شبكة النبأ: في ضريح ببلدة تقع بجنوب
عُمان تطل على المحيط الهندي يبجّل المسلمون النبي عمران الذي ينتمي
لفترة ما قبل الاسلام.
ويبتهل الزوار بالدعاء عند القبر، الذي يقال انه يحوي رفات شخصية لم
يرد ذكرها في الاسلام كأحد الانبياء لكن مقبرته تتمتع بحماية مكيفة
الهواء من قبل السلطات المحلية على الرغم من كل شيء. انه نموذج للهوية
الثقافية المنفصلة التي تحميها عُمان بمشاعر غيرة من جارتها السعودية
التي يرفض مذهبها الوهابي السنّي المتشدد مثل هذه الممارسات.
بل ان هذا ايضا يفسر نوعاً ما، لماذا انضمت سلطنة عمان المحمية
البريطانية السابقة البالغ عدد سكانها نحو 3.5 مليون نسمة في هدوء الى
قطر، صاحبة الثروة الهائلة من الغاز الطبيعي في خلاف الدوحة الحاد مع
السعودية بشأن كيفية التعامل مع ايران تلك القوة الصاعدة. بحسب رويترز.
وانشقت قطر على الصف العربي وأغضبت الرياض في كانون الثاني الماضي
باستضافة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وقيادات حركة المقاومة
الاسلامية الفلسطينية (حماس) المدعومة من طهران في قمة لمساندة الحركة
في صراعها مع اسرائيل.
وحضرت سلطنة عمان القمة في مثال على إفساد دول خليجية عربية صغيرة
الموقف الموحد من ايران الذي تتوق اليه الرياض بشدة. وسعى زعماء قطر
والسعودية الى رأب الصدع لكن دبلوماسيين ومحللين يقولون ان الانقسام
اكثر عمقا من اي وقت مضى.
وأشاد يوسف بن علوي الوزير العماني المسؤول عن الشؤون الخارجية
بزعيم حزب الله الشيعي اللبناني المدعوم من ايران العدو اللدود
للسعودية. وقال في طهران ان حسن نصر الله له مكانة عالية. وأضاف ان
مواقف ايران وعمان من القضايا الاقليمية والعالمية متطابقة.
وتخشى السعودية من أن ايران على بعد خطوة واحدة من الاعتراف الدولي
من قبل واشنطن كزعيمة اقليمية والدولة التي تحدد سير الامور في الخليج.
ومن شأن هذا أن يكسب الاقلية الشيعية في السعودية جرأة مما يمثل تحدياً
لأسرة آل سعود التي تطبق بشدة على الحكم منذ قرون.
غير أن معلقين عمانيين ينتقدون دولاً خليجية عربية أخرى صراحة
لتشبثها بالولايات المتحدة بوصفها حاميها الوحيد وهي السياسة التي
تؤيدها السعودية منذ عقود.
وكتب زاهر المحروقي في جريدة الشبيبة العمانية اليومية يقول انه حين
تتحسن العلاقات بين امريكا وايران كما هو متوقع ستدفع دول الخليج الثمن
مجددا. وأضاف أن ايران باتت اكثر قوة وهي اللاعب الرئيسي الوحيد
بالمنطقة.
وصرح دبلوماسي غربي في مسقط بأن عمان التي يوجد بها عدد قليل من
السكان الشيعة اكثر قلقا من التأثير السعودي على المجتمع من قلقها من
ايران. وظهر لاتباع المذهب الوهابي تأثيرات في اليمن ومنطقة نجران
بجنوب السعودية التي يغلب على سكانها الشيعة.
وأشار الى واقعة حدثت العام الماضي حين أصدرت عمان اوامر للعمانيين
بعدم اتباع قرار السلطات الدينية السعودية بشأن اليوم الذي يحل فيه عيد
الفطر.
ووردت انباء عن وقوع اشتباكات بين الشرطة ومسلمين سنّة في صلالة
بشأن هذا النزاع. وتتبع عُمان تعاليم المذهب الاباضي الذي يعتبره علماء
الدين السعوديون زندقة.
وقال الدبلوماسي ان هذه الواقعة اظهرت انه بالنسبة لعمان "يجب ألا
يسمح بأن يسود التأثير الديني السعودي" وانه "من الممكن أن تؤثر
الوهابية المتشددة على التماسك الاجتماعي لكن المذهب الشيعي لن يؤثر."
وأضاف "ايران النووية ليس مرغوبا فيها لكنهم يستطيعون التعايش معها."
وأشار الى دور ايران في اخماد تمرد في منطقة ظفار في السبعينات مما ضمن
حكم السلطان قابوس الذي لا يزال يحكم عمان حتى هذا اليوم.
وتحرص سلطنة عمان ودول خليجية اخرى تعاني نقصا في الغاز الطبيعي على
الاستيراد من كبار الموردين مثل ايران وقطر. وتأمل عمان أن تمدها ايران
بالغاز بحلول عام 2012 في مشروع مشترك لتطوير حقل كيش الايراني. وتوفر
قطر الغاز لعمان.
وقال كريستوفر ديفيدسون وهو مؤرخ بريطاني ان "حقائق الوقت الحالي
بشأن المشاركة في استغلال حقل للغاز بين عمان وايران ... تمثل جانبا
على الاقل لبعض التساهل."
وقادت قطر - وهي من بين القوى الخليجية التي صعدت في الستينات
والسبعينات مع انسحاب الاستعمار البريطاني - اقامة علاقات وثيقة مع
ايران والابتعاد عن الرياض التي تعتبر نفسها الزعيمة العربية في
المنطقة.
ويقول محللون ان عمان اقتربت اكثر من قطر بعد أن تولى حاكم الدوحة
الحالي الحكم عام 1995. وتمتلك شركة الاتصالات القطرية الحكومية كيوتل
ثاني شبكة للمحمول في عمان وهي شبكة النورس، وتمسكت البحرين حيث تحكم
أسرة سنّية شعباً به أغلبية شيعية بتقاربها مع السعودية.
وعلى غرار الدول الخليجية العربية الاخرى التي تسعى الى اقامة
تحالفات لضمان الاستمرار توفر سلطنة عمان منشآت عسكرية للولايات
المتحدة.
وقال المحلل سايمون هيندرسون الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له
" عُمان تمارس لعبة التميز والاختلاف وهذا يعني المصالحة تجاه ايران
وعلى المستويين الدبلوماسي والاقتصادي. |