الرقابة ذهبت ضحية هدنة غير معلنه بين الكتل السياسية

الفساد الاداري ملف لازال يراوح في مكان واحد!

جمال الخرسان

رغم ذلك الكم الهائل من التصريحات بين الكتل السياسية العراقية والتي توزعت بين التخوين والتشهير او الضرب تحت الحزام حول هذا الملف او ذاك .. رغم الخطاب المتشنج والاحتقان المستفحل بين الفرقاء السياسيين في العراق الا انهم كعادة وزراء الداخلية العرب متفقون على  اصول اللعبة في ملفات معينة ذات سياق معروف للجميع ليس من مصلحة اغلب الكتل السياسية الكبيرة ان تغرد فيه خارج السرب فتفتح على نفسها ابوابا من المشكلات لها اول وليس لها آخر!

هذا بالضبط ما يفسر سكوتا مطبقا من قبل مجلس الوزراء بقيادة رئيسه الذي اعلن سابقا بان عام 2008 هو عام محاربة الفساد الاداري ذلك السكوت جاء ايضا من قبل المعنيين في مجلس النواب وكذلك النزاهة التي لاحول لها ولا قوة اضافة الى الجهات المعنية مثل ديوان الرقابة وهيئة النزاهة وغيرها من الجهات التي لو ارادت ان تتحرك فهناك قوانين واعراف تمنعها من اتخاذ الاجراء القانوني المناسب، وما هو استثناء من ذلك بعض المحاولات التي يقوم بها رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب صباح الساعدي الذي قرر ان يخوض منفردا معركة شرسة مع بعض المتهمين في قضايا الفساد الاداري ومن اهم هؤلاء وزير التجارة وعصبة حوله تمردوا حتى على الاجهزة الامنية فاطلقوا النار ولاذوا بالفرار رغن ان بينهم مدراء عامين في الوزراة المذكورة.

الى جنب ذلك فان كثيرا من الوزراء اتهموا بالفساد الاداري وثبتت بحقهم جرائم الاختلاس لكن بعد فوات الاوان، ويبدو ان المسلسل لازال مستمرا حتى هذه اللحظة فاستفحلت الظاهرة واصبحت من الوزن الثقيل على مراى ومسمع الجميع في بعض الاحيان، مما ادى الى تضييع الثروات العراقية وانتهاء الكثير من حقوق المواطن الى جيوب الاشخاص.

لقد اصبح البعض يكرس المناصب القانونية لتوسيع  ظاهرة التفاوت الطبقي وهي ظاهرة لها وجود كبير في العراق مما يعني وجود مجتمع  غير مستقر اقتصاديا واداريا وبالتالي غير مستقر امنيا في ظل غياب الطبقة المتوسطة التي تشكل صمام الامان في عموم المجتمعات.

ومع ان ظاهرة الفساد الاداري لا يمكن اجتثاثها نهائيا بل تجد لها وجودا في كل بلدان العالم (مع حفظ نسبة التفاوت بينها) الا انها تستفحل وتتسع دائرتها حينما تغيب او تغيّب عنها الرقابة لا سيما في بلد مثل العراق خرج للتو من مرحلة ذاع فيها صيت الاختلاس والرشاوى والفساد الاداري بكل انواعه، وهذه الظاهرة بقيت تشكل حتى هذه اللحظة احدى بقايا التركة الثقيلة للمرحلة السابقة تتطلب تخصيص إجراءات تأخذ بعين الاعتبار خطورة تلك الظاهرة على الصعيد الاقتصادي والامني والاجتماعي،  لكننا نرى بدل ذلك غياب واضح وغير مشروع لعين الرقابة القانونية الصارمة في وقت نحن بأمس الحاجة اليها.

اذن فالحكومة ومجلس النواب اضافة الى الدوائر الاخرى المسؤولة عن هذا الجانب مطالبة بأن تضع ضمن اولوياتها فرض الرقابة المطلوبة ومحاربة الفساد الاداري بجدية اكبر وباساليب اكثر نضوجا وفعالية.

يكفي هدرا للاموال وتفتيت الثروات اذ ان ذلك على حساب الطبقات المسحوقة وما اكثرها في العراق وعلى حساب المواطن البسيط الذي وصل الى حدّ اليأس من هذا الوطن.

فرجاءا من الجميع المحافظة على بصيص الامل المتبقي عند الجماهير العراقية.

* كاتب عراقي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 10/آيار/2009 - 13/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م