آية الله السيد حسين الشيرازي: مشاكل الأمة تحل بالصبر والتخطيط

 

- إن لكل عمل ميزاناً، فللصلاة ميزان، وللزكاة ميزان، وللصيام ميزان، وهكذا في سائر العبادات والأعمال، وطاعة الله تعالى هي التي تثقل موازين الأعمال والعبادات

- من أفضل العطاء الإلهي للأمة الإسلامية أن منَّ الله تعالى على المؤمنين برسول يعلمهم الكتاب والحكمة

 

شبكة النبأ: قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله جمع من المؤمنات والمؤمنين أعضاء (هيئة بيت العباس سلام الله عليه الدينية ـ الثقافية) من مدينة أصفهان، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة يوم الأحد الموافق للرابع والعشرين من شهر ربيع الأول 1430 للهجرة، فألقى نجله الكريم آية الله السيد حسين الشيرازي دامت بركاته كلمة قيّمة فيهم استهلها بالآية الشريفة التالية: «فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون»(1)، وبعد أن بيّن معنى الآية والآيات التي تتلوها قال:

إن لكل عمل ميزاناً، فللصلاة ميزان، وللزكاة ميزان، وللصيام ميزان، وهكذا في سائر العبادات والأعمال، وطاعة الله تبارك وتعالى هي التي تثقل موازين الأعمال والعبادات. وحيث ان طاعة أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم هي طاعة الله سبحانه فعلى المؤمنات والمؤمنين أن يجعلوا لأعمالهم وعباداتهم وسائر شؤونهم الحياتية ارتباط مع أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم.

وقال فضيلته: ذكرت الروايات الشريفة عن مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه أنه قال: لما ألقي يوسف في الجبّ نزل عليه جبرئيل فقال له: يا غلام ما تصنع هاهنا؟ من طرحك في هذا الجبّ؟

فقال: إخوتي، لمنزلتي من أبي، حسدوني ولذلك في هذا الجبّ طرحوني، فقال له جبرئيل: أتحبّ أن تخرج من هذا الجبّ؟

فقال: ذلك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فقال له جبرئيل: فإن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب يقول لك قل: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام أن تصلّي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً، وترزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، فقالها يوسف، فجعل الله له من الجبّ يومئذ فرجاً، ومن كيد المرأة مخرجاً وأتاه ملك مصر من حيث لم يحتسب»(2) .

وعن مولانا الإمام علي بن الحسين سلام الله عليهما أنه قال: «مرّ موسى بن عمران ـ على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام ـ برجل وهو رافع يده إلى السماء يدعو الله، فانطلق موسى في حاجته فبات سبعة أيام ثم رجع إليه وهو رافع يده إلى السماء، فقال: ياربّ هذا عبدك رافع يديه إليك يسألك حاجته ويسألك المغفرة منذ سبعة أيام لا تستجيب له؟ قال: فأوحى الله إليه ياموسى لو دعاني حتى يسقط يداه أو ينقطع لسانه ما استجبت له حتى يأتيني من الباب الذي أمرته»(3) .

وقال مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: «نحن باب الله وبيوته التي يؤتى منها، فمن تابعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها»(4) .

وأضاف فضيلته: ذكروا في أحوال أحد العلماء من السلف الصالح أنه كان يقول (السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين) في كل صلاة قبل تكبيرة الإحرام، وعندما سألوه عن ذلك قال لولا الإمام الحسين سلام الله عليه لما كانت عندنا صلاة ولا صيام ولا حجّ.

وأكّد السيد حسين الشيرازي: يجدر بالمؤمنين أن يذكروا أهل بيت النبوّة صلوات الله عليهم في كل عباداتهم وأعمالهم وفي كل صغيرة وكبيرة كي تثقل موازين أعمالهم ويوفّقوا في دنياهم ويفلحوا في آخرتهم. فعلى المؤمن أن يذكرهم عندما يدعو الله تعالى لقضاء حاجته أو حلّ مشكلته، وعند استيقاظه من النوم، وعند خلوده إلى النوم، وعند البدء بالعبادة وبالعمل وحتى عند الأكل والشرب والخروج من البيت وغير ذلك.

الحكمة من أفضل العطاء الألهي

وقال سماحة اية الله السيد حسين الشيرازي دام ظله، هناك علم وحكمة وما أكثر العلماء ولكن الحكمة هي الملاك وعليها العمدة، ولذا عبّر القرآن الكريم في كثير من الآيات أن الله تعالى آتى الأنبياء الحكمة، بل من أفضل العطاء الإلهي للأمة الإسلامية أن منَّ الله تعالى على المؤمنين برسول يعلمهم الكتاب والحكمة.

وجاء ذلك في كلمة ألقاها سماحته، في جمع من الطلبة الأفارقة بمدينة قم المقدسة، تعرض فيها إلى السعي لتحصيل الدروس المفيدة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال:

قال تعالى: «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى»

المجال العلمي في حياة الإنسان يتكون من أمرين:

الأول: السعى وبذل الجهود وهذا يعتبر جزءاً من تكوين المجال العلمي، ففي الحديث ليس العلم بكثرة التعليم إنما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء، لذا ينبغى للإنسان أن يدرك أن السعى ليس هو إلا تحقيق الواجب، فبعض الأشياء لها طريقية، وفي مجال العلم السعي ليس له موضوعية بل هو مجرد وظيفة، وهذا السعي قد يؤدي إلى نتيجة مستقلة وهي قذف الباري تعالى العلم في قلب من يشاء.

ففي القرآن قال تعالى: «وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ....»

إذن هناك علم وحكمة، وما أكثر العلماء ولكن الحكمة هي الملاك وعليها العمدة، ولذا عبّر القرآن الكريم في كثير من الآيات أن الله تعالى آتى الأنبياء الحكمة، بل من أفضل العطاء الإلهي للأمة الإسلامية أن من الله تعالى على المؤمنين برسول يعلمهم الكتاب والحكمة.

والحكمة حسب اصطلاح الفلاسفة هي: معرفة الأشياء بحقيقتها الذاتية، فكثير من العلماء يعي الأمور ولكن لا عن إحاطة، والعلم الذي يكون فيه إحاطة يسمى الحكمة، وفي اللغة الحكمة معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها.

واليوم الحاجة إلى الحكمة ملحة، ففي الفلسفة يقسمون الحكمة إلى نظرية وعملية، والمعوّل عليه العملية منها، وهي على ثلاثة أنواع:

1- أن يكون الإنسان حكيما في سلوكه، وهذا يكون في علم الأخلاق.

2- حكمة الإنسان في إدارة الأسرة.

3- الحكمة في المجتمع وتسمّى بالسياسة المدنية.

كل البحث في الحكمة الأخيرة، وأنتم عاجلاً أم آجلاً ستعودون إلى بلادكم فاسعوا إلى إتقان هذا النوع من الحكمة، فلو كان الإنسان نظرة نافذة لاغتنم الفرصة في تعميق علومه للتغيير من واقع الأمم.

فقد يوفق بعضكم للتغيير في واقع عشرة أفراد وربما يوفق بعضكم للتغيير في أمة كاملة، وكلما كان التخطيط أتقن كلما وفق الإنسان لإتقان هذا الأمر أكثر.

وحيث إننا نعيش أيام ميلاد نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وحفيده الإمام الصادق عليه السلام فإن خير منبع لتحصيل الحكمة العملية هو تاريخ رسول الله صلى الله عليه وآله.

ففي تاريخ الأنبياء لم يوجد نبي حقّق دوراً يستمر من بعده كما هو رسول الله صلى الله عليه وآله، وكشاهد على ذلك أن الأنبياء كافة قاسوا من معالجة مشكلة المترفين حتى آل الأمر بهم أن يدعون على أممهم بينما نبي الرحمة صلى الله عليه وآله لم يعهد في سيرته أنه دعا على أمته أصلاً.

أما كيفية تغلب النبي صلى الله عليه وآله على مشاكل الأمة فكانت عبر:

1- اتخاذ خطة متقنة.

2- الصبر

وفي ختام كلمته أوصى سماحته الحضور أن يستفيدوا من فرصة الوجود في مركز العلم (قم المقدسة) وأن يسعوا إلى استلهام الدروس المفيدة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وتحصيل الحكمة غاية الرسالات القصوى.

............................................................

هامش:

1)  سورة المؤمنون: الآية 102.

2) تفسير العياشي/ج2/ من سورة يوسف/ ص170/ ح6.

3) المحاسن/ للبرقي/ الباب 11 الاحتياط في الدين والأخذ بالسنّة/ ص224/ ح141.

4) تأويل الآيات الظاهرة/ للسيد شرف الدين الحسيني/ سورة البقرة وما فيها من الآيات البيّنات في الأئمة الهداة/ ص92.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آذار/2009 - 3/ربيع الثاني/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م