مرثية الى الشاعر الكبير الجواهري

هادي الربيعي

ياغريب َ الدار ِ لا تَلـُـمِ ِ

نحنُ أطياف ٌ على العّدّم ِ

إنْ بَعُدنا عنكَ ما بَعُدتْ

صِلة ٌ موصولة ُ الرَحِم ِ

بدمٍ تمشي الحروف ُ به

وهي تطوي رحلة َ القلم ِ

وليال ٍ كنتَ تعبُرُها

قُلِبَتْ رأساً على قَدَم ِ

فمضت ساعاتُها خَبَلاً

تستحث ّ ُ الفجرَ في الظُلَم ِ

راكضات الخطو ِ ذاهلة ً

وكأنَّ الخطو َ في الضَرَم ِ

وذئاب ُ الليل ِ تحرِسُها

سهرتْ دهراً ولمْ تنم ِ

::::

يا غريبَ الدار ِ لا تَلــُم ِ

ثَقُلت ْ كفَّارة ُ النَدَم ِ

أوهمتنا أنها نهضت ْ

فأتينا فلمْ تَــقُـــم ِ

وشربنا ليلَ محنتِها

فسرى سُمَّاً بلا دسم ِ

سئِمت مِنَّا هياكِلُنا

وهي تذوي في يدِ الألم ِ

تصعدُ الأهرامُ من دَمنا

رافعاتِ الرأس ِ في القمم ِ

وعليها سُندس ٌ نَضِر ٌ

خيطَ في استبرق ِ النِعَم ِ

وطيوف ُ الجوع ِ تدفعُنا

كُتلاً بيضا ً الى الهَرم ِ

:::::

يا غريبَ الدار ِ لا تَلُم ِ

إنْ رأيت َ الجُرحَ في العَلَم ِ

نازِفاً والريح ُ تدفعهُ

في مَهبّ ٍ واهنِ النِسّم ِ

ذابلاً كألأمنيات ِ وقدْ

أيقظتها صحوة ُ الحُلُم ِ

فإذا قبلّتُهُ سَقَطت ْ

قَطراتٌ منه ُ فوق َ فمي

فإذا الدُنيا بما رَحُبت

تغتلي بحراً من الحِمَم ِ

وإذا بالنارِ هائجة ً

بخُطى ً حمقاءَ عبر َ دمي

وإذا بي اتقي سَقما ً

وأنا في ذروة ِ السَقَم ِ

::::::::::

يا غريبَ الدار ِ لا تَلُم ِ

والمنُى بعض ٌ من النِعَم ِ

فهي حدّ ُ الله ِ مُنتهكاً

في حدود ِ الأشهر ِ الحُرُ م ِ

واقفاتٌ في محاجِرِنا

لم ْ تَخض ْ بحراً ولمْ تَحُم ِ

كلَّما أطلقتُها رجعت ْ

تتلوى رّثَّةَ الهِمَم ِ

فوقفنا في أسافِلِها

في مهاوي سيلِها العَرِم ِ

نتقي أمواجَها عبثاً

ببقايا الروحِ في الشِيَم ِ

يا غريب َ الدار ِ لا تَلُم ِ

نحنُ أطياف ٌ على العَدَم ِ

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/آيار/2009 - 12/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م