهلك كمية كبيرة من المياه ولكنهم يقولون ان محصول الذرة يعتمد على الامطار ولا يستخدم المياه التي تضخ من الارض وحتى وسائل الري تتحسن لخفض استهلاك المياه بنحو النصف. والمزيد من محطات انتاج الايثانول تقلل من استهلاك المياه أيضا. وفي يناير عام 2009 كانت هناك نحو 170 محطة لانتاج الايثانول تعمل في الولايات المتحدة اضافة الى 24 محطة جديدة أو جرى توسيعها.

وأفادت مؤسسة الطاقة المتجددة بأنه في عام 2008 قادت الولايات المتحدة العالم في انتاج الايثانول وقامت بتوليد تسعة مليارات جالون أو 52 بالمئة من الانتاج العالمي بارتفاع عن 6.5 مليار جالون من الايثانول الامريكي عام 2007 . وتأمل الولايات المتحدة انتاج 15 مليار جالون بحلول عام 2015 .

ووفقا لمجموعة سيريس فمن المتوقع أن يزيد استهلاك العالم من المياه النقية بنسبة 25 بالمئة بحلول عام 2030 ويرجع ذلك بشكل كبير الى النمو العالمي للسكان من 6.6 مليار حاليا الى نحو ثمانية مليارات بحلول عام 2030 وأكثر من تسعة مليارات بحلول عام 2050 .

ويعتقد البعض أن تكنولوجيا الوقود الحيوي قد توفر على الاقل حلا جزئيا كما أن العديد من الشركات تتسابق لانتاج ذرة مقاومة للجفاف بما في ذلك شركة مونسانتو التي تأمل اطلاق مثل هذا المحصول عام 2012 .

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 13/آيار/2009 - 16/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م