تعداد السكان في العراق: خريطة للانقسامات العرقية ومصادرة لحقوق المذاهب  

قاعدة بيانات أساسية للانتخابات وإحصاء جميع الجاليات

شبكة النبأ: يجري العراق تعدادا سكانيا في انحاء البلاد في اكتوبر تشرين الاول القادم هو الاول منذ 22 عاما لوضع خريطة محددة للتقسيمات العرقية في خطوة يمكن ان تشجع المصالحة او تؤجج الصراعات التي تهدد الهدوء الهش. ويرى بعض المحللين ان التعداد السكاني بشكله المطروح حاليا قد يثير الانقسامات اكثر باعتباره سيكون عرقيا دون وضع أي اعتبار للمذاهب مما سيؤدي الى ضياع حقوق الاكثرية الشيعية، مما سيؤدي الى تأجيج الخلافات اكثر.

فقد وزير التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي علي بابان بيّن إن التعداد السكاني الذي ستجريه الوزارة سيوفر قاعدة بيانات أساسية للانتخابات البرلمانية المقبلة، مبيناً انه سيتم إحصاء جميع الجاليات العراقية في الخارج والجاليات الأجنبية القاطنة داخل العراق.

وقال مهدي العلاق رئيس الجهاز المركزي العراقي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ان الاحصاء السكاني الاول منذ عام 1987 الذي سيشمل الشمال الكردي سيجري خلال يوم واحد او يومين.

ويعتزم العلاق ارسال ما لا يقل عن 250 الفا من معلمي المدارس الى المنازل في انحاء المدن الرئيسية والقرى الصغيرة لإلقاء الضوء على الشكل الحقيقي للتنوع السكاني في العراق.

وستجعل المسائل المتعلقة بالعرق والديانة من الاحصاء عملا مشحونا بالتوتر في بلد خرج لتوه من سنوات من العنف الطائفي ولا يزال يعاني من نزاعات بشأن السلطة السياسية والاراضي والنفط.

وبعد ستة اعوام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين يعتقد ان تعداد سكان العراق اصبح حوالي 28 مليون نسمة وهو تقدير اعتمد على توزيع الدولة للحصص التموينية.

لكن بعد اعوام من اراقة الدماء التي دفعت ملايين العراقيين الى الفرار من ديارهم بالاضافة الى سياسات عهد صدام التي دفعت بأعداد من العرب للاقامة في الاماكن الاستراتيجية فان التركيبة السكانية للاماكن الحساسة لم تعد واضحة على الاطلاق. بحسب رويترز.

وأتاح مثل هذا الغموض الفرصة للتلاعب السياسي في انحاء البلاد. وربما كان اوضح مثال على تغذية التركيبة السكانية للنزاعات هو مدينة كركوك الغنية بالنفط.

ويقول الاكراد المعتقد انهم يشكلون خمس عدد العراقيين انهم اغلبية هناك ويريدون ان يجعلوا المدينة جزءا من اقليمهم الشمالي شبه المستقل ذاتيا وهي فكرة يرفضها العرب والتركمان في كركوك. وسيكون توزيع السكان في كركوك عاملا حاسما عندما يجري المسؤولون استفتاء بشأن مستقبل المدينة.

وهناك انطباع واضح في مناطق اخرى متنازع عليها مثل محافظتي ديالى ونينوى حيث تسعى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي لفرض سلطة الحكومة المركزية على حساب السلطات الكردية في اربيل. وقال العلاق انه لن يسمح بتدخلات سياسية او دينية او عرقية بل سيكون العمل فنيا صرفا.

وربما يغير الاحصاء ايضا من اعتمادات الميزانية التي يذهب 17 في المئة منها الى كردستان بناء على التقديرات السكانية.

وستكون النتائج الاولية اي مجرد احصاء بسيط للسكان جاهزة خلال بضعة ايام من انتهاء الاحصاء لكن البيانات الاكثر تفصيلا حول الاوضاع العرقية والدينية من غير المتوقع ان تتوفر قبل اواخر شهر يوليو تموز 2010.

وقال العلاق ان الاسئلة الدينية لن تخوض في مسألة الطوائف لذا فان الاحصاء لن يقدم بيانات عن توزيع السنة والشيعة الذين خاضوا صراعا دمويا منذ عام 2003.

وسيتم احصاء النازحين داخل العراق في مقر اقامتهم الحالي لكن سيتم ذكر مكان اقامتهم السابق. وسيشمل الاحصاء ايضا من خلال السفارات العراقية في الخارج ملايين العراقيين الذين هربوا من البلاد.

وقال العلاق انه سيتم فرض حظر للتجول في يوم الاحصاء لضمان اجرائه في بلد لا يزال العنف فيه احد حقائق الحياة اليومية.

وحتى اكثر المدن العرقية امانا تطوقها الجدران الخرسانية ويجوب الجنود شوارعها داخل سياراتهم المدججة بالسلاح.

التعداد السكاني سيوفر قاعدة بيانات للانتخابات البرلمانية

وقال وزير التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي علي بابان إن التعداد السكاني الذي ستجريه الوزارة  في شهر تشرين الأول من العام الجاري، سيوفر قاعدة بيانات أساسية للانتخابات البرلمانية المقبلة، مبينا انه سيتم إحصاء جميع الجاليات العراقية في الخارج والجاليات الأجنبية القاطنة داخل العراق.

وأوضح بابان في حديث لـ نيوزماتيك، أن "التعداد السكاني العام سيوفر للمفوضية العليا للانتخابات في العراق قاعدة بيانات تجعل من عملية الاقتراع والتصويت في مستوى فني جيد يكون أكثر شمولا للناخبين".

وكان رئيس الجهاز المركزي للإحصاء مهدي العلاق قد كشف لـ"نيوزماتيك" في وقت سابق عن تخصيص مجلس الوزراء مبلغ 120 مليون دولار لميزانية التعداد السكاني وعلى مدى ثلاث سنوات، استعدادا لإجراء التعداد السكاني في شهر تشرين الأول من العام الجاري.

 وأضاف بابان أن "التعداد السكاني الذي سيجري في شهر تشرين الأول القادم سيمكن الدولة من الحصول على معلومات وبيانات هامة، ليس فقط فيما يتعلق بالوضع السكاني للعراق، وإنما بخصوص الجاليات العراقية في الخارج أيضا".

وأشار بابان إلى أن "المسح السكاني سيشمل جميع العراقيين بما فيهم عراقيو الخارج والذين سيتم إحصاؤهم بالتعاون مع السفارات العراقية ومكاتب وزارة الهجرة والمهجرين في الخارج وجميع الجهات الأخرى القادرة على التعاون معنا في هذا المجال"، على حد قوله.

ولفت بابان إلى "انه سيكون هناك مسح أيضا لجميع الجاليات الأجنبية في العراق، من الذين يقيمون على الأراضي العراقية وكل من يحمل جنسية غير عراقية".

يذكر أن التعداد السكاني في العراق كان يتم إجراؤه كل عشر سنوات على غرار ما هو معمول به في الدول الأخرى، وكان آخر تعداد سكاني للعراق قد جرى في سنة 1997، وكان من المقرر إجراؤه في سنة 2007، غير أن الوضع الأمني غير المستقر في العراق حال دون ذلك وتأجل إلى سنة 2009.

وزير التخطيط: أجراء التعداد السكاني لإظهار الحقائق التنموية في العراق

و قال وزير التخطيط والتعاون الإنمائي، أن الهدف من أجراء التعداد العام للسكان هو أظهار الحقائق التنموية والاقتصادية في العراق، مشيراً الى انه سيشمل جميع مناطق البلاد والعراقيين في الخارج.

وأوضح علي بابان في مؤتمر صحفي عقده في فندق فلسطين ببغداد على هامش المؤتمر الأول لمناقشة الاستعدادات الجارية لتنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن في العراق لعام 2009، أن “الوزارة وضعت كل طاقاتها وشكلت لجانا متعددة لتنفيذ التعداد العام للسكان في الـ24 من شهر تشرين الاول أكتوبر المقبل، وسيشارك المعلمين والمدرسين في العملية.

وأضاف، خلال مؤتمر صحفي ان “أجراء التعداد السكاني ليس له علاقة بمسألة سياسية معينة، بل الهدف من تنفيذه العام الحالي هو أظهار الحقائق التنموية والاقتصادية في العراق”، مشيراً الى انه سيشمل جميع مناطق العراق وكذلك العراقيين المقيمين في الخارج، على ان عدد المشاركين فيه اكثر من 300 الف عداد تتحمل الاجهزة الامنية توفير الحماية لهم خلال تأدية مهامهم.

وفي معرض رده على سؤال لوكالة أصوات العراق حول تشابه تجربة التعداد التي سينفذها العراق مع تجارب دول أخرى، ذكر بابان ان” التجربة التعداد العام للسكان في العراق ستكون خلاصة تجارب عدة دول كمصر والاردن وغيرها، وقد وضعت بعناية ودقة لمراعاة الوضع الذي يعيشه المواطن العراقي حالياً”.

وبين وزير التخطيط بابان ان “تنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن في العراق استحقاق وطني هام، وأبدى المحافظون خلال اجتماعنا اليوم بهم استعدادهم لانجاح هذه التجربة”، لافتاً الى ان مشاركتهم ستكون من خلال تشكيل لجان عليا تنسق عملها مع وزارة التخطيط لانجاح العملية، وهي فرصة لتفعيل التعاون بين الوزارة ومجالس المحافظات الجديدة لتطوير جهود التنمية في العراق التي تتمثل أولى خطواتها بالتعداد السكاني.

الشيخ محمد باقر الناصري يدعو لإدراج الدين والقومية والمذهب في ورقة التعداد

دعا رجل الدين الشيخ محمد باقر الناصري، إلى أن تحتوي ورقة التعداد السكاني العام المقرر إجراؤه العام الحالي مميزات الفرد العراقي وبما يحدد أديان وقوميات ومذاهب السكان دون أن يتم الإشارة لهذه المميزات في هوية الأحوال المدنية.

وقال الناصري وهو من كبار رجال الدين في جنوبي العراق لوكالة اصوات العراق إن “التعداد فرصة لن تتكرر إلا كل عشر سنين ويجب أن تهتم بإيجاد سجلات تحوي مميزات الشعب العراقي وكل مفرداته من ناحية القومية والدين والمذهب وبما يضمن حقوق الأقليات قبل الأكثرية.

وبين أن “عندها يستطيع المشرع الدستوري الرجوع اليه عند الخلاف وان نغلق على اثر هذا التعداد باب المزايدة بالنسب التي يمثلها مكون احد المذاهب او القوميات.

وعبر الشيخ الناصري عن ادانته لعدم مناقشة مجلس النواب مسألة “انعزالية لجنة التعداد عن الشعب واتخاذها قرارات فوقية لم تراع بها آراء الناس وطموحاتهم ومستقبل البلد”، متسائلا لمصلحة من لا يتم تسمية الأمور بحقيقتها ولماذا الخوف من واقعنا السكاني؟.

وأضاف “يجب معالجة هذه الثغرات ويجب أن يكون التعداد حاسما لنزع فتيل الخلافات حتى ولو تم تثبيت نتائجه في السجلات الرسمية فقط ليكون مرجع للأمة وعدم تأشير الانتماءات على هوية الشخص وعدم الاهتمام بهذا الأمر سيكرس الدعاوى الفارغة عن النسب غير الحقيقية.

وتابع “الان كل فئات الشعب العراقي تشعر بالغبن ولأجل حل هذه المعضلة يجب ان تحوي استمارات التعداد السكاني كل خصائص الإنسان العراقي ويجب تنظيم أمور الأمة وبناء أسس قويه للدولة الديمقراطية الحديثة بما نستطيع كلنا الركون اليه ولا داعي للقلق من الواقع السكاني”.

وزارة التخطيط: التعداد السكاني سيشمل العراقيين في الداخل والخارج

وقال وكيل وزارة التخطيط والتعاون الانمائي، إن عملية التعداد العام للسكان التي ستنفذ في الـ24 من تشرين الاول أكتوبر المقبل، ستتضمن عد جميع الأفراد العراقيين والأجانب الاحياء الموجودين داخل الحدود الجغرافية للدولة العراقية، في لحظة زمنية محددة، إضافة الى عد العراقيين خارج العراق.

وذكر مهدي العلاق لوكالة أصوات العراق، أن التعداد السكاني الذي سينفذه الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط “سيتضمن عد جميع الافراد العراقيين والاجانب الاحياء الموجودين داخل الحدود الجغرافية للدولة في لحظة زمنية محددة، مع عد العراقيين خارج البلاد، الى جانب جمع وتجهيز وتقييم وتحليل ونشر جميع البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بهؤلاء الأفراد ومعرفة توزيعاتهم الجغرافية بخصائصهم المختلفة”.

ويشمل التعداد فعاليات تتمثل في “بناء واستكمال الخرائط وترقيم وعد المباني ومكوناتها، اضافة الى حصر جميع المنشآت الانتاجية والخدمية، وعد سكان المجتمع وجمع الخصائص السكنية والديموغرافية والتعليمية والعلمية”، مشيراً الى “وجود اسلوبين في العد، الاول هو العد الفعلي ويعني عدد السكان في اماكن تواجدهم، والثاني هو اسلوب العد النظري”.

وعن هدف عملية التعداد، قال العلاق “للحصول على بيانات حديثة بشمولية عالية الدقة عن جميع الافراد في لحظة زمنية محددة وعن الخصائص المختلفة للمباني والمساكن والاسر”، مبينا أن “نتائج التعداد، تعد الحجر الاساس في عمليات التخطيط للحاجات المستقبلية وللأغراض الإدارية ولتقييم الأحوال المعيشية وللأغراض البحثية وللاستعمالات التجارية، على انه ضمان قيام عملية البناء على أسس سليمة ومتينة باستخدام برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال قاعدة معلومات حديثة وشاملة عما يتعلق بحجم وتركيب وخصائص السكان، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات شاملة عن المباني والمساكن والمنشآت والحائزين الزراعيين، تستخدم كإطارٍ إحصائيٍ للعديد من التعدادات الأخرى والمسوح بالعينة، الى جانب أهمية التعداد في أعداد التقديرات السكانية للفترة ما بين التعدادات.

ومن جانب آخر ذكر وكيل وزارة التخطيط ان التعداد العام للسكان “سيكون مهما لأغراض صنع السياسات والتخطيط والإدارة، من خلال توفير المعلومات الأساسية اللازمة لصنع السياسات والتخطيط والإدارة على المستوى الحكومي كالبيانات عن عدد السكان وتوزيعهم وخصائصهم، وتقييم البرامج التنموية في مختلف الميادين كالتعليم، العمالة، تنظيم الأسرة، الإسكان، صحة الأم والطفل، التنمية الريفية، النقل وتخطيط الطرق العامة، التحضر.

 وفي ذات السياق، وحول التعدادات المنفذة في العراق، قال وكيل وزارة التخطيط مهدي العلاق “جرى في العراق ثمانية عمليات تعداد عام للسكان، وأول تعداد منظم للسكان في العراق نفذ من قبل دائرة النفوس عام 1927 سميّ في حينه بالتسجيل العام، وكان الغرض منه وضع سجلات للنفوس وإعداد قوائم بالمكلفين وذلك بموجب قانون تسجيل النفوس رقم (54) لسنة 1927، واجري التعداد الثاني عام 1934، والثالث عام 1947″.

واضاف العلاق “ثم تلى ذلك التعداد الرابع عام 1957، والخامس عام 1965 والسادس عام 1977 والسابع عام 1987 الذي وفر مؤشرات احصائية شاملة عن التغيرات السكانية والاجتماعية والاقتصادية والسكنية على مستوى جميع المحافظات من الحضر والريف”، مشيراً الى ان “آخر تعداد أجري عام 1997، على ان عملية التحضير لاجراء التعداد في عام 2004 لم تنجح بسبب الازمة الامنية”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 10/آيار/2009 - 13/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م