التعددية في الجزائر إندثار إرادي وسيادة حكم الحزب الواحد

بوتفليقة المرشح الاوفر حظا للفوز من بين المرشحين السته

شبكة النبأ: تشهد الجزائر تعددية حزبية، بعد نهاية حقبتين من الزمن وسيادة حكم الحزب الواحد لفترة طويلة. ومع قدوم الانتخابات الرئاسية تشهد الجزائر حالة تبدو غريبة بالنسبة لقواعد الديمقراطية، حيث تبدو التعددية شبه غائبة وأن  الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة لايواجه اي منافس ذي حجم في الانتخابات الرئاسية المقررة في التاسع من نيسان/ابريل.

رئيس الوزراء السابق سيد احمد غزالي (1990-1992)  من جهته علق قائلا، الذي ينتظر منذ عشرة اعوام الترخيص لحزبه الجبهة الديموقراطية ان التعددية ولدت ميتة في الجزائر لانها ارسيت لغايات اخرى غير التعددية.

وبات للجزائر العام 1989 دستور جديد يشرع التعددية السياسية بعدما حكمتها جبهة التحرير الوطني التي انتزعت الاستقلال العام 1962. لكن ذلك لم يحصل الا بعد مواجهات شعبية دموية في تشرين الاول/اكتوبر 1988.حسب أ ف ب

وبفضل ذلك، تم الاعتراف بنحو ستين حزبا كان بعضها ناشطا في شكل سري على غرار الحركة من اجل الديموقراطية في الجزائر وجبهة القوى الاشتراكية بزعامة اول رئيس جزائري احمد بن بلا.

وشهدت الجزائر ربيعا ديموقراطيا استمر عامين، لكنها واجهت خطر الفوضى حين كادت الجبهة الاسلامية للانقاذ ان تتولى السلطة مع فوزها في كانون الاول/ديسمبر 1991 في اول انتخابات تشريعية تعددية في البلاد.

لكن الجيش تصدى لجبهة الانقاذ خشية سعيها الى ارساء جمهورية اسلامية، وغرقت البلاد تاليا في موجة عنف غير مسبوقة اسفرت عن اكثر من 150 الف قتيل ولا تزال مستمرة في بعض المناطق.

واوضح غزالي ان الانفتاح السياسي كان في الواقع خدعة وكان في نية السلطة ان تستمر الى ما لا نهاية.

وعزا عالم الاجتماع علي بن سعد اخفاق التعددية الى تقاطع عاملين: "رفضها من جانب فئات واسعة من السلطة وتصاعد العنف".

وقال اجهاض التعددية بدأ بنزاعات داخل السلطة نفسها. ثم ساهم العنف الاسلامي في هذا الامر عبر التسبب باضطرابات داخل الجسم الاجتماعي. اليوم، نعاني تراجعا عاما.

وكانت النتيجة سيطرة الادارة على الحياة السياسية اليوم، على قول المحلل السياسي محمد شفيق مصباح الضابط السابق في اجهزة الاستخبارات، مؤكدا ان النظام الجزائري "مثال يحتذى به في مقاومته وقدرته على الغاء المعارضة.

وفي رأيه ان البلد يشهد اليوم تراجعا على كل الصعد، ما دام يفتقر الى تمثيل سياسي ونقابي فعلي.

واستشهد باعمال الشغب التي تندلع في شكل دوري في انحاء الجزائر والتي تعبر عن شعور بالتحدي لدى السكان.

وعند انتخابه لولاية اولى العام 1999، هاجم عبد العزيز بوتفليقة الانفتاح السياسي، معتبرا انه اتاح بروز احزاب في مجتمع غير مهيأ للعيش في اطار نموذج من الديموقراطية الغربية.

وفي ضوء ذلك، عمد الى التشدد في موضوع انشاء الاحزاب، في حين ان قانونا سابقا كان يتيح لخمسة عشر شخصا تشكيل جمعية ذات طابع سياسي، سرعان ما كانت تتخذ شكل حزب.

وفي انتخابات التاسع من نيسان/ابريل، يواجه بوتفليقة خمسة منافسين يخوضون المعركة بصفتهم "مرشحين مستقلين"، وذلك بدعم من التحالف الرئاسي المؤلف من ثلاثة احزاب تهيمن على الجمعية الوطنية.

وهذه الاحزاب هي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة المجتمع والسلم.

القلق يعتري الجزائر

ومن المرجح ان يمدد الجزائريون فترة رئاسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التي امتدت عقدا في السلطة باعادة ترشيحه في الانتخابات الرئاسي المقبل والتي ينظر اليها على انها جاءت مخيبة للامال السياسية وهو ما يصعب من وضع نهاية لعقدين من التمرد الاسلامي.

ولاتزال الدولة العضو في أوبك تكافح لتتعافى من صراع بدأ عندما ألغى الجيش عام 1992 انتخابات تشريعية كان حزب اسلامي في طريقه للفوز بها.حسب رويترز

وتراجعت حدة العنف مع قبول الاف المتمردين العفو مقابل القاء اسلحتهم ولكن ذكريات القتال والمذابح التي خلفت ما يصل الى 150 الف قتيل ما زالت ماثلة في الاذهان.

وصعدت فلول المتمردين المتحالفة مع تنظيم القاعدة هجماتها على قوات الامن قبل الانتخابات المقررة في التاسع من ابريل نيسان والمرجح ان يفوز فيها بوتفليقة بفترة رئاسة ثالثة في غياب أي منافسين بارزين.

وقال وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني يوم 15 مارس اذار ان المتمردين يفرون من مناطق شهدت نشاطا رئيسيا لهم لكنهم يصعدون هجمات "مروعة" ليستفيدوا من التأثير الاعلامي المتزايد للحملة الانتخابية.

وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا حمود صالحي اشك في ان الانتخابات في حد ذاتها يمكن أن تؤدي الى العودة للنشاط الارهابي الذي شهدناه في التسعينيات.

اتوقع زيادة في اعمال العنف لكن أظن ان الحكومة قوية جدا هذه الايام.

وتراجعت الصناعات غير النفطية كثيفة العمالة بسبب البيروقراطية وترك النظام المصرفي المتقادم وضعف المهارات سكان البلاد وغالبيتهم من الشباب فريسة لبطالة متفشية.

ويقول أنصار بوتفليقة انه جدير بثقة متواصلة من الشعب لاعادته الاستقرار الى البلاد. ووعد بوتفليقة بتوفير 150 مليار دولار في حال انتخابه لتعزيز الصناعات غير النفطية وتطوير الاسكان والبنية التحتية.

ويقول محللون ان بوتفليقة في حاجة للوفاء بهذا الوعد كي يستعيد التواصل مع شعب منهك لا يثق في السلطات وليحد من التأييد لفلول المتمردين.

وترى خديجة محسن فينان من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية ان المشكلة اليوم هي مشكلة ثقة بين ممثلي الحكومة والمواطنين. الجماعات التي تفضل العنف المتطرف ربما سيكون بمقدورها ان تواصل تجنيد عناصر جديدة طالما الامل بين الشبان يتبدد. ولا تزال حالة الطواريء المفروضة منذ 17 عاما سارية ويندر تنظيم الاحتجاجات.

ولكن الاحباط العام يطل برأسه أحيانا في صورة أعمال شغب في الاقاليم ويضع قوات الامن في مواجهة سكان مسلحين بالحجارة والعصي يغلقون الطرق بالاطارات ويضرمون النار في عربات ومبان حكومية.

ويأمل مؤيدو بوتفليقة ومعظمهم من ابناء المدن العلمانيين اليساريين ان يمنحه اقبال كبير على التصويت تفويضا لمواصلة تجديد البلاد.

وفي نوفمبر تشرين الثاني عدل البرلمان دستور الجزائر للسماح للرئيس بخوض الانتخابات لفترة ثالثة.

ومهدت الخطوة الطريق للاستمرار على رأس السلطة لكنها ألمحت الى ان السلطات المدعومة من الجيش اختارت مرشحها المفضل.

وترى أمل بوبكر من مركز كارنيجي للشرق الاوسط في بيروت ان تعديل الدستور بدون استفتاء شعبي أبرز صدعا عميقا بين بوتفليقة والمجتمع المدني. انزعج كثيرون لعدم الحفاظ حتى على هذه الواجهة للديمقراطية.

ومع اقتراب يوم التصويت تزين صور بوتفليقة المبتسم في بزات داكنة اللون لوحات الاعلانات ونوافذ الحافلات والمباني في مختلف انحاء العاصمة.

وتحث اعلانات يبثها التلفزيون والاذاعة الحكوميان ورسائل نصية قصيرة الجزائريين على التصويت كما دعا ائمة المساجد المصلين الى ذلك.

وقال الباحث في معهد ايريس للابحاث في باريس قادر عبد الرحيم أن المشكلة الحقيقية هي الاقبال على التصويت.

الآلاف يتظاهرون ضد الانتخابات

من جهة أخرى تظاهر الآلاف في مدينة تيزي اوزو شمالي الجزائر داعين الى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المحددة في 9 ابريل/ نيسان المقبل، والتي من المتوقع ان يفوز فيها الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة.

يشار الى ان التظاهرة التي جرت هي الاولى للمعارضة منذ بدء الحملات الانتخابية الشهر الماضي.

وقال المنظمون ان التظاهرة ضمت اكثر من 10 آلاف شخص اما السلطات الجزائرية فقد اعادت هذا العدد الى الف شخص.

وقال سمير لسلوس مراسل صحيفة ليبرتي من جهته الجزائرية في تيزي اوزو ان عدد المشاركين يقدر بنحو 5 آلاف. وتحدث لسلوس بالهاتف لوكالة الاسوشيتد برس قائلا ان الشرطة حاولت في بادئ الامر منع التظاهرة، لكنها عادت وسمحت لها بالانطلاق، ولم يسجل اي حادث يذكر.

يشار الى ان هذه التظاهرة التي نظمتها جبهة القوى الاشتراكية في الجزائر تعتبر حدثا في هذا البلد الذي غالبا ما تمنع فيه التظاهرات لاسباب تبررها السلطات بـالامنية، او بـ التخوف من وقوع اعمال عنف او هجمات ارهابية.

ورفضت جبهة القوى الاشتراكية المعارضة ترشيح اي كان لهذه الانتخابات كما فعلت العديد من الاحزاب اليسارية والاسلامية الاخرى.

ويقول المعارضون ان التعديلات الدستورية التي ادخلت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي كانت تهدف الى السماح لبوتفليقة الذي وصل الى الحكم عام 1999 بالترشح لولاية ثالثة.

وقال نسيم صادق وهو ناطق باسم احدى الاحزاب المعارضة ان "مجرد المشاركة في هذه الانتخابات الصورية يعطيها شرعية لا تملكها اصلا".

في المقابل، انتقدت اللجنة المنظمة للانتخابات بحدة احد الاحزاب اليسارية الذي دعا للمقاطعة واصفة انزال هذا الحزب العلم الجزائري عن احد المباني واستبداله بعلم اسود اهانة للرموز الوطنية.

واستمر الرئيس بوتفليقة من جهته بحملته الانتخابية وزار مدينة شمال العاصمة الجزائر، وقال الناطق باسمه عبد السلام بوشوارب ان "نحو 70 الف شخص شاركوا في التجمع لاستقبال الرئيس الذي مشى نحو كيلومترا على الاقدام حتى وصل الى وسط المدينة".

ويقول المراسلون انه وخلال الانتخابات المقبلة، ينظر الى نسبة المشاركة باهمية اكبر من نتيجة الانتخابات نفسها. وتقول حملة بوتفليقة ان الرئيس يأمل بأن تتخطى نسبة المشاركة 60 بالمئة لان ذلط سيكون دليل قوة شعبيته.

منافسو بوتفليقة

ويواصل المنافسون الخمسة للرئيس الجزائري المنتهية ولايته عبد العزيز بو تفليقة حملاتهم للانتخابات الرئاسية، لكنهم يجدون صعوبة بالغة في مقارعة المرشح الاوفر حظا للفوز في انتخابات التاسع من نيسان/ابريل لان انصاره يخصصون امكانيات ضخمة لاعادة انتخابه.

وهؤلاء المنافسون الذين يحاولون منع الرئيس من الفوز بولاية ثالثة على التوالي، يفعلون كل ما في وسعهم منذ بدء الحملة الانتخابية في 19 آذار/مارس لايصال اصواتهم الى الناخبين، وهم يشكون منذ الان من ضعف امكاناتهم المالية، ولا سيما اولئك الذين لا يتمتعون من بينهم بدعم فعلي من اي حزب عريق.حسب ا ف ب

وتمنح الدولة كل مرشح مبلغ 15 مليون دينار (150 الف يورو) لحملته الانتخابية، لكن هذا المبلغ "غير كاف على الاطلاق لتغطية مصاريف التجمعات الانتخابية والملصقات وتحديث الموقع الالكتروني"، على ما قالت سعاد ليادي المسؤولة في المكتب الاعلامي لمرشح حزب الحرية والعدالة (غير معتمد) محمد سعيد.

واوضحت المسؤولة ان سعيد اضطر بسبب شح المال الى خفض عدد التجمعات الانتخابية العامة من 32 الى 20، في حين جاءت نتيجة النداء الى الشعب الذي اطلقه لجمع تبرعات مخيبا للآمال، مؤكدة ايضا ان "التنقلات تتم بالسيارة ومن النادر جدا ان تتم بواسطة الطائرة".

اما لويزا حنون التي تترشح للمرة الثانية الى هذا المنصب الاول في الدولة باسم حزب العمال، فطبعت مليونين و500 الف نسخة من برنامجها الانتخابي فضلا عن المناشير والتجمعات الانتخابية الامر الذي يتطلب وسائل مالية كبيرة، كما يؤكد المسؤول عن الاعلام في حملتها الانتخابية.

ويوضح المسؤول ان المساعدة المالية التي تقدمها الدولة للمرشح لا تكفي، ونحن ننفق على ما هو بالغ الضرورة فقط، ولكن هناك نفقات لا يمكن تقليصها، مؤكدا انه يعول على التلفزيون والاذاعة الرسميين لايصال افكار الحزب خلال الساعات المخصصة للمرشحين على هاتين الوسيلتين الاعلاميتين.

اما الجبهة الوطنية الجزائرية التي حققت نجاحا ملحوظا في الانتخابات المحلية في 2007 واعلنت نفسها بنتيجتها القوة السياسية الثالثة في البلاد، فلجأ رئيسها موسى تواتي المرشح للانتخابات الرئاسية الى شاحنة انتخابية تجول على 40 ولاية من اجل "العمل عن قرب" مع الناخبين، على ما يقول مسؤول في الجبهة، في حين تصل مشاركة المرشح يوميا الى اربعة تجمعات انتخابية.

ويضيف المسؤول لكن تنقصنا الامكانات المالية، فمساعدة الدولة لم تصلنا ونحن نعمل بمواردنا الذاتية.

وفي ما يتعق بالمرشح جهيد يونسي الذي يسعى الى ايصال صوت التيار الاسلامي خلال التجمعات الانتخابية ال40 التي ينوي عقدها، فان امكاناته المالية محدودة على ما يؤكد بعض المقربين منه الذين يشددون بدورهم على اهمية "العمل عن قرب" مع الناخبين.

اما المرشح الخامس والاخير فوزي رباعين عن حزب عهد 54 (قومي، نال اقل من 1% من الاصوات في انتخابات 2004) والذي يقدم نفسه على انه "مرشح الفقراء"، فانه غالبا ما يعقد تجمعاته الانتخابية في دور ثقافية او دور للشبيبة.

وفي مواجهة هؤلاء المرشحين الخمسة وحملاتهم، قررت ادارة الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة تنظيم حوالى 20 تجمعا انتخابيا للرئيس في سائر انحاء البلاد، ولكن الاحزاب الداعمة لترشيح بوتفليقة، ومن بينها الاحزاب الثلاثة التي يتشكل منها الائتلاف الرئاسي الحاكم، قررت تنظيم ما يقارب ثمانية الاف تجمع انتخابي محلي دعما لحصول الرئيس على ولاية ثالثة.

وفي العاصمة الجزائر لوحدها، تم تكليف حوالى خمسة الاف جمعية ولجان احياء حث الناخبين على التوجه الى صناديق الاقتراع حيث الامتناع عن التصويت هو المنافس الاول للمرشحين الستة، على ما اجمعت عليه الصحف الجزائرية المستقلة.

وعلى جانبي طرقات ابرز المدن الواردة على خريطة الجولة الانتخابية للرئيس بوتفليقة، مثل بتنة (435 كلم جنوب شرق الجزائر) حيث دشن حملته وبيشار (جنوب غرب) وتلمسان (غرب) والعاصمة، علقت صور، احيانا ضخمة، للرئيس المنتهية ولايته وعليها شعاره "معا من اجل جزائر قوية وآمنة".

ستة مرشحين في اقتراع رئاسي

دعي الجزائريون من جهة أخرى للمشاركة في انتخابات رئاسية تجري وسط اجراءات امنية مشددة ويتوقع ان تؤدي بلا مفاجاة الى انتخاب الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة للمرة الثالثة، لكن نسبة المشاركة تشكل اكبر رهان فيها.

ويسعى خمسة مرشحون اخرون لكسب اصوات اكثر من عشرين مليون ناخب لكن لم يبرز اي منهم خلال حملة انتخابية لم يتخللها حادث يذكر ولا نزالات حقيقية في حين يبحث بوتفليقة (72 سنة) الذي اعيد انتخابه سنة 2004 بنسبة 84,99%، عن مبايعة وعن شرعية شعبية لا تشوبها شائبة.حسب ا ف ب

ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية في 18 اذار/مارس وتفاديا لارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت في غياب اي رهان اقتصادي في الاقتراع، جاب المرشحون جميعا مختلف انحاء البلاد داعين بالحاح الناخبين الى التصويت بكثافة.

وزار بوتفليقة 32 ولاية من اصل 48 في بلاد شاسعة تضاهي مساحتها اربعة اضعاف مساحة فرنسا حتى ان انصاره يتباهون بتنظيم حوالى ثمانية الاف مهرجان انتخابي.

كذلك يترشح كل من لويزة حنون (56 عاما) المرأة التي تتزعم حزب العمال (تروتسكي) وعلي فوزي رباعين (54 عاما) مؤسس حزب عهد 54 (اشارة الى سنة اندلاع الثورة الجزائرية 1954) للمرة الثانية. وقد حصلا في 2004 على التوالي على 1% من الاصوات و0,63%.

وعلى غرارهما حاول كل من زعيم الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي (56 عاما) ومنحد اوسعيد بلعيد، المدعو محمد السعيد (62 عاما) زعيم حزب الحرية والعدالة الاسلامي المعتدل ومحمد جهيد يونسي (48 سنة) امين عام حركة الاصلاح الوطني (الاسلامية)، فرض انفسهم على الساحة السياسية لكن تنقصهم الامكانيات مقارنة ببوتفليقة. واعرب الرئيس عن رغبته في ان ينتصر الفائز باغلبية كاسحة.

وتبدو اعادة انتخاب بوتفليقة المرشح لولاية ثالثة، محسومة الى حد كبير لا سيما ان ابرز حزبي المعارضة التقليدية وهما تجمع الثقافة والديموقراطية وجبهة القوى الاشتراكية واحد القياديين الاسلاميين المتشددين عبد الله جاب الله (5,02% خلال 2004) قرروا مقاطعة الاقتراع معتبري انه محسوم سلفا.

ووعد بوتفليقة الذي استدل بحصيلة السنوات العشر التي قضاها في السلطة، بالاستقرار والاستمرارية في جزائر قوية تسودها السكينة عبر خطة تنمية جديدة تقدر تكاليفها بنحو 150 مليار دولار وبناء مليون مسكن وتوفير ثلاثة ملايين وظيفة.

وخلال لقاء اعتبره تاريخي مع سكان تيزي وزو واعتبره المراقبون منعطفا في حملته الانتخابية، اقترح على منطقة القبائل  فتح صفحة جديدة في علاقات الدولة مع تلك المنطقة التي شهدت اضطرابات سنة 2001 اسفرت عن سقوط 120 قتيلا.

وتحدث بعد يومين عن عفو شامل محتمل على الاسلاميين الذين ما زالوا يقاتلون اذا وافق الشعب عليه.

ويندرج العفو المقترح في اطار سياسة المصالحة الوطنية التي انتجها بوتفليقة منذ سنة 2000 وادت الى استسلام الاف الاسلاميين بعد عقد من اعمال العنف التي اندلعت سنة 1992 وخلفت ما لا يقل عن 150 قتيلا.

ولم يترشح اي قيادي اسلامي الى الاقتراع الذي وعدت السلطات بان يكون شفافا مع تشكيل لجنة مراقبة الانتخابات ومشاركة مراقبين اجانب من الامم المتحدة والاتحاد الافريقية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي.

ومع اقتراب الاقتراع عززت السلطات الاجراءات الامنية تفاديا لاعتداءات اسلامية محتملة ووعدت بنشر نحو 160 الف شرطي.

المصالحة الوطنية ومشاكل الشباب والزراعة

وشكلت قضايا المصالحة الوطنية والشباب والزراعة وحقوق المواطن أهم محاور الحملات الرئاسية الانتخابية في الجزائر التي دخلت يومها الثالث.

ودعا مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي خلال جولالته اليوم في ولاية سكيكدة شرقي العاصمة الى جعل من الأصوات خلال اقتراع التاسع أبريل المقبل قوة للتغيير لبناء دولة قوامها العدل وضمان الحقوق الاساسية للمواطن.حسب كونا

وحول ظاهرة الهجرة غير الشرعية قال تواتي ان مغادرة البلاد ليس حلا مؤكدا ضرورة ايجاد حلول مشكلات الشباب وتجسيد دولة العدل والعدالة. ومن جانبه طالب مرشح حركة الاصلاح الوطني جهيد يونسي أمام تظاهرة بولاية الجلفة بأن تعطى للمصالحة الوطنية بعدا آخر من أجل تصفية هذا الملف نهائيا. واكد يونسي أنه اذا لزم الأمر الوصول الى عفو شامل "فاننا سنفعل ذلك دون تردد" قائلا انه يجب اعطاء المصالحة الوطنية بعدا شاملا بتعويض كل ضحايا المأساة الوطنية دون تمييز. واستعرض برنامجه الانتخابي مؤكدا أهمية فتح المجال السياسي والاعلامي والحريات الاساسية ورفع حالة الطواريء وتشجيع الاستثمار.

ومن ناحيتها اعتبرت مرشحة حزب العمال لويزة حنون من ولاية قالمة ان اقتراع 9 أبريل يشكل موعدا تاريخيا .

وانتقدت حنون الوضع الاقتصادي في بلادها مؤكدة ان برنامجها يقترح اصلاحا جزائريا لا يمليه صندوق النقد الدولي أو المنظمة العالمية للتجارة أو منظمة الأمم المتحدة.

واشارت الى ان في الجزائر امكانيات كبيرة وخاصة مع وجود ال140 مليار دولار من احتياطات الصرف الموجودة في الخارج.

و شدد مرشح حزب العدالة من جهته محند أوسعيد بلعيد في لقاء مع الناخبين في ولاية المسيلة ذات الطابع الزراعي على أهمية الزراعة لضمان مستقبل الجزائر.

وذكر انه من الضروري اعتماد سياسة زراعية محكمة والابتعاد عن تطبيق حلول عشوائية واجراءات غير مدروسة معربا عن أسفه لكون "جزء كبير" من الاراضي الزراعية في الجزائر استعمل في استثمارات غير زراعية فيما تستورد البلاد الحبوب والمواد الغذائية الأساسية.

ومن جانبه دعا الرئيس الجزائري والمرشح لهذه الانتخابات عبدالعزيز بوتفليقة المواطنين للتوجه بكثافة الى صناديق الاقتراع للتصويت لصالح تعزيز المصالحة الوطنية السلم و الاستقرار الاجتماعي. وقال أمام تظاهرة بولاية تلمسان انه لا يريد للجزائر أن تسقط مجددا في اللاأمن وعدم الاستقرار من أجل ضمان من اجل جزائر قوية وآمنة.

وأضاف ان المواصلة في تثمين المصالحة الوطنية يسمح بمواصلة الجهود المبذولة طيلة السنوات العشر الأخيرة في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية.

ودعا مرشح حزب عهد 54 علي فوزي رباعين في البليدة اليوم المواطنين للتوجه الى صناديق الاقتراع ورفع الغبن عن الشباب الذي اختار الهجرة غير الشرعية.

وأكد ضرورة استمرار تعزيز المصالحة الوطنية التي أوقفت سيلان الدم الجزائري خلال 14 سنة.

رفع حزب معارض علما اسود

اثار قرار حزب معارض من جهة أخرى رفع علما اسود بدلا من العلم الجزائري على مقره بمناسبة الانتخابات الرئاسية المقررة في التاسع من نيسان/ابريل في اشارة الى يوم "حداد".

ورفع تجمع الثقافة والديمقراطية (علماني) الذي يرفض ظروف الحملة الانتخابية، على مقره في العاصمة الجزائرية علما اسود بدلا من الراية الوطنية معتبرا ان "التاسع من نيسان/ابريل يوم حداد" على ما قال احد المسؤولين فيه. حسب ا ف ب

وصرح رابح ان العلم الاسود طريقة لحماية الراية الوطنية من الطرق غير السليمة المستخدمة خلال الحملة الانتخابية.

ودانت اللجنة السياسية الوطنية لمراقبة الانتخابات الرئاسية مبادرة التجمع واعتبرت ان مسؤوليه يغالون باسم القومية والديمقراطية وحماية رموز الدولة وثوابت الامة.

واضافت اللجنة التي تدين عملا عبثيا وغير مسؤول ان مسؤولي ذلك الحزب تطاولوا عمدا على احد تلك الرموز بازالة الراية الوطنية ورفع علم اسود.

واعربت اكبر نقابة في البلاد وهي الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي يدعم ترشيح الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة، الاوفر حظا للفوز بالاقتراع، عن "صدمتها العميقة واستنكارها لعمل لا يوصف ارتكبه تجمع الثقافة والديمقراطية.

ودان التجمع الذي جمد نشاطاته الرسمية حتى اجراء الانتخابات الرئاسية، في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، الظروف التي تجري فيها الحملة الانتخابية التي "ما زالت تعكس يوميا انقلاب الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2008. وقد تم في ذلك التاريخ تعديل الدستور لتمكين بوتفليقة من الترشح لولاية ثالثة.

ودان تجمع الثقافة والديمقراطية استخدام موارد الدولة خلال الحملة الانتخابية لحساب "المرشح الرسمي" وقال في بيانه ان "الخزينة العامة تحولت الى صندوق شخصي".

واضافة الى تجمع الثقافة والديمقراطية دعت جبهة القوى الاشتراكية التي يتزعمها القيادي التاريخي حسين آيت احمد، في شباط/فبراير الجزائريين الى عمل ثوري بمقاطعة فعالة لانتخابات التاسع من نيسان/ابريل.

ونظمت الجبهة مسيرة في تيزي وزو كبرى مدن منطقة القبائل على بعد 110 كلم شرق العاصمة شارك فيها خمسة الاف شخص حسب المنظمين و1500 حسب الشرطة، وفق تقارير صحافية. وجرت مسيرة اخرى تلبية ايضا لنداء جبهة القوى الاشتراكية في اليوم نفسه في بجاية (260 كلم شرق العاصمة) في منطقة القبائل الصغرى حيث جاب الاف المتظاهرين شوارع المدينة رافعين ورقات حمراء في اشارة الى رفض اقتراع التاسع من نيسان/ابريل كما ذكرت صحيفة الوطن (مستقلة) الجمعة.

وتعتبر هذه التظاهرات الاولى التي تقوم بها المعارضة في الشوارع منذ عدة سنوات في تلك المنطقة التي شهدت اضطرابات دامية في ربيع 2001.

الجزائر عشية الانتخابات الرئاسية

وتجري الجزائر البالغ عدد سكانها 34 مليون نسمة وعضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) انتخابات رئاسية. وفيما يلي حقائق عن الجزائر:

السياسة: تبنت الجزائر دولة الحزب الواحد منذ الاستقلال سياسة قائمة على التعددية الحزبية عام 1989 لكن حزب جبهة التحرير الوطني الذي قاد كفاح البلاد من أجل الاستقلال لا يزال مهيمنا على الساحة السياسية. ويعين الرئيس رئيس الوزراء والحكومة ولا تواجه الحكومة تحديا يذكر من البرلمان الذي تهيمن عليه جبهة التحرير الوطني ومجموعة من الاحزاب الموالية لها. أعيد انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2004 وفاز بنسبة 85 في المئة من الاصوات. وفاز منافسه الرئيسي بنسبة ستة في المئة. أقر البرلمان تعديلا دستوريا في نوفمبر تشرين الثاني يلغي القيود على فترات الرئاسة مما سمح لبوتفليقة بالترشح لولاية ثالثة وتمديد فترة حكمه حتى عام 2014.

اللغات: العربية والامازيغية (البربر) هما اللغتان القوميتان. ويجري التحدث بالفرنسية على نطاق واسع.حسب رويترز

الديانة: الاسلام

الجغرافيا: يحد البحر المتوسط الجزائر من الشمال ويقع المغرب الى الغرب منها وتونس وليبيا الى الشرق بينما تقع النيجر ومالي وموريتانيا الى الجنوب منها.

والجزائر هي ثاني اكبر دولة افريقية لكن معظم مساحتها صحراء ويعيش كل السكان تقريبا في الشمال الخصب.

حقائق عن عبدالعزيز بوتفليقة

وفيما يلي بعض الحقائق عن بوتفيقة (72 عاما):

 ( فترة ثالثة):

في نهاية عام 2008 وافق البرلمان الجزائري على الغاء القيود على فترات الرئاسة وهو تحرك تقول المعارضة ان الغرض منه هو السماح لبوتفليقة بالبقاء في المنصب مدى الحياة. وسمحت له هذه الخطوة بخوض الانتخابات الرئاسية.

 ( دور سياسي):

فاز بوتفليقة بالرئاسة عام 1999 بدعم من الجيش واعدا بانهاء عنف المتمردين الاسلاميين الذي تفجر بعد الغاء انتخابات عام 1992 التي كان مرجحا ان يفوز فيها الاسلاميون.

- في عام 2004 أصبح بوتفليقة أول رئيس دولة يعاد انتخابه ديمقراطيا منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962 .

 (تفاصيل عن حياته):

- ولد بوتفليقة في 2 مارس اذار عام 1937 وكان من مقاتلي حرب استقلال الجزائر عن فرنسا. وعمل وزيرا للخارجية طوال 16 عاما وحتى عام 1979 .

- بعد وفاة الرئيس هواري بومدين تراجع نجمه وسافر الى المنفى طواعية عام 1981 ليفلت من اتهامات بالفساد اسقطت فيما بعد. ثم عاد الى الجزائر عام 1987 .

- تغلب بوتفليقة على سنوات من عزلة الجزائر واستقبل العديد من رؤساء الدول والحكومات في الجزائر العاصمة لكن سياساته ذات التوجه الاشتراكي فشلت في تنويع مصادر الثروة وتخليص الاقتصاد من الاعتماد على النفط والغاز.

- ينسب الى بوتفليقة الفضل بدرجة كبيرة في تطبيع الروابط بين الرئاسة والجيش الذي لعب دورا هاما خلال احكام الطواريء المفروضة على البلاد منذ 17 عاما.

- لكن منتقدين يشكون في انه الرجل المناسب لاصلاح اقتصاد سوفيتي الطابع والتعامل مع مشكلة تفشي البطالة بين الشبان.

- يجري تنفيذ مشروعات للبنية التحتية لتعزيز النمو وتوفير فرص عمل لكن السياسة الاقتصادية أخذت طابعا وطنيا قبل الانتخابات. وقال بوتفليقة ان الدور التنظيمي للدولة يجب ان يبقى لضمان انتفاع الجزائريين من الاستثمارات الاجنبية بشكل كامل.

- وصف بوتفليقة حكم فرنسا لبلاده الذي دام 130 عاما بأنه وحشي وطالبها بالاعتذار عن المذابح التي ارتكبت بحق الجزائريين. وفي عام 2006 أجرى فحوصات طبية في فرنسا وكانت أجريت له هناك جراحة لعلاج قرحة معوية في ديسمبر كانون الاول عام 2005.

- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال www.annabaa.org///arch_docu@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/نيسان/2009 - 12/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م