الفقر وانعدام البنى التحتية يحرم 5 ملايين أفغاني من التعليم

الأفغانيات الشيعة يقبلنَ متعطشات على برامج محو الامية

 

شبكة النبأ: تسببت العادات المحافظة والفقر وانعدام المرافق التعليمية والتمييز التعسفي بين الجنسين، في حرمان ما يزيد عن خمسة ملايين طفل أفغاني في سن الدراسة (بينهم أكثر من ثلاثة ملايين فتاة) من التعليم، ويشكل هذا العدد حوالي ثلث سكان أفغانستان ممن تقل أعمارهم عن 18 سنة والذين بلغ مجموعهم حوالي 14.5 مليون.

وتجاهلت نساء ريفيات افغانيات ينتمين الى المذهب الشيعي، في وادِ افغاني ناءِ قانوناً جديداً سبّبَ غضباً دولياً بشأن حقوقهن، حيث قلنَ انه يعكس الى حد كبير واقع الحياة القاسي الذي يعشنه...

لكن على الرغم من عدم اهتمامهن بالمعارك القانونية او التحرر السياسي يظهر احتفالهن بالحريات التي اكتسبنها في الاونة الاخيرة من خلال دورة لمحو امية النساء، أن لديهن رغبة في التغيير والسلطة حتى في الزوايا النائية من البلاد. بعد ان عانينَ من حكم طالبان المتشدد لسنين قبل ان تُطرَد.

وتقول جولجان (22 عاما) وهي ام لطفل واحد تعيش في وادي ايراق "قبل ذلك لم يكن بوسعنا حتى الذهاب للتسوق بمفردنا لاننا لم نكن نستطيع التفرقة بين اوراق العُملة الافغانية."وأضافت "بعد ان دخلنا الى دوائر محو الامية أصبحت لدينا الجرأة الكافية لنتحدث بصراحة.

ويقع وادي ايراق في اقليم باميان معقل الهزارة العرقيين ويمثلون معظم شيعة افغانستان. ولا يشكل الشيعة إلا نحو 15 في المئة من سكان افغانستان لكن ينظر الى قانون جديد لهم على أنه اختبار لحقوق المرأة على مستوى البلاد.

القانون الذي قال الرئيس الافغاني حامد كرزاي انه سيتم تعديله، يتطلب من الزوجة طلب الاذن من زوجها لمغادرة المنزل ما لم تكن ذاهبة الى العمل او التعلّم او لأسباب طبية ويلزمها بتلبية احتياجاته الجنسية.

لكن اخبار التشريع لم تصل الى إيراق، وحين تم ابلاغهن به قالت النساء انهن غير معترضات على المادة التي تسمح للرجال بالحد من حرية حركة زوجاتهم. بحسب رويترز.

وتقول ثريا وهي أم لإبنين نشأت في الوادي ونادرا ما تغادره "عندما أذهب الى اي مكان وقبل أن أخرج أسأل زوجي دائما على كل حال."

وانفجرت النساء في الضحك عندما سمعن بالمادة التي تسمح للرجل بأن يأمر زوجته بالتبرج وهي نقطة غير متصلة بالواقع في منطقة حيث الأسر أفقر كثيرا من أن تستطيع شراء مستحضرات التجميل.

غير أنه بالنسبة للكثير من النساء المتعلمات ليس هناك ما يسر في القانون الذي يحذر منتقدون بأنه يعيد للاذهان القيود الصارمة التي فرضت ابان حقبة طالبان. وهن يخشين من أن نقص التعليم سيجعل النساء القرويات على وجه الخصوص اكثر ضعفا حين يتم تطبيق القانون.

وتقول بتول محمدي من المؤسسة القانونية الدولية في بلدة باميان "اذا سمح باستمرار النسخة الحالية من القانون ستتراجع النساء الشيعيات خطوة الى الوراء."

وأضافت "يستطيع الرجال اساءة استخدام هذا القانون ضد النساء وفي القرى ليس لدى معظمهن اي معرفة للدفاع عن أنفسهن."

وتقول منظمة الامم المتحدة ان 18 في المئة فقط من النساء الافغانيات يعرفن القراءة والكتابة. لكن لطف الله الذي يدير برنامج تمكين النساء الممول من بريطانيا والذي شاركت فيه كل من ثريا وجولجان يقول ان الارقام المنخفضة لا ترجع الى قلة الرغبة.

وحضرت اكثر من ثلاثة الاف امرأة في نحو 200 قرية الحلقات الدراسية على مدار الاشهر الثمانية عشر الماضية وفاق الطلب العرض.

وقال لطف الله الذي يستخدم مثل كثير من الافغان اسما واحدا فقط لرويترز "كانت لدينا نساء يسرن لساعتين ذهابا وايابا للحضور الى حلقات محو الامية التي نقيمها."

وعلى الرغم من أن طالبات مدارس في باميان ذكرن لرويترز أنهن يقدمن الزواج على العمل والدراسة تحدو الامهات في ايراق امال في بناتهن تعتمد على التعليم ويقلن انهن يردنهن أن يصبحن طبيبات او مهندسات.

وقالت فيض بيجوم (35 عاما) وهي ام لخمس بنات وصبيين "الناس هنا يمزحون قائلين انه يجب الا نستثمر في البنات لانهن سيتزوجن ويأخذن هذا الاستثمار معهن."وأضافت "لكنني أدعم بناتي ليذهبن الى المدرسة. حين كنت امية كنت كالعمياء وأريد أن أنقذ بناتي من هذا."

ويعود اقامة جماعة محو الامية جزئيا الى المعاملة الليبرالية نسبيا التي يعاملها الهزارة للنساء وقد فوجيء كثير منهم بتصدر القمع المزعوم الذي يمارسونه عناوين الصحف في البلاد التي تواجه فيها النساء من السنّة قيودا اكثر صرامة من تلك التي تفرض على نظيراتهن من الشيعة.

وساعدت مدارس ابتدائية جديدة للصبيان والفتيات في انحاء باميان دفعت لانشائها المرأة الوحيدة الي تشغل منصب محافظ بأفغانستان على خفض المعارضة لتعلّم النساء كما وفّر صف لتعليم الحياكة، أقيم في نفس الوقت، مهارات عملية.

وتقول جامالارا (36 عاما) "نستطيع ادخار بعض المال ولن اضطر لانفاقه على الملابس وبالتالي زوجي سعيد للغاية."

وقالت فيض بيجوم انه حتى في مناطق نائية مثل ايراق لا يتزوج الرجال بوجه عام الا مرة واحدة ما لم تكن الزوجة الاولى عقيمة ويكون عمر الفتيات 16 عاما على الاقل عند الزواج.

وعبرت هي ونساء أخريات عن اشمئزازهن ورفضهن فكرة العروس الطفلة على الرغم من أن مسودة للقانون سمحت بالزواج عند سن التاسعة.

وعلى الرغم من أن علماء الدين المحافظين وهم القوة المحركة وراء قانون الاحوال الشخصية عارضوا الدورات التعليمية للنساء احيانا في باديء الامر قال لطف الله ان جميعهم عدلوا عن رأيهم في نهاية المطاف بعد أن تحدثوا مع المنظمين والمدرسين.

خمسة ملايين طفل خارج المدارس!؟

ويفتقر أكثر من خمسة ملايين طفل ممن هم في سن التعليم، بما فيهم ثلاثة ملايين فتاة، لإمكانية الالتحاق بالمدرسة.

لا تستطيع راضية، التي تبلغ من العمر 10 سنوات، الذهاب إلى المدرسة لأن ذلك ينطوي على مخاطر جمة بالنسبة لفتيات إقليم قندهار من جهة، ولأن والدها يؤمن بأن التعليم أمر يقتصر على الفتيان فقط دون الفتيات.

وتحدثت راضية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة: "يعتقد والدي أن المدرسة ليست للبنات. فمهمتهن العمل داخل البيت"، مضيفة أنها طالما تاقت للذهاب إلى المدرسة وتمنت أن تصبح طبيبة في المستقبل.

أما أبوها، عبد الرحيم، فعلق على الموضوع بقوله: "لست الأب الوحيد الذي يمنع ابنته من الذهاب إلى المدرسة...فليس هناك رجل واحد يقبل أن تتعرض ابنته أو أخته للهجوم من طرف طالبان بسبب رغبتها في التعليم".

ومن المؤكد أن مخاوف عبد الرحيم مخاوف لها دوافعها. ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2008 ، قام مجهولون برش مادة حمضية حارقة على أكثر من عشرة طالبات ومدرسات في مقاطعة قندهار في ما بدا أنه محاولة لثني الفتيات عن التعليم.

وعلى صعيد آخر، تسببت العادات المحافظة والفقر وانعدام المرافق التعليمية وثقافة التمييز بين الجنسين في حرمان ما يزيد عن خمسة ملايين طفل في سن الدراسة (بينهم أكثر من ثلاثة ملايين فتاة) من التعليم ، وفقا لما ذكرته وكالات الإغاثة ووزارة التربية والتعليم. ويشكل هذا العدد حوالي ثلث سكان أفغانستان ممن تقل أعمارهم عن 18 سنة والذي بلغ مجموعهم عام 2007 حوالي 14.5 مليون، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).

وتشكل الفتيات غالبية الأطفال الذين يعانون من الأمية في أفغانستان. ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، فإن معدل انتشار التعليم بين الفتيات الأفغانيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين15-24يقل بنسبة 10 بالمائة عن معدل انتشاره بين أقرانهن الذكور.

عدم توفر المدارس

يوجد بأفغانستان حوالي 12,000 مدرسة بما فيها الابتدائية والثانوية. ولا يملك نصف تلك المدارس تقريبا مبنى رسميا، حيث يتجمع الطلاب في الخيام أو في العراء، حسب المسؤولين. وكان المتمردون قد قاموا بحرق مئات المدارس وقتل عشرات المعلمين والطلاب خلال الأربع سنوات الماضية.

كما أفادت التقارير أن 700 مدرسة أغلقت أبوابها عام 2008 بسبب انعدام الأمن وتكرر الهجمات، وإن كان بعضها قد أعاد فتح أبوابه خلال الأشهر القليلة الماضية، حسب وزارة التعليم.

وقد التحق أكثر من ستة ملايين طالب، حوالي 34 بالمائة منهم من الإناث، بالمدارس العمومية خلال عام 2009 كما تعهدت الحكومة بمضاعفة هذا العدد بحدود عام 2020.

وتعاني أفغانستان من إحدى أعلى نسب الأمية في العالم، حيث أن 18 بالمائة فقط من النساء و50 بالمائة فقط من الرجال يستطيعون القراءة والكتابة، حسب اليونيسكو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 6/آيار/2009 - 9/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م