ربع سجناء العالم يقبعون في سجون بلاد الحرية

أمريكا تجهَد في التخلص من معتقلي الإرهاب

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بات مصير المعتقلين في السجون الأمريكية يتخذ منحى أكثر جدلية بعد حزمة القرارات الأخيرة التي صدرت عن وزارة العدل.

حيث وجد بعض الحقوقيين في أمريكا إن الخطوات باتجاه ملف معتقلي الإرهاب لا تزال تحذو بشكل خجل وغير جريء على عكس ما كان متوقعا من سياسة الإدارة الجديدة.

فيما اعترض البعض على قرار نقل معتقلي غوانتانامو إلى القواعد العسكرية عادين ذلك خطأ فادحا قد تكون له مردودات سلبية.

السجناء الأمريكيون

كشف تقرير نشر ارتفاع عدد نزلاء السجون الأمريكية لعام 2007، محققاً رقماً قياسياً، إذ بلغ أكثر من 7.3 مليون سجين، مما يشكل ربع المساجين في أرجاء العالم.

وأوضح التقرير، الذي أعده مركز Pew حول الولايات المتحدة الأمريكية، أن هذا العدد يشمل نزلاء السجون والمعتقلات ومراكز الإصلاح والتأهيل، مما يعني أن ما نسبته واحد إلى 31 من السكان الأمريكيين البالغين موجود داخل السجن.

وكشف التقرير أيضا أن عدد نزلاء السجون الأمريكية ارتفع بصورة كبيرة جداً خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية.

وبيّن أن نسبة نزلاء السجون في العام 1981 بلغت 1 إلى 77 من السكان البالغين، ما يعني أن عدد النزلاء في تلك السنة بلغ 2.2 مليون سجين.

وبمقارنة مع سكان العالم، تصل نسبة سكان الولايات المتحدة إلى 5 في المائة فقط من إجمالي عدد السكان على الكرة الأرضية، إلا أن نسبة المساجين ترتفع لتصل إلى 25 في المائة من إجمالي المساجين حول العالم. بحسب (CNN).

غير أنه بدراسة تفاصيل حالات المساجين، يتبين أن الأرقام تختلف بحسب العرق والجنس.

إذ يبلغ عدد السجناء الأمريكيين من أصل أفريقي حوالي أربع أضعاف المساجين البيض، فيما يبلغ عددهم ضعفي ونصف ضعف ذوي الأصول المكسيكية، أو الناطقين بالإسبانية.

ورغم تزايد عدد السجينات الإناث خلال الفترة هذه، إلا أن نسبتهن من أجمالي المساجين تبلغ واحد إلى خمسة مساجين ذكور.

إسقاط صفة مقاتل عدو

وأقدمت الإدارة الأمريكية على خطوة تؤكد القطع مع سياسات الرئيس السابق جورج بوش، حيال ملف معسكر غوانتانامو، حيث أعلنت أنها قررت التراجع عن اعتماد صفة "مقاتل عدو" كأساس لاعتقال سجناء المعسكر، المشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات توصف بأنها إرهابية، دون محاكمة.

وقالت وزارة العدل الأمريكية في عريضة قضائية قدمتها أمام محكمة في واشنطن إنها تطوّر "معايير جديدة" لصلاحيات الحكومة حيال اعتقال أشخاص في غوانتانامو، مضيفة أنها "لن تعود لاستخدام حق الرئيس بإبقائهم في السجن من موقعه كقائد عام، بل سترتكز على الصلاحيات المحددة التي وفرها الكونغرس."

كما تشير العريضة إلى أن الحكومة لن تجيز إبقاء المعتقلين المتهمين بتقديم الدعم لتنظيم القاعدة وحركة طالبان، إلا أن كان هذا الدعم "جوهرياً" بطبيعته، مضيفة أنها ستسقط صفة "المقاتل العدو" التي كانت واحدة من أبرز المرتكزات القانونية لسياسة "الحرب على الإرهاب" في ولاية بوش.

وجاءت العريضة في معرض رد وزارة العدل على دعوى تتعلق بمعتقلين في غوانتانامو، كانت قد قُدمت في عهد الإدارة السابقة، وقد قدمت الوزارة فيها تعريفاً محدود المدى لهوية من يجب سجنه في المعتقل الواقع بجزيرة كوبا. بحسب (CNN).

وقد قالت الوزارة: "للرئيس صلاحية اعتقال الأشخاص الذين يرى أنهم خططوا وأجازوا ونفذوا، أو ساعدوا على تنفيذ، الهجمات التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، إلى جانب الذين ساعدوا بشكل جوهري عناصر القاعدة أو طالبان في عمليات عدائية استهدفت القوات الأمريكية أو القوات المتحالفة معها."

ولم تكشف الوزارة عدد الذين تنطبق عليهم المعايير الجديدة التي حددتها، من بين المعتقلين الذي يبلغ عددهم قرابة 240 في المعسكر، غير أنها ذكرت أنها سترتكز مستقبلاً على الصلاحيات التي حددها الكونغرس للقوات المسلحة، إلى جانب المعاهدات الدولية، وبينها معاهدة جنيف، لتحديد قراراتها حول اعتقال السجناء.ولكن إدارة أوباما حافظت على بعض عناصر خطة بوش، وذلك بطلبها إبقاء حق اعتقال السجناء الذين أوقفوا في "أرض المعركة."

سجناء غوانتنامو ونهاية المطاف؟

ومن المرجح وصول المتبقي من المعتقلين في غوانتنامو إلى قلعة ليفنوورث في ولاية كانساس، حيث توجد أكبر قوة للحراسة  في البلاد.

ومن الممكن أيضا أن يتم نقل بعضهم إلى قواعد عسكرية، كقاعدة فورت براغ في نورث كارولينا، أو بندلتون كامب في كاليفورنيا.

يقول السيناتور دنكان هنتر: "لا أعتقد أنه يجب إرسالهم لقواعد عسكرية، فهذه القواعد مخصصة لتدريب الجنود لمحاربة الإرهاب."إلا أن البعض ذهب بعيدا واقترح إعادة فتح سجن الكترز في سان فرانسيسكو.

غير أن الأنظار تتجه إلى سجن فلورنس في كولورادو، حيث يتواجد بعض المتهمين بالضلوع في الإرهاب ومنهم الشيخ عمر عبد الرحمن.

تقول سارة ماندلسون، من مركز الدراسات الدولية الإستراتيجية: "لقد تعاملوا مع أشخاص في غاية الخطورة، ولا زال الناس في أمان." بحسب (CNN).

إلا أن بعضا من أقارب ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول يعارضون فكرة النقل هذه، ويطالبون الرئيس الأمريكي بتوضيح الأمر.

واشنطن تدرس إرسال معتقلين الى بلدانهم

وكشف مصدر دبلوماسي أمريكي أن واشنطن تدرس فكرة إرسال عدد من المعتقلين اليمنيين في معسكر غوانتانامو، الذي يضم متهمين بالانتماء إلى تنظيم القاعدة وحركة طالبان، إلى السعودية، وذلك لإشراكهم في برنامج إعادة تأهيل العناصر المتشددة الذي تطلق الرياض عليه اسم "المناصحة."

وذكر المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الملف، أن الولايات المتحدة طرحت المقترح على صنعاء والرياض، في وقت رفضت فيه وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على الأمر، واكتفى الناطق باسمها، غوردون دوغيد، بالإشارة إلى وجود "نقاشات مع عدد من الأصدقاء والحلفاء حول العالم" لمعالجة قضية المعتقلين. بحسب (CNN).

وتأتي هذه الأنباء بعد أن سبق للرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أن تعهد بالعمل على إغلاق معسكر غوانتانامو الواقع في جزيرة كوبا خلال عام، وقد كانت صحيفة "وول ستريت" أول من أورد تقريراً تناول هذا الملف، أشارت فيه إلى أن اليمنيين الذين سيقع الاختيار عليهم يتحدرون من عائلات ترتبط بصلات أسرية مع عائلات سعودية.

وكانت السعودية قد أطلقت قبل أعوام برنامج "المناصحة" لإعادة تأهيل عناصر كانت تنشط ضمن مجموعات مسلحة متشددة، وذلك من خلال تدريبهم على وظائف وإعادة دمجهم في أسرهم ومجتمعهم، إلى جانب إخضاعهم لبرامج تعليمية ودينية.

ويرى معظم الخبراء أن البرنامج قد نجح في إنجاز المطلوب منه، رغم أن بعض المنتسبين إليه عادوا مجدداً للالتحاق بمجموعات مسلحة.

من جهته، تجنّب نائل الجبير، الناطق باسم السفارة السعودية في واشنطن، الحديث عن موضوع المعتقلين اليمنيين، مكتفياً بالقول إن الرياض "تدرس مع واشنطن سبل إعادة كافة المعتقلين السعوديين."

لا حقَّ لسجناء باجرام بالتقاضي أمام المحاكم الأمريكية

كما أصدرت وزارة العدل الأمريكية قرارا يقضي بعدم أحقية المعتقلين في قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان باستخدام المحاكم الأمريكية للتقاضي أمامها والاعتراض على قرارات اعتقالهم.

واستبعدت الوزارة أن يتم السماح لحوالي 600 من نزلاء مُعتقل باجرام، والذين يُطلق عليهم تعبير "المقاتلون أو المحاربون الأعداء"، بالتمتُّع بالحقوق الدستورية التي تخوِّلهم التقاضي أمام المحاكم الأمريكية.

هذا وقد أصاب القرار الجديد المحامين العاملين في مجال حقوق الإنسان بالصدمة وخيبة الأمل، إذ طالما كانوا يأملون من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن تنحى منحىً مختلفاً عن الخط الذي كانت تعتمده سابقتها حيال القضية في عهد جورج دبليو بوش.

حيث قالت البروفسور باربارة أولشانسكي، المستشارة الرئيسية في قضية الاعتراض القانوني المُقدَّم باسم أربعة من مُعتقلي باجرام، إن قرار وزارة العدل الأمريكية بعدم إصلاح قوانينها وقواعدها المتعلقة بقاعدة باجرام جاء "مفاجئا ومخيِّبا للآمال." بحسب (CNN).

وأضافت قائلة إن ظروف مُعتقل قاعدة باجرام الواقعة على مقربة من العاصمة الأفغانية كابول، أسوأ من تلك السائدة في معتقل جوانتانامو، إذ أن هنالك ثمة افتقار إلى العملية (القضائية) التي يحتاجها المعتقلون.

وقالت أولشانسكي:"إن الوضع في باجرام أبعد ما يكون عن أي شيء آخر مثل الالتزام بقوانين الحرب أو معاهدات واتفاقيات حقوق الإنسان التي تلزمنا."

وأردفت قائلة: "ليس هناك ثمَّة جلسات استنطاق واستجواب عسكرية لكي يستطيع المعتقلون تقديم أدلتهم من خلالها. كما أدَّت أعمال التعذيب إلى وقوع أعمال قتل هناك أقرَّت بها الولايات المتحدة."

وختمت بقولها: "إن الوضع خطير للغاية، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تخطط حاليا لإنفاق 60 مليون دولار أمريكي لبناء سجن جديد لاعتقال 1100 سجين جديد."

وقد غضب المحامين العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، إذ اعتبر أحدهم أن الإدارة الأمريكية الجديدة إنما تتبنى الرأي الذي كانت سابقتها تعتمده، والقائل إنه يمكن إنشاء السجون وإدارتها خارج إطار القانون. وكان اليمني أمين البكري أحد معتقلي باجرام الذين يأملون بأن يحاكموا في الولايات المتحدة

مما يقدم الدليل الأكيد على أن أوباما يريد تبني نهجا أكثر حذرا بالنسبة لقضية المعتقلين المحتجزين من قبل الجيش الأمريكي في أماكن أخرى من العالم، وذلك بعد أن كان الرئيس الأمريكي قد حدَّد النبرة والاتجاه العام الذي ستسلكه إدارته عندما أعلن عن الخطط القاضية بإغلاق مُعتقل جوانتانامو.

يُشار إلى أن المحكمة الأمريكية العليا كانت قد منحت العام الماضي المشتَبَه بهم المحتجزين في القاعدة البحرية الأمريكية في خليج جوانتانامو بكوبا الحق بالاعتراض على قرارات اعتقالهم.

وفي أعقاب حكم المحكمة ذاك، قُدِّمت العرائض وطلبات الاسترحام أمام إحدى المحاكم الواقعة في ضواحي واشنطن، وذلك باسم أربعة من المعتقلين في قاعدة باجرام.

وقد منح القاضي بعدئذ الإدارة الأمريكية الجديدة فرصة لتهذيب وصقل قوانينها وقواعدها المتعلقة بتلك العرائض وطلبات الاسترحام.

وتعقيبا على قرار البتِّ باثنين من تلك الطلبات الأربعة، قال محامو وزارة العدل الأمريكية إن الإدارة الجديدة قد قررت عدم تغيير موقف الحكومة (حيال المعتقلين في سجن قاعدة باجرام).

وفي الأوراق التي رفعتها الوزارة في ملف القضية إلى المحكمة المختصة، قال مايكل هيرتز، القائم بأعمال مساعد وزير العدل الأمريكي: "بعد الاطلاع على القضية، قررت الحكومة الالتزام بموقفها المعلن سابقا."

وتجادل وزارة العدل الأمريكية بالقول إن باجرام تختلف عن خليج جوانتانامو، وذلك بسبب أنها (أي باجرام) منطقة حرب تقع ما وراء البحار وأن السجناء هناك يجري اعتقالهم كجزء من العملية العسكرية الجارية.

يُذكر أن معظم المسجونين في قاعدة باجرام كانوا قد اعتقلوا في أفغانستان بشبهة "شن حرب إرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية".

هذا وينظر الجيش الأمريكي إلى معتقلي باجرام على أنهم مقاتلون غير قانونيين ويمكن اعتقالهم طالما اعتُبروا أنهم يمثلون خطرا على الأمن الوطني الأفغاني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 1/نيسان/2009 - 4/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م