نيســان في ذاكرة العراق

شوقي العيسى

فيه تخلد وتتكامل وتمجـــّد وقد تتجدد الذكريات بآلامها وأحزانها وافراحها ولكنها تبقى صورة واحدة لليوم عندما نستدركه ونتداول أطراف الحديث حوله هو "نيسان" ذلك الشهر الشهر الرابع من السنة الميلادية، الذي يطلق عليه بالانكليزية "أبريل" التي جاءت من أصل لاتيني.

ونيسان لنا معه وقفات وذكريات منها الأليمة ومنها الحزينة ومنها من يندرج مع هوامش الأحداث والتي تدخل في موبقات التغيير خصوصاً مع العراقيين، فنيسان اسم لم ينساه العراقي مطلقاً لما له من الذكرى وصداها ووقفاتها موضع داخله، فذكراه يندب بالألم والحسرة عندما تتوقد ذكراه ليعد بنا الى نشأت "حزب البعث" في السابع منه حيث العبودية والاستبداد الذي تمركز في العراق،والمرارة التي لحقت بالابرياء الذين تسلط عليهم زمرة من القتلة والجزارين وقطاعي الطرق، فكلما تولد السابع من نيسان أرتسمت على وجوه العراقيين خطوط الحزن والكآبة والقهر الذي خلفه ذلك اليوم من نيسان.

ولنا من نيسان أيضاً ذكرى الفاجعة والألم والحسرة ذكرى مقتل "صدر العراق الأول" محمد باقر الصدر ذلك العالم والمجتهد والمفكر الاسلامي الذي نبغ منذ نعومة أظفارة والذي ما أن برز حتى واجه فكر "البعث" وفنّـدها بنظرياته وأفكاره فلم يكن من النظام البعثي والقمعي ومن رئيس العصابة "هدام" حاكم العراق الا أن أقدم في التاسع من نيسان عام 1980 بأعدام السيد الصدر وأخته العلوية بنت الهدى، أعدمه في نفس الشهر الذي تولد ونشأ فيه "البعث" لكي يطمس ذكرى السيد الشهيد لما  لنيسان من احتفالات كبرى، فأصبح يوم التاسع من نيسان نذير شؤم على أتباع ومحبي الشهيد السعيد الذين راحوا يتناقلون بنظريات الشهيد الصدر في ارواحهم في مقارعة النظام البعثي، كيفما لا والسيد محمد باقر الصدر صاحب أعظم مقولة باتجاه البعثق عندما قال" لو كان أصبعي بعثي لقتلته" هكذا كانت مقولته وما آمن به الصدر وسار عليه من سار معادياً البعث، فآلامت الذكرى قلوب العراقيين في نيسان من عام 1980 .

هكذا فكان لنيسان ذاكرتين محملتين بالألم والحسرة والقهر حتى جاء نيسان من عام 2003 وله مع العراقيين وقفة وجداً كبيرة حيث تم انهيار الدكتاتورية الفاشية "دكتاتورية البعث" في التاسع منه باحتلال أمريكي للعراق فكانت حقاً مرحلة يصمت لها الضمير العراقي ويتألم وهو يرى الدبابات الامريكية تتجول بحريتها في محافظات العراق،ووقفة أخرى قد يبتهج فيها العراقي لما لنيسان عام 2003 من فضل في القضاء على ذاكرة الزمن البغيض الذي أرهق العراقيين وخلد في ذكراهم الألم من نيسان، فاستبشرت وجوه وأغبرت وجوه أخرى عندما أتى التاسع من نيسان ليمسح تلك الذكريات المحزنة.

فكان نيسان والذكرى متحفة بكل معانيها من آلام وأحزان وشذرات مفرحة في تأريخ العراق وسوف يبقى نيسان شهراً مفعماً بالذكريات على قارعة الطريق، فماذا تعلمنا من نيسان؟ سؤال نطرحه ونجيب عليه بانه لا يبقى ظالم مطلقاً وأن الزمن يسير ولا ينتظر أحد وعلينا أن نعمل ونؤسس لنا مستقبلاً لا أن نعكف على أعقاب الماضي فانه للذكرى فقط.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/نيسان/2009 - 16/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م